الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل الثامن

محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)

2011 / 11 / 22
الادب والفن




في خلوته، مع زوجته، تنهد العقيد وقال:
- هل تعلمين، يا عزيزتي، بأن أحد الأئمة صرح اليوم بأنني أنا فرعون العصر وبأن الله خلق التوازن قانونا للكون خالقا لفرعون الطاغية زوجة تقية كما توهم بأن لي، أنا الفرعون الأخير، زوجة ورعة. وهم الآن يراهنون على الانشقاق داخل أسرتنا الصغيرة والتحاقك، أنت، زوجتي وأم أولادي بالمقملين وذوي السوابق العدلية كما التحقت زوجة الفرعون بالموحدين. أترين أي قوم كنت أحكم طيلة الأربعين عاما من عمري وحكمي؟!...

ولما لم تجب، وجه لها سؤالا مباشرا يخرجها من صمتها:
- ألم تلاحظي بأنه مباشرة بعد خطابي الأخير، بدأت أركان نظامي السياسي تتهاوى مع فرار ضباط الجيش والمسؤولين واستقالة الوزراء والسفراء؟ أتساءل: لماذا يتخلى عني الرفاق؟
- الرفاق كانوا إلى جانبك حين نعثت خصومك بالجرذان وصدقوك وقتلوا خصومك كما تقتل الجرذان.
- ما علاقة هذا بذاك؟ وما الذي تغير في الأمر؟
- لقد أيقنوا مع الزمن بأنك أنت الجرذ، وأنك لا تستطيع حتى الخروج من هذه السراديب تحت " باب العزيزية" لتتواصل مع حراسك وجنودك وخدمك!
- أيمكن، يا زوجتي، أن أكون أنا الجرذ وقد ألفت "الكتاب الأخضر" ودشنت النهر الصناعي العظيم وحكمت ليبيا لأكثر من أربعين عاما؟

اقتحم الحاجب خلوتهما جارا خيط ميكروفون مده للعقيد لربط الاتصال بينه وبين أحد أقطاب الثوار في برنامج سجالي مباشر على قناة أجنبية إذ قال الزعيم دون أن يعلم حتى موضوع البرنامج:
1- إنها حرب بين شرق البلاد وغربها!
2- بل هي حرب تحرير البلاد جميعها!
1- إنها حرب قبائل، حرب أهلية!
2- بل هي حرب بين الشعب والطاغية!
1- إنها حرب من أجل الثروة، من أجل النفط!
2- بل هي حرب من أجل الحرية!...

وبينما هو يرد على خصمه في الميكروفون، بدأت فرق عسكرية تلج المكان محملة بصينيات مملوءة بالشواهد والميداليات والأوسمة وسبائك الماس والذهب والفضة وآخرون يجرّون وراءهم أكياسا محشوة بالأوراق النقدية فهلل القائد:
- هل يجازيني أحرار العالم على صمودي في وجه الجرذان والرعاع؟
- لا، أيها القائد. هذه الجوائز ليست لك وإنما هي من المرجوعات.
- ماذا تقصدون؟!
- المثقفون والمبدعون والمناضلون ممن وشحتهم فيما مضى بأوسمتك وأجزلت لهم العطاء من مالك، هم الآن يتنازلون لك عن اعترافك بهم وتكريمك لهم ويعيدون لك شواهدك وأوسمتك ومكافآتك وهداياك.... هذه مجرد الدفعة الأولى من المرجوعات ولا زال هناك في الطريق طابور طويل من الحرس الذي الذي وضع السلاح جانبا ليتفرغ لحمل المرجوعات في الصينيات إلى معاليك...

طلب القائد تركه لوحده مع الصينيات وهو ينوي الظفر بلحظة خلوة مع النفس إذ بدأ يتساءل:
- "هل سأتنحى عن الحكم وأنا لم أدخل التاريخ بعد؟ هل سأنتهي على كل الصُّعُدِ وأنا لم أدخل التاريخ بعد؟ "كتابي الأخضر"، رغم كونه النظرية العالمية الثالثة، لم يدرس بعد في أي جامعة عالمية؟ أولادي لم يبزغ لأحدهم شأن؟ هل بعد اثنين وأربعين عاما، ستكون النتيجة هي مزبلة التاريخ؟!"

فكر العقيد في شن هجوم دبلوماسي أخير من خلال إرسال بعثات دبلوماسية جديدة إلى دول العالم لكن البعثات رجعت جميعها بجواب واحد:
- لقد انتهى نظامك!
- لقد انتهى عصرك!
- لقد سقطت شرعيتك!...

فاحتج القذافي:
- ولكنني لا زلت على قيد الحياة؟

التقط جريدة غربية على مكتبه ليقرأ الجواب على صفحاتها:
- لا يهم العالم موت الطاغية: ما يهم العالم هو حياة شعبه وخلود وطنه!

فصرخ:
- أنا الشعب وأنا الوطن! الحياة لي والخلود لي! أما أنتم فلستم غير عبدة مصالحكم. وهذا قراري الأخير: لن أرضى بكم شركاء مستقبلا!...

ثم عاد لمواصلة قراءة المقال على ذات الجريدة:
"شكل الليبيون مجلسا وطنيا بدأ للتو تواصله مع حكومات العالم بينما القذافي تحت الأرض في "باب العزيزية" يعد ضربات صواريخ الناتو فوق رأسه ويتابع عبر التلفاز الثوار يسحبون منه الشرعية ويضعونه في حكم المنتهي صلاحيته. فبدا العقيد في حالة شرود، غير مرغوب فيه، لا يمثل أحدا، مجرد مشاغب... لكنه بدأ ينتف شعره غضبا حين بدأت بنوك العالم تحول أرصدته إلى حساب المجلس الانتقالي لتسديد فواتير الدعم والتسليح وترفع علم خصومه على أسطح مكاتبه في بلدانها".

ألقى العقيد بالجريدة بعيدا، غير عابئ برجالاته ممن يتحلقوا حوله للتو:
- "هل سيدفنني العالم وأنا حي بالطريقة التي تخيل بها ذلك الكاتب المغربي إحدى شخصياته القصصية في نص "كل حياتنا للراحة وكل مماتنا للقلق"؟ سأثبت للأوغاد بأنني لا زلت حيا. سيرون بأم أعينهم وسيتأكدون بأنني لست بالسهولة التي دُفِنَتْ بها شخصيات تلك القصة حية ترزق أو، بتعبير كاتبها، حية ترمش!

ثم تبدى له الموت بحروف تمليها صواريخ الحلف الأطلسي فوق رأسه ورآى نفسه يموت بمفرده. وفي عز التوتر، أوقف بضغطة زر البث التلفزيوني وارتجل خطابا يبث بالمباشر:

"أريد شعبي بقربي، أريد أن أحس بنبض شعبي. تعالوا ارقصوا أمامي. فإما أن نحيا معا وإما أن نموت معا. تعالوا، غنوا وارقصوا رقصتكم الأخيرة!

يا أحبائي، يا من لا يساوي معمر القذافي فردة حذاء من دونكم. تعالوا وغنوا وارقصوا في غرف نومي وأكلي وفي كل مكان في قصري. يا من تحبون معمر القذافي وتهتفون باسمه وتعرضون حياتهم للدفاع عنه: من يدافع عن الوطن، فإن الوطن قد احترق تحت طائرات العدو؛ ومن يدافع عن معمر، فإن معمر حي يرزق وسيظل حيا مادام في الجو نسمة هواء تمد الكائنات بالحياة...

أنا باق ولو ضاعت كل ليبيا. اسمعوا شعبي الذي يحبني يصرخ: "الله ومعمر وبس"! خذوا ليبيا واحرقوها أما هم فيكفيهم أن يبقى ملهمهم على قيد الحياة كي يستمر قلبهم بالنبض والحياة...

أما أنتم، يا مغول العصر، فدمروا ما شئتم من بنايات واحرقوا ما شئتم من طير وشجر لكنكم لن تدمروا معمر الصخرة الصلبة. أنا باق ما بقي الهواء والماء والتراب والنار أنا باق ما دام الكون بحاجة لعناصره الأربعة.

ليبيا اليوم جمرة ولكنني هنا. أنا لازلت هنا وسأبقى هنا ولو احترقت كل ليبيا. احرقوا ليبيا لكنكم لن تحرقوني. أنا معمر القذافي المجد. لن يمكنكم حرق المجد مهما بلغت بكم الوقاحة والصفاقة ولكن يمكنكم حرق ليبيا. احرقوا ليبيا وعبروا عن يأسكم وإحباطكم. اقتلوا رجالي، دمروا كتائبي لكنكم لن تصلوا إلي. لن تظفروا بذلك الشرف ولو احترقت كل أفريقيا..."

اضغط هنا لتحميل الرواية كاملة: http://raihani.free.fr/ebooks/the_enemy_of_the_sun.pdf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأهلي هياخد 4 ملايين دولار.. الناقد الرياضي محمد أبو علي: م


.. كلمة أخيرة -الناقد الرياضي محمد أبو علي:جمهور الأهلي فضل 9سا




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 34.5 مليون جنيه إيرادات


.. … • مونت كارلو الدولية / MCD جوائز مهرجان كان السينمائي 2024




.. … • مونت كارلو الدولية / MCD الفيلم السعودي -نورة- يفوز بتنو