الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليساروية الشعبوية المدنية العربية سبقت قوى اليسار التقليدي المنطوية على طروحاتها التبسيطية للعالم

فارس كمال نظمي
(Faris Kamal Nadhmi)

2011 / 12 / 5
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


1- هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذهِ الثورات؟ و إلى أي مدى؟
لا بد من التذكير أولاً أن التغير الاجتماعي بشقيه السلمي والعنفي كثيراً ما يتبع مساراتٍ غير نمطية وغير متوقعة، وإنه قد يُنجَزُ بآليات وأدوات متنوعة بحسب درجة التطور الاجتماعي الذي يمر به أي مجتمع في مرحلة تأريخية معينة. وهذا يعني أن الحراك الجماهيري التلقائي يمكن في حالات معينة – كما في الثورات العربية الأخيرة- أن يسبق الحراكَ السياسي التنظيمي للجماعات المؤتلفة في أحزاب أو نقابات، لا سيما في ذروة انبثاق التحولات النوعية من التراكمات الكمية للمظالم المهينة لكرامات البشر وكبريائهم الآدمي. وعندها تنتقل بوصلة الفعل التغييري من تلك الجماعات الحزبية أو النقابية الساكنة إلى جماعات أكثر ديناميكية وحداثويةً واتصالاً بالضرورات الموضوعية لتلك التغيرات الاجتماعية الحتمية.
وإذا كانت "الثوراتُ قاطراتُ التأريخ" كما قال "ماركس"، فإن قيادة تلك القاطرات ليس مرهوناً بنسق ايديولوجي ثابت، بل يخضع إلى حقيقة أن ما يصنع الثورات على الدوام هو التناقض بين حاجات الناس وواقعهم، حتى لو جاء هذا التناقض أحياناً دون غطاء ايديولوجي محدد المعالم، كما حدث مؤخراً في الثورات العربية.
فاليسار التنظيمي التقليدي كان دوره محدوداً جداً بالمقايسة مع الروح اليسارية الراديكالية التي اتسمت بها الجموع الثائرة غير المؤطرة في تنظيم سياسي محدد. ويحيلنا ذلك إلى فرضية أن "اليساروية" هي في الأساس اتجاه عقلاني يعتمل في كل شخصية بشرية مظلومة أكثر من كونه هويةً لعقيدة محددة يعتنقها تنظيم أو حزب معين. فاليساروية الشعبوية المدنية العربية سبقت قوى اليسار التقليدي المنطوية على طروحاتها المصطلحية التبسيطية للعالم.
امتازت هذه الثورات بكارزما جمعية مدنية عابرة للطبقة والايديولوجيا والدين، مصدرها التواصل الاجتماعي بنوعيه التقليدي والإلكتروني الذي أتاح فرصة فريدة وهائلة لتنامي الوعي بضرورة استعادة الحقوق المدنية المستلبة من الاوليغارشيات الفاسدة المستمرة باغتصاب السلطة منذ عقود. فالمحرض الأساسي للثورات العربية لم يكن الاستبداد والظلم الاجتماعي بحد ذاتهما، ولكنه الوعي المتنامي بهما وبضرورة التحرك ضدهما لدى فئات شبابية شكلت الأغلبية الديموغرافية لمجتمعات أنتجت وعياً مدنياً يدمج فكرتي العدل والحرية في إطار جدلي أتاحه التطور المذهل لقوى الانتاج التكنولوجي.
وهنا أذكّر أن هذه الشبيبة المشبعة بقيم التنوير المدني، قد أنجزت خلال أسابيع قليلة ثورتين باهرتين في تونس ومصر، دون أن يعني ذلك أنها ستكون قادرة بالضرورة على حقن قيمها الفاضلة هذه في جسدي الدولة والسلطة على نحو سريع ومباشر، إذ تشير التطورات الأخيرة التي أعقبت شهور التغيير الأولى إلى أن ثمة أسلمة سياسية شرعت بالزحف إلى صناديق الانتخاب لقطاف الغرس الذي أنبتته دماء الثوار المدنيون. وهنا يطل المنطق الديالكتيكي برأسه من جديد: إن الفئات المغيرّة لوجه العالم، ليست بالضرورة هي الفئات التي تحكمه على الدوام.

2- هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في إضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية؟
السؤال الذي يجب أن لا يغيب عن الذهن هو: ((هل إن ايديولوجيا الحركات السياسية في أي مجتمع هي التي تنتجُ اتجاهاتِ الوعي السياسي السائد في ذلك المجتمع؟ أم إن اتجاهات الوعي السياسي السائد في أي مجتمع هي التي تنتجُ حركاتٍ سياسية تتبنى ايديولوجيا معينة؟)). وبمعنى مماثل: ((من الذي ينتج الآخر ويديمه: القوى والحركات السياسية، أم الحراك السياسي المجتمعي ؟)).
إن جدلية السؤال تقتضي بالضرورة عدم وجود إجابة واحدة عليه. فالنسبيات التأريخية تؤدي دوراً حاسماً في تحديد نمط العلاقة التأثرية والتأثيرية بين النخب السياسية وسلوك الجماهير. ولذلك يمكن القول أن ضعف حركة القوى الديمقراطية واليسارية العربية يتحدد بعوامل متعددة متفاعلة ومتبادلة التأثير على نحو متزامن، يمكن إيجازها بالآتي:
إن الشارع السياسي العربي نفسه لم يعد قادراً على إنتاج إطار فكري يساري ملهِم وواسع التأثير في عقول الناس، بالمعنى التقليدي لمفهوم "اليسار". فغالبية الجماهير العربية "يسارويون" بطبيعتهم الباحثة عن التغيير والعدل والتبادل المنصف للحقوق والمنافع، غير إن "يسارويتهم" هذه باتت تمتزج بعنصر نفسي أساسي هو حاجتهم الانفعالية لقوى ميتافيزيقية افتراضية تخفف عنهم مشاعر الاغتراب والتهميش والحرمان والعدمية واللاجدوى، وفي الوقت ذاته تؤطرُ نزعتَهم الدنيوية للعدل والحرية.
إن واحداً من أهم أسباب تنامي هذه النزعة الغيبية لترحيل المشكلات الأرضية إلى عالم السماء، هو إحباط الجماهير ويأسها من قدرة اليسار وفاعليته التي أصابها الإخفاق "موضوعياً" نتيجة القمع المنظم الذي مارسته الأنظمة الاستبدادية حيال قوى اليسار السياسي والثقافي طوال أكثر من نصف قرن ما أدى إلى إطلاق الخيار اللاهوتي بديلاً سيكولوجياً عن الخيار الواقعي الذي بشّر به اليساريون؛ و"ذاتياً" نتيجة حشر اليساريين لأنفسهم في إطار دوغماتي مثالي بتأثيرات مناخ الحقبة الايديولوجية السوفييتية، وبتأثير تفكيرهم النمطي الذي يرى في التحليل السياسي الصرف الوسيلة الوحيدة لفهم الظواهر واقتراح الحلول دون أي محاولة حقيقية لإدماج مناهج العلوم الاجتماعية -المتطورة أصلاً عن النظرية الماركسية- في بنية عملهم السياسي، الأمر الذي حرمهم من إمكانية تأسيس إطار ثقافي تنظيمي متجدد يستوعب حاجات الناس وفعلهم الاحتجاجي.
إن هذا التحليل يعيدنا من جديد إلى فرضية أن فهم التطور السياسي لأي جماعة بشرية، يتطلب أولاً وقبل كل شيء البحث في ديناميات الهوية وتمظهراتها الجمعية في سلوك تلك الجماعة. فالناس ينزعون ويرتدون هوياتهم السوسيوسياسية بنفس سرعة وإيقاع بحثهم عن المعنى والأمن واحترام الذات فردياً وجمعياً. إن الفراغ النفسي والوجودي العميق الذي بات يستشعره الفرد العربي بعد لحظة التغيير السياسي الكبرى التي يشهدها اليوم، وما رافقها من اهتزازٍ في تنميطه الهوياتي بتأثير زوال أو تفكك البنية السلطوية التي منحته معنى وتماهياً اجتماعياً جامداً على مدى عقود، هو الذي يدفعه إلى ارتداء الهوية الـتأسلمية على عجالة ما دامت تحقق له أمناً نفسياً في لحظة قلق مريرة تشهد فيها أعماقه صراعاً لا شعورياً دفيناً بين أنماط هوياته المحتملة، سيما أن أحزاب الإسلام السياسي نجحت بمواردها المالية وخبراتها السياسية المتراكمة من جراء ممارستها للمعارضة العلنية والسرية طوال أكثر من نصف قرن، بتوفير إطار تنظيمي يستوعب تلك الهوية التأسلمية.
فالأمر إذن لا يتعلق بصراع الايديولوجيات الظاهري فحسب، بل يتعلق أيضاً بالبحث البشري المستميت عن هوية اجتماعية آمنة وسط عالم مضطرب لا يُعرف له معيار مؤكد. ودون هذا الفهم التطويري للفكر السياسي، لن يجد اليسار العربي له مكاناً في خارطة الـتأثير السياسي في بلدانه. وأقول أكثر من ذلك، إن انبثاق يسار جديد فاعل بات مرهوناً بفهم الطبيعة النفسية الآنية للشعب، وبطرح رؤية إصلاحية توعوية تأخذ بالحسبان ما يعانيه الفرد العربي من قلق وجودي وتشتت هوياتي، وتسعى في الوقت ذاته لابتكار أساليب في العمل السياسي تدفع ذلك الفرد نحو آفاق عقلانية عملية تسامحية بدل أن يظل متعلقاً بغيب افتراضي تعصبي النزعة.
إن جوهر الحراك البشري ومصيره يظل مرهوناً بالصراع حول إشباع الحقوق الأساسية للناس، وأيضاً إرضاء حقوقهم المصطنعة غير الأساسية التي أنتجها التداول غير العادل للثروات والحقوق على مدى الـتأريخ وما رافقه من تأسيس منظومات ثقافية وقوانينية وعُرفية لاعقلانية. غير إن التأثير ببعض مسارات هذا الصراع في عصر تكنولوجيا المعلومات والعولمة السياسية والاقتصادية والثقافية لصالح الأغلبية المحرومة، يظل ممكناً وفاعلاً فقط بتجديد أساليب التفكير وإعادة طرح الأسئلة القديمة الأصيلة عن صراع الطبقات وتطور وسائل الإنتاج وعلاقاته، ومناقشتها برؤية أكاديمية حداثوية توظف أهم مكتشفات العلوم الاجتماعية، لصياغة إجابات فكرية استشرافية تؤسس لأساليب جديدة للعمل السياسي الجماهيري. وتلك مهمة اليسار الجديد الذي يقيناً إنه بات بطور التشكل والتأسيس. فعالم تتسيده الأوليغارشيات والكارتلات والفتاوى الكهنوتية، ستظل أغلبيته المحرومة والمستلبة باحثةً ومؤسسةً ليسارات جديدة على الدوام يصنعها الوعي المتجدد والمتقدم والمنبثق جدلياً من تخلف الأمس وآلامه.

3- هل أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة للقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها و ابتكار سبل أنجع لنضالها على مختلف الأصعدة؟
إن أبرز ما يميز الطروحات التحليلية والتفسيرية للقوى اليسارية والديمقراطية في المنطقة العربية، إنها طروحات سياسية بحتة ذات أساس فلسفي- أخلاقوي، تهمل أي اتصال تفاعلي حقيقي بالعلوم الاجتماعية التي أنتجتها جامعات الغرب ومراكزه البحثية، علماً أن هذه العلوم في جوهرها التنظيري والتطبيقي اليوم هي نتاج تجريبي تراكمي عن النظرة المادية التأريخية للعالم التي ازدهرت على يد ماركس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
فالبنية العلمية الأكاديمية للنظام الرأسمالي في الغرب استفادت من الماركسية -بعد إعادة صبها في مناهج العلوم الاجتماعية- إلى أقصى حدود التحليل والاستكشاف والتفسير والتنبؤ بالظواهر الاجتماعية، وحتى التحكم بمساراتها القادمة. وهو ما لم يفعله اليسار العربي بمختلف تيارته، إذ ظل يراوح في منطقة المفاهيم السياسية المجردة دونما إبتكار أو سعي للحاق بأسئلة العصر وتطوراته الاجتماعية والتكنولوجية المذهلة. فالمصطلح السياسي المجرد لم يعد له وجود في عالم اليوم إلا في أذهان الذين اجتازتهم الأحداث، سواء كانوا حاكمين أو معارضين، فظلوا صامتين لا يجدون لغة عقلية تسعفهم لفهم تلك الأحداث ومحاولة التحكم بها.
الثورات والانتفاضات ما هي إلا لحظات تدفق نفسي غامر يؤدي إلى فعل جمعي يريد تغييراً مجتمعياً جوهرياً يقطع الصلة بماضٍ بائس، بعد أن استكملت الشروط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دورَها المتريث في الإعداد لهذا التغيير؛ بمعنى أن الثورة هي التعبير السيكولوجي الجمعي الآني المباشر عن المحصلة الجدلية غير المباشرة لتفاعل عوامل الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة القادمة من الماضي. ودون تبني هذا الفهم تحليلاً وتطبيقاً، يصبح العمل السياسي - لليسار العربي أو غيره من التيارات السياسية- محض نشاط فردي عقيم لإرضاء الذات ولا تأثير له حقيقي في مجمل الحراك المجتمعي الهادر.
ولتوضيح ما أريد قوله، سأستعين بمفهوم "الحرمان النسبي" Relative Deprivation الذي يقدم إمكانية متجددة لتفسير اندلاع الاحتجاجات الجمعية بأنواعها المتعددة ومنها الثورة. فالحرمان النسبي بصيغته المعاصرة في العلوم الاجتماعية ليس وليد القرن العشرين، إنما يعود بنشأته الأولى إلى مرحلة من تطور الفكر الاجتماعي سبقت تبلور هذه العلوم واتضاح منهجيتها، إذ وظفه كل من "دي توكفيل" Tocqueville (1805-1859)م و"كارل ماركس" (1818-1883) في رؤاهما لتفسير أسباب وديناميات اندلاع الثورات الكبرى دون أن يسمياه بالإسم. أما الصيغة المعاصرة لهذا المفهوم فقد اشتقت في نهاية أربعينات القرن العشرين على يد باحثين نفسيين أمريكان. ومنذ ذلك الحين نجح هذا المفهوم في تفسير الكثير من المعطيات الاجتماعية التي تبدو متناقضة للوهلة الأولى، عبر موضوعته الأساسية القائلة: إن استجابات الناس للظروف "الموضوعية"، تعتمد على المقايسات "الذاتية" التي يجرونها.
يُقصد بالحرمان النسبي شعور الفرد بالاستياء نتيجة إدراكه للتفاوت بين ما يحصل عليه فعلاً هو أو جماعته الاجتماعية من موارد حياتية (كالدخل المعيشي وفرص التعليم والخدمات الصحية والبنى التحتية والسكن والضمانات الاجتماعية والحريات والحقوق السياسية والمكانة الاعتبارية في المجتمع)، وبين ما يتوقعه أو يعتقد إنه يستحقه أو تستحقه جماعته من تلك الموارد بالمقايسة مع أفرادٍ أو جماعات أخرى؛ أي إنه حرمان ينتج من تقويم الفرد لواقعه نسبةً إلى المتوقع والمستَحَق.
وللحرمان النسبي أنواعه وتصنيفاته، ومن بينها "الحرمان النسبي المتصاعد" الذي يعدّ واحداً من أهم الديناميات النفسية المحرضة على الثورة، إذ يحصل حينما تزداد توقعات الناس بالحصول على حقوقهم بالتزامن مع نقصان مستمر في تلك الحقوق والموارد. وقدم "دي توكفيل" في كتابه "النظام القديم والثورة الفرنسية" صياغة نفسية عميقة لمضمون العلاقة بين هذا الحرمان المتصاعد والاحتجاج بقوله: ((إن المظالم التي يمكن تحملها بصبر لكونها غير قابلة للتجنب، تصبح غير قابلة للتحمل حالما تطرأ في أذهان الناس فكرة الهروب منها)). كما قدم "ماركس" م الإطارَ الفلسفي- السوسيولوجي للأسس النفسية للعلاقة بين الحرمان النسبي والتغير الاجتماعي، إذ كتب في "البيان الشيوعي" 1848م The Communist Manifest: ((إن النمو السريع في رأسمال المال الإنتاجي، يسبب نمواً سريعاً مساوياً في الثروة والترف والرغبات الاجتماعية والمتع الاجتماعية. وهكذا، على الرغم من إن المتع التي يحصل عليها العمال قد ازدادت، إلا إن رضاهم الاجتماعي قد تدنى بالمقايسة مع المتع المتزايدة للرأسماليين....... إن رغباتنا ومتعنا تنبثق من المجتمع، ولذلك نحن نقيسها نسبةً الى المجتمع وليس الى الأشياء التي تشبعها. ولأنها ذات طبيعة اجتماعية، فإنها ذات طبيعة نسبية)). وتوصل "ليون تروتسكي" (1879-1940)م برؤية مقاربة إلى أن الفقر بحد ذاته قد لا يؤدي بالفرد إلى الاستياء، إلا إذا اقترن بوعي ذاتي بذلك الفقر، يقوده إلى اعتناق الأفكار الثورية، وعبّر عن ذلك في كتابه "تأريخ الثورة الروسية" بقوله: ((إن مجرد وجود الحرمان لا يكفي لإحداث ثورة. ولو كان يكفي لكانت الجماهير في ثورة دائمة. فلا بد من أن يجعلَ افلاسُ النظام الاجتماعي، الذي يتم إظهاره بشكل حاسم وقاطع، هذه الحالاتِ من الحرمان لا تُحتمل، وأن تفتح الظروفُ الجديدة والأفكار الجديدة احتمالَ وجود طريقة ثورية للخلاص)).
وبالعودة إلى التطبيقات الأكاديمية المعاصرة لمفهوم الحرمان النسبي، نجد أن التحليل السيكوسياسي يعزو مثلاً اندلاع الثورتين الفرنسية 1789م والروسية 1917م والحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865)م إلى "الحرمان النسبي المتصاعد" بجذره الطبقي المباشر. إلا أن الوقائع الأخيرة للثورات العربية، وتحديداً في تونس ومصر، تجعلنا نوسع من مديات هذا المفهوم ومساحات تأثيره، إذ بات البعد الطبقي جزءً محدوداً من بنية أكبر هي "الوعي المدني" السلمي بضرورة وحتمية التغيير السياسي والاجتماعي؛ بمعنى إن الحرمان النسبي من الحريات قد فاق بتأثيره الحرمان النسبي من موارد العيش في تلك البلدان، إلى حد أن بعض الباحثين أطلق على الحدث المصري تسمية "ثورة الطبقة الوسطى"، فيما سمي التغيير في تونس بـ"ثورة عقول لا ثورة بطون".

4- كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة الاستبدادية ؟ وما هو شكل هذهِ المشاركة ؟
5- القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي, مع الإبقاء على تعددية المنابر, يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري؟
8- هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلام السياسي السلبي على الحرّيات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر ؟
طرح "انطونيو غرامشي" (1891-1937)م مفهوم "الكتلة التأريخية" مقترِحاً قيام تحالف بين قوى الإصلاح من ماركسيين وليبراليين في شمال ايطاليا المتقدم صناعياً، والقوى المسيحية المسيطرة على جنوب ايطاليا المتخلف اقتصادياً، سعياً لنهضة شاملة تحقق الوحدة الإيطالية. كما تعدّ "الجبهة الساندينية" التي حكمت نيكاراغوا (1979-1990)م من أبرز الأمثلة المعاصرة لمفهوم الكتل التأريخية، إذ نشأت في الأساس في بدايات ستينات القرن الماضي من تحالف قوى اليسار الماركسي مع المسيحيين المدعومين من الكنيسة، ونجحت بكفاحها العسكري والسياسي في إسقاط نظام "سوموزا" 1979م المدعوم من المخابرات المركزية الأمريكية. ويزخر التأريخ العراقي الحديث بصور التقارب السياسي بين التيارين اليساري والديني، إذ أسهم رجل الدين الشيخ "عبد الكريم الماشطة" في تأسيس حركة أنصار السلام ذات التوجه اليساري في تموز 1954م. كما أشار "حنا بطاطو" في كتابه "العراق" إلى أن نحو ثلث أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي (1955-1963)م ينتسبون إلى عائلات دينية.
لا أقصد أن الأحزاب اليسارية العربية يتوجب عليها أن تستنسخ هذه التجارب بالضرورة أو تكررها، فالنسبيات لا تتيح إمكانية تعميم الرؤى بشكل ميكانيكي. ولكن لهذه الأحزاب أن تتأمل في حقيقة أن الجماهير الذاهبة إلى صناديق الانتخاب في المرحلة المنظورة، ستجد ضالتها الآنية في الإسلام السياسي لا في اليسار الديمقراطي، لأسباب هوياتية سيكولوجية أوضحتها في مقطع سابق من هذا الحوار. ولذلك فأمام الأحزاب اليسارية احتمالان: إما العمل السياسي المنفرد أو المنعزل في جبهة خاصة بهم، وإما العمل السياسي بالتشارك في ائتلافات تضم أحزاب الإسلام السياسي واليمين بشكل عام.
ومن وجهة نظر تكنيكية أسلوبية، يمكن للمراقب أن يلحظ بوضوح أن أحزاب الإسلام السياسي لاسيما في تونس باتت تستفيد من الإطار المطلبي العدالوي الذي دأب اليسار على تبنيه طوال تأريخه، إذ أخذت تقتبس برامجَ اليسار الإصلاحية في مجال الخدمات والضمانات الاجتماعية ومكافحة الفساد والفقر، ولكن بإطار إسلامي كما لو إن هذه المطالب تستند إلى ضرورات دينية شرعية لا إلى حاجات بشرية طبيعية. وهذا يؤكد أن ما يحدث اليوم في تونس ومن بعدها مصر، ليس صراعاً ايديولوجياً طبقياً فحسب، ولكنه أيضاً صراع إرادات سياسية توظف فيه تكنيكات علم النفس السياسي وعلم الاجتماع السياسي على نحو تكتيكي فاعل.
إن القواعد الشعبية للإسلام السياسي بمجملها اليوم هي ذاتها قواعد اليسار قبل عقود؛ أعني بها طبقة الفقراء والطبقة الوسطى، بكل ما تتضمنانه من تقسيمات فرعية، كفئات النساء والعمال والعاطلين والموظفين والمثقفين والتكنوقراط. ولذلك فمهمة اليسار اليوم هي استعادة هذه القواعد التي فقدها ليس بسبب أحقية الإسلام السياسي أو جدارته الفكرية والأخلاقية، ولكن بسبب الفراغ والخواء السياسي والهوياتي والوجودي الذي أشاعه صعود الأنظمة الاستبدادية العربية ثم تهاويها المفاجيء، وأيضاً بسبب براعة اللاهوت السياسي في رشوة المحرومين والمهمشين والمستلبين بصكوك الخلاص الإلهي "المكدسة" في خزائنه.
إن استعادة هذه القواعد يمكن أن يتحقق بسياسة ثنائية تتبعها قوى اليسار العربي على المدى البعيد:
1- تُـشكلُ جبهة يسارية ديمقراطية علمانية في كل بلد، لديها برنامجها الخاص بذلك البلد، مع إمكانية التنسيق الفكري والتنظيمي مع جبهات مماثلة في بلدان عربية أخرى. فتباينات التطور السياسي والسوسيولوجي والنفسي والثقافي بين البلدان العربية، لا تتيح إمكانية تشكيل جبهة يسارية مشتركة واسعة فيما بينها في الوقت الحاضر، إذ يجدر أن تتركز جهود اليساريين في كل بلد على حدة مع استمرار التواصل والتفاعل بينهم في الإطار الخبراتي فكراً وممارسة.
2- تأتلف هذه الجبهات اليسارية في الوقت ذاته مع أحزاب الإسلام السياسي المعتدل وقوى اليمين الليبرالي في بلدانها، لتشكيل حكومات تتبنى النهج الديمقراطي ومدنية الدولة، إذا ما أفرزت صناديق الانتخاب نتائج تتيح إمكانية هذا الائتلاف كما حدث في تونس مؤخراً في انتخابات الجمعية التأسيسية. وقد تتخذ هذه الائتلافات صيغاً تنسيقية محدودة أو تتخذ صفة الكتلة التأريخية التي تسعى لإنقاذ البلاد والنهوض بها إلى حالة الاستقرار السياسي والعدل الاجتماعي.
إن أي مقاطعة تلجأ إليها قوى اليسار للانتخابات أو عزفها عن احتمالية الائتلاف مع قوى اليمين أو الإسلام السياسي المعتدل في هذه المرحلة، لن تعني إلا تنازلاً مجانياً للطرف الآخر، وتفريطاً بحقوق الناس بإقامة دولة مؤسساتية عاقلة. فمن الجوهري إدامة الضغط للحصول على مكتسبات دستورية وقانونية وانتخابية تشرعن على نحو راسخ مبدأ الحريات السياسية والعامة، وحق التعبير، ومدنية الدولة، والديمقراطية الاجتماعية، وحقوق المرأة. غير إن ذلك لا يلغي أيضاً حق الجبهات اليسارية بفك ائتلافاتها مع القوى الأخرى، والانتقال إلى صفوف المعارضة البرلمانية أو الشعبية إذا ما استدعت التكتيكات السياسية ذلك. وكل ذلك يبقى مرهوناً بالتطورات المستقبلية وما ستفرزه من مستجدات تستدعي تطوير أداء اليساريين ورؤيتهم لأساليب العمل السياسي.
إن الإسلام السياسي ظاهرة سيكوسياسية معقدة، ولا يمكن مقاومتها أو تفتيتها عبر إنكارها أو الانعزال عنها. فالطاقة النفسية البشرية التي يستغلها الإسلام السياسي لإيهام الإنسان بمقدساتٍ تزيده بؤساً وعبوديةً لغيره، هي ذاتها الطاقة التي يستثمرها اليسار السياسي لتحرير الإنسان من استغلال الإنسان. فالأمر لا يتعلق بنوع الطاقة، إنما بأسلوب إدارتها سياسياً. فطاقة المظلومية والكبت والحرمان والإحباط لدى الأصولي المتأسلم هي ذاتها لدى المحتج المدني المسالم على حد سواء. الاختلاف يكمن في أسلوب توظيفهما لهذه الطاقة تبعاً لدرجة تطور العقل السياسي لديهما.
وعلى قوى اليسار أن تدرك تفصيلياً هذا الاختلاف لتمسك بمفاتيح التأثير الكارزماتي في نفوس الناس. وهذه المهمة تتطلب منهم حضوراً نفسياً حياً بالقرب من قوى الإسلام السياسي المعتدل لتتفاعل بهم وتمارس التأثير والإقناع نحوهم من جهة، ولتتلمس عن قرب أنماطَ تفكيرهم ومواطن القوة والضعف في تنظيمهم من جهة أخرى. وعندها سيكون اليسار العربي مرشحاً لاستعادة قواعده بالسهولة نفسها التي خسرها فيها.
إن النتائج غير المباشرة وبعيدة المدى للثورات العربية، تتمثل بدمقرطة ولبرلة وعقلنة الحياة الاجتماعية والسياسية في البلدان التي اندلعت فيها، وهي نتائج مستقبلية لا آنية تتطلب عقوداً طويلةً من الزمن الديالكتيكي لتتضح ثمارها. أما النتيجة الآنية المباشرة فستكون صعود الإسلام السياسي المعتدل إلى السلطة بواسطة أصوات الناخبين الباحثين عن أي يقين في عالم الآلهة يرممون به علاقتهم بواقع بشري حرص على إذلالهم وترويعهم واستلابهم طوال حياتهم. وهو صعود قد يقصر أو يطول أمده بحسب قدرة اليسار العربي على النفاذ إلى نسيج الهوية الجمعية للسكان وإعادة حقنه بمصل العقلانية ليعاودوا البحث عن يقينهم في العالمِ الوحيد الذي يمكن أن يعزى إليه بؤسهم أو رفاههم: عالمِ التأريخ الاجتماعي للإنسان.
9- ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والانترنت وبشكل خاص الفيس بوك والتويتر..... الخ، ألا يتطلب ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدة لقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العملي والمعرفي الكبير؟
أود التوكيد أن الانترنيت عامةً والفيسبوك والتويتر واليوتيوب خاصةً لم يصنعوا الثورات العربية، بل إنهم قدحوا الوعيَ بالمظالم المتراكمة أصلاً في نفوس الأجيال المختلفة. فهذه التقنيات وفرت إمكانية هائلة للشبيبة العربية بمقايسة أوضاعهم المعيشية والحقوقية المتدنية بأوضاع أفضل بكثير حصلت عليها شعوبٌ أخرى لا تبعد جغرافياً عنهم كثيراً. كما إنها وفرت شعوراً بالألفة والحميمية والأهمية والهم الجمعي المشترك لدى عشرات الآلاف من المشتركين بمواقع الاتصال الاجتماعي بمزاياها الصورية والفديوية والصوتية والكتابية واللونية والتصميمية الجذابة، بما حفز لديهم مشاعر التضامن والتعاطف والمصير المشترك. فكانت النتيجة النهائية هي تنمية الوعي المعارض للظلم لدى الشبيبة، وتعميق تبصرهم بأوضاع شعوبهم المتردية، ومن ثم تحفيزهم للتحرك جمعياً للاحتجاج السلمي المليوني ضد السلطات الفاسدة في بلدانهم.
وهنا يجدر التمييز بين "سلوك الاحتجاج" و"نزعة الاحتجاج"، إذ يعني الأول قيام الفرد أو الجماعة فعلياً بإجراءات اعتراضية ملموسة تتراوح بين السلمية والعنفية للتعبير عن رفض الموقف؛ فيما تعني الثانية امتلاك الفرد أو الجماعة لتوجهات احتجاجية كامنة قد تترجم إلى سلوكيات أو قد لا تترجم فتبقى نزعةً داخلية فحسب. وإن ما يحرض أي جماعة مُضطَهَدة للانتقال من نزعة الاحتجاج الكامنة إلى سلوك الاحتجاج الفعلي، يمكن إيجازه بالنقاط الآتية منفردة أو مجتمعة:
1- رؤيتها بأن النظام الاجتماعي القائم مسؤول عما يصيبها من مظالم.
2- اعتقادها بعدم شرعية الأوضاع القائمة ووجوب عدم استمرارها.
3- امتلاكها لدوافع أخلاقية كافية تحثها على الاعتراض.
4-توقعها بأن فوائد الاحتجاج وأرباحه تفوق الأخطار والتكاليف الناجمة عنه.
5- اعتقادها بفاعليتها الذاتية، أي امتلاكها لقدرة النجاح بتحقيق أهدافها المرجوة.
6-اعتقادها بإمكانية تغيير الأوضاع.
7- توافر إطار فكري تنظيمي لإدراك الظلم ومقاومته.
ويبدو أن شبكات الاتصال الاجتماعي قد أسهمت بتحقيق الشروط الستة الأولى لدى مستخدميها بنسبة معينة، وحركت الجموع في إطار مدني غير عقائدي باهر في أخلاقيته وحماسه، فيما ظل الشرط السابع أي توافر إطار فكري تنظيمي لإدراك الظلم ومقاومته غائباً، ما يفسر التشتت والانحسار الذي أصاب حركات الشبيبة فيما بعد وصعود المد التأسلمي السياسي بدلاً عنها.
إن ثورات الفيسبوك ستظل ناقصة وغير مستكملة الأهداف ما دامت تفتقر لإطار فكري تنظيمي تتحرك خلاله، بل إنها يمكن أن تخسر كل مكتسباتها لصالح تنظيمات سياسية تقليدية لم تشارك في صنع الحدث لكنها لا تتردد في قطف ثماره، وعلى رأسها قوى الإسلام السياسي. وهذا يعني أن الأحزاب اليسارية مطالبة بأن تمزج في أدائها بين قدرات القادة الشباب على استخدام التقانة المعلوماتية ووسائل الاتصال الرقمية والافتراضية، وبين الخبرة التنظيمية المتراكمة لدى القادة الأكبر سناً، مع إدخال عامل بات لا يُستغنى عنه أبداً هو المعرفة التحليلية والتنبؤية المستقاة من تطبيقات العلوم الاجتماعية في الميدان السياسي، ليصبح الحزب اليساري عندها بنيةً سوسيولوجيةً تتفاعل فيها الايديولوجيا المؤطرة تنظيمياً، بتكنولوجيا المعلومات، بالمعرفة العلمية الاجتماعية، في وحدةٍ أخلاقية تمتلك شروطاً موضوعية حقيقية لتغيير العالم والتحكم بمساراته لاحقاً، وليس تغييره آنياً فحسب.

10- بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن، كيف تقيمون مكانته الإعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر؟
اليوم، وبعد متابعتي الشغوفة للمراحل والمحطات التي مر بها "الحوار المتمدن" خلال عقد من الزمن، أستطيع أن أكتب عنه الآتي:
- إنه نجح في أن ينمو في الحيز الصحيح من الذاكرة العربية العقلانية، فكرياً وإعلامياً.
- أفلح في دمقرطة نهجه دون أن يفقد حرفاً واحداُ من يساريته أو علمانيته أو انحيازه الصارم لقضية العقل والحرية والعدل.
- أعطى نكهةً حداثوية تجديدية للمناخ اليساري الذي لطالما شابه الجمود والنمطية والقوالب المصطلحية.
- استقطب أعداداً مهمة من المثففين الإسلاميين، قراءً وكتّاباً، وأزال عقدهم من فوبيا اليسار، ليصبحوا جزءً من الجسم التقدمي العقلاني للبشرية.
- أتاح لأشد المفردات تحريماً في العقل الذكوري-السلطوي أن تصبح قضايا فكرية متداولة يجري تناولها بسلاسة وعمق، دافعاً اللاشعور الجمعي ليتخفف من كثير من احتقاناته القيحية غير المبررة.
- جعل من اليسار هويةً عيانيةً ملموسةً وجذابةً في تفاصيلها الكتابية والفلمية والسمعية، بل أن زوار الموقع من المستقلين فكرياً ومن معتنقي ايديولوجيات مغايرة باتوا يشعرون عند كل زيارة له بأنهم بصدد الدخول إلى معبد اليسارية المقدس، ولكن دون أن تنتابهم مشاعر معادية لليسار كما كان يفترض أن يحدث.
- أرسى مصداقيته المهنية في نفوس كتّابه، إذ حرص بلا انقطاع أن يجعلهم في دائرة اهتمامه ومتابعته دون أن يمس خصوصيتهم الفكرية أو يشترط عليهم شيئاً خارج العقد غير المكتوب الذي جمعهم به، وكأنه كائن حي حميم ألفناه منذ زمن بعيد ولا نتصور حياتنا بدونه.
- بمثابرته وتجدده اليومي، قدم دليلاً قاطعاً على خصب الشخصية اليسارية، وقابليتها الأخلاقية غير المحدودة على التبشير الحاذق والابتكاري بقيم الجمال والعقل والانعتاق، وبإيقاعٍ مستقر يحاكي الإيقاعات الكونية الثابتة.
- والأهم من كل ذلك، أن الحوار المتمدن بأدائه الإعلامي والفكري الرفيع، جعل من حلم الثورة والإصلاح وتغيير العالم قضايا يوميةً وحيةً في عقول ملايين الناس، وأتاح لفكرة المستقبل أن تظل ماثلةً في وجدانهم. مأثرته إنه أجترحَ لنا وجوداً أرقى في هذه الحياة.

6- هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع بين الجماهير و أفاقا أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية؟
7- قوي اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع؟
بلا إجابة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إلى الأستاذ كامل ساكو
فارس كمال نظمي ( 2011 / 12 / 13 - 16:47 )
أشاطرك الرأي بضرورة التعمق في موضوعة الكتلة التأريخية فكرياً وتنظيمياً. اليسار أمام مفترق طرق جديد لم يسبق له مثيل في تأريخه السابق، وهذا يتطلب رؤية تجديدية لكل الطرائق والمفاهيم التي تعودت عليها ذاكرة اليساريين. سبق أن قدمتُ رؤية بهذا الخصوص حول خيار الكتلة التأريخية بين الشيوعيين والصدريين في العراق (المقالة منشورة ضمن موقعي الفرعي في الحوار المتمدن). إلا أن الأمر بات يتطلب المزيد من الرؤى الجدلية بعد اندلاع الاحتجاجات العربية وصولاً لبلورة تصور علمي عن الآفاق المستقبلية لحركة التأريخ في البلدان العربية، وما يتصل بها من إمكانات التفعيل والتحريض والتوجيه التي يمكن أن تضطلع بها الحركة اليسارية العربية بتياراتها المتنوعة

اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو