الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيدة هلاري و-الشيخ- القرضاوي يشيدون بعرس الذئب؟

محمد المساوي

2011 / 11 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


قبل سنوات من الآن أصدر فنان الشعب أحمد السنوسي "بزيز" شريطاً ساخراً سماه "عرس الديب"، وكان عنوان هذا الشريط ينطوي على تورية مدهشة، تورية تستمد حمولتها من الذاكرة الشعبية التي تنسج صورة خاصة عن هذا العرس. تذكرت شريط "بزيز" وأنا أتأمل تداعيات الانتخابات المخزنية التي أُريد لها أن تبدو "نزيهة وديموقراطية" وكذا المواقف وردود الأفعال التي صدرت بشأنها؛ ردود أفعال داخلية وخارجية.و إن كنا نعرف جيدا أن مردّ ردود الأفعال الداخلية هي معادلة الصراع المرتسمة في خضم الصراع السياسي منذ 20 فبراير، فإن ما يثير الانتباه ويستوجب الوقوف عنده بتأن هي المواقف الخارجية التي عبرت عنها مجموعة من الدول الكبرى والشخصيات النافذة، واللافت أن هذه المواقف التي يفترض أنها صادرة عن جهات مختلفة إلا أنها تكاد تجمع على الإشادة بهذا "العرس الديمقراطي". وما أثارني شخصيا هو موقف يوسف القرضاوي ووزيرة الخارجية الأمريكية هلاري كلينتون؟
يوسف القرضاوي هذا "الشيخ" الذي أصبح يحشر أنفه في كل صغيرة وكبيرة بعدما قدمته قناة الجزيرة لسنوات على أنه "الأب الروحي" للمسلمين عبر العالم من خلال الاستضافة الدائمة على القناة وبل تخصيص برنامج خاص له "الشريعة والحياة"، حيث هذا البرنامج أنشأ منذ البدء خصيصا للقرضاوي للتواصل مع "أبنائه"؟
لن نذهب بعيدا في طرح أسئلة عن وضعية هذا "الشيخ"، ولن نستفسر عن مرجعيته السياسية في إصدار مواقفه، وهل يخدم أجندة معينة أم هي تعبير صادق صادر عن رجل ثقة لا يبتغي إلا مرضاة ربه؟ لكن سنحاول أن نطرح أسئلة ساذجة بسيطة، انطلاقا من أقواله ومواقفه التي صرح بها حول الانتخابات المخزنية. يقول القرضاوي في رسالة التهنئة لبنكيران : "أنه يهنئ المملكة المغربية، وشعبها العظيم، وقيادتها الحكيمة، ويهدي إليها بثغور مبتسمة، وصدور منشرحة، وقلوب مطمئنة، أسمى عبارات التهنئة والتقدير، لنجاح هذه الانتخابات البرلمانية الحرة والنزيهة، بعد التعديلات الدستورية الأخيرة، التي نرجو أن يكون فيها صلاح العباد والبلاد" لنتساءل: كيف عرف القرضاوي أنها انتخابات حرة ونزيهة؟ حتى بالمنطق الدستوري والقانوني فإن نتائج الانتخابات لا تأخذ صبغتها القانونية إلا بعد مصادقة المجلس الدستوري عليها، فكيف استبق الشيخ المجلس الدستوري وأعلن أنها انتخابات حرة ونزيهة؟ أليست هذه شهادة زور، إذ كيف حكم على أمر حتى أهله والمعنيين به لم يتأكدوا منه بعد؟ أم أن الشيخ له مرتبة الأولياء والصالحين يأتيه الخبر اليقين من حيث لا ندري نحن السذج؟ ودونما حاجة حتى إلى تزكية المؤسسات الدستورية التي يشيد بها في رسالته. إذا تجاوزنا هذا النقطة التي تنقض المنطق الداخلي لإشادة القرضاوي، لنا أن نتساءل معه: هل المسيرات التي عمت مدن المغرب عشية الانتخابات وكذا بعد يومين منها، أقول هل هي من نسج الخيال أم أنها كانت رجسا من عمل الشيطان؟ أم أن هذه المسيرات ما دامت لم تغطيها قناة الجزيرة فهي لم تحدث في الواقع بل كانت مجرد هلوسات لأعداء الأمن والاستقرار؟؟
لا تكتسي الغرابة وجهها من منطق القرضاوي فقط بل تصير إلى حدها الأقصى عندما نرى هلاري كلينتون الوزيرة الخارجية الأمريكية تتناغم مع عزف القرضاوي وبل تنسجم معه أو بالأحرى هو من انسجم معها في رقصة عرس الذئب، السيدة الوزيرة في بيان تهنئة المغرب قالت :" أهنىء الشعب المغربي بالاستكمال الناجح للانتخابات التشريعية الجمعة حيث توجه ملايين المغاربة إلى صناديق الاقتراع لاختيار قادتهم السياسيين الجدد"، فوصف القرضاوي الانتخابات بالحرة والنزيهة فيه تناغم مع موقف كلينتون التي قالت فيه أن ملايين المغاربة توجهوا إلى صناديق الاقتراع؟ بهذا اكتملت فرحة العرس؛ الانتخابات حرة ونزيهة والمغاربة اقترعوا بالملايين؟؟
وزارة الداخلية أعلنت عن نسبة مشاركة 45 بالمائة مما يعني أن عدد الذين ذهبوا إلى الاقتراع لم يتجوزوا 6 ملايين ناخب، وهذا ما يناقض أقوال السيدة كلينتون التي تحدثت عن ذهاب المغاربة بالملايين إلى صناديق الاقتراع، وعندما يقال الملايين يفترض أن العدد تجاوز العشرة ملايين، لكن الأرقام التي صرحت بها السيدة الوزيرة هي متناقضة حتى مع أرقام وزارة الداخلية.
إن إشادة القرضاوي وكلينتون بنزاهة الانتخابات المخزنية تبدوا كأنها كانت معدة سلفا حتى قبل أن تنتهي العملية الانتخابية وهو ما جعل كلينتون تتحدث عن الملايين ولا أدري هل لا تعرف السيدة هلاري أن الكتلة الناخبة التي يعتد بها النظام المغربي لا تتجاوز 13 مليون وأن ما أعلنت عنه وزارة الداخلية عن أرقام المشاركين لا يتجاوز 6 ملايين؟ كما أن "الشيخ" قدم شهادته على أنها انتخابات حرة ونزيهة حتى قبل أن يقول النظام المغربي ذلك. إن كل هذا ليس مجرد مصادفات عائمة التقت لتشيد بعرس الذئب، سنكون سذجا إن ظننا ذلك، أكيد أن ثمة رهانات تُسطّر سُبُلها في كواليس المتنفذين مما يحتم علينا أن نكون جد حذرين وأذكياء في السياسة. لا أن ننصاع كلية لمنطق نظرية المؤامرة ونستكين إلى قدرنا المرسوم لنا سلفا، ولا أن نكون سذجا وننكمش على بعضنا ونطمئن الى أن الشارع بيدنا ونظل نحوم على شعارات فضفاضة تساهم في ممارسة التصعيد بمفهومه السيكولوجي لكنها لا تلامس جذور القضية.
علينا أن نلامس القضية في جذرها كي نكون متجذرين حقا كما يقول كارل ماركس، فشعار إسقاط الفساد شعار عائم مفتوح على تأويلات مختلفة وبل قد تصل أحياناً إلى حد التناقض، وعلينا أن لا نحشر نضالنا فقط في دائرة ضيقة، فما هو وطني لا يمكن أن يحل بمعزل عن العلائق الخارجية، وموقف القرضاوي وكلينتون من الانتخابات المخزنية شئنا أم أبينا هو موقف أيضا من حركة 20 فبراير، لذا فمن السذاجة أن تظل شعارات الحركة تحوم على المشكل فقط دون أن تتجرأ على النفاذ إلى العمق إلى جذور المشكل. إلى من يحمي أصل المشكل ويُطيل أمده.
إن التاريخ والصراع يعلمنا أن الممارسة السياسية لا تحكمها حسن النية أبدا ولا تؤمن بالمصادفات بل تُرسم وفق معادلات تخدم مصالح المسيطر وتأبد سيطرته مستغلا في ذلك كل الوسائل المتاحة وأخطرها؛ الإعلام بمختلف أشكاله. وهو ما سيكون موضوع مقال قادم.

محمد المساوي ناشط في حركة 20 فبراير –طنجة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة