الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحويل أوراق عصابة دمشق الى مفتينا الناتو

حسين ديبان

2011 / 11 / 24
حقوق الانسان


بينما كان الرجل يسبح في الماء خارت قواه، وبينما كان يتهاوى باتجاه الاسفل شيئا فشيئا طلب من الله أن ينقذه، فغامر رجل يجيد السباحة بحياته ونزل الى الماء محاولا انقاذ الرجل، إلا انه رفض عونه وقال لقد طلبت من الله أن ينقذني وهو سينقذني، بعد قليل جاء زورق وقدم له المساعدة فرفض أيضا، وقال لهم: لقد طلبت من الله أن ينقذني وسيفعل، مر وقت قصير قبل أن تحوم فوق المكان طائرة هيلكوبتر وأرسل طاقمها له حبلا كي ينقذه، لكنه رفض قائلا لهم: لقد طلبت من الله أن ينقذني وسيفعل وأنا متأكد من ذلك تماما. غرق الرجل ومات، وفي يوم القيامة عاتب ربه لانه لم يأت لانقاذه، فقال الله له: لقد أرسلت لك رجلا وزورقا وطائرة ولكنك رفضت، فماذا تريد أكثر من ذلك؟ هل تريد مني أن أنزل أنا شخصيا لانقاذك؟

هذه نكتة، لكنها تنطبق اليوم على نسبة لا بأس بها من أطياف المعارضة السورية التي ترفض ما يطالب به الشعب السوري كله من حماية عبر تدخل دولي يبدأ بفرض منطقة حظر جوي ومنطقة برية عازلة ولا ينتهي بنزول قوات برية اجنبية على الارض اذا احتاجت حماية المدنيين لذلك، وما زلنا نسمع من الكثيرين منهم كلاما يشبه كلام رموز عصابة دمشق الكبيرة والعصابات الصغيرة الملحقة بها مثل حزب الله بخصوص المقاومة والممانعة والعداء لأمريكا والناتو وكل ماهو غربي اضافة الى حديثهم عن مؤامرات الغرب على منطقتنا.

لولا امريكا ومعها حلف الناتو ما زال ديكتاتور العراق البائد حتى اليوم يقتل بأبناء العراق، ويستبيح حرماتهم، ولولا الناتو لمسح القذافي مدينة بنغازي عن الوجود وقضى تاليا على الثورة الليبية في مهدها، وقبل ذلك كنا ما زلنا نرى الدماء تسيل في البوسنة والهرسك وبقية مناطق يوغسلافيا السابقة حتى اللحظة، حيث ان تدخل الناتو وحده هو من اوقفها في حين يقف كل العرب والمسلمين في حالة عجز أو تواطؤ او مشاركة في كل الملفات التي لايمكن حلها إلا عبر التدخل الخارجي خصوصا في مواجهة أنظمة اجرامية بلا حدود كالنظام العراقي السابق والليبي المنتهي والسوري الذي اقترب من نهايته.

النظام السوري يرتاح كثيرا لكل الأصوات المحسوبة على المعارضة وترفض التدخل الخارجي، وفي مقدمة هؤلاء اعضاء ما يسمى بهيئة التنسيق الوطني الذين نحترم تاريخهم النضالي، ولكننا حقيقة لا نفهم موقفهم أبدا ونحن نراهم قد حرقوا أنفسهم على الصعيد الشعبي بعد أن هتف كل الشعب في كل المظاهرات بسقوطهم وصولا الى تخوينهم، وكان على هؤلاء ان يصمتوا على الأقل، ففي صمتهم احترام لذاتهم ولثورة ابناء شعبهم، وهم للأسف مخطئون لأنهم بنوا كل مواقفهم واستنتاجاتهم على قواعد ثورية بائدة تقول بالطليعة الثورية، وتؤله النخبة المنظرة والمثقفة في ثورات شعبية لم تحركها لا نخب ولا طليعة بل هي التي تقود النخب وترفع من رصيدها ان ارادت كما فعلت مع المجلس الوطني وأعضاءه، وتسقط نخبا أخرى كما حصل ويحصل هذه الأيام مع هيئة التنسيق وأعضاءها.

من المتوقع أن ترفع اليوم الجامعة العربية الغطاء الكامل عن النظام، وستطلب من الهيئات والمنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة حماية المدنيين في سوريا، بعد أن عجزت عن التعامل معه، وهو ما يعني قرارا باعدام هذا النظام، وهو قرار لن يجد طريقه الى حيز التنفيذ إلا بعد تحويل أوراقه الى المفتي "الناتو" رضي الله عنه وأرضاه، الذي ينتظر الضوء الأخضر الكامل من العرب لبدء الاستعداد لعمل عسكري على غرار ما حصل في ليبيا، وهذا ما يطلبه الشعب في كل المدن والبلدات خلاصا من نظام ليس لاجرامه حدود، عندئذ لن يرحم لا الشعب ولا التاريخ أصحاب المواقف التي ترددت في الوقوف الى جانب الشعب وكانوا ورقة استخدمها النظام أسوأ استخدام لعرقلة وتأخير أي عملية تدخل لحماية المدنيين ومن ثم القضاء عليه.

الدماء السورية التي تسيل يوميا على مذبح الحرية هي التي أجبرت الجامعة العربية على الوقوف الى جانبه، وهي التي طورت الموقف الروسي والصيني وستطوره اكثر، وهي التي تحشد العالم كله الان ضد عصابة دمشق، وهي التي منحت الشرعية للمجلس الوطني السوري قبل أن يمنحه الاتحاد الاوروبي وامريكا والجامعة العربية أي شرعية، وبفضل استمرار تلك الثورة وشهداؤها فانها لم تترك لتركيا والاتحاد الاوروبي وامريكا وبعض الدول العربية إلا حسم خياراتهم باتجاه تشكيل تحالف دولي يحمي شعب سوريا ويساعده على الخلاص من هذه العصابة، وان كان هذا مطلب الشعب فهل يتدارك البعض انفسهم ويقفوا الى جانب الشعب، أم انهم سيرفضون اليد التي تمتد لهم بانتظار أن يأتيهم منقذ من السماء؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
موجيكي المنذر ( 2011 / 11 / 24 - 11:38 )
ومن قال لحضرتك وأقنعك أن الشعب السوري قاصر وغير قادر على معالجة أمراضه بنفسه حتى تنصحه بالركوع والسجود والاستجداء لهذا وذاك ؟!

ما هذه المحبة العظيمة والفائقة التي انفجرت فجأة، وهكذا، من القاصي والداني، القريب والبعيد، العرب والغرب تجاه سورية والشعب السوري؟

غيرتكم سيدي الكاتب عالراس والعين، ولكن دعونا وشأننا فنكوننّ لكم من الشاكرين

آمين

اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا