الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهى النّص

سهيلة بورزق

2011 / 11 / 20
الادب والفن


الغابة السوداء التي أركض فيها كلّ صباح..أركض لأهرب من شيء ما بداخلي.. كنت أشعر بخيال ما يركض خلفي..هل كان شبحا؟..كنت أتخيّل أنّني أرى ظلا أبيضا يخطف بصري..لم يكن في المكان سواي..بدأت أمارس رياضة الرّكض منذ اصابتي بهشاشة العظام.. لا تصدقون أنّني اصبت بالهشاشة نفسيا بعد دخولي أمريكا.. انقلبت عليّ صحتي وفقدت القدرة على تصديق الحياة.. من يعيدني الآن اٍلى تربتي.. جذوري تكاد تنقرض..؟ تلك الغابة السوداء وأنا نشبه بعضنا البعض في خوفنا.. فهي تتلصص على خوفي من ثقب خوفها منّي..تلبس الخريف والمطر وأحيانا الرّيح لتلعب بشعري..كنت أشعر أنّ الغابة تتحدث اٍليّ بطرق مختلفة..لا أدري لماذا أسميتها بالغابة السّوداء منذ اصراري على اقتحام تفاصيلها..كانت أشجارها ضخمة وعملاقة، لا أعرف كم من السنين مرّت عليها بالتّحديد..لكنها قطعا جد قديمة..ربّما أقدم من عمر جدّي .المريض بالقلب
أوراقها الصفراء المتناثرة هنا وهناك..هل قلت أوراقها الصفراء؟ .. لا.. لم تكن صفراء تماما..كان اللّون البرتقالي يخطفها من صفرتها
ليداعب فيها الصفار ويدغدغ قلبي بينهما..أعشق هذا التّزواج فيهما..يرفعني اٍلى السّماء حيث لا أتمنى العودة أبدا.
منذ وصولي أمريكا وأنا مختلفة..لا أحد يشك في سعادتي وحريّتي..لكن لا أحد يعرف أنّ هذا البلد سلب منّي سلامة عقلي..طيّب ستخافون منّي الآن..أنا أريدكم أن تبقوا خائفين.. أعترف أنّني لم أحاول يوما تغيير وجهة نظري تجاه انساني العربي وأنا في أوجّ كفاحي الجامعي مع طلاب من جميع أنحاء العالم، كنت جد غيورة على شخصيتي التي تعبت الأيام والتّجارب في صقلها..بعد سنوات تجاوزت عقدة الذات..لكنّني بقيت مسجونة داخل رأسي..هل تفهمون قصدي؟.. الذات البشرية ليست مسألة على الاطلاق مادام الرأس يفكر على طريقة الكوبوي العربي.. وأنا سعيدة بذلك بالمناسبة.
عدت أخيرا اٍلى الجزائر في عطلة طويلة مع أولادي..أولادي بالمناسبة خير دليل على تخلّفي السعيد..فلا أحد منهم يتمنى العيش في الجزائر ولو في قصر..طبعا ناقشتهم كثيرا في الأمر وفي الأخير قررنا معا اعادة النّظر في مشكلة عطلة الصيف.. وقررنا الطيران اٍلى اليابان..طيّب يا جماعة ممكن أفهم لماذا انتقلت بكم من الغابة السّوداء اٍلى اليابان؟..ألم أخبركم من قبل أنّ الله غير عاجز عن تغيير القلوب والعقول كيفما شاء.. اٍذن استمتعوا بعقلي المضروب..
لم نسافر اٍلى اليابان بعد..ولم أتوقف عن الرّكض في الغابة.. ولم أشف من جنوني ولم أحب أمريكا بعد..انتهى النّص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تغيرت الأوطان والكابوس واحدٌ
الحكيم البابلي ( 2011 / 11 / 21 - 18:19 )
أين كنتِ سيدتي سهيلة ؟
هل تعتقدين أنك وكما يقول أخوتنا المصريين (على حل شعرك) ، تغيبين عنا متى شِئتِ وتحضرين متى شِئتِ !؟ ، أنتِ ملك جمهورك أكثر مما أنتِ ملك أولادك أو غابتك أو أميركا التي عشقناها رغم فشلها في أن تكون أمنا رغم صدق المحاولة
صدقيني أمرُ كسحابة صيف على (مروج التمدن) كل يوم باحثاً عن ينابيع الأدب في كتاباتك التي تتوج قمة الصفحة ، مع حبي وتقديري لبقية الكاتبات والكتاب الذين بينهم ( بعض) خامات رائعة أيضاً
قصتك مع الغابة والوحش المبهم (الأبيض) الذي يُطاردك هي قصة بعضنا يا سهيلة ، الفارق أن من يُلاحقني يبدو أظلماً هلاميُ الملامح ، نفس الحلم الكابوس يُلاحقني منذ 37 سنة من التغرب في الفردوس الأميركي !، يزورني مرة أو أقل شهرياً وبلا إنقطاع ، حتى صرتُ أفتقده حين تأخره ، ربما يكون شعوري بالذنب كوني تركتُ الوطن الجريح كأبنٍ عاق .. ربما ، وربما هو إمتداد للحظة خوف عند آخر مخفرِ حدودي بين العراق والأردن وأنا أحمل جواز سفرٍ مزور
أحسدك لتمكنك زيارة الجزائر متى قررتِ الزيارة ، هو حلم يُداعبنا ويُناكدنا نحنُ الذين لا زلنا نكفر عن خطايا محبة الوطن ، هل كان يُفترض بنا كراهيته ؟
تحياتي

اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟