الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار العربي يقود التغيير حتى وإن لم يتصدر المشهد

أمنية طلعت

2011 / 12 / 5
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


1ــ هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذهِ الثورات؟ و إلى أي مدى؟
القوى اليسارية في مصر هي التي دعت منذ اللحظة اللحظة الأولى بالتضامن مع حركات مثل 6 إبريل إلى الخروج في مظاهرات حاشدة منذ اليوم الأول للثورة في الخامس والعشرين من يناير 2011، وبالتحديد تيار الاشتراكيين الثوريين والتجديد الاشتراكي في مصر، بعد ذلك انضمت باقي أطياف اليسار المصري إلى الثورة، وعملت في كل بقاع مصر لإخراج القوى العمالية وحشدهم كي يقوموا بعمل إضرابات واعتصامات في كافة المصانع الحيوية بمصر وأجزم أن الإضرابات العمالية والاعتصامات وغيرها من تحركات عمالية هي التي رجحت كفة الثورة في الأيام الأخيرة وضغطت على قوى الجيش لإجبار مبارك على التنحي، كما أن الحركات العمالية المستمرة والتي دأبت حكومة شفيق وبعدها حكومة شرف على تلقيبها بالتحركات والمطالب الفئوية، هي التي تحافظ حتى الآن على روح الثورة وأهدافها ولا تسمح لزعماء السوق الحر والرأسماليين في مصر كي يستريحوا في مكاتبهم ليمسكوا بعصا البلاد مرة أخرى، حتى أن انفجار الأوضاع في الأيام الأخيرة منذ 19 نوفمبر، يقودها اليسار المصري، في حين تراجعت قوى الإخوان التي تتشبث بالانتخابات التشريعية العقيمة، وإن كان السلفيون كالعادة يقفزون على الحركة، إلا أن الشعب المصري وعى لانتهازيتهم ولعبهم بأوراق الشارع لمكاسب شخصية.
2- هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في إضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية؟
بالطبع كان له الدور الرئيسي في إضعاف قوى اليسار، ففي مصر تم تفريغ محتوى الأحزاب اليسارية، بالاستقطابات الرسمية، حتى أن حزب مثل التجمع في مصر، والذي كان معروفاً بأنه بيت اليسار، قام بطرد كوادر اليسار من الشباب وأغلق الباب في وجههم تماماً، خوفاً من فتح ملفات تعاملاته مع حكومات مبارك، وتخليه عن مبادئ اليسار الأصيلة. هذا غير استهداف حكام مصر منذ جمال عبدالناصر ثم السادات فحسني مبارك للقوى الاشتراكية واليسارية وحبسهم وقمعهم وقطع أسباب الرزق عليهم، ما جعل المخلصون منهم يتركون البلاد ويسافرون إلى الخارج، بحثاً عن أسباب الرزق. ولكن رغم ذلك، ورغم مساندة القوى الدينية والأصولية الرجعية في البلاد، إلا أن اليسار لم يمت بالكامل في مصر، وخرجت أجيال جديدة هي التي تشكل الدماء القوية المحركة والدافعة للثورة والحركات العمالية في ربوع مصر كلها، حتى وإن كانوا حتى الآن لم يستعيدوا قوتهم بالكامل على الأرض، نظراً لافتقادهم إلى مصادر التمويل التي تمكنهم من التحرك بشكل أكثر فعالية وقوة، حيث يعتمدون على جيوبهم الخاصة وإيمانهم بالمبادئ اليسارية.
3- هل أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة للقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها و ابتكار سبل أنجع لنضالها على مختلف الأصعدة؟
بالتأكيد، ولكن دعني أقول، أننا في مصر نشهد تصاعداً جيداً للوجود الاشتراكي أو اليساري الديموقراطي بشكل عام، فقد ظهرت على الساحة منذ 2004 عددا من التجمعات اليسارية خارج الأطر التقليدية لليسار المصري القديم ممثلة في حزب التجمع أو الحزب الشيوعي المصري، مثل جماعة الاشتراكيين الثوريين وتيار التجديد الاشتراكي، وكليهما كان يعمل بجد على الأرض وسط جموع الطلاب والعمال والفلاحين، وبإمكاني أن أقول أنهم استطاعوا تربية كوادر متميزة من اليسار الجديد الممثل في شباب مصري يُشكل قوامة اليسار المصري الحقيقي الآن وهؤلاء ينتمي العديد منهم إلى جماعات مثل 6 إبريل وحركة خالد سعيد وغيرها التي حركت الشارع المصري أصلاً في اتجاه الثورة، بالتأكيد يفتقرون مثل كافة التيارات اليسارية بشكل عام للتمويل المادي الداعم لهم، ما يعرقل حركتهم بشكل أو بآخر، لكن هذا لا يمنع أنهم يتحركون معتمدين على جهودهم الذاتية بشتى الطرق ويستطيعون الوصول إلى الناس بشكل جيد حتى الآن.
4ــ كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة الاستبدادية ؟ وما هو شكل هذهِ المشاركة ؟

على التيارات اليسارية أن تتحرك بين القوى العمالية بشكل رئيسي ودعم تحركاتهم وتوعيتهم لحقوقهم، إضافة إلى مواجهة غول السوق الحر المفروض على السوق المصري، وباقي الأسواق العربية كحل وحيد لإنقاذ الاقتصاد، ما سيقضي على حقوق العمال بشكل نهائي. لذلك تركز قوى اليسار في مصر الآن على تأسيس النقابات العمالية المستقلة وسط جموع العمال في كافة المصانع، إضافة إلى النقابات الفلاحية أيضاً، والتركيز على إصدار قانون للحد الأدنى والأقصى للأجور بما فيها القطاع الخاص، وكذلك وضع نظام قوي للتأمين الصحي والحفاظ على مجانية التعليم وتطويره، مع الحفاظ على مكتسبات المرأة ودعم الحريات العامة والخاصة لها، خاصة وأن قوى اليمين تلعب في الخفاء خاصة بعد الثورة لتحجيم دور المرأة في المجتمعات العربية وخاصة لدينا في مصر.
5- القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي, مع الإبقاء على تعددية المنابر, يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري؟

أتمنى ذلك، لأننا بالفعل نفتقده بشدة، كلما كان هناك تكتل يساري ديموقراطي علماني واحد وقوي في كافة أرجاء العالم العربي، كلما كان الدعم في كل بلد على حدة مركزا وقوياً وقادراً على الوصول لأهدافه بسهولة ويسر.
6- هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع بين الجماهير و أفاقا أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية ؟
من منطلق تجربتي مع حزب التحالف الشعبي الاشتراكي والذي تأسس بعد ثورة يناير في مصر، فنحن نقوم بالفعل بعمل ذلك من خلال حزبنا، حيث أن قوائم الحزب الانتخابية تحتوي على أكثر من 40% مرشحات نساء للبرلمان، إضافة إلى وجوه شابة عديدة أخرى تقود حركة الحزب في الأساس، وفي الحقيقة أن أدعو لذلك لأن الشباب العربي هو الأجدر الآن بقيادة البلاد وفقاً لرؤيتهم المستقبلية التي أثبتت أنها أكثر دراية وتطورا عن رؤى الأجيال السابقة.

7- قوي اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع؟
تشكيل نقابات عمالية وفلاحية خاصة بالنساء، وقد قمنا بالفعل في حزب التحالف الاشتراكي الشعبي بتشكيل أول نقابة مستقلة للعاملات بالمهن الزراعية، ونسعى إلى تكرار التجربة على نطاق أوسع في كافة المحافظات المصرية، كذلك يجب دعم مشاركتهن السياسية من خلال مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية وغيرها، عليهم أيضاً دعم ومساندة حقوق المرأة ومكتسباتها القانونية ضد قوى اليمين الرجعي التي تستخدم الدين ستاراً وراء أعمالها لتحجيم دور المرأة في المجتمع وإنقاصها حقوقها التي تساويها بالرجل في البلد خاصة الحقوق الاجتماعية. تأسيس كوادر نسائية شابة جديدة قادرة على قيادة المرحلة القادمة ...وغير ذلك من الأساليب التي تحافظ على حقوق المرأة ومساواتها الكاملة بالرجل في مجتمعاتنا العربية.


8ــ هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلام السياسي السلبي على الحرّيات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر ؟

بالطبع تستطيع، وإن كان ذلك يحتاج إلى عمل طويل ومكثف، خاصة في الأوساط الاجتماعية الريفية وداخل الأحياء الشعبية التي تسيطر عليها قوى اليمين الديني الرجعي بقوة منذ أكثر من ثلاثين عاماً الآن.

9- ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والانترنت وبشكل خاص الفيس بوك والتويتر..... الخ، ألا يتطلب ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدة لقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العملي والمعرفي الكبير؟
بالطبع ولكن دعني أؤكد لك أن قوى اليسار الشابة التي تتحرك على الأرض الآن في مصر، جميعها تمتلك الوعي المعلوماتي الكافي وقادرة على التواصل باستخدام المواقع الاجتماعية بكافة الطرق الحديثة، كما أنهم يمتلكون حلولاً ابتكارية مهمة جداً للوصول إلى كافة طبقات المجتمع، بدليل أن معظم الذين يتم القبض عليهم من قبل العسكر في مصر ويتعرضون لمحاكمات عسكرية ينتمون إلى اليسار المصري. وأغلب نشطاء تويتر وفيس بوك في مصر من اليسار.


10- بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن، كيف تقيمون مكانته الإعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر؟
الحوار المتدمن لعب دوراً كبيراً على الساحة العربية، حيث استطاع خلق حالة وعي كبيرة في المنطقة، إضافة إلى تأسيسه لتيار فكري يساري ديموقراطي علماني وصل إلى الناس عن طريق الحوار المتمدن، ولا أنكر أنه أيضاً أسس لطابور طويل من الأقلام العربية الواعية العظيمة التي لم تكن لتجد منبراً للتعبير لولا الحوار المتمدن، أنا واحدة منهم وأفخر بأن أول من تقبل قلمي وفتح لي منبراً للتعبير كان الحوار المتمدن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف