الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوى اليسارية والتقدمية وحركات التغيير العربية

ابراهيم خليل العلاف

2011 / 12 / 5
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011



لأاعتقد بأن مشاركة القوى اليسارية والعمالية والاتحادات الجماهيرية فاعلة، ومؤثرة في حركات التغيير التي تشهدها المنطقة العربية ،وفي كل البلدان العربية بالمستوى نفسه،وفي الفترة الزمنية نفسها والسبب –في رأيي الشخصي –يرجع إلى ضعف تنظيم هذه القوى ، وعدم تجدد فكرها ،وضالة تمويلها وتشرذمها .
ولابد من التذكير بأن للاستبداد ، والقمع ،والظلم دور كبير في إضعاف الحركة اليسارية . هذا فضلا عن تنامي الاتجاهات الإسلامية السياسية ، وقوة تنظيمها ، وتوفر وسائل تمويل منظمة لها .
وثمة سبب آخر هو تشرذم القوى اليسارية ، وعدم قدرتها على التأثير بسبب جمودها على نصوص وتنظيرات عفا عليها الزمن . وهنا لابد من أن تستفيد القوى اليسارية من دروس الثورات العربية وابرز درس هو أن تقوم بمراجعة لمسيرتها السابقة ،ولأفكارها، ولمواقفها ، فالزمن تغير ولابد للإنسان والأحزاب والقوى أن تتغير والذي لايتغير يتعفن .
نعم تستطيع الأحزاب اليسارية أن تشارك بفعالية في الحياة السياسية المقبلة من خلال الإسهام الجاد في الوقوف مع الشعب وتبني مطالبه المشروعة ، وإعطاء موضوع الخدمات الأهمية والتأكيد على مبدأ النظافة والاستقامة في العمل .
كما يجب التأكيد على الثقافة ، وتوسيع دائرة الوعي السياسي والتيقظ، وجمع المثقفين تحت خيمة وطنية - إنسانية واحدة .ومن المؤكد أن المشاركة تكون من خلال البرلمانات ،والنقابات ،والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني والصحافة .
وليس من شك في أن القوى اليسارية تعاني ليس من التشتت وإنما من التشرذم كذلك وإذا كان لابد من توحيد هذه القوى فليكن بأساليب وأنماط جديدة ملائمة للعصر وليس بالأسلوب الحزبي التقليدي السابق ..والبرنامج مهم لكن يجب أن يكون متطورا يأخذ بنظر الاعتبار المتغيرات الجديدة في العالم وأبرزها عودة الشعوب لتمارس دورها ، والتأكيد على قيم حقوق الإنسان ،واحترام الرأي الآخر ،ورفض القيود الحزبية الصارمة من قبيل نفذ ثم ناقش وما شاكل من الأنماط الستالينية التي عفا عليها الزمن .


نعم تستطيع الأحزاب اليسارية أن تقبل القيادات الشابة والنسائية وليس القبول هو المهم ، وإنما لابد أن تنفتح الأحزاب اليسارية على الشباب ، وتعمل على تمكين المرأة من خلال إتاحة الفرصة لهذه العناصر أن تتصدر العمل القيادي وليس الإعلامي وحسب ورفض استمرار" قيادات العواجيز" ، مع أهمية الاعتراف بتاريخها .
إن القوى اليسارية معروفة بأهتمامها بالمرأة، وحقوقها، ومساواتها بالرجل ولابد من تنشيط دورها من خلال إعطائها نسب كبيرة في القيادة وفي الإسهام التنظيمي والإعلامي والتخلص من العقد الذكورية إزاء مشاركتها . ولابد من مراعاة التقاليد والأعراف والقيم الدينية والاجتماعية وعدم الظهور بمظهر المعارض لها ، وإنما الانسجام معها وإعطائها بعدا عصريا .
ليس المهم أن تعمل الأحزاب والقوى اليسارية في المجتمعات العربية على محاربة أو الحد من تأثير الإسلام السياسي لسبب بسيط وهو أن الخارطة السياسية للمجتمعات العربية وعلى مدى ال100 سنة الماضية وحتى اليوم تتشكل من تيارات واتجاهات عديدة هي التيارات الإسلامية ،والتيارات القومية، والتيارات الاشتراكية ،والتيارات الليبرالية . وقد أثبتت التجارب التاريخية صعوبة إلغاء أو تهميش أو إقصاء أي من هذه التيارات ولابد إن تتعايش مع بعضها بشرط أن تعمل من اجل الوطن والوطن فقط .
وليس من شك في أن للمكتشفات الحديثة في جانب الاتصالات والمتمثلة بالانترنت والستلايت والفيسبوك والتويتر والصحافة الالكترونية دور كبير في كل ما تشهده المنطقة بل والعالم كله الذي تحول كما يقال الى قرية كونية صغيرة وليس من السهولة تجاوز هذه الثورة المعلوماتية الإنسانية بأي شكل من الإشكال وعلى القوى اليسارية والتقدمية أن تستفيد من هذه الثورة وتمارسها وتدرب عناصرها على الاستخدام الأمثل لها مع مراعاة الجوانب الوطنية والإنسانية .
لقد اثبت موقع الحوار المتمدن ( الالكتروني ) بأن له دور كبير في التوعية بقيمة فكرة التقدم والانفتاح والإيمان بالتعددية مع ملاحظة أن ثمة من نشر فيه آراء وأفكار ليست إنسانية وإنما تعكس حالات من الحقد ورفض التسامح والتعصب وعدم قراءة ما جرى من أحداث قراءة علمية تأخذ بنظر الاعتبار طبيعة المرحلة وحساسية الظروف المحلية والعربية والإقليمية والدولية .
إن على القوى اليسارية إدراك نتائج سقوط الاتحاد السوفيتي السابق وانتهاء الحرب الباردة وعليها أن تجد لنفسها مداخل جديدة إلى المجتمعات العربية تأخذ الدين والتقاليد والأعراف والتاريخ والثقافة بنظر الاعتبار. وبمعنى آخر أن تنحت أفكارها وأرائها من واقع المجتمعات العربية وان تتفاعل مع المتغيرات الدولية في كل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تفاعلا ايجابيا وان ترفض المقولات الجاهزة والأحكام المسبقة وان تحترم آراء الآخرين وتدرس حلولهم للمشاكل بموضوعية وأمانة .
أتمنى للحوار المتمدن كل نجاح وافخر بإسهاماتي الثقافية والتاريخية فيه.
18-11-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تمنيات
زهدي الداوودي ( 2011 / 12 / 10 - 22:21 )

صديقي العزيز د. إبرهيم

أحسنت وأبدعت بحلولك وملاحظاتك الواقعية الثمينة التي أتمنى أن يأخذ بها رجال السياسة.
مع تحياتي ومودتي.


2 - شكر
شكر وتقدير لاخي الدكتور زهدي الداؤودي ( 2011 / 12 / 25 - 07:20 )
شكرا اخي الغالي والكبير الاستاذ الدكتور زهدي الداؤودي على كلماتك الطيبة الصادقة النابعة من عقل وقلب استاذ يؤمن بفكرة التقدم والحرية دمت لاخيك ..الموصل كلها تسلم عليك ولاتنسى ذكريات عملك في جامعتها العتيدة .اخوك ا.د.ابراهيم خليل العلاف

اخر الافلام

.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية #سوشال_سكاي


.. بايدن: إسرائيل قدمت مقترحا من 3 مراحل للتوصل لوقف إطلاق النا




.. سعيد زياد: لولا صمود المقاومة لما خرج بايدن ليعلن المقترح ال


.. آثار دمار وحرق الجيش الإسرائيلي مسجد الصحابة في رفح




.. استطلاع داخلي في الجيش الإسرائيلي يظهر رفض نصف ضباطه العودة