الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لابد للمكبوت من فيضان.

عبدالوهاب خضر

2011 / 11 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ان شاب فى العقد الرابع من عمرة ، مكبوت ، ويعيش الأن حالة فيضان فى ميدان التحرير -فهو غير متزوج ،ولا يمتلك مسكن ادمى، او وظيفة لائقة- لن تستطيع السيطرة عليه الا بحلول جذرية وواضحة ،وتحقق مطالبة كاملة دون مماطلة ، ولا يكون من بينها إختيار رئيس حكومة تخطى الثمانيين من عمرة.
فلعل الرأى العام فى مصر والعالم يتسأل: ماذا يحدث الان فى ميدان التحرير؟، ومن هؤلاء الثوار؟،ولماذا يثورون بهذا الحماس دون خوف او تردد؟، ولماذا يتمسكون بتحقيق كافة مطالبهم فى وقت واحد دون التنازل عن مطلب واحد على خلاف مفاوضات القوى السياسية الاخرى مع القيادة السياسية والتى تبحث عن كراسى اومغانم سياسية ؟،وما هى الأسباب التى دفعتهم الى الإستقتال والتضحية بأرواحهم من أجل أهدافهم؟
وبالتأكيد فإن هذه التساؤلات وغيرها تدور فى أذهان الجميع خاصة فى ظل موجة الثورة الثانية التى يشهدها ميدان التحرير الأن ،وتبدو الإجابة صعبة ، ولكنها اقرب لنا من حبل الوريد،فمنذ عام 1990 وانا اتسأل : لماذا لا تقوم الثورة فى مصر خاصة واننى تربيت على مبادئ أن الرأسمالية تحفر قبورها بيديها عندما تزداد ظلما وقهرا وفسادا ضد الفقراء ، وان هناك علامات للثورة لابد وان تسبق غضبة الفقراء والبسطاء وحتى ابناء الطبقة العليا.
ويخطئ البعض عندما يعتقدون ان ثورة المصريين فى 25 يناير 2011 والمستمرة حتى الأن قد بدأت فى هذا التاريخ بالضبط ، ولكنها بدأت منذ سنوات طويلة بموجات من الإحتجاحات خاصة العمالية ضد الخصخصة وضعف الأجور والفصل التعسفى والدعم الذى لا يصل الى مستحقية وسيطرة حفنة من رجال الاعمال على الثروة والسلطة فى ظل قوانين سيئة السمعة أقرها برلمان مزور فكان هناك ما يقرب من 5000 احتجاج عمالي في السنوات الخمس الماضية حسب معلومات مراكز حقوقية متخصصة في قضايا العمال ، تلك الاحتجاجات كفيلة لكي تكشف لنا حالة التوتر وعدم الاستقرار الناتجة عن سياسات الحزب الوطني المنحل خلال الفترة الماضية.
والثورة المصرية التى بدأت منذ سنوات ليست على المستوى العمالى فقط بل فى الحياة العامة للمصريين الفقراء الغاضبيين المؤهليين لإنتفاضة كبيرة فطبقا لمعلومات مجلس الوزراء فإن المرحلة الأولي من مبادرة الألف قرية الأكثر فقراً التى تبناها الحزب المنحل والتي تضم 152 قرية مقسمة في 6 محافظات و24 وحدة محلية علي مدار ثلاثة أعوام أظهرت أن 66% من سكان تلك القري تحت خط الفقر مقابل 16% أسر غير فقيرة.
ان هؤلاء المكبوتين والثائرين فى ميدان التحرير ضاعت اعمارهم واصابهم العجز والشيخوخة المبكرة من كثرة العوز وعدم القدرة على الانفاق على اسرهم فى ظل اجور هزيلة فى الوقت الذى كانت تسيطر فيه قلة على المرتبات التى تصل الى الملايين شهريا فالحدّ الأدني للأجور في مصر هو أدني بكثير من خطّ الفقر المدقع، والمقرّر دولياً بدولارين في اليوم للفرد، فوفقاً لدليل السياسة الاجتماعية الذي صدر عن الأمم المتحدة في شهر يناير 2009 نجد أن الحد الأدني للأجور في الحكومة والقطاع الخاص والبالغ 142 جنيهاً ، أقل من خط الفقر الأدني في مصر، والذي يبلغ 150 جنيهاً في الشهر،ووفقاً للدليل احتلت مصر الترتيب الخامس علي مستوي منطقة الشرق الأوسط ، فيما جاء ترتيبها العالمي في المركز 62 ضمن 112 دولة شملها البحث.
ان هؤلاء المكبوتيين من الشباب فى ميدان التحرير من الشعب المصرى الذين ليس لهم مصالح او اهداف سياسية ضاعت اعمارهم ايضا وهم يبحثون عن وظيفة محترمة وادمية ولكنهم فشلوا ،فقد أكدت دراسة للباحث الاقتصادي الهامي الميرغني عضو الجمعية المصرية للاحصاء والتشريع علي أن 80% من دخول المصريين تنفق علي الطعام والشراب ، في ظل تدني الأجور وعدم استقرار فرص العمل وانتشار البطالة.. وقال بيان لمنظمة العمل الدولية إن 90% من العاطلين من الشباب تحت الـ30 عاما ، وذكر أن الشباب الذي يجد الوظيفة غالبا ما يجدها في القطاع غير الرسمي حيث يعمل في ظروف عمل قاسية،و أن نظام التعليم في مصر فاشل ، ولا يتناسب مع سوق العمل.. بيان صحفي لوزارة التنمية الاقتصادية ذكرأن 100 الف عامل فقدوا وظائفهم من أكتوبر 2008 وحتي مارس 2009 ، وان معدل البطالة قفز الي 9،37% خلال الربع الثالث من عام "2009".. مركز معلومات وزارة القوي العاملة والهجرة قال في استطلاع رأي أجري علي 1552 شابا من 7 محافظات هي القاهرة والاسكندرية والشرقية والمنوفية والغربية والفيوم والاقصر، وكانت نتيجة الاستطلاع أن 90% من الشباب حتي الذي يعمل يرغب في الهجرة الي الخارج نظرا لصعوبة ظروف العمل وضعف الأجور.
ان الفقر والجوع والمرض هى التى تتظاهر الان فى ميدان التحرير ، فهؤلاء صبية نجحت الحكومات السابقة فى " كبتهم" سياسيا واجتماعيا وثقافيا ، و"إفقارهم" بكافة السبل وهنا نتذكر تقرير التنمية البشرية الذى وضع مصر في المرتبة 123 من بين 182 من أكثر دول العالم فقراً بينما وضعها تقرير الفقر في المرتبة 82 خلال عام 2009،وأظهرت التقارير أن السكان الذين يعيشون أدني من خط الفقر ويتراوح دخلهم ما بين دولار وربع دولار في اليوم.
وكما قلت فى البداية فإن شاب مكبوت وفى العقد الرابع من عمرة ، ويعيش الان حالة فيضان فى ميدان التحرير، فهو غير متزوج ،ولا يمتلك مسكن ادمى، او وظيفة لائقة لن تستطيع السيطرة عليه الان الا بحلول جذرية وواضحة ،وتحقق مطالبة كاملة دون مماطلة ، ولا يكون من بينها إختيار رئيس حكومة تخطى الثمانيين من عمرة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | المبعوث الأممي إلى سوريا: ليس لدي أي معلومات عن بشار


.. سقوط نظام الأسد.. ما الضمانات التي قدمتها تركيا لروسيا وإيرا




.. ساحة الأمويين تحتضن الاحتفالات في وسط العاصمة دمشق


.. هل ستكون فترة بقاء رئيس الوزراء مكلفا بإدارة المؤسسات العامة




.. كاميرا الجزيرة تدخل منزل بشار الأسد في دمشق