الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التربية العقائدية

سالم الصادق

2011 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية





منذ أن يفتح الطفل في سوريا عينيه ويبدأ بسماع الأصوات من حوله ،و يبدأ بالمناغاة يُصنف من المصفقين أو الطبالين أو الزمارين إذا دُعي له أن يكون من الذريَّة الصالحة... أو هكذا أريد له في جمهورية أسدستان التي يجب أن يحفظ المواليد الجدد من رعاياها شعاراتها عن ظهر قلب ، بدءاً المناغاة الأولى ( أغي .. أغي ... أغي أغي أغي) وترجمة هذه المناغاة :( بالروح بالدم..........) فيكون طفلاً عقائديا صالحاً عرف أباه القائد قبل أن يعرف أباه الحقيقي... بالسوري ...( اللي نفضه...) ومن ثم يكبر على شعارات أعلى مستوى، ومهام عقائدية أعقد ، فتستلمه مؤسسة طلائع البعث التي تنقي مخه مما قد يكون علق به من شوائب اجتماعية قبل ذلك ، وهنا تبدأ عملية غسل الدماغ إلى أن يكبر قليلاً ، فيدخل من بوابة نضالية أصعب ومرحلة أعلى من مراحل ألعاب (البلي أسديشن) مرحلة أشبال البعث ( المرحلة الإعدادية) حيث يتبلور النضال والممانعة والمقاومة والصمود وتتضح صورة العدو أكثر، وترتسم ملامح المؤامرة التي تحاك ضد الوطن ( الشخص) فتتحد في الأذهان الصغيرة الصورة الملتبسة بين الحاكم المقدس والوطن المقدس حتى يصبح الفصل بينهما مستحيلاً والمساس بأي منهما مساس بالآخر، وهنا يحفظ هذا العقل الصغير المضلل من قاموس (العدالة السلطوية) مصطلحات مالها أي قيمة حقيقية إلا في بنوك الثوريين المزيفة وأسواقهم الرخيصة ، يرافق ذلك شحن ممنهج ضد الآخر أياً كان هذا الآخر في حملات تخوينة لم تشهدها أحلك عصور الاستبداد قديماً وحديثاً .
وحين يكبر هذا الشاب ويضع أولى أقدامه في مرحلة التعليم الثانوي يدخل مرحلة النضال العملي ، فيعزز بذلك النضال النظري، ويتدرب في حصص خاصة على العلوم العسكرية ،ويمسك بالبندقية لأول مرة ، ويستخدمها مما يجعل المعركة مع العدو-الذي لا يتمنى النظام زواله - حقيقة واقعة ليست وهماً أو لعبة أليكترونية فالعدو قريب يقف على الباب يوشك أن يرفسه برجله، ويعتدي على حرمة الوطن (المقدس) ، وكأن الحرب ستقع بعد دقائق أو خلال ساعات وعلى الأكثر أيام . ويستمر التسويق الثوري إلى مرحلة الدراسة الجامعية ، فينخرط أو يُخرط في اتحاد الطلبة ويرتدي لباساً عسكرياً يناسب المرحلة النضالية الجديدة من مسيرة حياته الثورية البائسة فتتعمق في ذهنه صورة 0(البسطار ) العسكري الذي داس جزءاً كبيراً من حياته ورسخ في عقله الباطن أنه قدره الذي لا فكاك منه .
ومما يعزز الوهم الثوري الذي عشش في أذهان المضللين الشباب من أبناء سوريا المنكوبة بثوريتها حجم الشحن الإعلامي الذي اختزل الوطن بشخص الحاكم فخلع عليه بلا كلل ، وبشكل أصاب الناس بالغثيان جميع ألقاب التأليه والأسماء السامية :الأب..القائد.. الملهم .. الضرورة ..الأوحد.. الخالد....في نظريات تخالف نواميس و ديالكتيك الكون ، وكأن التاريخ أصابه العقم فلم ينجب سواه ، ولن ينجب قادة إلا من سلالته فهل نتصور أن أسماء مثل حافظ الرابع أو بشار السادس أو السادس عشر يمكن أن تسجل في تاريخ سوريا مستقبلاً ؟؟وهل تستمر اللعنة التي حلت بسوريا؟؟ لقد وصلت الشعارات التي أصبحت مبادئ مقدسة إلى الدعوة لحلول القائد مكان الإله ، وخلع ألقاب الرب عليه في نبرة تحد تصل حد الكفر البواح:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
حسب قول الشاعر القديم ابن هانئ الأندلسي.
نعم أقدار السوريين التي علقت في أوحال نظام جمع فساد عصره ، وفساد ما فاحت به أنظمة من أنتن ما عرفت العصور، وتنوعت جغرافية طغيانه، فجمع من كل ديكتاتوريات الشعوب أرذلها.
نظام جعل أبناء سوريا المنكوبة يعيشون جل حياتهم في أكفان( الكاكي) فلا لون إلا لونه ولا طعم إلا طعمه ولا رائحة إلا رائحة صديد مناضليه التي تفوح من آباطهم الكريهة وجيف أفواههم التي لا تكل من التشدق والنباح .
فهل يأتي ربيع آخر غير ما عرفناه ويأتي عيد من غير بؤس وحزن ؟ ، وهل تتحرر أعمارنا من كابوس هذا النظام الذي لم يعرف سواه جيل آبائنا ونصف جيلنا ؟ إنها فرحة لا تعادلها فرحة لا فرحة الربح أوالنجاح أو الشفاء من أعضل الأمراض. ..نعم الشفاء من المرض المزمن الذي أصاب أرض الحضارات والخير والجمال (سوريا) الوطن الثاني لكل إنسان في العالم .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة