الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة مايتا حكاية ثوري معزول

كامل عبد الرحيم السعداوي

2011 / 11 / 29
الادب والفن


على عكس زملائه وأقرانه كتاب أمريكا اللاتينية ألآخرين الذين يقرنون الشذوذ الجنسي بالمستبدين والطغاة فأن ماري
و فارغاس يوسا الكاتب البيروفي والحائزعلى جائزة نوبل للآداب قبل ثلاثة أعوام يلصق هذه الصفة ببطل روايته (قصة مايتا ) الشيوعي التروتسكي مايتا ولكن هذه ليست نهاية العالم فيوسا كاتب كبير ويبقى كبيرا حتى في هلوسته وتجديفه ،تتحدث الرواية عن انتفاضة مسلحة لمجموعة من الثوار الشيوعيين دارت أحداثها حتى قبل الثورة الكوبية حيث حصلت عام 1958 ويبدو ان ليوسا تجربة قديمة مع اليسار قبل ان يتحول الى ليبرالي متحسس من اليسار عموما وهذا شأنه الخاص بالطبع ومثل وقائع الحياة حين أنصف ألأدب يوسا بمنحه جائزة نوبل (وهو أكثر مايبتغيه أديب ما ) بعد أن خذلته السياسة سيما بعد فشله الواضح عندما رشح نفسه لرئاسة الجمهورية ،فأن مايتا بطل الرواية ينتصر في النهاية على صانعه ويعيد صياغة نفسه رغم مبدعه كثوري لا يدع قطار الثورة أن يفوته فيقتحم أحدى عرباته رغم كل شيء ،كان ألكاتب مهتما بالبقاء قريبا من ألراوي فتقمصه ولكنه أيضا يريد أن يبقي متعاليا ومتحررا ومتجاوزا للراوي فعمد إلى تقنيات سردية متداخلة قديمة وحديثة حيث أن ألعمل كتب بروح ألتحقيق الصحفي كريبورتاجات ومقابلات من ناحية ومن ناحية أخرى يتشظى ألسرد عبر مستويات متعددة ومتداخلة فتتداخل الحوارات ويخترق الماضي الحاضر لكي ينجز مهمته وهي الأخبار عن حوادث حدثت وشخصيات عاشت وضجت ولا ينسى الكاتب ان يذكرنا اكثر من مرة بالفرق بين الحقيقة الروائية والحقائق التاريخية 0(فيكشف لنا في النهاية أن ألوقائع ألحقيقية مختلفة تماما ، وأشد فقرا بكثير من ألتخييل ألروائي ) وأن كان هذا في ألأخير مجرد قناع يحتمي به لتصفية حسابات سياسية لا يستطيع مقاومة غوايتها.لم يجعل الكاتب (مايتا )شيوعيا فحسب وإنما تروتسكيا أيضا على الطرف ألقصي من أليسار ليسخر على هواه من ألجعبة كلها ولم يكتفي بقبحه وشعره ألأشعث وأسنانه ألمتفرقة وأقدامه ألمسطحة ومشيته (كمن يسير على بيض ) فجعله مخنثا (شاذا جنسيا ) أيضا وتتألف الرواية من عشرة فصول ويقوم الكاتب في الفصول التسعة الاولى بسياحة عبر الأماكن والشخوص الذين عرفوا مايتا قبل ان يذهب الى ( خاوخا ) وهي المدينة الصغيرة والتي سقطت بيد الثوار ليوم واحد وهنا يبدع الكاتب بتصوير البيرو ببؤسها وشعبها الفقير وجنرالاتها التافهين وكذلك أعراقها من بيض وزنوج وملونيين وهنود ناهيك عن جغرافيتها المعقدة وهو حين يصفها ( بالمزبلة ) فإنما يعطي المبرر( دون ان يعلم )لمايتا ورفاقه بانتفاضتهم رغم الاستهانة البادية على توصيفاته ويدعي الراوي انه ومايتا كانا صديقين في الطفولة ولكن في الفصل الأخير وهو الفصل المخصص للقاء الراوي ومايتا بعد اكثر من ربع قرن على الانتفاضة لايبدو ان احدهما يعرف الآخر ونجد الكاتب هذه المرة ضائعا امام الكم الهائل من (التلفيقات ) التي تراكمت في الفصول السابقة اما مايتا فهو بصمته وسط اكوام الازبال والاعوام الطويلة وراء القضبان يبدو مضاءا بنور الثورةووقارها ومرة قال تروتسكي (ان الظروف الموضوعية للثورة العالمية قد نضجت بل وتعفنت .......... ) وهذا مافعله مايتا على طريقته الخاصة فحتى بعد ان يخذله رفاقه بما فيهم حزبه (حزب العمال الثوري التروتسكي ) ليبقى وحيدا باستثناء ثلاثة رفاق ومجموعة من الصبيان حيث يقول لاحدهم (لا تبك , لاتمنحهم هذه المتعة ) فهو يقول لنفسه وهو يرى حلمه يتلاشى ,انهم نجحوا فلقد جعلوا فكرة الثورة ممكنة ,ورغم أهواء الكاتب فانه لم يستطع ان يقصر ولو بوصة واحدة من قامة رفيق مايتا (باييخوس )هذا الضابط الشاب الذي يصغره بعشرين عاما تقريبا حيث كان احدهما يكمل الاخر واحدهما يقود الاخر لينتهي صريعا مضرجا بدمائه هناك في اعالي الجبال وهو يتنفس الهواء النظيف للثورة ,وفي الرواية ايضا شخصيات كثيرة ابدع الكاتب في رسمها سنتركها للقاريء ونحن ندعوه لقراءة (قصة مايتا ) حكاية ثوري معزول وقصة ثورة منسية .

كامل عبد الرحيم السعداوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قراءة خاصة
سعد محمد رحيم ( 2011 / 11 / 30 - 17:43 )
في هذه المقالة اقدم الصديق كامل عبد الرحيم على إنجاز قراءة خاصة لرواية يوسا المسماة مايتا.. وهي قراءة في المتن أو الثيمة من منظور سياسي فالكاتب لم يبخس الروائي حقه أو يقلل من منزلته الفنية وإنما سعى للنفاذ إلى لا وعي الروائي نفسه لكشف دوافعه الخفية في تصوير المناضل اليساري على هذه الشاكلة.. وإشارته إلى انتصار الشخصية على خالقها موقفاً ومبدءاً وحضوراً هي دليل على أن الشخصيات الحية في الأعمال الروائية تتمرد على صانعيها وتسلك وفق مشيئتها وإرادتها .. وتبقى الرواية على الرغم مما يؤخذ عليها وثيقة عن صراعات اليسار وبطولاته وإخفاقاته في منعطف مهم من تاريخ أمريكا اللاتينية

اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??