الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الروح الهاربه ...

عماد بني حسن

2011 / 11 / 21
الادب والفن



تستطيع أن تعبث ضمن الزمن وتفعل ما تشاء ولكن بحدود القدر الذي لاتتصورة قبل حدوثه ..
فأذا قررت أن تعيد عقارب الساعة للوراء تستطيع ولكنك لاتغير بحقيقة الزمن ولا ما يخبئة لك من أقدار...
….
هي حاملة التيه رائعة من روائع القدر تتمكن من أن تنسيك الزمن وأقداره السيئة لكنك تقف مجددا لتتفحص القدر الذي يشير أليك ويترك لك الخيار .. فيما اذا كنت ستتمكن من الحصول على هذا القدربما قد تشتهيه فللقدر وسائلة المرسومة لن تراها الا عند حدوثها .. ....
وبلا تردد تجد نفسك أسيرا للاوهام المتسارعه فترى كيانك كورقه خفيفه عالقه على غصن .. رهن نسمة هواء لاتعرف متى تاتي فتسقط ... ويستمر بك الوهم الموصول بحكايه قدريه هي الاخرى تأتي من اعماق تائهة ولكنها مغمورة بحب مجنون يأتي بقدر محتوم .. ذلك الحب السجين في الفراغ الذي نسج في صدره صحراء قاحله ...
كانت تتردد كسحابات الدخان البيضاء مع فجر الجوف العتيق على ضفاف التاريخ المفدى برجالا ت الخالديه يوم الغزو العربي الاصيل .. .. لم يكن بينها وبين الفراغ الا لوعه لاهات .... طويله ترسم فيها ملامح لاتنتمي فيها لشبهة النفط الملعون .. انها لعنة يا بعد عمري يمنحنا الله فيها كل ساعة مصيبه ... اريد أن الحق بروحي… روحي ليست معي .. أنا هنا أتلفظ أنفاسي من نافذة صغيرة .. رسمت خطوط لهذا البعد القادم في سواد لياليها .. مضت تلهث من وراء الكتاب تخط هي خطوطا تردم فيها هذا الفراغ المقيت .. تتقلب على جنبات الاحلام المتعدده ... من بلاد النفط العربي الممهور بورقة حمراء وزرقاء شقت السماء ببطىء طريقها الى تلك الورقة المرصعه بخفا يا الخرائط الممتده من المحيط الى الخليج ...حملت زهره في طيات صدرها وفي اهات قلبها حبا بلا حدود .. كادت أن تدنوا منه ألا أن الشهب الاسود هو أحد المستحيلات الذي يفصل كل الاشياء عن بعضها ...
صديقتي زهره لقد تاهت الالوان في عيني ... قلت ذات ليلة مخاطبا الجلالة ... شكرا يارب ان حبك لنا ممهورا بما منحتنا اياه عن غيرنا من بلاد التيه العربي أعطيتنا ماء وثلجا وشجرا وربيعا واعطيتهم ذلك الذهب الممزوج بالسواد والعرق ... بنيت لهم الارض من رمل لايتوقف عن الهروب .. واعطيتهم كل الظلمة ....والشمس في عهدتهم ... لقد منحتنا الحب ومنحت نساؤهم العذرية الابديه الا من حلم سري بلا صدى .. ملامح دموع ترتسم خلف كلماتها
.. وصدى بعيد لاستغاثة في سطورها الممهورة من كل قلبها ... كتبتها بعمق كل الحكايات المتواريه في دوواين .. الليالي القاتمة لبراقع ملونه وأصفاد متلئلئة لكل واحده منهن لايفكرن الا كيف يعرضن أصفادهن على لحن... وادانـــا وادانــــا .. يتمايلن او يقفزن .. لكنها تقول رقصت رقصة أماتت الصدى وقتلت كل الحدود .. سارسم لك رقصتي في تلك الليلة .. ضرب الطبل في ديوان (الربع) من الرجال بالقرب من ديوانيتنا على لحن لغناء لايتوقف عن الاه .....وجدت خصري النحيل يفر من جسدي ويمضي للبعيد حيث الاشجار والانهار ورائحه الزهر .. .. مددت زوايا خصري الى اخر الممر وتركت للطبل فعله ... كانت الاصفاد تتمزق في معصمي وقد تدلت سلسلة ثقيلة من رقبتي لم اقدر على حملها .. وبقيت ارقص .. وقد توزعت خصلات شعري في الهواء .. ولا أدري ان كانت العباءة قد بقيت على كتفي ... ..
سمعت صداها تقول والغصة تجرح صوتها المحمول بلا رنين والله احبك من كل اعماقي احب جفونك وابكي لبعدك واتحرق للقاءك يا بعد عمري ...اريد أن أضمك وتضمني ... اريد ان أنسى كل شيء هنا ... خذني في لقاء قريب الى صدرك ... الى البعيد عن حكاياتنا التي تقتل دون ان تميت .. خذني كالعسكري الجائع لشوق العائد في ليلة لامكان فيها الا للعشاق ... وصدى لنباح كلاب شارده بعيدا بعيدا .... لم اعد أطيق البعد ولا المكان هذا ... احس بأن روحي ليست لي .. لم تخلق في هذا المكان .. ..لاتنظر الى المسافات ... أنظر الى ولعي الى حزني الى أشتياقي ..والله أبغيك بكل اخلاص ..

بدأت الاوهام ترتسم على الورق وبدأت الالام تشق طريقها ولا اعلم كيف سابدوا لو أصطنعت هربا ... لا أريد ان أكون مطوي العنق امامها خالي الاراده والقرار ... ومهما كان الثمن الذي أرتسم ألي بقطع عنقي وجلد ظهرها ...
.. لكنني احب تلك السيدة البعيدة التي تطل علي كل مساء بوردة كتب فوقها مساء الورد والفل والياسمين على جبينك ... ...وكنت اقول في نفسي الخائفة
لعل حبك هذا قد يوصلك الى قاع الرمل الذي كرهته ... ولعل الورد المحبوك بيديك يصبح سريا تحت ثيابك تحملينة في الليالي خلسه لتضعية وفاء لذكرى كانت ..... .....
قالت
انا أقرأ كل ما تقول وكل الكلمات تحت وسادتي ورسمت لك تمثالا اقول له صباحا صباح الخير حبيبي ... أتصدق أني اسمع صوتك في أذني يتردد صباح الخير يا حبيتي ...
كانت رائعة الوفاء تعرف خصم قلبها الودود .. لاتأبه لمتسلل خلف كلماتها قد يودي بحياتها .. لم تمزج بين الشجاعة القاسية تلك والرقة .. بل كانت الشجاعة وسيلة لتصل الى حبها البعيد ... احلم بك ياعمري ... انا اصبحت بعد اليوم أسيرة اشارتك لاتخذلي ... كانت يديها تحمل جمرا يملىء الفراغ وكان قلبها كالصحراء الحافيه الا من ربيع تصطنعه بين الحين والاخر .. تحلم بصباحات تطل به من شرفتها على البحر الهائج تتأوه في لحظاتها بسكون خاص ثم ترمح ذلك المحمول فوق سرير من خشب ينظره أستثنائيه .. كأنه الربيع ثم تقترب منه تلقي بنفسها في ربيع صباحه المطوي بتعب ليلة عشق صارخه .. تقبله . ثم تطير.. تركض بلا ساقين و لا ارض تحط فوقها .. تلقي بكل أهاتها للريح من نافذه لايتحكم بها الا الهواء ... تركض وترقص وتصرخ ... ولا صدى لحراس او ألوان قاتمه مرسومة بدقه لديوانيه المساء المقيتة ... وتسئل وتقول منذ ولادتنا ونحن نسمع أغنية وادانا ... ولكن لا احد في بلادنا يعرف معناها والكل يرددها ثم تضحك وتعاود غزل القصص بطريقة مختلفة ....كأنها الرمح الذي لم يطلق بعد أو لربما يهوي فشلا فيصيب أنحناءة الايام التي تطوي في جنباتها كل الحكايات المخفيه لاأميرات عاشقات ...الا في الحكايات وقد انتهى بهن المطاف الى قطع الرأس .. او الهرب الى اللانهاية ... كانت تريد تلك النهاية التي لم افكر بقدرتي عليها ... بل رأيت عنقي يتلوى تحت سيوف العشق في غياهب الصحاري ... ... كانت حرم من بين الاحرام فقررت ان لاتكون من بين جموع الحرم .. قررت أن تكون صاحبة الحب الحرام عاشت الحلم لتحققه ولو بخطوه واحده .... ما أجمل نسمات بلادكم ..... ربما نأتي في هذا الصيف مع العائلة سنأتي ربما عابرين او مقيمين ولكننا سنلتقي ... نلتقي يا بعد عمري وجها لوجه ... تضمني وأضمك الى صدري ... سينتهي الوهم...
لم يفارقني سؤال لم اتمكن من طرحه عليها لان حبها المتدفق يخفي كل الاسئلة ويبدل أحرفها ويتغير فيه المعنى .... لماذا أخترتني من بين الكثيرين ... ؟ ... وماذا سنفعل .. بالايام الهاربه سويا ... ؟ وقبل أن يذهب السؤال تقول احب كل الاشياء التي تحتفظ بها من صور وكلمات انت رسمتها بالقلم لا يخيب تفكيري في أنك من الفرسان التائهين بين الماضي والحاضر ..انت تشبهني تشبه ذلك الرسم الذي لم أستطيع ملامستة بعد ... . كانت البداية وردة مزروعة فوق الصفحات التي تخصني القيتها ومضيت وعندما عدت وجدت سطرا تحت الوردة يحمل كلمات عذبه أن ذكرتها الان فقدت جبينها الباقي في اعماقي ... لكنها كلمات جعلتني اركض خلف صورها وكل كلماتها المرميه في كتابها الخاص ... كانت الصورة بمثابة بداية تدخل القلب بلا تردد ملامح عربيه فيها الاصالة الحقيقية لم تلوي منخارها او ترسم حاجبيها ولم تبعد راية العفه على شعرها الهارب من عصبته .... ابتسمت بالصورة التي أصبحت جزء من صباحاتي مع القهوة او فتح الكتاب .. للحظات يستمر النظرفي هذا الوجه المرسوم من كتاب الاصالة الحقيقية لم يتشوه بألوان مصانع التلوين ولم يقترب منه مشرط الاطباء ليكون شكلا اخر ....كانت هي .. كما هي كلماتها التي عرفتها لاحقا …. بدأت هي الاخرى تبحث عن ما يشير الي فقالت وجدت شخصا مجهولا يقول لا اقول احبك لمن احب ولكنني احب ... لم يكن في حلمي أن قلمي سيلوى قلبها بتلك السرعة .. قالت لا أحتاج للكثير فأنا أعرفك منذ ولادة الحرف وعرفتك أكثر منذ ان قلت لاباؤنا انكم تائهون .. خذوا الجواري والذهب والقصور الى حيث تشا ؤون الى حيث تشتهون ... يومها تعرفت على العالم الاخر الذي لايلوي رقبته للمقصلة ولا يحني ضهرة للملوك ولا يمشي خلف جنازة قلبه ... لقد سئمت المشهد في دياري ولم ارى غيرة الى أن عرفت أن هناك أشياء أخرى وسبل أخرى ليكون لهذا العمر زينته ولهذا القلب شعاعة ...
كتبت بشغف شديد احبك بالله أترى يلومونك على حب خليجيه .. والله حنا مثل بقيه البشر .. كلنا اسلام وكلنا عرب ... احبك بشرف بشغف .. ارسم لي أي كلام ساحتفظ به في صدري ساعة انام وساعة احلم .. أنظر الى كلماتي كم هي دافئة اعطرها عندما أكتبها .. والله انها لمعطرة .. احبك كل ساعة احبك بكل الوفا وكل ما ملكت من مشاعر ... اطير اليك ام تطير ألي سنلتقي ياحبي ... لقد تسللت تلك الروح كالطيف تحوم كالطيرالتائه في خريف لازهر فيه .. لم يكن في الطريق سوى سحابة الدخان المنفردة في تلك الليلة التي غادرت الى الشارع الذي يحتمل الجنون في زمن لا حدود لاأفاقه الاشياء تتساقط من حولي ... العواصم الزعماء ... الموت القاسي يعبر الينا من كل الامكنة ... مضيت بلا تردد في طقس ماطر وعاصف .. أتحسس بقيايا الوجع لعله يوقض ما بقي من لحظات ماضية تحزننا وتفرحنا على صغرها وتفاهتها ...
ولاصوت الا لصدى حذائي المتردد الخطى فوق الاوراق اليابسة فيما الاضواء كانت تعاجل مرورها كالبرق في مساحة شارع لايعرف الملل ولا الصمت ولا احلام لديه ... وصل الظلمة بالضوء على وقع الاحداث التي تحملها الشاشات لسقوط الزعماء بعد سقوط العواصم .. كسقوط الاوراق تلك المبعثرة على مسافة المقهى الجانبي الصامت الا من صدى لاوراق اللعب تعلن بأن ورائها رجل من المغامرين باخر ما لديهم من قوت ...أصابعه صفراء صدءه وحنجرته كالصخر تطحن كلماتها بلا تردد.. وثمة سيده عصر لونها الزمن ورماها في ذلك المقهى الذي لايحمل بصيص أمل ... تحاول ألتقاط أنوثتها من بين الازدحام لسنوات عمرها في حمى وطيس لهاث رجال فاتهم القطار ... ولا ملاذ اخر لهم .. بقيت الريح المتردده تحاول رمي المارة برذاذ مطر خجول من بين الزحمة تلك .. لكنهم يلوذوون بوجوههم بلا أمل ... بقيت كلماتها المحمولة من بعيد تبحث لها عن موقع في زمن ومكان اخر ... ربما لايأتي زمن اللقاء بيننا ربما يسقط الزمن بعد سقوط الغربان وتبقى زهره في بلادها معشوقة لهواء يتدفق على ديرتها وما بالها حينها بالسفر لهواء اخر... ربما وربما هو الحب الذي لايطيق أي أمكنة اخرى مهما كانت بديلة او جميلة ...سوى مكان حبه الذي قرر الرحيل اليه ...
حمل كلماتها ومضى يتفحص العباءات البيض خلف ستائر أتكئت هي بين جموع من المغنيات .. وادادنا.... وادانا .....كلمات تطايرت وتمايلت مع الوان الزهر والاحمر والبياض المرصع بالحديد اللماع ...
ننسج خيالات للقاء ربما يحدده القدر ... ... لن يحملني السيف على غرة فداء لمن احببت دون ان المسها او القاها ... لماذا لايكون شخص اخر غيري يقدم رقبته فداء لهذا الشرك الرهيب ... ربما هو القدر ولما لا لقد شاهدت ظلالا لسيوف على الجدار بالامس لعها اشارات شئم ...لما لاتكون اشارات لي ...لما لايكون القدر قد حط بي بهذه النتيجية التي لا أستطيع تخيلها ولكنني ادرك ان لا مهرب منها اذا كانت قدرا محتوما.... خرجت عن رجولتي بعض الشيء بتسلل خاص لا أملك طريقه ولا أريد ولكنني لا أترك وسيلة للبحث عن طرق لاتبعدني عن تلك المغامرة القدرية ....ربما نلتقي او لانلتقي فللقصة حكاية في جزئها المتبقي لايعلمه الا واضع الاقدار ....والى لقاء اخر ......عماد بني حسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد