الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في قانون الاحزاب المرتقب

حافظ آل بشارة

2011 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


اوساط عديدة منشغلة بقانون الاحزاب الذي يناقش مشروعه في مجلس النواب قريبا ، هذا القانون قدر تشريعي لا بد ان يمر به العراق لا ستكمال اطره الديمقراطية التقليدية ، وكل قدر خارج عن الارادة فيه لطف وفير ، فالنظام السياسي الانتخابي في العالم بيت واسع دعائمه الأحزاب ، ولا تعددية ولا مشاركة بلا أحزاب ، وعلى صعيد التجربة في النظم الديمقراطية تكون الاحزاب مغذيا لمؤسسة السلطة بالقيم والتقاليد والسياقات الاديولوجية والادارية والتنظيمية ، وسواء رضيت الدولة ام لم ترض فان تجربتها في الحكم والادارة هي خلاصة تجارب احزابها المشاركة في الحكم تشريعا وتنفيذا وهيكليات ، وكمثال واقعي لا يمكن اجبار نائب في البرلمان على ان يكون ديمقراطيا ومنفتحا ومتسامحا ويحترم الآخرين ويقبل الهزيمة بروح رياضية ما لم يكن قد تعلم هذه المبادئ داخل حزبه مسبقا ضمن رؤية اديولوجية وسلوك تنظيمي ومنظومة علاقات واضحة ومقننة ، فكيف اذا كان حزبه عبارة عن عصابة ؟ لذا تنتدب الاحزاب في البلد الديمقراطي للمشاركة في الانتخابات وتشكيل البرلمان وتشكيل الحكومة على أمل ان تكون الحكومة خلاصة لتجربة تلك الاحزاب ، وهناك قاعدة شائعة تقول بأن الأحزاب مدرسة القيم النظرية والدولة مدرسة السياسة والادارة ، فالنظري والمطلق وما هو بحاجة الى رؤية اخلاقية او فكرية تجده في الاحزاب وادبياتها ، وكل ما هو واقعي وعملي ومتحرك وتنفيذي تجده في الدولة ومؤسساتها . هذه ثوابت عالمية في قضية الاحزاب وعلاقتها بتجربة الدولة وسلطاتها . وعندما يتم فهم الأمور بهذه الطريقة يشعر المرء ان بلدا مثل العراق سيواجه مشاكل كبيرة في ضبط ايقاع ظهور الاحزاب وعملها وعلاقاتها ومصيرها ومدى انعكاس سيرتها العملية على نظام الدولة والحكومة ، ستظهر جدلية جديدة مفادها هل نريد دولة حديثة تصنعها الأحزاب ام نريد صناعة احزاب وطنية برعاية الدولة ؟ والشطر الثاني من المقارنة غير ممكن ، لا يمكن للدولة الديمقراطية ان تكون اسبق وجودا من الأحزاب لان الاحزاب هي التي تصنع الدولة وليس العكس ، وهذه الحقيقة تتطلب اجراء تقييم صريح للتجربة الحزبية العراقية الراهنة ، فالبلد دخل عهد الحكم الديمقراطي الانتخابي التعددي ، اي انه وضع نفسه تحت تصرف الاحزاب لصناعة تجربته ، فهل لدى العراق احزاب بالمعنى المتعارف ؟ وهل لتلك الأحزاب تجربة فكرية او تنظيمية كافية تستطيع ان تتبلور في بناء دولة حديثة ؟ وهل ان الوضع سيكون افضل لو ظهر حاكم فرد مستبد عادل رحيم أمر باغلاق الاحزاب واعلان دولة احادية كلاسيكية مركزية ؟ هل الفوضى التي تتصاعد في ظل حكم الاحزاب حاليا هي فوضى خلاقة يمكن ان تسفر عن نظام متطور ام انها فوضى مدمرة تستهلك الدماء والاموال والجهد وتثمر الانقسام والاحباط ؟ ... يبدو ان قانون الأحزاب في مسودته التي اعيدت لاجراء تعديلات قدم رؤية مثالية لكيفية تأسيس حزب ما ، بأفكاره وتمويله ومشروعه ، فالقانون لايصنع الأحزاب بل يضع ضوابط لتأسيسها واستمرارها بالشكل الذي يحمي الحياة الحزبية في البلد من الخرق فكرا وتنظيما وآليات ، والقانون مفيد للاحزاب اكثر من فائدته لمؤسسات الدولة القائمة ، فالحزب المحترم في تأريخه ورؤيته بالتأكيد لايرضى ان يكون منافسه السياسي والانتخابي عبارة عن عصابة او مجموعة غامضة او فاسدة او ممثلة لجهات اجنبية ، او جماعة متحجرة تفتقر للتحديث وتهيمن عليها عقلية التحريم والاقصاء والاستئثار والانغلاق ، القانون الجديد يترك ساحة العمل الحزبي نظيفة ومتاحة لاحزاب متشابهة في اهدافها متقاربة في رؤيتها ، هذا القانون يمكن ان يسهم في تقليل التقاطعات الفكرية والعقيدية بين الاحزاب بحيث تظهر تشكيلة قريبة من التجانس الفكري وتركز اهتمامها على المطالب وليس الافكار ، فالخلافات الفكرية لا تنتهي ، لا يمكن توحيد المذاهب الفكرية ولا الغائها بل يمكن حجب او تقليل تأثيرها في سلوك وتفكير الاحزاب التي تتبناها ، اما المطالب فهي واحدة ومتشابهة وتختلف الاحزاب بينها في الشأن المطلبي خلافات تفصيلية اجرائية فحسب ، فالزراعة والصناعة والتجارة والصحة والنفط والمواصلات وغيرها من الخدمات هي موضوعات تنفيذية لا مجال فيها للادلجة عندما تدخل ضمن ادارة الدولة وموازنتها ومشاريعها السنوية وخطط التنمية التي تخصها ، اي ان اغلب الشؤون التي تناقشها الاحزاب داخل البرلمان او خارجه هي امور مطلبية متشابهة ، قانون الأحزاب يساعد على تأسيس الحزب الجديد بطريقة صحيحة ، وتعديل اوضاع الحزب القديم ليكون منسجما مع القواعد الصحيحة ، وبذلك يساعد على ظهور الارضية المشتركة بين الاحزاب ويفتح ابواب السباق والتنافس بينها على موضوعات مطلبية متشابهة يمكن لمن يتبناها ان يبدع ويقدم الكثير ، وما بين الجديد الذي سيظهر من الاحزاب وبين القديم الذي يجب ان يجري تعديلا على مظهره وجوهره تصبح الحياة الحزبية في العراق معرضة لانقلاب واسع ، يفترض ان هناك احزابا سوف تندثر واخرى تولد وثالثة تصحح مسارها وهيكلها ، ورد في المادة الخامسة من مشروع القانون ، اولا : يؤسس الحزب على أساس المواطنة وبما لا يتعارض مع أحكام الدستور. وثانياً: لا يجوز تأسيس الحزب على أساس العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أوالتعصب الطائفي أو العرقي أو القومي . وفي المادة السادسة منه ، اولا : يساهم الحزب الذي يؤسس وفقاً لإحكام هذا القانون في تطوير المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على أساس الوحدة الوطنية . ثانياً: يعتمد الحزب السياسي آلية الانتخاب بوصفه الطريقة الوحيدة لاختيار القيادات الحزبية على جميع المستويات ووفق نظامه الأساسي . وفي المادة الثامنة وضمن شروط تأسيسس الحزب واستمراره : الفقرة رابعاً : أن لايكون من بين مؤسسي الحزب أو قياداته أو أعضائه من ثبت بحكم بات قيامه بالدعوة أو المشاركة للترويج بأية طريقة من طرق العلانية لأفكار تتعارض مع المبادئ العامة المنصوص عليها في الدستور . هذه المسطرة القانونية تشذب الزبد الذي يذهب جفاء وتبقي على ما ينفع الناس ، ولكن كم سيكون هذا القانون محترما ومطبقا بعد موعد تشريعه المرتقب وكيف يمكن انقاذه من الرفوف العالية ؟...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد