الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف من وثيقة السلمي

اسلام احمد

2011 / 11 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


أثارت وثيقة المبادئ الأساسية للدستور المعروفة بوثيقة السلمي الكثير من الجدل بين القوى السياسية , والحقيقة أن فكرة المبادئ الأساسية للدستور نشأت في الأساس نتيجة للمسار الذي حدده الإعلان الدستوري بعد أن جاءت نتيجة الاستفتاء بنعم , وهو أن يقوم مجلس الشعب القادم بعمل الدستور الجديد للبلاد , ولأنه من المتوقع أن يحصل الإسلاميون على أغلبية البرلمان ومن ثم يستأثرون بوضع الدستور فمن هنا نشأت الحاجة إلى إعلان مبادئ أساسية للدستور تضمن مدنية الدولة وفي نفس الوقت هويتها الإسلامية, يلتزم بها أي فصيل يحصل على أغلبية في البرلمان , ومن هنا ظهرت عدة وثائق دستورية لعل أهمها وثيقة التحالف الديمقراطي الذي يضم عدة أحزاب في مقدمتها الوفد وحزب الإخوان , وكذلك وثيقة الأزهر ووثيقة الدكتور محمد البرادعي

ولقد كنت ومازلت من مؤيدي فكرة المبادئ الأساسية للدستور ليس لضمان مدنية الدولة فحسب بل لأنني كنت أجد فيها مخرجا وحلا وسطا لأزمة الدستور أولا أم الانتخابات أولا بين القوى السياسية , وتحت هذا العنوان (المبادئ الأساسية للدستور) كتبت مقالا بتاريخ 29 أغسطس 2011 داعيا المجلس العسكرية والحكومة الى الإسراع في إصدارها , كما دعوت القوى السياسية , وخاصة القوى الرافضة للمبادئ الأساسية للدستور ,إلى نبذ الخلافات وإعلاء مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية الضيقة

ولقد أعد الدكتور علي السلمي وثيقة المبادئ الأساسية للدستور في التحالف الديمقراطي عندما كان نائبا لرئيس حزب الوفد قبل أن يعين نائبا لرئيس مجلس الوزراء , غير أننا فوجئنا بالوثيقة الجديدة التي صدرت عنه تحتوى على لغم لم يكن في الحسبان , يتمثل في المادتين التاسعة والعاشرة اللتين تنصان على وضع خاص للمجلس العسكري يتيح له التدخل في الحياة السياسية بدعوى حماية الشرعية الدستورية فضلا عن اختصاصه دون غيره بالنظر في كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة وميزانيتها , وهو وضع يجعل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة مؤسسة فوق الدولة وفوق القانون وغير خاضعة للمساءلة من أي جهة! , الأمر الذي اعترضت عليه كل القوى السياسية مجتمعة ومن ثم دعت الحكومة إلى سحب الوثيقة أو تعديلها ممهلة إياها وقتا كافيا والا فستخرج في مظاهرة مليونية يوم الجمعة 18 نوفمبر , غير أن الحكومة لم تسحب الوثيقة ولم تعدلها وبالتالي كانت النتيجة جمعة 18 نوفمبر وما صاحبها من أحداث دامية, والواقع أننا كنا في غنى عن وثيقة السلمي وعن كل هذا العك لو أن الجميع كان قد استمع إلى الرأي الصحيح منذ البداية , المطالب بوضع الدستور أولا , بعد سقوط النظام , ثم على أساسه يتم عمل انتخابات الرئاسة والبرلمان

وموقف الحكومة في تقديري ليس له من تفسير سوى إصرار المجلس العسكري على أن يكون له وضع خاص في الدولة المصرية الجديدة على غرار الجيش التركي فيما مضى , وهي المرحلة التي تجاوزتها تركيا بعد أن تولى حزب العدالة والتنمية الحكم ,أي أن المجلس العسكري يريد العودة بنا إلى الوراء! , وهو موقف غريب ويتناقض البتة مع تقاليد المؤسسة العسكرية المصرية ومع قيم ثورة 25 يناير التي أيدها الجيش منذ اللحظة الأولي

والحقيقة أن وثيقة الدكتور على السلمي جيدة للغاية باستثناء المادتين التاسعة والعاشرة إذ تضمن مدنية الدولة وفي نفس الوقت هويتها الإسلامية كما تحتوى على مادة تنظم معايير اختيار وتشكيل الجمعية التأسيسية التي ستتولى وضع الدستور بحيث تضم جميع فئات المجتمع ولا ينفرد بها الأغلبية البرلمانية

على الجانب الآخر فان موقف الإسلاميين ينطوي على كثير من التدليس إذ يدّعون أنهم ضد المادتين التاسعة والعاشرة الخاصتين بوضع المجلس العسكري بينما هم في واقع الأمر ضد الوثيقة من الأساس ذلك أن الإسلاميين يريدون أن يكون تشكيل الجمعية التأسيسية شأن خاص بالبرلمان المنتخب بحيث تنفرد الأغلبية البرلمانية , التي من المتوقع أن يفوزوا بها , بوضع الدستور وبالتالي يستأثرون بعمل الدستور على هواهم دون الالتزام بأي قيود

في ضوء ما سبق فانه يسوغ لنا اتهام كل من المجلس العسكري والإسلاميين بالتسبب في الأزمة الراهنة فكل منهما يريد أن يمارس نوع من الديكتاتورية ولكن بطريقته! , غير أنهما تناسا أن ثورة 25 يناير قامت في الأساس من أجل الحرية ولقد دفع الشعب المصري فيها ثمنا غاليا وقدم من أجلها الغالي والنفيس لذا لا أتصور أن الشعب المصري من الممكن أن يسمح لأحد , كائنا من كان , بسرقة ثورته وبالتالي أتوقع أن تتفاقم الأزمة بشكل مخيف , الأمر الذي يفتح الباب أمام أحد أمرين إما الفوضى الشاملة أو حكم عسكري قد يطول إلى أجل غير مسمى!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الأسر قررت القيام بجولات سياحية عبر مدن البلد خلال عطلة


.. عقوبات بديلة عن الحبس تشمل غرامات والعمل للمنفعة العامة والم




.. مراسلتنا.. قتيل وجريح بغارة استهدفت دراجة نارية بين بنت جبيل


.. تعرف إلى تاريخ بناء الحرم المكي بدءا من أمر الله إبراهيم علي




.. ألمانيا تحقق لقطع التمويل عن أكاديميين دعموا فلسطين