الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقاط الانفتاح

زهدي الداوودي

2011 / 11 / 30
الادب والفن


قصة قصيرة
كان ذلك في صيف العام 1971 حين زرت الوطن بعد انقطاع دام أربع سنوات مرت ببطء شديد بخلاف السرعة الصاروخية التي تمتاز بها الأعوام في زماننا هذا. وكانت لزيارتي تلك أهمية استثنائية لي ولأهلي، ذلك لأنني تركت الوطن في نهاية ربيع 1967 بجواز سفر مزور، الأمر الذي أدى إلى أن يتصور أهلي ولا سيما والدتي بأنهم لن يروني مرة أخرى. وفي الحقيقة كان الباعث الأول لزيارتي هو تجربة الجواز الجديد الذي حصلت عليه نتيجة للانفتاح المزعوم الذي قامت به السلطة آنذاك. ولا أدري كيف تم اختياري لمهمة السفر من قبل الطلبة الذين حصلوا على جوازات جديدة استنادا إلى الأمر الصادر بمنحي هذه الوثيقة المهمة. ولغرض في نفس يعقوب، قررت أن تكون سفرتي مفاجأة سواء بالنسبة لأهلي أم للسلطات الحكومية التي لا شك أنها لن تغمض عينيها عن مثل هذه الخطوة التي لا يمكن أن توصف من قبلهم، إلا بالوقاحة. كان من المفروض أن أحيط الرجل المسؤول من جانبنا في بغداد، المرشح لتسلم منصب وزير، بأمر زيارتي، كي يرسل أحدهم لاستقبالي في المطار. كنت أريد أن أعرف إذا ما كان الانفتاح عاماً أم أنه يشمل فئة معينة فقط؟ كان هذا الاقتراح في الحقيقة قد جاء من جمهرة الطلبة الملاعين الذين كانوا يعتبرون جوازاتهم فخا لإيقاعهم في شباك السلطة.
أدى إصراري على كتمان السفرة إلى أن أحل ضيفا ثقيلا على سجن المطار. كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل حين هبطت طائرة اليوشن في مطار بغداد. حاول رجل الأمن الذي قادني إلى الموقف أن يبرر موقفهم ويقدم لي شبه اعتذار، قائلا أن هناك عدة أسئلة روتينية يلقيها علي الضابط الخفر. وسوف تستغرق العملية كلها أقل من نصف ساعة ثم تنصرف إلى سبيلك. انتظرنا أكثر من نصف الساعة دون جدوى. قلت لرجل الأمن بكل هدوء:
"لا تنس يا صديقي إنني جئت إلى الوطن كي أسجل عليكم النقاط"
أحسست من نظراته وملامح وجهه الجامد أنه لم يفهمني أو اصطنع عدم الفهم. بيد أنه توجه إلى غرفة الضابط الخفر الذي كان مستغرقاً في نوم عميق. وبعد أن ايقظه شرح له أمري وضرورة قيامه بالتحقيق معي. قال له الضابط بخمول وهو يدفن رأسه في الوسادة:
"الآن ما عندي وقت. غدا مع بدء الدوام يجري التحقيق"
وما كان من رجل الأمن إلا وقادني إلى غرفة فارغة بسرير حديدي. وبعد أن أرغمني على الاستلقاء على السرير، ربط يدي اليمنى على مسنده بقيد قائلا بهدوء:
"ألعن أبوك، لأبو الانفتاح، لأبو الذي أعطاك الجواز، لأبو الذي يعترف بيكم..أنتم مو مال وجه.. هاي كم نقطة صارت؟ سجل ولا يهمك"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي