الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموجة الثانية للثورة

اسلام احمد

2011 / 11 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ما يحدث في بر مصر الآن هل هو ثورة ثانية أم أنه الموجة الثانية لثورة ٢٥ يناير؟! , بعض المحللين يرى أنها ثورة أخرى ضد النظام الحالي متمثلا في المجلس العسكري , إلا أنني أرى كما يرى آخرون أنها الموجة الثانية للثورة وأن الثورة تستعيد نفسها , والسؤال من المسئول عن كل ما جرى؟!

سبق أن حملت المجلس العسكري , في مقالي الأخير بعنوان (الموقف من وثيقة السلمي) مسئولية الأزمة الراهنة إذ أنه ارتكب جملة من الأخطاء الكارثية يمكن إجمالها فيما يلي :

١_ لم يدرك المجلس العسكري أننا إزاء ثورة تعني تغييرا جذريا للنظام القديم وإنما حاول إمساك العصا من المنتصف بإجراء إصلاحات شكلية على بنية النظام القديم دون إسقاطه كلية ناهيك عن تعامله المدلل مع مبارك ورموز نظامه إذ لم يتم محاكمتهم بجدية إلا بعد ضغط شعبي قوي وتحديدا عقب جمعة الغضب الثانية ٨ يوليو!

٢_قام المجلس العسكري بإدارة المرحلة الانتقالية بشكل منفرد تماما , دون الرجوع إلى أهل الرأي , ومن ثم ارتكب أخطاء كبيرة بدأت بتشكيله لجنة برئاسة المستشار طارق البشري لتعديل دستور ١٩٧١ الذي سقطت شرعيته ثم عمل استفتاء شعبي عليه ثم قيامه بإصدار إعلان دستوري , وذلك بدلا من الشروع فورا في كتابة دستور جديد للبلاد , الأمر الذي أدى إلى شق الصف الوطني وانقسام القوى السياسية إلى معسكرين , وهو ما ألقى بظلاله على حال الثورة المصرية مشكلا أكبر الخطر عليها

٣_أغفل الإعلان الدستوري جدول زمني واضح لنقل السلطة من المجلس العسكري إلى حكومة مدنية ومن ثم ترك الأمور مفتوحة لهوى المجلس العسكري!

٤_على مدار تسعة أشهر لم يقم المجلس العسكري وحكومته بتحقيق أي من أهداف الثورة فلا البلاد شهدت الحرية التي ثار الشعب المصري من أجلها ولا هي شهدت العدالة الاجتماعية بل بالعكس فقد قام المجلس العسكري بمحاكمة النشطاء المدنيين أمام محاكم عسكرية على غرار نظام مبارك في الوقت الذي يحاكم فيه الأخير ورجاله أمام محاكم مدنية! , ومن جهة أخرى لم تقم الحكومة بعمل حد أقصى وآخر أدنى للأجور , وهو أحد المطالب الأساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية التى قامت ثورة يناير من أجلها , وذلك في الوقت الذي يتقاضى فيه وزراء الحكومة الانتقالية ملايين الجنيهات! , باختصار لم يحدث أي تغيير منذ قيام الثورة سوى إسقاط رأس النظام!

ولأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أدرك خطورة المسار الذي سلكه في الإعلان الدستوري خشية أن تنفرد الأغلبية البرلمانية , التي من المتوقع أن تكون إسلامية , بوضع الدستور على هواها فمن هنا نشأت فكرة المبادئ الأساسية للدستور لضمان مدنية الدولة , غير أن وثيقة الدكتور على السلمي نائب رئيس الوزراء قد احتوت على لغم لم يكن في الحسبان يتمثل في خلق وضع خاص بالمجلس العسكري في الدولة المصرية الجديدة يجعله فوق الدولة والقانون وغير خاضع للمساءلة أو الرقابة من أي جهة! , الأمر الذي أدى إلى الأزمة الأخيرة في أعقاب جمعة ١٨ نوفمبر

نشأت الأزمة بقيام بعض قوات الأمن المركزي بفض اعتصام ميدان التحرير عقب جمعة ١٨ نوفمبر بعنف غير مبرر أدى إلى وقوع إصابات خطيرة في صفوف المعتصمين مما أثار غضب شباب الثورة ضد الأمن المركزي وبالتالي اشتعلت الأحداث , والغريب أن سبب الأزمة شبيه إلى حد كبير بالسبب الذي أشعل ثورة ٢٥ يناير التى ثارت ضد استبداد النظام وجهاز الشرطة بوجه أخص , وهو ما كان سببا في اختيار يوم ٢٥ يناير تحديدا بالتزامن مع عيد الشرطة , ما يعني أن النظام الحالي يكرر الأخطاء بحماقة ومن ثم فهو لم يتعلم من درس الخامس والعشرين من يناير!

المدهش أن تعامل المجلس العسكري مع الأزمة يكاد يكون متطابقا مع تعامل مبارك مع ثورة يناير إذ بدأ بالتجاهل التام لما يحدث ثم إبداء بعض بوادر الأسف ثم يأتي الاعتذار وإقالة الحكومة بعد فوات الأوان! , ولا اعرف لماذا تذكرت مبارك حين شاهدت خطاب المشير طنطاوي وهو ينفى أنه يسعى إلى السلطة؟! , ورغم أن الخطاب جاء جيدا واستجاب لأهم مطلب وهو وضع جدول زمني لنقل السلطة الى حكومة مدنية إلا أنه تضمن نقطة أثارت قلقي بشدة وهي إجراء استفتاء شعبي على وجود المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الحكم إذ كيف يستقيم نفي المجلس العسكري نية البقاء في السلطة مع إجراء استفتاء شعبي على وجوده فيها؟!

وللخروج من المأزق الراهن يتعين في تقديري القيام بما يلي :

١_ تشكيل حكومة إنقاذ وطني من شخصيات وطنية مستقلة تحظى بتوافق , ليس بالضرورة إجماع , تتولى إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية , على أن يتم نقل كامل صلاحيات المجلس العسكري إليها ويختص الأخير فقط بإدارة ملف الأمن والدفاع عن حدود البلاد

٢_ تصحيح مسار المرحلة الانتقالية وذلك بتشكيل لجنة منتخبة تقوم فورا بوضع الدستور الجديد للبلاد على أن يتم تأجيل الانتخابات البرلمانية , علما بأن إجراءها في ظل الظروف الأمنية الحالية شبه مستحيل وينطوي على مخاطرة كبيرة قد تدفع بالبلاد إلى حافة الهاوية

٣_تشكيل لجنة تقصى حقائق مستقلة تبحث في أسباب الأزمة وتقدم كل من يثبت تورطه في قتل وإصابة المتظاهرين , إن بإصدار الأوامر أو بتنفيذها , إلى محاكمة ناجزة

وأخيرا على شباب الثورة عدم تكرار الخطأ الأكبر بترك ميدان التحرير إلا بعد التأكد من تسليم السلطة إلى حكومة ثورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو