الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نزعة الاستعانة أوجلب الأجنبي للشؤون الداخلية:العراق نموذجاً

محمد سيد رصاص

2011 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


كان آل بوربون حالة استثنائية في التاريخ الغربي لماأعادتهم حراب الجيوش الأجنبية للسلطة في باريس إثر هزيمة نابليون في معركة واترلو بعام1815.تكررت حالة واحدة بالقرن العشرين،في نرويج1940مع زعيم(حزب الاتحاد الوطني) فيدكون كويزلنغ،الذي اجتمع مع هتلر والقادة الألمان وشارك في التخطيط لاحتلالهم بلده في نيسان1940،قبل أشهر من حصوله،وعندما جرى الاحتلال ،ورفض الملك والحكومة التعاون مع المحتلين،أعلن الألمان كويزلنغ رئيساً للوزراء قبل أن تجبر المقاومة الألمان على الحكم المباشر للنرويج.في عام1945اعتقل كويزلنغ وأصدرت محكمة نرويجية الحكم عليه بالإعدام،الذي نفذ في يوم24تشرين أول1945.
في العالم العربي،كان هذا نادر الحصول أيضاً،ولم تحصل سوى حالة واحدة بالنصف الأول للقرن العشرين ،لماأعادت الجيوش البريطانية ،بعد هزيمتها لقوات رئيس الوزراء العراقي رشيد عالي الكيلاني،الأسرة الهاشمية الملكية لبغداد في شهر حزيرانيونيو1941بعد أن هربت من هناك قبل أشهر.خلال النصف الثاني من القرن العشرين كانت بلاد الرافدين هي المسرح العربي الوحيد للإستعانة بالأجنبي،قبل أن تتطور الأمور عند معظم المعارضة العراقية ،بين عامي2001و2003،إلى جلب الأجنبي لغزو بلدهم واحتلاله.
خلال عام 1969،كان هناك اعداد لخطة انقلاب عسكري ضد حكم حزب البعث في بغداد،تحت اشراف شاه ايران شخصياً ورئيس جهاز المخابرات الايرانية(السافاك)نعمة الله نصيري:شارك من العراقيين في ذلك،كل من رئيس الوزراء العراقي السابق عبد الرزاق النايف،والعميد المتقاعد عبد الغني الراوي،وكل من الملا مصطفى البرزاني والسيد مهدي الحكيم ابن المرجع الأعلى في النجف السيد محسن الحكيم(توفي عام 1970،وهو والد السيدين محمد باقر وعبد العزيز).اكتشف البعثيون الخطة في الشهر الأول من عام1970،وأعدم العشرات من الضباط العراقيين.
أثناء حرب1980-1988العراقية الايرانية،تم انشاء"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق"عام1983وأعلن عن قيامه بطهران وتولى رئاسته لفترة آية الله محمود الهاشمي الشاهرودي،الذي تولى فيمابعد رئاسة السلطة القضائية الايرانية حتى عام2009.في البداية ضم هذا المجلس معظم التنظيمات الاسلامية الشيعية العراقية،ثم انسحب منه حزب الدعوة،ليبقى من بقي فيه بزعامة آل الحكيم بمافيه"فيلق بدر"الذي شارك في النشاط الحربي الايراني ضد القوات العراقية بالحرب. بعد انسحاب القوات العراقية من الأراضي الايرانية في أيار1982ودخول القوات الايرانية لاحتلال أراض عراقية تعالت أصوات قيادية في الحزب الشيوعي العراقي لجعل شعار(وقف الحرب)له الأولوية على شعار(اسقاط الديكتاتورية):في المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي،المنعقد بتشرين ثاني1985 في قرية زويكة بمحافظة أربيل التي كانت تحت السيطرة المشتركة لقوات حزب مسعود البرزاني(الذي كان مقر قيادته آنذاك بطهران)والايرانيين،تم فصل قياديين كبار من الحزب طالبوا بذلك الرأي أواستبعدوا من الترشح للجنة المركزية ليتم فصلهم لاحقاً:نوري عبد الرزاق،مهدي الحافظ،باقر ابراهيم،حسين سلطان،عدنان عباس،عبد الوهاب طاهر.
في مرحلة مابعد الغزو العراقي للكويت 2آب1990وحرب خليج1991،لم تقف أية قوة عراقية معارضة رئيسية(المجلس الأعلى- حزب الدعوة- الحزب الشيوعي- الحزب الديمقراطي الكردستاني- الاتحاد الوطني الكردستاني) ضد العقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الأمن على العراق ولم تقل أية كلمة إدانة للقصف الذي طال البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية والمدنية العراقية أثناء حرب17كانون ثاني- 28شباط1991.في شهر آذار1991قام التنظيمان الشيعيان بالجنوب والحزبان الكرديان بالشمال بانتفاضتين مسلحتين مستغلين الهزيمة العسكرية لاسقاط سلطة صدام حسين في بغداد،ولكن يبدو آنذاك أن حسابات جورج بوش الأب كانت أكثر استشرافاً من ابنه بعام2003لمارأى بأن البديل في بغداد لن يكون سوى القوى الموالية لطهران،لذلك ترك صدام يسحق الانتفاضتين ثم جعله مستمراً في برادي العقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية ريثما تستطيع واشنطن تأمين بديل لصدام كان من الواضح طوال التسعينيات أنه لن يكون سوى من "الوسط الجغرافي العراقي" ومن التركيبة الحاكمة.
كان اقتراب واشنطن في فترتي بوش الأب وكلينتون من المعارضة العراقية مبنياً على هذه الاستراتيجية لاستخدامها كشوكة ضد النظام العراقي:في عام1992تم انشاء"المؤتمر الوطني العراقي"بمشاركة حزب البرزاني وحزب الدعوة والحزب الشيوعي،ثم انسحبت منه الأحزاب الثلاثة المذكورة ليبقى منظمة يرأسها أحمد الجلبي.خلال فترة قصيرة من انشاء المؤتمر جرى لقاء لقيادته مع وزير الخارجية الأميركية جيمس بيكر.في عام1993رفض المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي العراقي اقتراح القيادي القديم في الحزب زكي خيري ب"تأييد رفع الحصار الاقتصادي دون قيد أوشرط عن العراق"(زكي خيري:"صدى السنين"،طبعة1996،دون مكان أوجهة الطبع،ص353).في عام 1996،الذي جرت فيه عملية أربيل(31آب)التي استعان فيها مسعود البرزاني بقوات صدام حسين لاخراج قوات جلال طالباني التي احتلت تلك المدينة قبل أيام،تلقت الاستخبارات الأميركية ضربة كبرى من خلال قتل كوادر وضرب مقر مركزي للعمليات كان الجلبي قد أقنع الأميركان بإقامته هناك،وليكون هذا نهاية لعلاقته بc.i.aوبداية لعلاقة مع البنتاغون،حيث اشتغل هناك لوحده بمعزل عن شركائه العراقيين المذكورين الذين انفضوا من حوله بين عامي1995و1996. في تلك الفترة لم يدخل العراقيون في التنظير لهذه الحالة،إلا لماماً، كما فعل عامر عبد الله(القيادي الشيوعي التاريخي)الذي يتحدث الدكتور عبد الحسين شعبان عن مواقفه أثناء مجيئه للندن في أواسط التسعينيات "والمتعلقة بشأن تسفيه فكرة السيادة وتبرير القرارات الدولية..والتعويل على العامل الخارجي" (عبد الحسين شعبان:"الجوهر وجدلية الأمل والقنوط"،كلمة ألقيت باحتفالية مقامة في لندن يوم15أيار2010بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل عامر عبد الله،منشورة في موقع"الأفق الاشتراكي"بتحديث يوم4حزيران2010).
كان ضرب برجي نيويورك في 11أيلول2001 فاصلاً في تحول الاستراتيجية الأميركية نحو اسقاط صدام حسين:خلال شهر آب2002زار وفد كبير من المعارضة العراقية،برئاسة السيد عبد العزيز الحكيم ،مقر وزارة الخارجية الأميركية بواشنطن،وهو ماحصل أيضاً مع معارضين آخرين التقوا بالإدارة الأميركية كان منهم أمين عام الحزب الشيوعي حميد مجيد موسى البياتي.
نرى تبريرا سياسياً لهذه النزعة في المراهنة (أو التعويل) وملاقاة العامل الخارجي من خلال ممثلية "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق" بلبنان التي أرسل مكتبها الإعلامي ببيروت لجريدة"السفير"(30أيلول2002)رداً على نقد كميل داغر للقاءات وفد المعارضة العراقية،ومنهم السيد عبدالعزيز الحكيم ، مع مسؤولي البنتاغون والخارجية الأميركية بواشنطن،والذي حوى الكلمات التالية:" عندما أكدت المعارضة العراقية في واشنطن أنها لا يمكن إلا أن تمارس دور الشريك في مهمة إسقاط النظام الديكتاتوري في بغداد فإن هذا لا يعني أنها مع غزو العراق واحتلاله من قبل القوات الأميركية.....إن المعارضة العراقية حين تشتغل على دور الشريك فهي تعمل من أجل ألا تنفرد واشنطن بكامل الملف العراقي وبالتالي الانفراد بتقرير المستقبل ونظام الحكم وكل القضايا المتعلقة بمصير شعبنا.فهل أن الوقوف ضد الرغبة الأميركية بالاستيلاء على كامل الملف العراقي ومنع الاستفراد بالمشاركة(الشراكة)خطأ سياسي وأخلاقي وقومي قاتل؟.....إن التدويل (المرعب)الذي أصبحت عليه القضية العراقية وتعقيداتها الداخلية والخارجية دفعتنا وتدفعنا باستمرار إلى التعاطي بمسؤولية وأمانة مع واقعياتها السياسية وأجوائها الراهنة.فإذا كانت تلك القضية بتعقيداتها المشار إليها هي اليوم على طاولة الرئيس بوش فهل نهرب من مواجهة هذه المسؤولية ونتوجه لحل قضيتنا وأزمتنا ومعاناة شعبنا إلى السودان وإريتريا".
في أيام13-15كانون أول2002انعقد مؤتمر لقوى المعارضة العراقية بلندن،شارك فيه"المجلس الأعلى" وحزبا البرزاني والطالباني،و"المؤتمر الوطني"(الجلبي)و"حركة الوفاق"(إياد علاوي)،مع مقاطعة قوى مثل حزب الدعوة والحزب الشيوعي والحزب الاسلامي(الفرع الإخواني العراقي) لم تقل كلمة واحدة ضد الخطط الأميركية المعلنة لغزو العراق ولكن قاطعت المؤتمرلأسباب سياسية أخرى.كان حاضراً في المؤتمر المسؤول الأميركي زالمان خليل زادة،الذي شارك بمؤتمر بون(كانون أول2001)مع المعارضين الأفغان لرسم ملامح أفغانستان مابعد طالبان ،ولكن الذي عقد بعد الغزو الأميركي(7تشرين أول2001)لأفغانستان،وليس قبله كماهو حال ذلك المؤتمر العراقي المعارض الذي انعقد قبل الغزو الأميركي لبلاد الرافدين(19آذار2003).أثناء مؤتمر لندن قال الطالباني:"لم نستطع التغيير بواسطة قوانا الذاتية،يجب أن نكون واقعيين ونقر بذلك.القضية تم تدويلها ولنا الحق بالمطالبة بدعم دولي ويجب أن لانخجل"(جريدة"السفير"،16كانون أول2002)وهو ماأكد عليه البيان السياسي للمؤتمر:"أهمية اغتنام الفرصة التي توفرت مجدداً أمام الشعب العراقي من خلال استثمار العامل الدولي لإسقاط النظام العراقي الفاشي"("المرجع السابق").
شاركت تلك القوى العراقية الثمانية،المشاركة والمقاطعة لمؤتمر لندن،في "مجلس الحكم"الذي شكله الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر في يوم الأحد12تموز2003،في مرحلة مابعد سقوط بغداد في يوم الأربعاء9نيسان2003،حيث بقيت مسؤولية القضايا الأمنية بين يدي بريمر و"حق نقض قرارات المجلس كلها".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى