الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخوان المسلمون إذ يُحشرون في الزاوية

علاء النادي

2011 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



يبدو أن النتائج المتتابعة للانتخابات التي جرت أولى جولاتها تقود إلى حقيقة هامة ربما لن تتغير حتى لو تغيرت قليلاً او ربما كثيراً بقية النتائج في الجولتين القادمتين.فما يظهر جلياً أن الإخوان المسلمين عبر امتدادهم السياسي ممثلاً في حزب الحرية والعدالة ستحتل موقعاً مؤثراً في بنية البرلمان القادم ،كما أن السلفيين قد حققوا نجاحاً في الجولة الأولى سيجعلهم ووفق أضعف التقديرات ممثلون وللمرة الأولى تحت قبة البرلمان المصري.
التساؤل الرئيسي التي تطرحه تلك الوضعية وتتوالى منه تساؤلات أخرى هامة وذات دلالة :كيف سيكون شكل علاقة الإخوان بالسلفيين، وما تأثير ذلك على علاقة الإخوان ببقية المكونات السياسية الأخرى وخاصة تلك التي سيصار إلى تمثيلها بأوزان معتبرة داخل التركيبة البرلمانية القادمة؟.
لا يبدو أن تلك الوضعية ستكون مريحة بحال للإخوان وستضعهم أمام خيارات حادة في مجال نسج التحالفات وتأسيس العلاقات والشراكات السياسية بشكل رئيسي ،فما برهنت عليه تجربة الحصة التحضيرية للانتخابات البرلمانية أن ثمة هوة مازالت عصية على التجسير بين الإخوان وبين بعض القوى السياسية الهامة وخاصة الليبرالية منها وربما كانت علاقة الإخوان بالسلفيين في تلك الأجواء أحد الأسباب التي دفعت البعض من تلك القوى إلى الابتعاد عن مظلة التحالف الديمقراطي الذي دعا إليه الإخوان .وقد كان السلفيون من بين القوى المشمولة بالدعوة من قبل الإخوان للدخول في بنية هذا التحالف.
لقد بدا وكأن الإخوان عبر هذه المحاولة يريدون المزج بين الزيت والماء ووضع متناقضين في علاقة تجاورية تشاركية ،وهو ما فشل الإخوان في تحقيقه فانفكت عرى التحالف ليس بين الإخوان والسلفيين وحدهم ولكن بين الإخوان وكثير من القوى الليبرالية.
ليس ثمة مراء في أن البون من الاتساع بمكان بين قوى تدعو للديمقراطية وتنادي بالدولة المدنية وبين المفهوم السلفي لمعنى الديمقراطية والدولة المدنية،فالسلفيون عبر أدبياتهم وفي أفضل التجليات الفكرية لهم يؤمنون بالديمقراطية المسيجة والمحصنة بقطعيات الشريعة وثوابتها وهو مفهوم فضفاض يقود بالأخير إلى افراغ التعددية السياسية من مضمونها ويجعلها تعددية حصرية تتعاقب عليها الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية دون غيرها.
صحيح أن التمظهر السياسي للدعوة السلفية ممثلاً في حزب النور حاول جاهداً أن يلين من تلك المواقف المتصلبة لكنه لم يكن قادراً على الوضوح أو الحسم،مرد ذلك ربما لأنه غير قادر على ذلك لإيمانه بذات القناعات أو لانشداده بالرباط العضوى الذي يجمعه مع القيادة الروحية لقيادات الدعوة السلفية.
لم يكن ممكناً بحال تفهم قيام تحالف سياسي يجمع بين توجهات متناقضة تختلف بشأن قيم مركزية ومفاهيم أساسية في فترة تأسيس لبنات تحول ديمقراطي وهو الأمر الذي سيظل محل شك كبير في المستقبل القريب خاصة وأن المراجعات الفكرية والمواقف المعلنة لا تسمح برؤية إمكانية انزياح أي من الفريقين الذين ينحشر الإخوان بينهما عن مواقفه الأساسية المتعلقة بالمفاهيم والرؤى حول قضايا الدولة والديمقراطية والتعاقب والتداول على السلطة لكل الطيف السياسي بعيداً عن الديمقراطية منخفضة السقف والمشروطة بمراعاة ما يراه بعض الإسلاميين من عدم تعدي القطعيات بمعناها العام والغائم.
الوضعية السابقة سيعاد تكرارها في ضوء النتائج الانتخابية ما يعني أن الإخوان ورغم ما يبدو من تحقيقهم لانتصار سياسي كبير سيجدون أنفسهم مشغولون أكبر بمعالجة ذلك "المطب" وتجاوز هذا الفخ الذي ربما يحملهم كلفة سياسية تتعلق بتقديراتهم الحزبية ووضعيتهم السياسية في كل إن استداروا يميناً أو تحولوا يساراً على المدى القريب على الأقل .
لدى الإخوان خياران كل منهما له تبعات ويطرح عليهم تحديات كبيرة .فإما أن يشرعوا في فتح قنوات الاتصال مع التيار السلفي لعقد تحالف سياسي يقوم بالأساس على القرابة الأيديولوجية وما يغذيه ويتكامل معه من منطق الضرورة والاحتياج،أو أن يثابروا في عقد تحالف مع الأحزاب والقوى الليبرالية ؟.بين هذين الخيارين لا يبدو أن ثمة خيار ثالث فلا يمكن للإخوان أن يقوم بالتدبير البرلماني بمفردهم ،إضافة إلى أن إعادة تكرار تجربة التحالف الديمقراطي داخل البرلمان ربما تبدو أقرب للمستحيل في ظل الأوزان التي تلوح في الأفق للكتل السياسية ،وما يرتبط بذلك من أن الأحزاب غير الإسلامية داخل كتلة التحالف غير مؤهلة أو تمتلك القابلية للاصطفاف في هيكلية تحالفية مع التيار السلفي.
تحالف الإخوان مع السلفيين فوق أنه يخلق تأزماً بنيويا داخل المشهد السياسي برمته يضع على كاهل الإخوان عبئاً ثقيلاً إذ يضعهم مباشرة في مرمى استحقاق نوعي فإما أن ينجحوا في ترويض التيار السلفي وانضاجه مواقفه وتليين قناعاته وتلك مهمة عسيرة عندما ترتبط بمفاهيم مركزية لدى السلفيين،أو أن ينجر الإخوان إلى المزايدة الأيديلوجية مع التيار السلفي إذا أصر على الثبات على مواقفه والتشبث برؤاه ولم يكتسب خبرات العمل والسلوك السياسي بشكل سريع يناسب الظرفية المعقدة والشديدة الحساسية للواقع المصري.
تحالف الإخوان وتعاونهم وتشاركهم مع القوى الليبرالية بمعزل عن السلفيين يجعلهم في مرمى الاتهام من قطاع عريض من الجمهور المؤدلج الذي يشكل قاعدة التأييد لهم بأنهم ينسخلون من الفكرة الإسلامية ويجارون الأجندة الليبرالية ويبتعدون عن مستلزمات المشروع الإسلامي الذي منحوه ثقتهم لأجله، وربما سيجد الإخوان حرجاً بالغاً في هذا السياق عندما يحاصرهم السلفيون بتلك العرائض الاتهامية ويحاولون إثبات التمايز وإظهار الخصوصية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف