الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شباب التحرير صناع التحرير

نادين البدير

2011 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



إن سارت الأمور بمسارها الطبيعى، فسينقسم تاريخ البيئة العربية الحديثة لمرحلتين: مرحلة ما قبل شباب التحرير، وبيئة ما بعد شباب التحرير.

آثار الميدان لن تنحصر بثورة أنهت الحكم السابق وتنادى اليوم بإنهاء دور المجلس العسكرى، آثار الميدان ستنغرس بتربة الموروث وستمتد طويلاً حتى تصل لجذور الثقافة العربية العتيدة، لتنتزعها وتحط مكانها بذوراً أخرى جديدة صنعها رواد التحرير. أول الأمثلة ثقافة العصيان. وعصيان الأفراد تهمة غير حميدة على المستوى العربى، قد يتهم بها مواطن من قبل النظام مثلما يتهم بها بن أو ابنة أو زوجة ... إلخ.

العصاة الذين فكروا يوماً بالتمرد على ولاة أعلى منهم بدرجات السلم المجتمعى أو العائلى أو السياسى غداً، لن يعود العصيان تهمة (بالمطلق)، بل شىء منه سيكون محبباً (عدا عصيان القوانين)، سيعاد تعريف العصيان ليصبح حقاً مشروعا فى الدفاع عن الإرادة، وسيغدو إحدى أهم أدوات الديمقراطية، وستمر هيكلة العلاقات الإنسانية بين الأفراد بمرحلة خلق جديد يتبعها حالة من الازدهار المجتمعى. إن سارت الأمور بمسارها الطبيعى، فستكون المنازل العربية مصدراً للحكم الديمقراطى وستنجب رؤساء وزعماء مؤمنين بالرأى الآخر، إذ لن نتوقع من تربية عائلية معتمدة على مصادرة الرأى والفكر تحت مسميات تقليدية مختلفة أن تنجب إلا مستبداً، ولم يأت الحكام العرب بعروشهم الكبيرة على مدى عشرات السنوات السابقة إلا من منازلنا العربية الصغيرة.

لا يمكن الفصل بين دار العائلة ودار الحكم. والثورة العربية التى تلتزم بحدود الشارع ولا تدخل للمنازل لا يجب اعتبارها ثورة بل نزوة. أرى أن الانقلاب على نظام الحكم المستبد يجب بالضرورة أن يتبعه انقلاب على المبادئ الحياتية التى خلقت ذلك الاستبداد. نظرة ثقافية لقضية رفض شباب التحرير جميع القوى السياسية، ستحيى قصة صراع الأجيال، خصوصاً صراع الأب وابنه، الأب الذى فهم أن دوره يعنى امتلاك الابن وتحريكه كيفما يشاء، والابن الذى يحاول أن يشق لنفسه طريقاً بعيداً عن جلباب أبيه. ليتولد كالعادة نزاع يفقد العلاقة قيمتها وداعتها.

وتتحول العلاقة الأبوية فى النهاية لعلاقة حب وكراهية قائمة على نكران الكبير لحق الصغير فى تسلم زمام الأمور، قلب الشباب طاولة الثقافة العربية رأسا على عقب، هذه المرة جعلوا لصراعهم مع الآخر مفهوماً لا علاقة له بأسس الفوقية العمرية والطبقية والنخبوية السائدة، حتى أسسوا، ربما دون أن يشعروا، بداية لقيم عربية جديدة، بأخلاقيات جديدة، بتربية جديدة وبمعالم طرق مختلفة.

الصغار صنعوا التاريخ، ولا ننسى أنهم وحدهم الذين تمكنوا من التحرر من عقد كالخوف، الطاعة العمياء، الانقياد بلا وعى، نعم بلا نقاش، نفاق على الدوام، ورضوخ للتحكم بالمصير... إلى آخر ما كان يخيف الكبار.

شباب التحرير صنعوا شريطاً ألصقوه بذاكرة كل عربى، حتى إذا خشى صحفى أو مواطن من التعبير عن آرائه ظهرت له فجأة مشاهد أولئك اليانعين يموتون ويضربون، وتلك النظرات العنيدة نقلتها الكاميرات فى عيون وأجساد لا تخاف من أجل الحرية والديمقراطية. قد لا يتطاول المواطن العربى فيقول كلمته اليوم، لكن مؤكد أنه سيفعل غداً ضمن التحول بالثقافة العربية نتيجة ثورات الشباب العرب.

عموماً، إن رفعت المواقع الاجتماعية من سقف حريات التعبير حتى بأقسى الدول مصادرة للرأى، لا يخش المشاركون بتلك المواقع من نشر أسمائهم الحقيقية وهم يعلنون رأيهم الصريح واللاذع بسياسة ما، مما أحرج عددا من الصحف الورقية العربية وأظهرها بمظهر الضعيف بسبب الالتفاف والنفاق الصحفى الموروث بعد هذا المعروف الثقافى الذى يرسى جذوره شباب الثورات.. من يجب أن يقود الثورة حتى النهاية؟

فى أحد النقاشات، قال الدكتور طارق الزمر للقيادى بائتلاف الثورة أحمد كامل إن الكبار هم من يملكون الخبرة، الكبار والقوى السياسية والتنظيمات والشيوخ وغيرهم، وإنه على الشباب عدم الانجراف وراء الفوضى، فرد الشاب: الخبرة بقالها عشرات السنين ولم يستفد الشعب منها شيئا، لا نريد خبرات..

قلة الخبرة هى التى صنعت الثورة معه حق. لكن رغم جماليات ذلك العناد الشبابى الممتع فإن للحياة أيضا مرونتها الممتعة. ما يحدث اليوم من ديمقراطية وانتخابات حقيقية بعد سنوات عجاف طويلة يدفع للفخر. فليستمتع أولئك الشباب بهذا الإنجاز. أظنهم رأوا مشهد ذلك الستينى بأحد المراكز الانتخابية وهو يبكى أمام الكاميرا ويقول: أول مرة أعيش مثل هذه الانتخابات، ليستمتعوا بهذه الأيام وليقرروا مستقبلاً ما يرونه صواباً. سبق أن قرروا يوم ٢٥ يناير ولم يتمكن أحد من إيقافهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي
حسني كباش ( 2011 / 12 / 1 - 09:03 )
البطلة نادين البدير أولا أود أن أحييكي على صمودك بوجه الأنظمة المستبدة و التيارات الإسلامية
أما بعد فأختلف معك بالرأيي حول نقطة محددة

لن يعود العصيان تهمة (بالمطلق)، بل شىء منه سيكون محبباً (عدا عصيان القوانين)،

عدا عصيان القوانين
دعونا نذكر أن الثورات العربية كلها انطلقت من عصيان الشعب لقانون الطوارئ فقانون الطوارئ مثلا لا يسمح بتجمع مليون شخص في ميدان التحرير
و هذه الثورات يا عزيزتي لن تكون الأخيرى فهي ثورات ديموقراطية تقوم بالقضاء على الديكتاتوريات و سيتليها ثورات - و لو بعد قرن أو أقل أو أكثر - تهدف للحرية الحقيقية دون أي شكل من أشكال الاستغلال و السلطة حيث سنعيش عالم الحرية و المساواة
و الثورة لم و لن تحدث يوما بشكل قانوني فهي بطبيعتها ممنوعة

الأناركي السوري حسني كباش


2 - ثورة ليست ثورة الشباب
سامي أحمد ( 2011 / 12 / 1 - 13:32 )
صحيح شاركوا الشباب الثورة بفاعلية ولكن الثورة ليست ثورتهم فقط وإنما ثورة الجياع ،ثورة العمال والكادين ،ثورة المهمشين والمحرومين من قبل الرجوازية القومية الليبرالية والرجوازية الإسلامية الرجعية .والشباب أيضا ليست كتلة متجانسة أو جسد واحد بل الشباب منقسم وفق التصنيف الطبقي أي أن هناك شباب ينتمي لطبقة العمال والكادحين وأخرى للطبقات المضظهدة بفتح العين .ولم يحصل أي تغيير سواء كان السياسي أو الإقتصادي أو الثقافي دون تغيير الحياة المادية والسياسية للعمال والكادحين أي أكثرية الساحقة في المجتمع الذي يعيش تحت خط الفقر وهذه هي دينامو الأصلية والأساسية لإستمرار الثورة والسبب إشعالها .


3 - شباب التحرير صناع التغيير
اكرم ابراهيم ( 2011 / 12 / 1 - 13:59 )
عزيزتى نادين الثائرة
الثورة بدأت ولن تنتهى فلايظن اى دكتاتور قادم انه سيضحك على هذا الشعب باى خطاب مهما كانت قدسيته ..هذه الثورة الشبابية نتاج ثورة الانترنيت والاتصالات..
ولكنى حزين لان هذا الشباب الذى ضحى بالمئات والالاف من المصابين بالعجز يتم سرقة ثورتهم والدليل لا وجود لهم فى نتائج الانتخابات عندها تذكرت قول الفيلسوف :
الثورة يصنعها الشرفاء
ووقودها الفقراء
ويحصد نتائجها الخبثاء
لكنى اقول للشباب اياكم واليأس فبفضلكم التغيير قادم ولكن اتحدوا اتحدوا اتحدوا فهذا ما تحتاجون اليه اليوم وغدذ..


4 - شباب التحرير صناع التغيير
اكرم ابراهيم ( 2011 / 12 / 1 - 14:31 )
عزيزتى نادين الثائرة
الثورة بدأت ولن تنتهى فلايظن اى دكتاتور قادم انه سيضحك على هذا الشعب باى خطاب مهما كانت قدسيته ..هذه الثورة الشبابية نتاج ثورة الانترنيت والاتصالات..
ولكنى حزين لان هذا الشباب الذى ضحى بالمئات والالاف من المصابين بالعجز يتم سرقة ثورتهم والدليل لا وجود لهم فى نتائج الانتخابات عندها تذكرت قول الفيلسوف :
الثورة يصنعها الشرفاء
ووقودها الفقراء
ويحصد نتائجها الخبثاء
لكنى اقول للشباب اياكم واليأس فبفضلكم التغيير قادم ولكن اتحدوا اتحدوا اتحدوا فهذا ما تحتاجون اليه اليوم وغدذ..


5 - كل من هب ودب
عبد الله اغونان ( 2011 / 12 / 2 - 03:41 )
حتى انت يابنت الحرة تكتبين عن الحرية والتحرير والثورة والثوار.الحرية عامة ولاتكون بالتقسيط

اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة