الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة وثورة الكومونة – 2-5

أنور نجم الدين

2011 / 12 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


وهكذا، فكان الهدف من تدمير آلة الدولة -حسب ماركس- وإنهاء دور عسكرييها وطُفَيْلِيِّيها البيروقراطيين بصورة مسبقة، هو إفساح المجال أمام إقامة شكل جديد للإنتاج وإدارته وهو الإنتاج التعاوني الخاضع للإدارة الذاتية للمنتجين أنفسهم. وعلى عكس لينين، فحسب كارل ماركس، سيكون من المستحيل ظهور عناصر جديدة لمجتمع جديد، دون كسر مبسق للآلة الرهيبة التي تُسَمَّى الدولة، فلا يمكن تنازل الحكومة المركزية عن مكانها لإدارة المنتجين الذاتية في المدن والأرياف، دون سحق مسبق للحكومة المركزية ذاتها. هذه دروس ثورة الكومونة.

وماذا يقول لينين: " الناس الذين حشيت رؤوسهم حشوًا فقط (بالإيمان الخرافي الأعمى) البرجوازي الصغير بالدولة يستطيعون أن يروا في القضاء على آلة الدولة البرجوازية قضاءً على المركزية!" (لينين، الدولة والثورة، ص 56).

ولنرَ الآن ما دروس وتجارب ثورة الكومونة؟ فالمسألة لا تتعلق بفكرة خاصة من أفكار ماركس عن الثورة أو تأويلات لينين لمبادئ ثورة الكومونة، بل تتعلق بالكومونة ذاتها كحركة اجتماعية لها مطلب تاريخي خاص بها وهو إنهاء سيادة الإنسان على الإنسان من خلال جعل الإدارة مهمةً اجتماعية لكافة أفراد المجتمع لا سرًّا من أسرار السياسيين.
______________________________________________________________________

كومونة باريس، كارل ماركس - تعريب فارس غصوب

"كان يتوجب على جمعية المفوضين المجتمعين في حاضرة الدائرة أن تدير الشؤون العامة للكومونات الريفية في كل دائرة .. وكان لوحدة الامة أن تصبح حقيقة بتدمير سلطة الدولة المدعية بأنها تجسيد لتلك الوحدة، ولكنها كانت ترغب في أن تستقل عن الامة، مستعلية عليها، أما في الواقع فما كانت إلا زائدة طفيلية على جسم الامة. وقد كانت المهمة هي بتر أجهزة الاضطهاد البحتة التابعة للسلطة الحكومية القديمة، وانتزاع الوظائف المشروعة من سلطة تطمع بأن تكون فوق المجتمع وتسليمها إلى خدم المجتمع المسؤولين. وبدلا من أن تقرر مرة كل ثلاث سنوات أو ست سنوات، أي عضو من الطبقة الحاكمة يجب أن يمثل ويقمع الشعب في البرلمان، كان يجب على حق الانتخاب العام، عوض ذلك، أن يخدم الشعب المنظم في الكومونات ..

ان مصير التشكيلات التاريخية بوجه عام، أن تؤخذ خطأ كرد على أشكال قديمة أو حتى بائدة في الحياة الاجتماعية تشبهها مؤسسات جديدة بعض الشبه. وهكذا فان هذه الكومونة الجديدة التي تحطم سلطة الدولة الحديثة اعتبرت بمثابة بعث لكومونات العصور الوسطى التي سبقت نشوء سلطة الدولة تلك وأوجدت أساسًا لها" (ص 64).

"كان البناء الكوموني سيعيد إلى الجسم الاجتماعي جميع القوى التي امتصتها ذلك الحين الدولة الطفيلية التي تتغذى على حساب المجتمع وتشل تقدمه الحر .. لقد انطوى الوجود الكوموني بحد ذاته، وكشيء بديهي، على الادارة الذاتية للبلديات..
لقد جعلت الكومونة من ذلك الشعار الذي نادت به جميع الثورات البرجوازية، الحكومة القليلة الكلفة، حقيقة وذاك بالغاء أكبر بابين من أبواب النفقات: الجيش الدائم وسلك موظفي الدولة. وكان وجود الكومونة في حد ذاتها نفيًا لوجود الملكية ..
كان لا بد أن تقوم الكومونة بدور الرافعة لتحطيم القواعد الاقتصادية التي يعتمد عليها وجود الطبقات وبالتالي السيطرة الطبقية ..
ويقولون أن: الكومونة تعتزم الغاء الملكية – أساس المدنية كلها! أجل، أيها السادة، تعتزم الكومونة الغاء تلك الملكية الطبقية التي تجعل من الملكية الفردية ثروة القلة، تعتزم اغتصاب ملكية المغتصبين. كانت تريد أن تجعل الملكية الفردية حقيقة واقعية بتحويل وسيلتي إنتاج الارض والرأسمال، اللتين هما الآن، قبل كل شيء، أداتا استعباد العمل واستثماره، إلى أداتين للعمل الحر المشترك. –ولكن هذه شيوعية، شيوعية (مستحيلة)! غير ان أولئك الممثلين من الطبقات الحاكمة، -وهم عديدون- الذين اسعفهم ذكاؤهم فأدركوا استحالة استمرار الوضع الراهن طويلا، قد غدو رسل الإنتاج التعاوني الجوجين الضاجين. وإذا كان للإنتاج التعاوني ألا يبقى كلامًا فارغًا وخادعًا، إذا كان له أن يحل محل النظام الرأسمالي، إذا نظمت مجموعة التعاونيات الإنتاج الوطني وفقًا لخطة مشتركة، ووضعته تحت اشرافها هي، فوضعت بذلك حدًا للفوضى الدائمة وللنوبات الدورية التي هي القضاء المحتوم للإنتاج الرأسمالي – أفلا يكون ذلك، وهذا ما نسألكم، أيها السادة، شيوعية شيوعية (ممكنة جدًا)؟

لم تكن تنتظر الطبقة العاملة المعجزات من الكومونة. فهي لا تنوي أن تحقق، بقرار الشعب، طوباويات جاهزة متممة. هي تدرك أن عليها، لكي تحرر نفسها وتحقق ذلك الشكل الاعلى للحياة الذي يسعى اليه المجتمع الحالي بصورة لا تقاوم، بفعل تطوره الاقتصادي بالذات، أن تخوض نضالات طويلة وأن تجتاز سلسلة كاملة من العمليات التاريخية التي سوف تغير الظروف والناس تغييرًا تامًا. ولم يكن عليها أن تحقق مثلا عليا، بل أن تفسح فقط مجالا لعناصر المجتمع الجديد التي تطورت في أحشاء المجتمع البرجوازي القديم السائر إلى الانهيار" (ص 65, 66).

"وكان الاجراء الاجتماعي العظيم الذي قامت به الكومونة هو وجودها بالذات ونشاطها .. ان الاجراءات المالية التي قامت بها الكومونة، وهي اجراءات مرموقة من حيث اعتدالها وصوابيتها، ما كان ممكنًا أن تكون إلا من النوع الذي يتفق مع وضع مدينة محاصرة" (ص 70).

"بيد أن الكومونة لم تكن تدعي العصمة كما فعلت ذلك كل الحكومات ذات الطراز القديم دون استثناء. فقد كانت تنشر جميع تقارير جلساتها، وتعلن عن جميع أعمالها، وتطلع الجمهور على كل نقائصها" (ص 71).

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم الكومونه هي الحل
فؤاد محمد ( 2011 / 12 / 2 - 18:56 )
الرفيق العزيز انور تحية
انا مدين لك بكشف الحقائق والتخلص من اهام السوفيت وستالين وليتين والاحزاب الشيوعية السوفيتية
والتعرف على الكومونه وان اعمل من اجل نجاح الكومونه وعالميتها
يا كومونيوا العالم اتحدوا
اعامقكم


2 - الرفيق العزيز فؤاد محمد
انور نجم الدين ( 2011 / 12 / 3 - 09:48 )
نعم، ان العمل من أجل نجاح المحاولات المقبلة للثورة، لا تنفصل عن دراسة تجارب السابقة للكومونة والسوفيتتات الروسية 1905 و1917 التي تابعتا نفس الاتجاه التاريخي لثورة الكومونة، ونشر التقاليد الثورية لهذه المحاولات الرائعة.

ان أكاذيب المثقفين البرجوازيين بخصوص انهيار الاشتراكية التي لا تختلف عن خرافة امكانية اعادة الزمن إلى الوراء، لا تستهدف سوى نشر خيبة الأمل بين الشغيلة في العالم، فان احتمال عودة الاشتراكية إلى الرأسمالية، هو نفس احتمال عودة الكون إلى ما يسمى زمن -الانفجار العظيم-. فثورة السوفيتات مثل ثورة الكومونة، جابهت أشد المحاولات رجعية لخنقها في مهدها.
لكل تشكيلة اجتماعية قوانينها المادية التاريخية الخاصة بها، لذلك فاحتمال عودة الاشتراكية إلى الرأسمالية، هو نفس احتمال عودة الرأسمالية إلى الاقطاعية. وهذه الخرافة -مثل اسطورة اشتراكية الدولة- يجب دحضها من قبل الاشتراكيين. وكيف يمكن محاربة هذه الاوهام البرجوازية دون الانطلاق من الثورة البروليتارية التي لا يمكن أن يتنبأ أي عبقري بمهماتها؟
ان مدرستنا هي دروس الثورة ذاتها لا أكثر.

اخر الافلام

.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم


.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.




.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا