الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرة أخرى يفعلها أخوة يوسف

محمد جمول

2011 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ما تقوم به الجامعة العربية حاليا تجاه سوريا يذكرنا بأغنية الفنان الكبير مارسيل خليفة " أنا يوسف يا أبي" التي تقول " والذئب أرحم من إخوتي يا أبي.... هل جنيت على أحد عندما قلت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين".
لا شك أن النظام ارتكب أخطاء كثيرة في حق بعض أبناء الشعب السوري، ولا شك أنه مارس كثيرا من الاستبداد والقمع والفساد الذي يمكن أن يتحدث عنه البعض ويضاعفه آلاف المرات خدمة لأغراضه وأهدافه التي لم يعد له أية علاقة بها بعد أن تكفلت الجمعيات الخيرية الغربية ممثلة بالمخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات الفرنسية والتركية والموساد بتحقيق كل مطالبه وحمل الخبز السكر والحريات إلى عتبة بابه وهو مدلل ومحترم في داخل بيته. ولكن هذا كله شيئ وما يجري تنفيذه والإعداد له شيئ آخر يختلف كليا عما يريده هؤلاء "المعارضون" من أشقاء " ثوار" ليبيا من أمثال مصطفى عبد الناتو. فما تدور الولايات المتحدة وحلفاؤها وتلف لتحقيقه في سوريا شيء مختلف تماما عما يريده هؤلاء، إذا أحسنا الظن بهم، وعما يريده الشعب السوري إلا إذا كان صحيحا أن نذبح الثور لأننا بحاجة إلى كيلو من اللحم.
فليس هناك عاقل في منطقتنا يمكن أن يصدق أن أمريكا تسعى لحماية الشعوب أو الدفاع عن حقوقها. والدليل قديم وواضح: حق الشعب الفلسطيني. أما الجامعة العربية فلم يعد المرء بحاجة كثير من العناء ليعرف أنها مصممة كي تكون قادرة على إحداث الضرر من دون أن تكون بنيتها قادرة على تقديم أي شيء مفيد لشعوب المنطقة. والأمثلة كثيرة في هذا المجال، ومنها ماجرى في غزة وقبلها في جنين ثم العراق وأخيرا ليبيا. كل من يفكر بعقلانية وموضوعية يمكن أن يتذكر مبادرة السلام العربية التي وصفها الإسرائيليون بأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به. وها هي تنتظر منذ عشر سنوات من دون أن تنتفض كرامة الجامعة العربية حتى للحقوق الضئيلة التي يمكن أن تقدمها هذه المبادرة للعرب عموما والفلسطينيين تحديدا.
بغض النظر عن المطالب الشعبية في سوريا، وهي مطالب محقة بالتأكيد، ما يريده القائمون على مبادرة الجامعة العربية ليس لمساعدة الشعب السوري، وإنما لتشريع الأبواب أمام التدخل الخارجي وتأمين الشرعية لمجلس اسطنبول وما يسمى " الجيش السوري الحر" الذي يتكون من مجموعات من السلفية والإخوان المسلمين، ولم يعد خافيا أن " مجاهدي القاعدة " في ليبيا" أصبحوا أو سيصبحون جزءا من هذه "الثورة" التي لا يزال بعض اليساريين والليبراليين يتوقعون أن تكون التجسيد النقي لمحفوظاتهم الثورية وأحلامهم الوردية.
عملية التضليل كبيرة فيما يخص الحالة السورية. كان أولها إنكار وجود إرهابيين في سوريا منذ الأيام الأولى للقول إن كل من ساهم في الحراك الشعبي كان مسالما تماما. وهذا ما ينفيه اعتراف المعارض هيثم مناع منذ الأيام الأولى أنه تلقى ثلاثة عروض " لتمريق" السلاح إلى درعا، لكنه رفض. ثم جاءت الاعترافات من المسؤولين الفرنسيين والأمريكيين والأتراك ومن مصادر صحفية مستقلة لتؤكد وجود هؤلاء المسلحين، والأهم ما يعرفه الشعب السوري على الأرض من ممارسات هؤلاء المسلحين منذ الأيام الأولى وما سمعه من شعارات طائفية مغرقة في الدعوة إلى القتل، وتحديدا في حمص وجبلة وبانياس. لم تعد الحيلة تنطلي إلا على من يريدها أن تنطلي عليه، وله مصلحة في أن يصدقها ويوظفها.
لكن التضليل الأكبر يكمن في ادعاء الجامعة العربية بأنها لا تريد من العقوبات أن تكون موجهة ضد الشعب السوري. كيف يمكن لبالغ عاقل أن يصدق ذلك؟ وهل سبق أن تضرر أي نظام حاكم في العالم من العقوبات. من يتضرر هم أبناء الشعب، والأكثر فقرا بينهم، من خلال توقف المشاريع وضياع فرص العمل واختفاء السلع من السوق ليزداد ثمنها بشكل يعجز عنه غالبية الشعب بينما يظل الأغنياء والحكام قادرين على تأمينها من أي مكان وبأي ثمن كانت. ثم من الذي يتضرر من وقف رحلات الطيران؟ ما مصير آلاف العاملين خارج سوريا؟ وكيف سيسافرون؟ وكم من الوقت والنفقات الزائدة سيدفعون؟ سبق أن عشنا عقوبات مرحلة الثمانينات وعرفنا كيف بات الفقراء ينتظرون أياما للحصول على المواد الأساسية التي لا يمكن العيش من دونها في حين لم يكن هناك أية مشكلة للأغنياء ومن هم في مراكز السلطة.
يريدون إسقاط النظام بهذه العقوبات؟ تجربة العراق ليست بعيدة عن ذاكرتنا. لقد ظلت العقوبات مفروضة لمدة 13 سنة ولم يسقط النظام إلا بتحالف عسكري ضم أكثر من أربعين دولة وشارك فيه مئات آلاف الجنود. وكانت النتيجة إسقاط الدولة بكل مكوناتها ومقتل وتشريد وتشويه الملايين من أبناء الشعب العراقي. والأمر ذاته ينطبق على ليبيا التي بقيت تحت الحصار سنوات طويلة ولم يسقط نظام القذافي إلا بفضل الجهود الخيرية لحلف الناتو وأزلامه من الليبيين بعد عشرات آلاف القتلى ودمار مرعب وبغطاء من الجامعة العربية طيبة الذكر. وإيران مثال آخر على أن العقوبات لا تسقط أنظمة وإنما تقتل شعوبا.
فهل المطلوب تدمير سورية؟ نريد من الجامعة العربية أن تذكر لنا مثالا مشرفا واحد كانت فيه فاعلا إيجابيا ومؤسسة مفيدة لشعوب المنطقة. يدرك القائمون على مبادرة الجامعية أن هناك حالة استعصاء على المستوى الدولي يجعل تدخل الناتو شبه مستحيل لتدميرها كما فعل في كل الدول التي تدخل هو أو الولايات المتحدة لحل مشكلاتها. وبالتالي فإن البديل هو ما تفعله الجامعة من إغفال لوجود مجموعات إرهابية مسلحة في حين تعمل بعض دولها على مد هذه المجموعات بكل ما تحتاجه من الدعم لتحويل الأرض السورية إلى حقل معركة مستمرة تؤدي إلى ما وعدتنا به السيدة كلينتون من حرب أهلية. كان يفترض بمبادرة الجامعة أن تكون متوازنة وتتعامل مع كل الأطراف بموضوعية كي تكون قادرة على التأثير وإقناع كل الأطراف بأن الحوار هو المخرج الصحيح للأزمة. لكن من الواضح أنها تريد الوصول إلى إسقاط الشعب السوري في الأزمات التي تريد خلقها من العقوبات المفروضة على سوريا. وبدلا من محاولة طرح حلول قابلة للتطبيق ومفيدة للشعب السوري وجدت أن رمي يوسف في الجب يحل مشكلتها ومشكلة الشعب السوري الذي سيعاني من فعلتها هذه، في حين يدرك غالبية الشعب السوري أنها لو أرادت أن تكون مفيدة له فلن تستطيع لأن تكوينها وتاريخها يحكم دورها ووظيفتها. وهذا مرتبط بالانقسام الموجود على الساحة العربية منذ فترة. فكلنا يعرف أن هناك دول الاعتدال العربي ودول التطرف أو الإرهاب حسب التصنيف الأمريكي الصهيوني. ولا داعي للتذكير باجتماع كوندليسا رايس برؤساء أجهزة مخابرات هذه الدول قبل سنوات حين كانت وزيرة للخارجية الأمريكية. ومن المؤكد أن هؤلاء لم يكونوا هم الذين يصدرون الأوامر لرايس حينذاك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جائزة نوبل للغباء السياسى
اكرم ابراهيم ( 2011 / 12 / 2 - 20:54 )
شكرا على كلمة الحق ..المؤامرة واضحة جدا للعيان.ومن المضحكات المبكيات ان بعض الدول التى تمد المعارضة بالسلاح هم وسطاء الخير من الجامعة العربية لحل المشكلة السورية !!!!!!!!!!!!!مهزلة مابعدها مهزلة او قل مسرحية قذرة.
بلقنة الشرق الاوسط هو الحل الامريكى لمصلحة اسرائيل .ولكنى اتوقع ان النتيجة ستكون عكس ما يريدون ويخططون فسيدفعون ثمنا غاليا لتحالفهم مع الشيطان الارهابى كما حدث فى 11 سبتمبر 2001 فهم وحلفاؤهم من خلقوا بن لادن وطالبان لطرد السوفيت من افغانستان وهم الذين دمروا العراق وقتلوا وشردوا الملايين فيها وخسروا اكثر من تريليون دولار واكثر من 4400 قتيل عدا الالاف من المشوهين..انه الغباء السياسى ويستحقون عليه جائزة نوبل


2 - جائزة نوبل للغباء السياسى
اكرم ابراهيم ( 2011 / 12 / 2 - 21:02 )
شكرا على كلمة الحق ..المؤامرة واضحة جدا للعيان.ومن المضحكات المبكيات ان بعض الدول التى تمد المعارضة بالسلاح هم وسطاء الخير من الجامعة العربية لحل المشكلة السورية !!!!!!!!!!!!!مهزلة مابعدها مهزلة او قل مسرحية قذرة.
بلقنة الشرق الاوسط هو الحل الامريكى لمصلحة اسرائيل .ولكنى اتوقع ان النتيجة ستكون عكس ما يريدون ويخططون فسيدفعون ثمنا غاليا لتحالفهم مع الشيطان الارهابى كما حدث فى 11 سبتمبر 2001 فهم وحلفاؤهم من خلقوا بن لادن وطالبان لطرد السوفيت من افغانستان وهم الذين دمروا العراق وقتلوا وشردوا الملايين فيها وخسروا اكثر من تريليون دولار واكثر من 4400 قتيل عدا الالاف من المشوهين..انه الغباء السياسى ويستحقون عليه جائزة نوبل

اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز