الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروس من بنغلادش (2)

جاسم الحلفي

2011 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ضيّفت جامعة دكا الكبيرة وحدائقها الواسعة في أيام 18-25 الشهر الماضي، فعاليات المنتدى الاجتماعي لجنوب آسيا، واجتماع اللجنة الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي. وبما أن الفعاليات المذكورة لا تهدف إلى أي نوع من التمييز الديني او الطائفي او العرقي، وإنما تكرس بقوة الكفاح ضد استغلال الشعوب وإفقارها، فان الجامعة هي المكان المناسب لها، وهذا ما جاء أيضا في كلمة رئيس الجامعة في حفل افتتاح المنتدى. فالجامعة في بنغلادش ليست طرفا في الصراع الحزبي، ولا يسمح باستغلالها من طرف الحزب الحاكم لتزيين صورته. كما انها لا تعيش بمعزل عن الهموم العامة للبلد، وليست مستقلة عن معاناته والتحديات التي تواجهه. فالفقر والفساد وقسوة الحياة هي مواضيع توفر الجامعة مناخات لمناقشتها وبلورة الأفكار بشأنها. لذا جرت الفعاليات دون عرقلة، وكان رئيس الجامعة الذي افتتح فعاليات المنتدى هو نفسه من اختتم مهرجانه الأخير.

لا يتزاحم المسؤولون هناك على الكراسي الأمامية في الفعاليات الجماهيرية، ولا في ورش العمل، انما الكرسي متاح لمن يرغب في الجلوس. لا كما عندنا حيث تحجز الكراسي الأمامية للمسؤولين، الذين لم يكتفوا بهذا التقسيم، انما يبدأ تنافسهم على موقع الكرسي في الصف الأمامي! وعادة ما يجد منظمو الفعاليات في العراق حرجا في حجز مقاعد الصف الأمامي، حتى ان احد الظرفاء اقترح ذات مرة تصميم قاعة للفعاليات تتكون من صف واحد فقط (أمامي طبعا) من اجل إرضاء نرجسية المسؤولين ورغبتهم في الجلوس في المقاعد الأمامية! وكان يغيب عن الفعاليات هناك كذلك مشهد الحمايات وسلاحهم المدجج، ووقوفهم باستعداد وتأهب وكأنهم في ساحة معركة، وليس في احتفال لسماع الخطب والموسيقى والاناشيد!
كان البنغلاديشيون كرماء معنا، فالفقر لا يلغي الكرم. وقد خصصوا أكثر من جلسة لقضية فلسطين، التي لم يكن حماسهم لها اقل من حماس اي ناشط فلسطيني. كما انهم أصروا على تنظيم ندوة عن العراق، ولكي نسهم، نحن اعضاء الوفد العراقي، جميعا في الفعالية ولا نختلف في نقل الصورة، او في "عرض النصف المملوء من ألكاس، ام نصفه الفارغ؟" اتفقنا على أن يطرح كل رؤيته، وقسمنا المواضيع على وفق الاختصاص والاهتمام.

استثمر البنغلاديشيون الفعالية أقصى استثمار، ووضعوا جدول عمل دقيق التنظيم. فبالإضافة الى المظاهرة العالمية من اجل " عالم آخر ممكن" حرصوا على عقد ورش لبحث مواضيع سياسية وفكرية وتنظيمية، بهدف الاستفادة من العولمة في كل أبعادها، مع عدم الاستسلام لمن يضفي عليها طابع التوحش، والى جانب مقاومة الاستغلال والإفقار أينما وجد. كذلك بُحثت موضوعة " العولمة الإنسانية" التي يجب ان تسود في نهاية المطاف. لم تستنفد الورش والبحث النظري وقت المنتدى، فهذه كانت تنتهي في منتصف النهار، أما المساءات فقد خصصت للموسيقى والرقص والغناء، ما جذب عشرات الألوف من المشاركين.

من جهة أخرى كان لمنظمات المجتمع المدني حضورها المتميز، فإلى جانب السياسيين كانت مشاركتها واضحة في النقاشات، وقد أسهمت في توفير ما تستطيع بهدف إنجاح ورش العمل والمهرجانات الفنية. ليس هذا وحسب، بل أقيم مخيم اشترك فيه أكثر من 300 منظمة مجتمع مدني، وتضمن سوقا خيرية لبيع ما أنتجته أيادي أعضائها، ولعرض انجازاتها، التي غلب عليها طابع التأهيل والتمكين. فيما غاب عمليا الطابع الاحساني، رغم أهمية ذلك في البلد الفقير. ولهذا أيضا لم تتزاحم المنظمات على الأجانب باعتبارهم ممولين، انما باعتبارهم شركاء في درء الفقر والعوز والحاجة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -