الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف فشل بن غوريون في حملته ضد حزبنا الشيوعي؟

تمار غوجانسكي

2011 / 11 / 25
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



// في الرابع عشر من شهر كانون الثاني 1953، بعث دافيد بن غوريون، الذي كان رئيس الحكومة ووزير "الأمن"، برسالة إلى أعضاء حكومته، يقترح فيها تحضير قانون، يعرّف فيه الحزب الشيوعي الإسرائيلي كـ "تنظيم معادٍ". هدف بن غوريون، كان الاستعانة بالقانون، من اجل إغلاق صحف الحزب الشيوعي ونواديه، لمنع قيادته وسجن أعضائه في معسكرات اعتقال. أمر وجود هذه الرسالة كشف عنه شلومو نكديمون في ملحق "هآرتس" 11/11.
بعد يومين من إرسال هذه الرسالة في 16 كانون الثاني، اقترح بن غوريون على المؤتمر السياسي للحزب الحاكم مباي (الاسم الأسبق لحزب العمل)، بخصوص اتخاذ قرار بإخراج الحزب الشيوعي عن القانون. وهكذا تحدث بن غوريون أمام قيادة حزبه: "يقولون لي، ان معنى هذا الأمر إقامة معسكرات توقيف. وإذا كانت حاجة لإقامة معسكرات توقيف – سنفعل. وإذا كانت حاجة لإطلاق الرصاص سنطلقه". المؤتمر السياسي لمباي قبل الفكرة لمنع الحزب الشيوعي الإسرائيلي من إدارة نشاطات جماهيرية، لكنه رفض اقتراح بن غوريون بخصوص إخراج الحزب خارج القانون .

*الحجة والأسباب

الحجة التي قدمها بن غوريون لاقتراحه الفاشي كانت – تضامن الحزب الشيوعي الإسرائيلي مع الاتحاد السوفييتي، والذي تقرر فيه تقديم تسعة أطباء، ومنهم ستة يهود بتهمة التآمر لقتل شخصيات كبيرة وقواد جيش. لكن الأسباب الحقيقية كانت مختلفة.
بعد قيام الدولة، تخلى بن غوريون عن العلاقات المؤقتة التي كانت له ولحكومته مع الاتحاد السوفييتي وارتبط بشكل واضح ومعلن بالولايات المتحدة وبقية دول الغرب. الحزب الشيوعي، بظهور ممثليه في الكنيست وفي صحفه ("قول هعام" الصحيفة اليومية باللغة العبرية، و"الاتحاد" الأسبوعية باللغة العربية) هاجموا بشدة السياسة الموالية للامبريالية لبن غوريون، وخاصة – دعمه في الحرب العدوانية التي أدارتها الولايات المتحدة في كوريا، ووقوفه في فترة الحرب الباردة، أمام وضد الاتحاد السوفييتي. في تلك السنوات، كان الحزب الشيوعي الاسرائيلي ناشطًا جدًا في حركة السلام وبجمعه تواقيع على عرائض عالمية ضد السلاح الذري ومن اجل السلام العالمي.
وبالإضافة إلى قضية توجهه على المستوى العالمي، الحزب الشيوعي الإسرائيلي اغضب بن غوريون، كذلك في نشاطه الواسع في أوساط سكان المعابر والبلدات، والذي اشتمل على تنظيم مظاهرات وإضرابات عن الطعام احتجاجًا على سياسة الحكومة. تأثير الحزب الشيوعي الواسع في أوساط الجماهير العربية وفي نضالها العنيد ضد الحكم العسكري وضد اقتلاع العرب من أرضهم كانت بدون شك شوكة في أعين بن غوريون ومؤسسة مباي.
في المجال السياسي-الحزبي، فقد حدث في مبام هزات داخلية جدية. في نطاق مبام تبلورت كتلة يسارية مؤيدة للاتحاد السوفييتي برئاسة موشيه سنيه وآخرين، حيث في خلال تلك السنة انشقت عن المبام وأقامت الحزب اليساري الاشتراكي. بن غوريون فسر هذا التوجه، الذي حدث في احد الأحزاب الصهيونية الكبيرة في تلك الأيام، كتقوية للحزب الشيوعي ولسياسته.

*الملاحقات بدأت قبل ذلك

مبادرة بن غوريون لينفذ في إسرائيل النموذج الأمريكي لـ "صيد الساحرات" المعادي للشيوعية، الذي حدث في الولايات المتحدة، لم يبدأ في كانون الثاني/يناير 1953. الرقابة العسكرية، التي كانت خاضعة لبن غوريون كوزير للأمن، لاحقت الصحف الشيوعية وشطبت منها أخبارا ومقالات. وزير الداخلية اصدر مرة تلو الأخرى أوامر بخصوص إغلاق صحيفة شيوعية لفترة محددة. الحكم العسكري منع اعطاء تصاريح تحرك لبعض الناشطين الشيوعيين العرب.
في نطاق جهوده لملاحقة الشيوعيين والحد من نشاطهم بادر بن غوريون، في نهاية 1949 إلى تقديم دعوى جنائية ضد المحرر وناشر جريدة "قول هعام" مركوس (مردخاي) بيلتسكي واليعزر فيدل، وضد مطبعة عمال التي طُبعت فيها الجريدة. الثلاثة اتهموا بنشر افتتاحية في "قول هعام" (14/10/49) "من خلال الغاية لوضع وصمة عار على رئيس الحكومة". في 29 حزيران 1951 قبيل الانتخابات للكنيست الثانية، أدانت المحكمة المتهمين وفرضت عليهم غرامة بـ 150 ليرة.
لكن برنامج بن غوريون لإضعاف قوة الحزب الشيوعي بواسطة هذا الحكم التشهيري والملفق، فشل. في الانتخابات للكنيست الثانية (تموز 1951) ازداد تمثيل الحزب الشيوعي الإسرائيلي وكتلته وصلت إلى خمسة أعضاء كنيست.

*رد فعل الشيوعيين

في كانون الثاني 1953، لم يكن الحزب الشيوعي على علم بوجود رسالة بن غوريون ولحكومته وللنقاشات في المكتب السياسي لمباي. هذه الحملة المعادية للشيوعية، التي بادر إليها بن غوريون كشفت في جلسة اللجنة التنفيذية (15/1/1953) والتي حدد فيها رئيس الجلسة مردخاي نمير من قيادة مباي، "ان الحزب الشيوعي الإسرائيلي يخون دولتنا ويخدم مصالح غريبة، التي تهدد وجودنا ووجود شعبنا". واقترح نمير بعد ذلك، "ان يفرض على اللجنة المركزة البحث فورا بأمر إخراج الحزب الشيوعي من الهستدروت العامة وإذا كانت حاجة لذلك، دعوة هيئة اللجنة التنفيذية أو جلسة خاصة لمجلس الهستدروت".
على أقوال التحريض هذه رد الياهو دروكمان ممثل الحزب الشيوعي في اللجنة التنفيذية "لا يوجد لأي عضو في اللجنة التنفيذية إمكانية للإعلان من هو مخلص ومن هو غير مخلص. وهؤلاء الذين قدموا هذا الاقتراح ومؤيدوه هم هم الذين يبيعون الدولة... هذا الاقتراح جاء فقط من خلال الرغبة لإخافة أو ترهيب كل المعارضين لموقف مباي".
وفي التصويت الذي جرى في اللجنة، أيد سبعة وعشرون اقتراح نمير، وصوت شخص واحد ضده، وثمانية آخرون لم يشاركوا في التصويت.
وأمام التهديد المتكرر على موقفه في الهستدروت (بعد انه في 1949 اشترك في الانتخابات للجنة الهستدروت للمرة الأولى بعد 25 سنة مقاطعة)، نظم الحزب الشيوعي الإسرائيلي حملة تواقيع لعمال في الصناعة والزراعة على العريضة ضد المؤامرة لإخراجه من الهستدروت. في نيسان أعلن ان 31 الفا وقعوا آنذاك على عريضة ("قول هعام" 20/4/53). مجلس العمال العرب أرسل إلى اللجنة التنفيذية للهستدروت احتجاجًا حول الموضوع. بسبب الحملة الجماهيرية ودوافع سياسية مختلفة، الحزب الشيوعي لم يُخرج عن القانون، ليس حينذاك وليس بعد ذلك، لكن الملاحقات السياسية ضده استمرت كذلك في السنوات التالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية