الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا ما ابتعكر ما ابتصفى

تميم منصور

2011 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


إذا ما ابتعكر ما ابتصفى
تميم منصور
يقول المثل الشعبي "إذا ما ابتعكر ما ابتصفى" هذا المثل منطبق اليوم على الأحداث والمواجهات التي تشهدها الساحة الوطنية والشعبية في مصر.
مصر اليوم بكاملها تغلي تحت مراجل الغضب والاحتجاج الذي تجاوز مراحل الاعتصام الصامت، وتحول إلى عاصفة نأمل أن تجرف معها ما يسمى بالمجلس العسكري الذي يصر على البقاء متربعاً على عرش السلطة بعد أن ذاق اعضاؤه حلاوة السلطة وهذا ما دفعهم على استخدام ما هو ممكن ومتاح من أعمال القمع والبطش بالمحتجين من أبناء الشعب المصري الذين لم يعودوا يثقون أو يتحملون العسكر لأنه يعتبرهم تركة من تركات مبارك الذي سلمهم الحكم بالتشاور مع السفير الأمريكي في القاهرة.
تحت غطاء حكم العسكر الذين خدعوا المواطنين منذ اشتعال فتيل الثورة حتى اليوم، أصلّب عود الثورة المضادة لثورة 25 يناير فقد نجح مبارك وأعوانه من اعادة تنظيم أنفسهم كما نجحوا من التسلل والسيطرة على العديد من مؤسسات الحكم في الدولة وساهموا في شل الحياة الاقتصادية في مصر ووقف عجلة التطور فيها.
استخدموا في زحفهم المشبوه المضاد مليارات الجنيهات التي نهبها مبارك وأعوانه من الشعب المصري على مرأى ومسمع من أعضاء الحكومة المصرية العاجزة عن الحركة لأن مجلس العسكر هو من يعيق ويمنع حرية العمل من قبل وزراء هذه الحكومة.
لقد حذر الكثيرون حكومة عصام شرف ومن ورائها مجلس العسكر من قوة وتأثير الثورة المضادة في شهر رمضان الماضي، بعد أن قامت قوى الظلام الداعمة لمبارك باغراق الأسواق المصرية خاصة في القاهرة وبعض المدن بالبضائع والمنتوجات الغذائية التي كانت توزع مجاناً للمواطنين فاختطفها الفقراء وأخذوا يبكون على النظام السابق لأن هذه هي طبيعة غالبية الفقراء في مصر إذا امتلأت بطونهم غابت أذهانهم.
لقد سمح ما يسمى المجلس العسكري الحاكم في مصر للفضائيات المصرية ولوسائل الاعلام المختلفة بمد حبل الانفتاح الاعلامي على الغارب لتسليط الأضواء ليل نهار على ثورة 25 يناير، وقد نجحت وسائل الاعلام هذه من تخدير غالبية أبناء الشعب المصري بالوعود الوردية وبأن الجيش وقف إلى جانب الشعب خلال أيام المواجهات التي بدأت يوم 25 يناير لكن الحقيقة غير ذلك، فلم تتغير طبيعة النظام منذ ازاحة مبارك عن سدة الحكم، فقد تقمص المجلس العسكري في حكمه كل الممارسات التي اتبعها مبارك وأعوانه، فمنذ 25 يناير حتى اليوم ازدادت البطالة في مصر وتراجع الانتاج القومي وسادت الفوضى في الشارع المصري وغابت هيبة الدولة ولم تعد قادرة على المحافظة على أمن المواطنين، ظهرت عصابات من البلطجية مستغلة الفراغ الأمني وقد وصل الأمر بهذه العصابات إلى إقتحام المحاكم لمنع وتهديد القضاة من اصدار أحكامهم بحق العصاة وبحق عصابات المافيا، حدث كل هذا بايعاز من أعوان مبارك على مرأى ومسمع من مجلس العسكر.
لقد زاد حكم المجلس العسكري من الفساد فساداً، كما زاد من التراجع القومي والوطني في سياسة مصر العربية والدولية، كما زاد التطبيع مع اسرائيل .
في فترة حكم العسكر لم تعد مصر مذدنبة وراء قادة البيت الابيض بل أصبحت تبعيتها وراء اذناب أمريكا من الحكام العرب ، في مقدمة هؤلاء الحكام أمراء قطر الذين أصبحوا أوصياء على العرب ويحاولون اعادة الحياة إلى المشروع الصهيوني الأمريكي في الشرق الأوسط الذي نادت به كوندليزا رايس أثناء رئاسة بوش الإبن، هذا المشروع يهدف إلى القضاء والتخلص من القلعة العربية القومية المتبقية في الشرق الأوسط وهي سوريا، وإبعاد إيران عن محور سوريا والمقاومة اللبنانية الفلسطينية ، من أجل هذا وافق مجلس العسكر في مصر الانضمام إلى شهود الزور العرب داخل الجامعة العربية ضد سوريا بهدف إيجاد المبررات للقوى الخارجية للتدخل في مشاريعها الاصلاحية .
إن قوى الظلام العربية وفي مقدمتها السعودية وقطر وغيرها هي من يزود العصاه والسلفيين في سوريا بالسلاح والمال ويطالبون نظام الحكم في سوريا بعدم حماية الأمن القومي للمواطنين السوريين من اعتداءات هذه العصابات.
من حق الشعب المصري اليوم أن يهب في وجه ما يسمى بالمجلس العسكري الذي سرق الثورة وأبعدها عن مسارها بسبب ممارساته المشبوهة، فقد أدخل مصر وشعبها داخل افريز من عدم المبالاة وعدم تقدير مطالب هذا الشعب، وهذا بدوره أوقف روح الحياة فيها فأصبحت مثل حيوانات الدم البارد في الشتاء، تتنفس ولكن بدون حركة.
ما يبغيه هذا المجلس هو الاستمرار في حكم البلاد بكل ثمن مستخدماً الأعذار الكاذبة.
أما بالنسبة للثورة التي تحركت يوم 25 يناير فقد قامت بشكل ارتجالي عفوي وبقيت كذلك بعد مرور عشرة أشهر على قيامها حتى اليوم فإن نهجها وأهدافها غير مبلورة، انها تفتقر إلى قيادات تحمل هدفاً وفكراً محدداً لطرحه أمام المواطنين، لم تضع البدائل والخطط لحكم مصر، لقد استسلمت قياداتها للمجلس العسكري الذي استطاع خداع الشعب المصري بامتصاص غضبه كي ينفرد في السلطة حاملاً شعار الجيش في خدمة الشعب، تجاهلت هذه الثورة انجازات ثورة 23 يوليو التي قادها جمال عبد الناصر مع أنه كان من المفروض أن تكون ثورة يوليو مرجعية لثورة 25 يناير، لكن الاخوان المسلمين والقوى الرجعية والطبقية وقوى الظلام السلفية وقفوا سداً بين الثورة الجديدة وثورة يوليو الأم التي وضعت الأسس والقواعد للعدالة الاجتماعية في مصر.
لقد كشف تجدد الثورة في مصر النقاب عن حالة الانسجام القوي بين المجلس العسكري وبين أعوان مبارك الذين يقودون دفة الثورة المضادة، لأن أحداً لم يحاسبهم حتى اليوم على الجرائم التي قاموا بها، كما كشفت عن العمق في العلاقات بين رموز المجلس العسكري وبين المخابرات ووزارة الخارجية الأمريكية، وأهم ما كشفت عنه هذه الثورة الجديدة هو قلق اسرائيل وخشيتها من سقوط المجلس العسكري ورئيسه طنطاوي فقد أعلنت السلطات الاسرائيلية صراحةً وعلى المكشوف بأن الجنرال طنطاوي رئيس المجلس العسكري "حليف اسرائيل الذي لا يمكن التفريط به"، واعترفت صحيفة يديعوت أحرونوت وبالمنشيط العريض في عددها الصادر يوم 2011/11/22 بهذه الحقيقة، وأضافت الصحيفة بأن وقع سقوط طنطاوي على اسرائيل سيكون كارثي لأنه من وخهة نظر اسرائيل مبارك رقم اثنين، هذا يؤكد بأن افرازات ثورة 25 يناير الرئيسية الهامة والتي أوصلت المجلس العسكري إلى الحكم كانت فاشلة ويجب تعديلها واعادتها إلى المسار الصحيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر