الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية شعب ثائر ، ونظام جائر

رزاق عبود

2011 / 11 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


منذ مارس/اذار الماضي، والمظاهرات السلمية المناهضة للنظام السوري مستمرة في كل المدن السورية. عدد ضحايا الثورة الشعبية يقترب من الاربعة الاف. لاول مرة في تاريخ سوريا تتحول الاف العائلات السورية الى لاجئين في تركيا، ولبنان اضافة لمن نجح منهم من الوصول الى اوربا، او من تشرد داخل سوريا. ورغم القتل، والذبح اليومي، وانتهاك الاعراض، واستباحة حرمة البيوت، ومحلات العبادة، فان الشعب السوري يبتدع كل يوم اساليب نضالية جديدة. لقد تجاهل النظام السوري مثل اغلب دول العالم والاقليم، في البداية، مطالبات الشعب السوري بالاصلاح. نعم، مظاهرات سلمية طالبت بالاصلاح، والحرية، والديمقراطية، وحقوق الانسان المحروم منها الشعب السوري منذ نصف قرن من الزمان. ادعى النظام، ان خطة الاصلاحات موجودة على الطاولة، وضمن برنامج الحكومة! ولم نر منها اي شئ. ولما ايقن النظام ان الشعب لن يخدع هذه المرة، وانه اعطى الاسد فرصة 11 عاما ليقوم باصلاحاته الموعودة، لكنه لم يفعل. اخذ يهاجم المتظاهرين، ويتهمهم بانهم عصابات مسلحة. ثم ادعى ان عصابات مسلحة تطلق النار على المتظاهرين، وليس الجيش، وقوى الامن ليبرر اعداد الشهداء المتزايد. الشعب يرى الدبابات، والمدرعات تقصف البيوت، والمدارس، والمستشقيات والنظام يصر على لعبة العصابات المسلحة. ثم ادعى بمؤامرة اقليمية سرعان ما تحولت الى دولية على سوريا. حتى اوثق حلفائه ايران انتقدوا عنفه غير المبرر ضد شعبه. ورغم تردد العرب، وصمت العالم ظل الشعب يناضل، ويقدم الشهداء حتى ارغم العالم كله على التحرك. فرضت العقوبات الاقتصادية، والسياسية، والديبلوماسية على سوريا. عزلة دولية فظيعة لايخرقها الا ايران، والصين، وروسيا وهي دول تقمع شعوبها، وتقيد حرية الراي فيها. اما لبنان وحكومتها العميلة فهي الوحيدة التي تغرد خارج السرب العربي ترافقها حكومة اليمن المنهارة. وحكومة عراقية لا تمثل شعبها، بل مصالح ايران الطائفية. النظام السوري هو المسؤول الوحيد عما وصلت اليه الاوضاع في سوريا. كان بامكانه الاستجابة لمطلب الجماهير بالاصلاح، قبل ان تتطور الى التغيير، ثم الاسقاط، والان تطالب الجموع بالمحاكمة، والاعدام لقتلة الاطفال. كان يمكن الاستماع الى اعلان دمشق، الذي سبق ثورة الشعب السوري، ووقعه عشرات المبدعين، والناشطين السوريين. لكن النظام اعتقل معظمهم. لا يمكن لوم الشعب السوري. لقد استنفد كل الاساليب السلمية للنضال. مع ذلك لا زالت المظاهرات تصرخ سلمية، سلمية. ان ما يجري من مقاومة مسلحة من قبل "جيش سوريا الحر". رد على العنف السلطوي، وليس من قبل المتظاهرين المسالمين. اضافة الى العديد من العمليات، التي يقوم بها النظام، وينسبها الى الثوار مثل اغتيال رجال الامن، والشرطة، والجيش الذين يرفضون اطلاق النار على شعبهم. ان النظام البعثي السوري يقود، ويدفع البلاد الى حرب طائفية وحرب اهلية مثلما فعل اصدقائه حكام العراق في بغداد بامر من اسيادهم في ايران ليبرر استخدام العنف المفرط ضد الجماهير العزلاء. ان الدكتور الذي تحول الى ديكتاتور لا يستمع لشعبه، ولا يستمع لنصائح تركيا، الذي كان المبادر لفتح ابواب العرب امامها. ولا يستمع لنصائح، ومهل، ومبادرات الجامعة العربية، ولا حتى اصدقائه الروس، والصينيين. فهل كل هؤلاء يشاركون بالمؤامرة؟ هل كل اوربا "سنية" تحاول ابعاد العلويين "الشيعة" عن السلطة؟ وهل الطائفة العلوية راضية عن الجرائم التي ترتكب باسمها او تنسب لها؟ الكثير من المنشقين من الحزب، والجيش، والامن علويين! كان بامكان النظام التحول الى انفتاح تدريجي، وليس فقط وعود في تواريخ غير محددة، ولا موثوقة. النظام الاردني خشى من تطور الاحداث، وقدم تنازلات وكذلك فعل نظام المغرب. تنازلات قد تكون بسيطة، شكلية لكن الوضع الدولي، والمزاج الشعبي العربي لن يسمح بالتراجع عنها، او الالتفاف عليها، بل ستتطور مثل كرة الثلج. المثير للسخرية، ان القومجية، والوطنيين المزيفين يدعون انها "مؤامرة" ضد الصمود والمقاومة. اي صمود، واي مقاومة؟! لقد ترك حزب الله، ولبنان وحدهما في مواجهة اسرائيل، رغم انهما كان يقاتلان لحساب سوريا. وهوجمت حماس، ودمرت غزة، ولم يطلق من دمشق غير الشعارات الفارغة. بل لم يحم حتى رموز المقاومة من الاغتيال على اراضيه من قبل المخابرات الاسرائيلية! ناهيك عن الجولان، والمفاوضات السرية بينه وبين اسرائيل بوساطة تركية. نظام البعث السوري وقف مع امريكا ضد العراق بعد غزو صدام للكويت. قبلها وقف مع ايران ضد العراق في الحرب العراقية الايرانية. وقبل هذا كله رفض حافظ الاسد طلب الضباط الاحرار، والناصريين احتجاز السادات، الذي كان يزوره في دمشق، لكي يتمكنوا من التغيير ولم يفعل. كانت موافقة ضمنية من حافظ الاسد على معاهدة الاستسلام، التي خطط لها السادات، ووقعها في كامب ديفد. فعن اي قومية، وثورية، وصمود، ومقاومة يتباكي هؤلاء المخدوعين، ام المظللين، ام الرافضين رؤية الحقيقة؟ لقد تراجع موقف العراقيين التضامني القومي، مؤقتا، بعد سقوط النظام الصدامي. لان الانظمة العربية وقفت ضد التغييرات الديمقراطية، وليس ضد الاحتلال، فهي التي شجعت عليه! فهل يريد القومجية، ومدعي الثورية اليوم، ان يحولوا شعبا اخر ضدهم،خاصة، وانه حكم بالحديد، والنار من قبل نظام "قومي" لمدة نصف قرن كله هزائم قومية؟! انهم يخوفون العرب، والعالم، والاقليت السورية من سيطرة الاخوان المسلمين على السلطة في سوريا. الاخوان المسلمين، كما يعلن قادتهم، ضد التطبيع، وسياسة الاستسلام مع العدو الصهيوني. انهم يتناسون، عن عمد، ان حماس تابعة للاخوان المسلمين، وهي التي تقود خط المقاومة بكل الاشكال، وليس سوريا. لدينا تحفظات جديةعلى نهج، وبرامج الجماعات الاسلامية الفكرية، والاجتماعية، والسياسية، لكن تشويه، او تزوير الحقائق امر غير مقبول. الا يشعرون بالحرج، ان فقدوا الخجل نهائيا، عندما يلتقي قلقهم من سقوط النظام السوري مع القلق الاسرائيلي؟! انهم فقدوا البصيرة بالكامل. كيف يسمون نظاما تخشى اسرائيل، وامريكا من سقوطه نظام داعم للمقاومة؟! هل لانه احتل لبنان مثلما احتل صدام الكويت، وكسر ظهر المقاومة الفلسطينية، واضطرها للتفاوض مع العدو الصهيوني. رغم اننا لا نقر ذلك التبرير البائس لقيادة فقدت الثقة بحلفائها واشقائها، فادارت ظهرها لشعبها، وخذلت انتفاضة الحجر. فهل يعيد انصار الصمود والمقاومة حساباتهم، ويراهنون على الشعوب بدل الانظمة؟؟!!
رزاق عبود
20/11/2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عراق مقعد يعلم الاخرين على الطيران
سلام حمادي ( 2011 / 11 / 22 - 14:30 )
يبدو لم يكفيك ماحصل في وطنك وكيف سطرت الرجعية المسندودة من الاجنبي لتعيث فسادا ونهبا وقتلا تجاوز ماقام به حكم البعث.كفى تروج لعراق جديد في سوريا فانت تعرف ان اي بديل ارتجالي لن يمر الا عبر الصراعات المذهبية. الاولى ان تكتب عن مدارس الطين في بلدك وعن الاطفال والنساء ممن يعملون في مقالع النفايات ياأخي على الاقل سوريا ليست دولة نفطية ولاتوجد فيها مدارس طين او اطفال يعملون في مقالع الازبال


2 - ياسلام حمادي ادلك على اطفال يعملون بمقالع
ابو نور ( 2011 / 11 / 22 - 21:42 )
هل تعرف ياسلام دير الحجر ام لاتعرفها اسال عنها انها تقع خلف المطار بعد قريه الغزلانيه اذهب هناك وشاهد بعينك ثم اجب وهل تعرف قرى الرقه ودرعا ام لاتعرفها اذهب وشاهد مدارس الطين واذهب امام الافران ولاحظ اطفال بلدك كيف يبيعون ربطات الخبز وهؤلاء متسربون من المدارس واذهب للمرجه وشاهد مايعمل اطفال بلدك بعد ذلك ادعوك لزياره العراق وعلى حسابي الخاص واضمن لك الامن لترى كيف يعيش العراقيين وكيف حالهم الاقتصادي واسواقهم العامره واستقرارهم وكيفيه معيشتهم واتحداك ان تجد بلد عربي ينعم اهله كما العراقيين تعال بنفسك واقبل حكمك بعدها لاتكتب شيء لم تشاهده ولاتعتمد على اعلام الاعراب وانا مستعد لتقول بحقي اي كلام ان لم اكن صادقا فيما كتبت


3 - تحية للصديق ابو النور
عمر علي ( 2011 / 11 / 22 - 22:55 )
تحية للصديق والرفيق وزميل الدراسة ابو النور
مقال رائع وموقف جميل من ثورة الشعب السوري الشقيق ضد الطغاة البعثين.لكن اسمح لي ان اطرح عليك هذا السؤال وكونك يساري ماهو موقفك من مجموعة بكداش ويوسف فيصل الذين يتخندقون في خندق بشار ضد شعبهم؟؟ موقف بعض الاحزاب الشيوعية العربية المساند للانظمة والمعادي لثورات الربيع العربي والغير مشرف. ماهو موقفك منهم دكتور وماهو تعليقك؟
تحية لك وللاخت فوزية وقبلاتي لنور


4 - هذا ما نخشاه يا اخ سلام حمادي
رزاق عبود ( 2011 / 11 / 23 - 00:19 )
ان التضامن مع ثورة الشعب السوري، لا يعني الوقوف ضد سوريا بل العكس. فالشعوب من يمثل البلاد وليس الانظمة القمعية. ان ما نخشاه ياسيدي هو مصير الخراب في ليبيا، والحرب الطائفية في العراق، وما تبعها من فساد، ومحاصصة. لقد تمادي صدام في غيه وجرنا الى ما نحن عليه. والمرأ لا يقارن نفسه بالاسوء، بل يطمح الى الافضل فاليابان، وماليزيا، وتايوان ليست دول نفطية. اننا نامل، ونتمنى ان تتجنبوا مصيرا لا نريده لكم. على النظام السوري الاستماع للشعب وفسح المجال للحرية والديمقراطية لتجنب الخراب والتدخل الاجنبي والحرب الاهلية. لقد رحل بن علي، وتنحى او نحي مبارك، واستقال رئيس الوزراء الاردني. وها انت ترى كيف تخلى رئيس حكومة اليونان، وتبعه زميله الفاسد في ايطاليا عن السلطة. حتى عميد الثوار كاسترو تنحى جانبا. لان الشعوب تريد وجوه جديدة، وشخصيات تثق بها. هذا هو العصر الجديد، وهذا هو الربيع العربي الذي يتعلم منه العالم كله فلماذا لا ينصت له بشار ويجنب سورية الحبيبة مصير العراق وليبيا. شكرا لتعليقك وتعليق الاصدقاء


5 - syria in my heart
George msala ( 2011 / 11 / 23 - 12:44 )
نشكر تضامنكم مع الثورة السورية والشعب السوري ايها العزيز الأصيل رزاق عبود

اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت