الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنور عبد الحميد السامرائي المحامي.. في مقهى الزهاوي

وديع العبيدي

2011 / 11 / 26
سيرة ذاتية


الاستاذ أنور عبد الحميد المحامي هو أحد أقدم رواد مقهى الزهاوي ويكاد يكون الوحيد الذي تكفّل بمتابعة القضايا الادارية والقانونية المتعلقة بالمقهى التي كانت تتعرض لمحاولات من أمانة العاصمة للاستحواذ عليها. وكان الاستاذ أنور المحامي متخصصا في قضايا البداءة حسب التخصصات القضائية المتعارفة في قانون المرافعات العراقية، وقد بذل جهودا مضنية وطويلة لاقتلاع قرار بوقف تدخلات أمانة العاصمة في شؤون مقهى الزهاوي. وهو عمل تطوعي تكفّل به شخصيا، وقد لامه البعض في ذلك لا لشيء، وانما بسبب الموقف من الشخص المستثمر في المقهى، حيث كان شحيحا لا يهتمّ بصيانة المقهى واصلاحها، وكان له عامل واحد شاب مصري اسمه محمود، أعقبه شاب عراقي كان يحمل درجة البكالوريوس في اللغة والأدب العربي. وكان رواد المقهى دائمي المطالبة للقيام بالتصليح والصيانة، قبل أن تنهار زاوية (الأوجاغ) تماما، والتي سبق أن تعرضت لتدهور جزئي. ويبدو أن الأجر لم يكن جيدا، فيما كان هو يجلس على الدوام على (قنفة) عند مدخل المقهى، يرتدي دشداشة عادية وبيده (مسبحة) وشعره أشيب غير معتنى به، يعلو شفته العليا شنب أبيض. ولا أدري إن كان عسكريا متقاعدا في صنف المشاة كما يوحي عدم اهتمامه باللياقة.
كان للأستاذ أنور عبد الحميد اهتمامات أخرى بالتراث البغدادي والفن العراقي. وكان بعض الصحفيين القدامى العاملين في مجال التراث والتوثيق دائمي التردد على رواد المقهى من أجل معلومة أو تصحيحها أو تأكيدها. وأعتبر هذا التعاون بين الرواد والصحفيين بمثابة أرشيف ثقافي للتراث الشفاهي والفني، ولم يخرج عموما عن هذا المجال. وأتساءل لماذا لم يهتم الأدباء والصحفيون والباحثون الشباب من طلبة الجامعة بالعودة للرواد من أدباء ومؤلفين ومؤرخين لاستنطاق ذاكرة التأريخ الحية، في حين يتم اعتماد مصادر توثيقية رسمية أو أجنبية، لا تخلو من الغرضية والأدلجة. ولكن أولئك الرواد لم يكونوا مجرد ذاكرة ماضوية، وانما استمروا شهودا على الحاضر المنقطع في الذاكرة الشابة.
لم أعرف باهتمامات الأستاذ أنور عبد الحميد الفنية جيدا إلا عندما ذاع خبر قصيدته في امتداح صوت الفنان الصاعد في الثمانينيات كاظم الساهر، وقد بدا متحمسا له، وكان الاستاذ عادل الهاشمي الناقد الموسيقي في جريدة الجمهورية كتب مرارا.
يشترك الأستاذ أنور عبد الحميد السامرائي مع الأستاذ محمد حسين فرج الله في كونهما من خريجي مدرسة الحقوق العثمانية. وهو كذلك من رموز العزوبية، على غرار الفارابي والجاحظ والمتنبي والرصافي ومكي عزيز. كان يحضر للمقهى بعد الثانية عشرة غالبا لمدة لا تتجاوز نصف الساعة، في استراحة بين الدعاوي أو في انتظار أحد ما. كان نشيطا قوي البنية، أكثر ميلا للبدانة، ذو وجه دائري حليق الوجه والشارب، تحتل مقدمة رأسه صلعة واسعة. يصل ارتفاع هامته حدود (1.75م)، ويرتدي قميصا ذا خطوط طولية متهدلا على البنطال، وبيده حقيبة المحاماة الجلدية السوداء. يتخذ مجلسه المؤقت إلى جانب مدير المقهى ويتحادثان سوية ويرتفع صوته بالانفعال أحيانا. فهو جهوري الصوت، كثير الثقة بنفسه، ويعتدّ كعادة كبار السنّ بعلاقاته مع الشخصيات الاجتماعية وكبار المسؤولين. وحين يذكر بعضهم يستطرد في التعريف بأصولهم العائلية، سيما ذات الأصول الوظيفية والمراكز الرسمية حتى لو امتدت للعهد العثماني.
حين يكون المقهى قليل السكان يتخذ مجلسه في زاويتنا المعهودة، يتبادل جملا محدودة مع شخص ما حول موضوع محدد. ولكنه قد يتخذ أي مكان آخر أيضا. وهو قليل الكلام عادة، رغم أنه يعرف الجميع. وربما كان هو أقدم الرواد، حيث تعود صلته بالمكان حتى الخمسينيات، وهو بغدادي قديم، ولذلك يعود إليه المعنيون في شؤون التراث. وقد عرفت أحد الأخوة –لا أذكر أسمه- صنف مجلدا عن (محلة الفضل) البغدادية، يقع في سبعة آلاف صفحة، مدعم بالصور والوثائق، كان موضوع مراجعة وتعاون معه. وفي شخصيته ولغته تنعكس بوضوح ملامح الشخصية البغدادية المدينية الأصيلة.
لندن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?غرب وا?طرف الخناقات بين ا?شهر الكوبلز على السوشيال ميديا


.. عاجل | غارات إسرائيلية جديدة بالقرب من مطار رفيق الحريري الد




.. نقل جريحتين من موقع الهجوم على المحطة المركزية في بئر السبع


.. سياق | الانقسام السياسي الإسرائيلي بعد حرب 7 أكتوبر




.. تونس.. بدء التصويت لاختيار رئيس الدولة