الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة القانون في عهد إبراهيم حسن محمود

مجدي مهني أمين

2011 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تفاجئنا الثورة.. عاملة زي ما تكون كهف عطر وانت دخلت فيه، أو إنك ، زي الأساطير والحكاوي، كنت ماشي وفجاة انزلق حذاؤك، رجلك كمان- من غير ما تدرى- هربت ورا حذائك البالي القديم، هوب كلك ورا رجلك وحذائك، مريت بلحظة انعدام وزن، مش عارف انت فين، وفجأة تجد نفسك في وادي الثورة تتفجر أمامك بطولات الثورة، تتفجر النداءات بالحرية والعدالة ورحيل النظام، ومحاكمة القتلة والجناة من الأمن المركزي، والشرطة العسكرية ، وكل من حرضهم واعطاهم تعليمات بقتل المتظاهرين، وينهال على راسك نداء القنابل المسيلة للدموع، والمثيرة للأعصاب، وترى حولك هذا يسقط، وهذا ينادي، وتحمل المصابين لأقرب نقطة اسعاف.

هدومك عدمت، وأصبحت كتلة من العرق والدم، والروائح تختلط في أنفك، لكنها عذبة كرائحة الطمي في ليلة ما، على شاطئ نهر ما، بالضبط رائحة الزرع قرب الحصاد، الزرع وهو يودع شهوره الأخيرة في الأرض قبل أن يرحل ويفارقها ثمارا ناضجة.

ثم يتضح الميدان أمامك، أنت في ناحية الأبطال، في ناحية الثوار المطالبين برحيل النظام، والناحية التانية الجنود، وضحت الصورة، هؤلاء من يقذفونكم بالقنابل المسيلة للدموع، وغازات الأعصاب، ويخطفون الأطباء وكل من تصل إليه أيديهم، وأنت ترجمهم مع الأبطال بالهتافات والطوب، وتنادي بالحرية ، انصهرت سيادتك وسط الناس، وسط الأبطال الثوار، وفجأة يسقط بين يدي الثوار واحد من الجنود، الجندي إبراهيم حسن محمود.

إبراهيم حسن محمود، مجند أمن مركزي، عاد من إجازته ليلتحق مع زملائه يوم الأحد 19 نوفمبر في مأمورية حماية مبنى وزارة الداخلية، وإبراهيم يجد نفسه مع زملائه في شارع محمد محمود، ليس لحماية الوزارة ولكن لإجلاء الميدان من الثوار، ويشتبك الأمن المركزي مع الثوار دون فائدة في إجلاء الميدان، وفجأة يطلب منهم الضابط التراجع ويأمرهم باستخدام الخرطوش في ضرب المتظاهرين، مؤكدا – أي إبراهيم- أن هؤلاء الضباط كانوا يتعمدون التصويب علي وجوه المتظاهرين أو عيونهم رغم أن التعليمات التي يتم تلقيها خلال التدريبات تؤكد علي ضرورة التصويب علي الأقدام فقط (راجع الرابط الأول).

سقط الثوار قتلى أمام إعين أبراهيم، ألقى سلاحه ورفض المشاركة في الأذى والقتل، جرى نحو الثوار، وتلقى ضربة، قبل أن يصل للثوار، ألقته الضربة على الأرض فاقدا للوعي ليستيقظ في المستشفي الميداني وسط الثوار، إبراهيم يعلم أنه سيحاكم عسكريا، وهو غير نادم، ولو تكرر ما حدث لفعل نفس الشئ، إبراهيم غير نادم لأنه لم يؤذ أحدا، ولم ينفذ الأوامر الخطأ في إطلاق الخرطوش على أوجه الثوار.


بطل آخر جاء للتحرير، جاء من معسكر الجنود هذه المرة، لم يجئ من الثوار، ولكنه جاء من نفس الأرض الطيبة، أرض ذات الجنود المقهورين بضباطهم، المقهورين بتعليمات رؤسائهم. تحرر إبراهيم بعفوية من دائرة القهر، لينضم للثوار المطالبين بفك قيد القهر عن كافة المواطنين، لذا جاء إبراهيم في مكانه الطبيعي المطالب بتحرير الوطن.

لا شك أن الثورة تفاجئنا، تمطرنا كل يوم بدرس وبطل، في الثورة نري أبطالا مثل إبراهيم، هم لم يتوانوا في أداء واجبهم العسكري ولكن في تنفيذ التعليمات المخالفة للقانون، في عهد الثورة يجب أن يكافئ كل من امتنع عن تنفيذ تعليمات مخالفة للقانون (كالتصويب للوجه دون الأقدام)، يجب أن يكافئ، ويتحول إلى شاهد إثبات ضد الضباط الذين أصدروا للجنود تعليمات مخالفة للقانون.

نريد دولة قانون، ولا نريد دولة تعليمات. أرجو أن تصلح هذه العبارة كإحدى نداءات التحرير.

ما أروع لحظات الثورة عندما لا يتحدث إلا الضمير، وتنتفي المصلحة والأنا، عندما نرى البسطاء أمثال إبراهيم أبطالا ومبشرين دون أن يعلموا أنهم أبطال أو مبشرون، ما أروع الثورة عندما نكون فيها أنقياء كما خلقنا الله. إن مؤشر نجاح الميدان عندما يرحل تاركا وراءه حكومة تكافئ هذا المجند ، وتحاسب الضابط الذي اصدر التعليمات المخالفة للقانون، ويحاسب من ضرب إبراهيم على رأسه.

إبراهيم وكل من تمردوا على التعليمات الجائرة أمانة في يد الثوار، ويجب ألا يرحلوا قبل أن تستتب دولة القانون، حتى تعود لبيتك وأنت مطمئن راض البال.

الروابط:
1 http://elbadil.net/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88-%D8%AC%D9%86%D8%AF%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2%D9%8A-%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%A3%D9%88%D8%A7%D9%85/#.TtXV_YFebvE.twitter








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار