الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروس من بنغلادش 1

جاسم الحلفي

2011 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكن لدي معلومات عن بنغلاديش، وانا اتلقى دعوة شخصية للمشاركة في اعمال المنتدى الاجتماعي لشرق آسيا، سوى كونها استقلت في اواسط القرن الماضي عن باكستان، وانها بلد فقير لا يمتلك ثروات طبيعية، ولا صناعة متطورة ينافس بها بلدان آسيا المتقدمة، وزراعته تهددها الفيضانات في كل عام تقريبا. هذه الظروف بمجملها، فضلا عن عوامل اخرى، جعلت البلد فقيرا، ومستوى الدخل فيه متدنيا، فيما يعد السابع في العالم من حيث عدد السكان.
وهذا كله اغراني بتلبية الدعوة الى بنغلاديش، وكسر التردد الذي ينتاب المرء عادة قبل اتخاذ القرار. وكانت رغبتي شديدة في التعرف على الحركة السياسية والاجتماعية في هذا البلد، والتحديات التي تواجهها.

ادهشني حسن تنظيم المظاهرة الاممية التي ساهم فيها رمزيا مندوبون من شتى بلدان العالم، بينهم سبعة عراقيين، وشاركت فيها منظمات نقابية وحركات اجتماعية ومنظمات مجتمع مدني، من جميع بلدان شرق آسيا. وبطبيعة الحال كانت هناك مشاركة نشيطة للمنظمات البنغلاديشية، كما أن حضور النساء كان لافتا حيث لم تقل نسبتهن عن نسبة الرجال، وهذا ما احصته العين المجردة. ويبدو ان مشاركة النساء في الشأن العام ببنغلاديش لها تاريخ وجذور، اين نحن منها! وليس ادل على ذلك من حقيقة ان البلد تقوده امرأة، مثلما ان المعارضة فيه تقودها امرأة!

ولعل اروع ما لاحظته هو تنوع المشهد، فهنا مجموعة تهتف بحماس، وهناك يرددون الاهازيج، وتلك مجموعة تغني، واخرى تعزف موسيقى، وكلهم يحملون لافتات متنوعة. وكان الناس الواقفون على الرصيف يصفقون مشجعين، ما يعني ان من لا يشارك في المظاهرات لهذا السبب او ذاك، لا يسهم في التقليل من قيمة من يحتجون ضد الظلم والجوع والقهر!

لم اشهد اي شكل من اشكال القمع للمظاهرة، ولا مبالغة - كما في المظاهرات عندنا - في اعداد قوات الامن المكلفة بـ "حماية" المتظاهرين، ولا أسلاك شائكة تطوقهم. كما انهم لم يسحبوا منا الاقلام، ولم يطلبوا منا رمي قناني الماء، ولم يمنعوا حمل الكاميرات. كذلك لم يظهر في اليوم السابق للمظاهرة، ولا في اليوم التالي، ناطق رسمي او امني يشكك مرة بالمظاهرة، ويحذر مرة من دسائس المتظاهرين!

ليس الفقر نقيضا للكرم، وهو ايضا لا يلغي الكرامة الوطنية. وبالمناسبة اشير الى ان السلطات البنغلايشية ادرجت العراقيين ضمن قائمة الممنوعين من دخول البلاد، بعد ما تعرض له العمال البنغلاديشيون الذين عملوا في محافظة ميسان لمدة سنتين، واستحوذ "قفاص" باسم مقاول على اجورهم التي استحقوها لقاء العمل والكد. ثم ان احدا منا لا يجهل كيفية التعامل مع البنغلاديشين في العراق!

لكنهم استثنوا وفدنا العراقي وسمحوا له بالدخول وسهلوا امره، حين علموا انه يمثل منظمات مجتمع مدني وشخصيات تعمل ضد الظلم والاستبداد والجوع، وليس بين اعضائه من يمثل الفساد والمفسدين والحرامية الذين سرقوا حقوق الآخرين. اسعدتنا نحن العراقيين هذه الخطوة، مثلما تفهمنا موقفهم الأصلي. وهو الموقف الذي عبرت عنه حكومة بنغلاديش بالقول ان الجوع في بلدها لا يلغي دفاعها عن كرامة مواطنيها وحقوقهم التي تهضم في البلاد الاخرى من قبل المفسدين واللصوص.
حين ذاك ادركت لماذا سأل البنغلاديشيون عن الفساد في العراق، كما سألوا عن الوضع الامني !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة