الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار والثورات العربية

حسين طعمة

2011 / 11 / 27
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


اليسار والثورات العربية
.
في خضم المتغيرات السياسية والاجتماعية والحراك الشعبي الدافع للتغيير والمطالب بالحريات العامة التي تترى على الساحة السياسية العربية , والتي جاءت بعد عقود طويلة من الاستبداد والدكتاتورية التي أعتاد عليها المواطن العربي .فقد أصبحت حالة الاستلاب تتماهى مع شخصية هذا المواطن ,داعما وساندا لها بوعي أو بدونه ,مهللا لمن يسد عليه منافذ حريته وتطلعه نحو آفاق أكثر إنسانية وتقدم.حتى أصبح الحديث عن التغيير في المنطقة العربية ضربا من الخيال وحالة مستحيلة التحقيق .وأظهرت كثير من دراسات علم الاجتماع وعلم النفس ,إن المواطن العربي ليس لديه الاستعداد لتغيير مفاهيمه البالية ,نظرا للتراكم الحاصل في منظومته الفكرية ,وبالكم الهائل من قيم التخلف والعبودية والاستغلال والاستكانة إلى هذيان الدعاة الذين كانوا يرسمون له وعيه وتفكيره وعمله طيلة حقب طويلة من التأريخ المعاصر .فكان نتاج هذا الهذيان ,إن صار المواطن العربي يعاني من عقد سيكولوجية غريبة ,ليس بمقدوره التحرر من قيوده هذه .بل وصل به الامرأحيانا أن يتلذذ بالخضوع والخنوع في حضرة جلاديه , ومغالاته حد الإذلال في أبداء الطاعة لهم ,بغرائبية تحقيرية للذات ,وفق نزعة و أنماط غريبة بعيدة عن إنسانية الإنسان .إن ما يهمنا الآن هو موقف اليسار وسط هذه المتوالية والأحداث السريعة والمتغيرات التي تحصل على الساحة العربية ,الاجتماعية والسياسية,ودوره وحضوره في الأوساط الشعبية الدافعة للتغيير .إن اليسارالان متهم بانحسار دوره العملي في خضم هذا الانفجار الكبير والتحرك الجماهيري الواسع الذي تشهده الساحة العربية قياسا إلى حركات متشددة حاولت بوسائلها وخطبها المتعددة ,ووسائل إعلام ساندة لها ,من الهيمنة على المشهد السياسي الراهن وتجيير الانتفاضات والثورات العربية باسمها ,لأن صوته(أي اليسار العربي )جاء هامدا خافتا ,لم يرق إلى مستوى المسؤولية التاريخية بمواجهة الأحداث المتسارعة على الساحة العربية ,وهو صاحب التأريخ المجيد في قيادة الانتفاضات الشعبية ,والنضال الوطني الداعم لمطالب الجماهير الواسعة بمختلف شرائحها ,عمالا وفلاحين وطلبة وشبيبة ومثقفين ,بمنظماتها الجماهيرية المهنية العديدة.أي انه يمثل وبجدارة فائقة ,قوة التغيير الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لصالح المحرومين والفقراء والمعدمين,والداعم والساند لمطالب الشعوب للتحرر من القهر والاستبداد ونيل الحقوق المشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية,بالإضافة إلى ذلك امتلاكه خزين هائل من الوعي والفكر الإنساني المتمثل بالنظرية الماركسية,القادرة على التكيف مع المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية,حين تتوفر الشروط الموضوعية له.
إن من أهم هذه الشروط , ظهور القيادات الواعية للمرحلة الحالية ,القادرة على إيجاد أشكال نضالية جديدة تستوعب كل الحركات اليسارية التي تعاني من التمزق نتيجة الانشقاقات الكثيرة التي حصلت في الأحزاب الشيوعية والماركسية والديمقراطية ,نتيجة التنظيرات والجدل الفكري والسياسي الذي أدى باليسار أن يصبح عاجزا عن أداء مهامه الكبيرة, واختلالا في توازنه ومقدرته على التأثير بالأحداث المتتالية والمتسارعة.بالإضافة إلى هذه الأسباب الداخلية ,هناك ظروفا موضوعية قاهرة أثرت بشكل كبير على مسيرته الفكرية والسياسية وأولها الطامة الكبرى اثر انهيار المعسكر الاشتراكي برمته ,بدراماتيكية غريبة ومتسارعة.وكذلك العنف والاضطهاد الذي واجهه اليسار من الأنظمة الشمولية التي تتوجس من تنامي قوته وتأثيره في الشعوب المقهورة وتنامي وعيها.
إن اليسار اليوم في مفترق طرق عديدة ,تعترضه وتقف بوجهه مهام كبيرة وصعبة ,سوى على مستوى ما يتعلق به داخليا, من توحيد كل فصائله وتوافقاته الفكرية والسياسية ,و إيجاد مشروع مرحلي يوافق الظروف التي تستجد يوميا على الساحة العربية.كذلك إعادة الثقة بالجماهير التي تتوق وتأمل وتنشد العدالة الاجتماعية وتحقيق المجتمعات الخالية من التمييز الديني والطائفي والقومي وتحقق الرفاه للطبقة العاملة وتدعم الفلاحين وخلاصهم من الاستغلال والتعسف .وكذلك الحقوق العامة للمرأة والطفل ,وشرائح المجتمع من مثقفين وفنانين وعامة أبناء الشعب .يجب على قوى اليسار اليوم أن تتوجه إلى الشباب, بالاستفادة من الوسائل الحديثة في علم الاتصالات والفضائيات لنشر إعلامها ومشاريعها السياسية , وآراءها في المستجدات والمتغيرات على جميع الأصعدة.لقد فقدت الجماهير حماسها وتوثبها واندفاعها بعد التدخلات الداخلية والخارجية لحرف نتائج الثورات لصالح الامبريالية ونظامها العولمي وليبراليتها الجديدة, من خلال دول عربية تعمل وفق إرادتها , جاهدة لسرق هذه الثورات ,وحرف مسيرتها .معززة ذلك بالأموال الطائلة ووسائل إعلام هائل وفضائيات تعبئ وتتبنى مشروعا معروفا للجميع.إن الجماهير العربية ,ومن خلال الوعي الاجتماعي والسياسي الجديدين,تتطلع نحو التيارات الوطنية الذي يمثله اليسار بتأريخه وكفاحه الطويل مع الجماهير خير تمثيل.


حسين طعمة -الناصرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل يوجد يسار فى الناصرية ؟؟
صلاح السائر ( 2011 / 11 / 27 - 20:40 )
الاخ العزيزحسين طعمة المحترم
اغلب المجتمعات العربية لديها مؤسسات مجتمع مدني متطور وفعال وذات صبغة تقدمية الاان الانظمة الدكتاتورية اجهضت دورها وفسحت المجال للمجتمع الاهلى من مؤسسات الدينية والقبيلية بان تمارس كافة اجندتة وتطبق وتقيم شعائرها بصورة واسعة وبدون اية مضايقات وبدعم من اجهزة الدولة وكل هذا نطلب من اليسار العربى ان ياخذ دورة فى هذة الثورات اليسار لا ينمو ولا يتطور الا فى اجواء الحرية والمساواة والقانون ونسئل هل يوجد يسار فعال فى الناصرية ؟ اظن انة موجود فهو غير فعال بالمرة وليس لة دورا يحسب لة حساب كون مدينة الناصرية توجهها حاليا دينيا ووجود عناصر ظلامية لا تؤمن بالراى الاخر ان الحركة اليسارية سوف تاخذ دورها عندما تفشل الحركات الاسلامية فى تحقيق مطاليب الجماهير الكادحة بهذا علينا ان نساهم فى تطوير المؤسسات المجتمع المدنى كلا حسب مهنتة وعملة الى ان تصل المرحلة التى يؤهلها بان يصبح صاحب قرار عند ذلك نشيع بان اليسارفى خير وشكرا على المقال مع التقدير


2 - اذن سننتظر الى اجل غير مسمى
حسين طعمة ( 2011 / 11 / 28 - 15:15 )
العزيز صلاح اليسار يعاني من انحسار لدوره طيلة ثلاثين عاما او اكثر وقد فقدت الجماهير ثقتها به ,لذا يجب النهوض بصوته الذي ضل هامداكي يستعيد دوره التأريخي ...هل يتوجب على اليساريين انتضار فشل المشاريع الحالية كي يتهض من جديد .لا ننسى وعلى طول التأرخ الوطني العراقي بأن اليسار مع كل الوطنيين الاحرار هم الذين يتوجب عليهم انتزاع الحرية والعدالة عنوة ..لأن المستبد لا يهب الحرية ابدا وشكرا على مرورك.


3 - المتغيرات
سعيد دلمن ( 2011 / 11 / 28 - 20:58 )
التحديات التي تواجه الحركات اليسارية العربية والدولية بالغة التعقيد ، خاصة بعد حقبة تفكك المنظومة الاشتراكية وتعرض النموذج الحلم - المعسكر الاشتراكي- إلى نكسة في مجمل التجربة من الناحية النظرية والتطبيق ، هذا لا يعني مطلقاً نهاية المطاف أو نهاية الماركسية أو الحلم في بناء هذا النموذج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الإنساني الأقرب إلى العدالة و المساواة ، لذا يتطلب من قوى اليسار ( كقوة مرتبطة بالعلم والحداثة) الاستفادة من المتغيرات الدولية والتطور العلمي والتقني (أو علم الاتصالات ..) وقولبة عملها وفقاً لهذه التطورات العلمية والكونية ..فالماركسية ليت قالب أو نصوص دينية متكلسة و أو جامدة أنها بداية الحداثة والتطور لمجتمع العدالة والإنسانية الحقيقي ..مع التحية


4 - الماركسية هي الحياة في اروع صورها
حسين طعمة ( 2011 / 11 / 29 - 15:12 )
العزيز سعيد معذرة للتاخير في الرد ...اقول ان الماركسية هو منهج حي ونظرية حياة قائمة بذاتها طالما هناك استبداد ومستبدون .لذا على القوى اليسارية العمل الجاد في سبيل ايجاد برنامج عمل يؤطر هذه المفاهيم الانسانيةوانقاذ الملايين من المحرومين وفق اسس علمية حديثة تساير وتجانب التغيرات التي حدثت في عالمنا الجديد .هل تعلم يا سيدي ان التشرذم والتفكك والانشقاق والانانية والعمل الفردي ,قد سبب بأبتعاد اليسار الاف الاميال عن واقعنا النهظوي الراهن .وافقد العديد من الجماهير ثقتهم باليسار .شكرا لك ولمرورك


5 - اليسار و الحراك في بلدان الانتفاض والغرب
علاء الصفار ( 2012 / 6 / 8 - 20:52 )
اجمل التحي السيد حسين
نعم ان الهجوم كان قاسيا على اليسار في عموم العالم وخاصة في الشرق و على الاخص العراق!ع
لقد دمر اليسار عبر الاحزاب القومجية الممثلة للبرجزازية الطفيلية الدائرة في الفلك الامبريالي! فقد عملوا بنصائح السيد الامبريالي بضرب اليسارو ترك الاسلام السياسي و ها هم لقوا الصفعة اما بالموت في الشوارع او الدخول الى الحفر لكن ايتامهم الجبناء يذكرون بالحرس القومي حين القوا اسلحتهم و اختفوا بالجحور و الان بعد مجيء الدبابة الامريكية اخذوا الظهور من جديد اذهناك فسحة جديدة للعمل مع السيد خاصة بعد ظهور الانتفاض العربي, فنرى نشاطهم قد زاد من اجل العمل مع الماكينا الامبريالية فقد عرفوا ان الامبريالية بحاجة اليهم لذا يعمل الان الجميع على مهاجمة اليسار فظروف الشعوب من جوع الى الخبز و الكرامة تدفع بالناس نحو اليسار لذا برز الدور السلفي الوهابي و حمد ال ثاني بالنشاط المحمزم من اجل انجاح الالتفاف و الثورة المضادة قبل ان يستوعب اليسار الظرف الثوري و يستقط الناس, و اكيد ان الشعوب بحاجة الى يسار جديد و طرق عمل عصرية وهي الان في طور الاختمار في سوح النضال وخاصة في ميدان التحرير في القاهرة!ع

اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ