الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سقط الجدار ؟

محمد فوزي راشد

2011 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


هل مايحدث في سورية هو تمرد أم ثورة أم انتفاضة ؟
الثورة كما فهمناها دوما هي قيام الشعب بمختلف فئاته بالإطاحة بالحاكم الظالم و حاشيته و نظامه في لحظة انفجار الغضب ضد الظلم الذي تجاوز كل حدود تحمل الطاقة البشرية .. هي إنتصار الغضب في النفوس على الخوف, ولا يكتمل تعريفها إلا بدراسة نتائجها و مآلها , و الذي يكون غالباً مرتبطاً باعادة البناء و إرساء أسس جديدة للمجتمع .
نعم في سوريا وصل الشعب إلى مرحلة الإشباع من الظلم , و قام بوجه الظالم ,

ولكنه بالترافق مع هذا , فهو , خرج لشيء آخر , لقد خرج الشعب السوري من أجل شيء آخر , لقد خرج الشعب من أجل أخلاقه و قيمه ,
التي كانت تُسلب منه مع مرور الأيام , و بات يشعر مع مرور السنوات بأن ما كانت تفخر به هذه الفئة الواسعة من الشعب من مفاهيم و قيم ,
قد تم إفراغها من مضامينها , وباتت مثل رداء قديم بهت لونه واهترأ و امتلأ بالثقوب الواسعة حتى صار يمكنك اخراج يدك من أي موضع فيه
.
لقد طفت على وجه المجتمع طبقة زيتية زلقة , وهي خليط غير متجانس من الأشخاص عديمي الموهبة الذين احترفوا الإلتصاق بالسلطة , و احترفوا اللعب على الغرائز و التناقضات .
أناس لعبوا على تباينات الإنتماء القبلي و الريفي أو المدني أوالمذهبي, تجردوا من ضمائرهم في حال وجودها .
و رعتهم السلطة و تبنتهم , و دفعتهم إلى المقدمة .

و تراجع في الأثناء أصحاب الكفاءة والموهوبين وذوي الأخلاق , و غٌيّيبوا .

و أثار ظهور هؤلاء و تمكينهم , انتشار ثقافتهم الزيتية الزلقة , فاعتنقها كثيرون و اجتهدوا في احترافها ,
فمنهم من نجح في ذلك و منهم من ينتظر الفرصة فسادت الأنانية والفردية و انتشر انعدام الثقة بكل شيء.

و بعد قيام الثورة في درعا , صُعق الشعب من ظهور نوع من الأخلاقيات , كان يظن الجميع أنها موجودة فقط في أدبيات أجدادهم , و في كتب التراث والفلسفة .

ظهرت ككائن قوي , و موجود , ظهرت و بات الناس يتسابقون في بذلها , فخرجت المدن والقرى ,وتباهى الجميع في إظهارها ,
لتقول نعم , هذه الأخلاق أيضا أخلاقنا , نحن أيضاً لدينا الشجاعة والكبرياء والأنفة والأهم نحن لدينا الإيثار و حب التضحية .

و ما كان يفرح الجميع و يرعب السلطة , أن من نهض بهذه الأخلاق جيل جديد , جيل من الشباب , لم يميز الظلم عن النفاق , ولم يميز الكرامة و الأنفة عن الشجاعة .

فماذا فعل هؤلاء اصحاب الأخلاق الزيتية ؟.

لقد وقفوا بادئ الأمر , يتفرجون على أمل أن تكون هذه موجة عابرة وتمضي , ولكن مع جريان الدم و سقوط القتلى , وأحياناً سقوط بعض الأبناء ,
انقلب بعضهم على نفسه ,وغسلوا أنفسهم من الشحوم القذرة اللزجة , و وبدؤوا بحك انفسهم حتى سقط الجلد المزرق و أخرجوا كل الطيبة والشجاعة المختزنة و رموا بشياطينهم بعيدا ومن هؤلاء من قدم الكثير ولا يزال .

و منهم وهؤلاء قلة , تمسك بما كان عليه و هؤلاء ظاهرون و معروفون ولا خوف منهم فهم على الجانب الآخر للصراع .

أما قسم كبير فقد دخل مع الناس و فعل ما يفعلون و حاول غسل نفسه و نجح , و حك جلده حتى احمر , ولكن ليس لأن فضيلة الشجاعة استيقظت في قلبه , و ليس حباً بحرية أو كرامة أو ديموقراطية أو حتى دين .

هؤلاء نهضوا مع الناس , لأنهم اعتادوا أن لا يبقوا في الخلف , و لأنهم اعتادوا تسخير الآخرين لخدمة مصالحهم الشخصية والأنانية ,
هؤلاء من الذين لا يتورعون عن تسخير الدين أو الوطن لخدمة ذاتهم و فقط ذاتهم , لم لا , لم لا يمتطوا الثورة ,كما امتطوا رفاقهم في المدرسة يوماً , أو زملائهم في العمل , أو أبناء قريتهم , أو حارتهم ,
هؤلاء الذين يرفعون أيديهم في الصف أعلى من غيرهم للأجابة على سؤال طرحه المعلم ,رغم أنهم لا يعرفون الإجابة وأحياناً كثيرة لا يعرفون أيضاً السؤال.

و مكمن الخطر الأكبر عند هؤلاء , هو أنهم لا يجيدون إلا طريقة واحدة في تسخير الناس لخدمة مصالحهم , وهي اللعب على الغرائز و التناقضات , وهؤلاء انتشروا بيننا , تستطيع أن تميزهم في لهجتهم العالية عند الكلام عن الثورة , و تستطيع أن تميزهم من خلال هجومهم على الآخرين بمبرر و من غير مبرر باسم الثورة و دم الشهداء ولكنهم لا يُسْتَشهدُون . يهاجمون صاحب كل رأي سديد و عقل حكيم من ذوي الكفاءة , ويتهمونه بالتخاذل وقد يتهمونه بالخيانة .

لا يملكون شجاعة أهل الفزعة وشهدائها , ولكنهم يخيفون كل من يملك الجرأة والعقل .

هؤلاء بيننا , نراهم و نتعامل معهم , إنهم هؤلاء الأنانيون , الذين يخيفونك حتى تخدمهم ,
و يرهبونك حتى يضطروك للجوء إلى الزاوية و تتخذ موضع المدافع عن نفسه . أو أن تصمت وتوافقهم رأيهم .

ثورتنا أساساً كانت على هؤلاء , و اخلاق هؤلاء . الذين يظهرون في كل زمان و مكان , ولا يقدسون شيئاً إلا أنفسهم و ذواتهم ,
هؤلاء الذين أينما ذهبوا , يبنون جدران الخوف في نفوس من حولهم ,

ولن نستطيع أن نسمي ما يفعله السوريون ثورة حتى يتم إعادة هؤلاء إلى أماكنهم الطبيعية إلى الخلف ,
و إتاحة الفرصة للمخلصين من ذوي الشجاعة و الموهبة والكفاءة , و للحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد كبير على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ومخاوف من حرب شا


.. بايدن: اتفاق مجموعة السبع على دعم أوكرانيا يظهر لبوتين -أننا




.. هجمات الحوثيين مستمرة رغم الجهود الأميركية البريطانية|#غرفة_


.. الجنائية الدولية تعرب عن قلقها مما يحدث في ا?قليم دارفور




.. المكتب الحكومي في غزة: 33 مليار دولار حجم الخسائر الأولية ال