الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار العربي والظروف المستجدة

ناصر عجمايا

2011 / 12 / 5
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


بداية أنا لا أعتبر التغييرات الحاصلة ، في قسم من الدول العربية أنها ثورات ، والسبب هو عدم حصول تغيرات أجتماعية وأقتصادية وصحية وتعليمية وحتى سياسية بالوقت الحاضر ، وبأعتقادي علينا ان نطلق عليها (أنتفاضة الشعوب) ، لما آلت اليه الأوضاع من سوء الى أسوء ، خلال أكثر من قرن لزمن غابر عاصف .. بالتاكيد كانت مشاركة القوى الوطنية ، فاعلا ومؤثرا لخق الحدث والتغيير الحاصل ، ولكن الجهل الملازم لشعوب هذه الدول ، جعلها في غيبوبة الاختيار بسبات متقطع ، فهل ستصحوا الجماهير لتغيير موقفها وأستعادة وعيها ؟ ، ام تبقى في غيها وسباتها؟ ، ان ذلك يتطلب جملة عوامل لدراستها بأمعان عموماّ معاناة الجماهير مزيدا من القهر والظلم والتعسف والقتل والسجون والعنف المتواصل والفساد الفكري والمالي ، وخصوصا قوى الخير المتمثلة ، بقوى التحرر والحرية ، المتمثلة باليسار الوطني الديمقراطي ، وهذا بالتأكيد أضعفها كثيراّ ، ناهيك عن جعل الشعوب العربية ، تتراكض وراء لقمة العيش للحصول عليها ، فكيف لها ان تتحمل النضال الشاق والعنيف في ظل الاستبداد المتواصل؟ ، الذي كان يمارس ضدها طيلة عقود ، لسلطة قامعة تمتلك كل الوسائل المتاحة ماليا وأعلامياّ ، ومع هذا وذاك أفرز المجتمع طبقة مثقفة مضحية ، عانت الكثير ليس فرديا بل عائلياّ ، بسبب مواقفها المبدأية الثابتة تجاه شعبها ووطنها نتيجة الوعي الطبقي.
ان تلك الانتفاضاءات المتواصلة ، كان لها دورها المرموق والمؤثر ، في حركة الجماهير وتحفيزها لوعيها النسبي ، ومواصلة العمل والتحرك الى امام ، بعد دراسة واقعها وظروفها القاهرة ، التي كانت تبتز من قبل حكوماتها الدكتاتورية الفاسدة وأنظمتها الأستبدادية ، وتمكنت الى حد ما استنباط ظروف جديدة ، للعمل المستقبلي من أجل جيلها الشبيبي وللاجيال اللاحقة ، وما يربو لها في العمل اللاحق بتحدي ، وعلى القوى اليسارية ان تتحرك بين الجماهير ، وتوسع شبكتها العنكبوتية وتكسب الجماهير من جهة ، وتوسع تحالفاتها المرحلية من جهة أخرى ، والكف عن تعميق الخلافات لقوى اليسار ، في اية دولة والعمل ضمن قاسم مشترك أصغر ، وهو الطريق الوحيد لديمومة الصراع ونجاحه ، ضد القوى الظلامية الاسلامية المسيسة والمؤدلجة.
اول عمل تُقدم عليه قوى اليسار هو ترك ، الايديولوجية الفكرية جانيا ، والعمل مع الحدث بدراية وحنكة ، وفق (نظرية الفعل الآني المطلوب للتحرك الجاد) بطرح شعارات واقعية عملية ، الخبز والخدمات والعمل والضمان الاجتماعي والدراسي والصحي والامني أولا ، بعيدا عن ممارسة الفلسفة والنظريات العلمية ، وطرح شعارات موضوعية جادة لحركة المجتمع آنياّ ، والنزول الى المستوى الفكري للجماهير ، مطلوب من قوى اليسار العمل الجاد ، لمعالجة وضعها التنظيمي المتصلد ، ومراجعة الذات بشكل عملي متواصل ، بالابتعاد عن القناعة بان الجماهير الفقيرة ملك لها ، ون الاخيرة ذات مصالح تتفق مع توجهات قوى اليسار ، ولابد من العمل وفق أسس جديدة فاعلة ، لتقريب الشبيبة والالتزام بها وتوجهاتها وتوجيهها في خدمة الناس ، وهي جديرة بتفهم المنطق الجماهير وحسها الشعبي بذكائها المفرط ، وخصوصا المرأة التي تستوعب تواجدها ومصالحها ولغتها الخاصة ، وهي جديرة حقا بترتيب نفسها على احسن وجه ، لذا تقوم النساء بحضنهم تنظيميا وتدريبهم جماهيرياّ ، بالتعاول مع جيل الشبيبة الواعي ، هو الطريق السليم لكسب الجماهير وضمها وأفهامها مواقعيا ، من الأحداث التي طرأت وزلزلت تحت أقدام الأستبداديين.
في الجانب الآخر على الحركات السياسية اليسارية ، رسم برنامج عملي واقعي تستوعبه الجماهير الغاضبة ، واستغلال كل كبيرة وصغيرة في الحدث ، وافهام الجماهير ان ما حدث ، هو نتيجة نضال شاق وتضحيات جسيمة ، لرجال نذروا أنفسهم وناضلوا من أجل شعبهم ووطنهم ، لحياة افضل بتجدد ورقي ، وهم أوقدوا اجسادهم حباّ لشعبهم ومستقبل أوطانهم ، بعيدا عن حب الذات والمصالح الفردية ، بل كانوا دائما مع العموميات في خدمة شعوبهم وهم جزء منه ، وهذا يتطلب لم شمل القوى التقدمية واليسارية التي تهمها الجماهير الغفيرة ، للخلاص من الاوضاع الاستثنائية المدمرة والحكومات الاستبدادية الجائرة القمعية ، والمرأة والطفولة والامومة وصحة الشعوب وحياتهم هي السمة الكبرى ، امام اليسار الوطني الديمقراطي ، للخلاص من عبودية الفرد والمجتمع والدولة ، للانطلاق للحرية الدائمة والعيش السعيد الرغيد ، تلك هي مهمات قوى الحرية والتحرر الوطني ، قوى مناهضة للاسلام السياسي المتخلف ، المربوط بأسياده الامريكان الداعمين له ، وهذا يتطلب مزيدا من الحوار والالتقاء المتواصل والدائم ، لسد الطريق امام قوى الظلام المتمثل بالاسلام السياسي.
لا ننسى وكما قلنا ، اليسار مطلوب منه مزيدا من كسب الشبيبة المتألقة لكلا الجنسين ، كونها تمتلك قدرات وآليات العمل الشبيبي الآني والمستقبلي ، لان الحياة للتطور والتقدم التكنولوجي والعلمي ، يتطلب أستيعاب الثورة المعلوماتية ، والتواصل معها لكل جديد ، والشبيبة بالتأكيد هي التي تملك زمام التواصل والمبادراة الجديدة والتعامل التكنولوجي ، وفق متطلبات العصر الحديث المتجدد دائما ، لذا على قوى اليسار التي تعاني الشيخوخة وبعمر تجاوز ستون عاما ، ليبقوا مستشارين فقط لقوى الشبيبة المملوءة بالحيوية والتواصل علميا ومعلوماتيا ، بتعاملها مع تقنيات جديدة ،الانترنيت من خلال الفيس بوك وتويتر ، وكل جديد مستنبط لاحقاّ.
حقيقة ما نراه ونلمسه عمليا ، للحوار المتدن الذي أصبح بحق ويقين ، موقع يساري علماني يستحق كل التقدير والاحترام والالتزام والتواصل معه ، لزرع بذور التغيير الايجابي فكريا وسياسيا وعلميا ، من خلال الأختلافات في وجهات االنظر المطلوبة ، والتي نعتبرها صحة ومطلوبة ، للتفاعل من أجل التغيير نحو الافضل ، بعيدا عن التحزب والتصلد والتزمت والنرجسة ، التي دمرت ولا زالت تدمر توجهاتها الفكرية ، كون الحقائق على الارض لا يمكن ان تكتمل حتى بحدها الأدنى ، عندما تكون متقوقعة على ذاتها ، بعيدا عن النقد وتحملها للنقد البناء ، وغالبا تلك القوى الفوقية وللاسف ، ترى نفسها هي الوحيدة المالكة للحقيقة ، لتقوم بأخطاء جسيمة لا مجال لذكرها في هذا الجهد المتواضع ، ونتيجة ذلك تجاملت شعوبها ، وتلك القوى المآسي والويلات لها ولشعوبها المظلومة ، والحوار المتمدن ساعي ، لنشر جميع المساهمات مهما كانت نوعيتها وأختلافاتها ، شريطة ان تتلائم وتوجهات الموقع الفكرية بحرية كاملة ، وهذا العمل والتوجه ، يجب تقيمه والاهتمام به من قبل الجميع ، هنيئا للموقع بذكراه العاشرة ، وله مني باقات ورود دائمية ، ولادارته الناجحة ولجميع المساهمين في اغناء الموقع الاغر.. ودمتم لشعبكم خير معين بتواصل سلس ، انه يستحق مزيدا من الجوائز والتقييم من لدن شعبنا والعالم أجمع.
ناصر عجمايا
ملبورن استراليا
30112011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية