الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع الفلسطيني:

خالد عبد القادر احمد

2011 / 11 / 29
القضية الفلسطينية


على العكس من شروط ربيع الشعوب الاخرى في المنطقة فان مسار تحقق ربيع الشعب الفلسطيني يشق مسار خاصا به نظرا لارتهانه لخصوصية شروط الوضع الفلسطيني, ولكن اولا يجب علينا تحديد المعنى الثقافي السياسي لمصطلح الربيع هذا.
لقد اعطى الحوار مصطلح الربيع معنى ثقافي يتعلق بالمستوى السياسي للقضية الديموقراطية في المجتمع, فشعارات الحراك الشعبي الاقليمي تنطلق مطالبها من ثلاث محاور فكرية هي: مدنية الدولة والتعددية السياسية والعدالة الاجتماعية, ومع ذلك فان الحراك المجتمعي في هذه المواقع القومية ينقسم حول المدى الذي يجب ان يذهب اليه الحراك الشعبي في الصراع مع انظمته, ولصالح اي قوى واتجاهات حضارية يجب ان يصب, وهو الحوار الداخلي الذي ظلله في نفس الوقت حوارا ثقافيا اقليميا عاما لا يرفض تغيير الواقع لكنه يناقش اولا مسالة اتجاهاته الحضارية التي يجب ان يخدمها, وثانيا مسالة الحجم والمساحة التي يوفرها تقاطع صراع الاجندات المحلية مع اجندات المصالح الاجنبية, اقليمية كانت او عالمية.
ان الجدلية التي تربط بين الحوار الداخلي الخاص للقوميات والحوار العام الاقليمي, يكشف عن وجود ترابطا دائما ومن موقع الاستقلال النسبي بين الاجندات المحلية والدولية, دون ان يسقطها في مقولة وحدة الرابطة القومية كما يحاول ان يصور لنا ذلك الفكر العرقي العروبي الديني, حيث نرى حراكات مستقلة ولا نرى حراك واحدا, وان تعالى مستوى المتابعة والاهتمام الاقليمي بها, فعلو مستوى المتابعة والاهتمام يعكس احساسا بوجود انعكاس موضوعي لنتائج ما يحدث خارج الاطار القومي على ذات وداخل الاطار القومي,
وهي جدلية تعكس ايضا حوار نتائج ما حدث في الماضي مع المطلوب تغييره من وفي واقع الحاضر وبين الحركة نحو المستقبل, حيث لم تستكمل بعد عملية التحرر الوطني في مواقع المنطقة التي خرجت منها قوات الاستعمار العسكرية بعد الحرب العالمية الثانية, فبقيت اسيرة الحصار الاقتصادي والسياسي بل وفي بعض الاحيان عاد الاستعمار ليضغط على اوضاع استقلالها وسيادتها بحروب عسكرية كان اهمها لا شك حرب عام 1967م والتي دفعت الى الخلف مستوى الديموقراطية المتحقق في هذه المواقع. فوقعت مجتمعاتها تحت سيطرة الشريحة العسكرية من بنية برجوازياتها القومية, تحت ضغط تهديد امن استقلالها وسيادتها القومية, وبذلك تجسدت ديكتاتوريات عسكرية الى جانب الديكتاتوريات الاخرى في المنطقة
ان الدور الخطر الذي تلعبه القضية الفلسطينية بحلقتها الصهيونية الراهنة, على ظروف وشروط ووتائر مسار التطور الحضاري في المنطقة, وفي ظل شروط المنطقة في الصراع العالمي, هو استمرار لدور خطرها المتواصل تاريخيا على المنطقة, والذي يفرض ترابطا وثيقا بين الموقعين وان لم يكن ذلك يعني وجود مسار ومصير تطور حضاري واحد لها معا, لكنه بالقطع يجعل للقضية الفلسطينية دائما خصوصية تعكس موضوعيا ننتائجها على الواقع الاقليمي بل والعالمي ايضا, كما يعكسان موضوعيا نتائجهما على الوضع في فلسطين.
ان ظرف استقلال وسيادة المواقع القومية في المنطقة سيبقى داذما تحت خطر تعكسه موضوعيا نتائج حراك اجندة الصراع العالمي طالما بقيت فلسطين تحت حالة _ اي _ احتلال اجنبي, ومن الواضح ان خطر الحلقة الصهيونية في توسعيتها وعدوانيتها على هذه المواقع انما يستعيد من التاريخ الى الاذهان صورة تجربة التوسع الاقليمي للحالة الاستعمارية الصليبية التي حدثت بعد احتلالها فلسطين, اثر هزيمتها الاحتلالات الاسلامية السابقة عليها بها, ولذلك كان هناك احساس اجتماعي سياسي فلسطيني بان ربيعا فلسطينيا لا بد وان يكون بحكم جدلية الترابط مع المنطقة, الامر الذي يطرح ضرورة محولة استكشاف خصوصية هذا الربيع,
فالربيع الفلسطيني لن يكون بعيدا عن المهمة الوطنية كما هو الربيع الاقليمي الديموقراطي المهمة, فجدلية الترابط الزمني بين مسارات تطور حضاري مستقلة ذات مهمات نوعية متمايزة, تبرز ولا تلغي وجود التباين النوعي بينها, من حيث وزن ووظيفة الديموقراطي والوطني في كل منها عن الاخر, ففي حين يتجه الحراك الشعبي الاقليمي الى المطلب الديموقراطي حول العدالة الاجتماعية ومدنية الدولة,والمشاركة السياسية يتجه الحراك الشعبي الفلسطيني الى الاستجابة لمطلب تعزيز المهمة الوطنية في ضرورة التحرر والاستقلال من الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية تعزيزا لوجود الهوية الوطنية الفلسطينية وحقها في السيادة بدءا على وجه الخصوص من مطلب تعزيز وحدة التوجه الوطني,
لم يكن غريبا اذن ان نجد تعاكسا في توجه المطلب الشعبي الاقليمي عن المطلب الشعبي الفلسطيني, حيث يتجه المطلب الاقليمي نحو تعزيز البنية المدنية للنظام الحياتي للمجتمع, بهدف تطوير تسليحه الاقتصادي كمقدمة لاندفاعة حضارية نوعية, في حين يتجه المطلب الشعبي الفلسطيني للمطالبة بتعزيز بنية كافة اشكال المقاومة بهدف التحرر من حالة الاحتلال كمقدمة لاندفاعته الحضارية الخاصة, بل ويصل في مطالبته هذه حد ومدى الانشقاق والانقسام على كيفية الاستجابة المرحلية لمهمة الصراع مع الاحتلال حيث يرفض اجاه شعبي منهجية التسوية السياسية وبرفض اتجاه اخر منهجية المقاومة المسلحة من اشكال التعامل مع حالة الاحتلال الصهوني وكيفية الصراع معها, وكلاهما مبرر بسوء الشرط الذاتي واختلال موازين القوى وفساد البيئة السياسية الاقليمية,
ان الذي لعب دورا رئيسيا في ارباك حركة المجتمع الفلسطيني ويؤخر في وصول ربيعه هو ارتباك وعي وادراك المجتمع الفلسطيني وعجزه عن تحديد خصزصيته وخصوصية تخوم علاقته بباقي الكتلة العرقية الاقليمية فاستمرار اعتناقه الفكر العرقي العروبي الديني, انعكس في قدرته على وعي وظيفة الحريات وواجباتها فجسدها على صورة تعدد شرعيات فصائلية ذات سياسات انقسامية انشقاقية جراء تعدديتها الثقافية و جراء صلات بعضها العضوية باجندات اجنبية اقليمية, فباتت جميعا تتمتع باستقلال الموارد المالية والتسليحية والاتصالات السياسية, ولم يكن غريبا وهذه الحال ان تتعاكس مناوراتها السياسية ان من حيث التوقيت او الاتجاه, مما انهك قدرة النضال الفلسطيني واستدعى في نفس الوقت ان تكون اول مهمات لربيع الفلسطيني محاولة استعادة القدرة النضالية الفلسطينية في مختلف المجالات.
ان الانجاز الوطني هو شارع وميدان تحرير الربيع الفلسطيني مجال تحقيق الوحدة الوطنية برنامجيا ومناورة ومركزية , واحتكام الفصيل والشعب يجب ان يكون اليه في مجال استقلال القرار الوطني الفلسطيني و في مجال تجسيد خصوصية المنهاج الفلسطيني في النضال, اما الاعتصام في الشوارع فقد يكون احد الادوات الجماهيرية الفلسطينية في استنبات الربيع الفلسطيني لكنه لن يكون ابدا اداته الرئيسية.


خالد عبد القادر احمد
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ