الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرجل المثمر- المهدي المنجرة

أيوب المزين

2004 / 12 / 22
الادب والفن


كانت السماء صافية كما لو أن السلام عم وانقضى زمن الهم.
ناجتني السماء والله ثالثنا: لم يعم السلام ولم يحقن دم الكرام.
ناجيتها والله ثالثنا: إذن, لماذا اختفت السحب المدلهمة(1) عن وجهك؟ . إني أرى الشمس والقمر جنباً إلى جنب, وقت الظهيرة والنجوم شاهد على ما أقول. بالله عليك أجيبيني بصراحة.
أجابتني والله محاسبها إن كانت من الكاذبين: أنت والرجل المثمر; أفرجتما كربتي وجعلتماني أعيش يوماً من الهدوء والسكينة.
أردت استفسارها عن ذاك الرجل الذي أسمته مثمراً لكن خط الهاتف انقطع. فبقي فكري مشتتا, نصف يبحث عن هوية صاحبنا ونصف آخر يسبح في بحر الطبيعة ويشاهد المناظر الخلابة عبر نافذة القطار. ال..قط..ار, آه كم كنت غبياً. عرفت الرجل الذي قصدته السماء عندما حدثتها.
التقيته عندما وصل إلى أوج عطائه الفكري, بل يمكنني نعته بكامل الفكر لإلمامه بأمور الفن والأدب, السياسة والطبيعة, الاقتصاد والفلسفة. مع ذلك كان منشرح الصدر, متواضعاً في تعاملاته مع الآخرين, لم يكن من الذين يشمخون بأنفهم عن باقي المخلوقات.
ألقت السنون بشيء من بياضها على شعره الوفر, توغلت هموم الدهر في مكامن الضعف من جسده, لكنه مازال واقفاً كالجواد يقاوم الانتقاد بكل عناد, لا أقصد عنادَ ذوي الرؤوس الجلمودية(1), بل ذاك العناد المنتصب على أسس دينية وقومية.
وقفت أمامه وقفة احترام لم تخل من خوف شديد أخذته كلمات أستاذنا الطيبة وطردته أدراج الرياح. أشار بيده لكرسي على يمينه ثم قال: " تفضل, اجلس يا ابني". خفق قلبي حينها فرحت على الكرسي قافزاً كغزالة على العشب تقفز. كرسي فخم ! مكتب أفخم ! حاسوب متطور! خزانة ضخمة !, كيف لا وأنا داخل مكتب أسد العلاقات الكونية, إنسان مفعم بالأمل ينظر للمستقبل بعيون الماضي والحاضر, آملا أن تغدق السماء بحنانها وتسقي الأرض بالسلام, تقضي على الأرذال وتعز الأبطال؛ لا تستغرب يا "عمر" وحتى أنت يا " متنبي", فإن في عالمنا- اليوم- من العجائب والغرائب ما لم يعرفها جن سليمان: يمرغ وجه البطل في التراب, الجبان الرعديد في أعلى عليين, ليس إلى جنب الشهداء والصالحين بل بمحاذاة الأوغاد والمسؤولين.
بدأ النقاش باسم الله, أسئلتي المعدة مسبقا تدور في فلك وحيد يشغل الجميع " السياسة "
سألته عن بلاد الرافدين فقال: قوية بشبابها, عريقة بحضارتها. إن كانت قد سقطت في يد همجية فلم يسقط منها سوى الاسمنت والحجر لا الثقافة والبشر. سألته عن حال الأمة فقال: مشرذمة, حكام ظالمون, علماء غافلون, أذكياء منافقون وشعوب صامتة لا تتحرك.
سألته عن مستقبل الأسد فأجاب: قريباً ستسقط أنيابه وأضراسه, تهد قوته وتقص شواربه. استفسرته عن نصيحة بإمكانه إسداؤها لشبابنا فتبسم وقال: المعرفة المعرفة المعرفة, كأداة وغاية ووسيلة.
كان أستاذنا كثير الترحال, لا ينتهي من ندوة ببلجيكا حتى يقصد أخرى بالبرازيل... يتبع .....

عن كتابي صرخات حق يحتضر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل