الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التضحيات الجزائريين لن تذهب سدى

بن جبار محمد

2011 / 12 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


صعود الإسلاميين في معظم دول شمال إفريقيا : حزب العدالة و التنمية في المغرب , النهضة في تونس, ملامح تطبيق الشريعة في ليبيا و فوز الإخوان في مصـــر في انتخابات ما بعد مبارك جعلت كل الأنظــار تتجه نحو الجزائر كنظــام له تجربة مــريرة و مرهقة و حساسية شديدة تجـاه الإسلاميين . ما أصطلح عليه " العشرية السوداء " لا تزال ماثلة في الوعي السياسي للنخبة العسكــرية التي تحكــم البلاد منذ الاستقلال ولا تزال تشكـل الهاجس النخبوي خشية تكرر التجربة .. و مازالت تلقي ظلالهــا على الحياة السياسية و الحزبية و التشريعية , لا يخلو قانون من الإشــارة إلى العشرية السوداء و ما خلفته من دمــار شامل للبنية الاقتصادية و الاجتماعية و الارتفاع المذهل للضحايا و القتلى على مدار عشرة سنوات و أكثر .
تناولت الكثير من الصحف الفرانكفونية مشكلة النظام الجزائري مع الإسلاميين و التحول الإقليمي لصالح الإسلاميين و مستقبل التعامل مع الأنظمة الإسلامية المغاربية ؟ و إحدى الجرائد الإفريقية الناطقة بالفرنسية تكلمت بصراحة عن تضحيات الجزائريين التي ذهبت في أدراج الرياح ! و تقول في إحدى مقالاتها ..في حين تكبدت الجزائر ملايير الدولارات كخسائر اقتصادية و آلاف القتلى و المفقودين لأجــل محاربة الإسلاميين فضلا عن الدمار و الخراب المصاحب للحرب ..فإن الإسلاميين في تونس و المغرب صعدوا الى سدة الحكم بانتخابات ديمقراطية . الواقع أن المقال جانب فيه الصواب في أكثــر ما ذهب إليه فضلا عن روح التحريض التي تغلب على متون النص .
أولا: أن الجزائريين أخذوا على حين غرة بالخطــاب الإسلامي المتودد و الوعود الجميلة لإقامة دولة على أسس إسلامية لا مجال فيها للإقصاء و التهميش , و معاقبة الحزب الحاكم آنذاك الذي كان يمثل ذروة الفساد ,و بانتقال السلمي للسلطة . كل ذلك كانت أدبيات الخطاب المعتمد , في خضم المعركة الإنتخابية تشكــل جناحــها العسكري الموازي لجناحها الإيديولوجي الأصــولي , أصبحت تصــول و تجـول في كل الساحات و الميادين و المنابــر و بلهجات إستفزاز متعاظمة , كما أحكموا الطوق على كل المساجد و دور العبادة و بات من الصعب إبداء رأي ضدهم أو معارضتهم . قبل التوجــه الى الإقتراع كان الزهــو و الثقة بالنفس الشديدة تسيطــر عليهم إلى درجــة توجــيه تــهم خطيرة للنخب الوطنية و العلمية و الثقافية و الفنية و الإعلامية و أيضــا مؤسسات الدولة ( كمؤسسات و كأفراد) و الوعيد بالتصفية الجسدية و الانتقام و رأينا الإعتداءات المتكررة على بعض المواطنين أمام الملأ و ذلك بمباركة شخصيات الحزب الإسلامي !
ثانيــا : أن إختراق القوانين و العصيان المدني و المسيرات و الإعتصامات كانت السمة المميزة للحزب في كــل أطــواره , أصاب الشلــل الحياة الاقتصادية أمــا النشاط الإبداعي الثقافي و الإبداعي خــلال تلك الفتــرة أشبه بالفترة الستالينية و المثقفون ,فريق منهم فر بجلده و فريق آثر صمت خشية على نفسه . أصبحت الديمقراطية عندهــم كــفر و إلحاد و أصبح الحكــم الراشدي "الخلافة الرشيدية " هي المثل الأعلــى كنظـــام و نموذج لحكم إسلامي و بدأت أقلام من هنا و هناك في عمــلية بعث التراث الإسلامي و التذكير في مناقب الخلفاء و السلف الصالح و التعبئة السياسية و الإعلامية قل نظيرهــا في التاريخ .
هامش الحرية الكبير الذي كان يتمتع به الجزائريين منذ الاستقلال أوشــك أن يكون من الماضي و أصبح الخــطـر محدقا بكــل الشرائح الاجتماعية سيمــا أن حرية التعبير و الإختلاف مكفولة دستوريا في إطار دستور 1989 . الحيلة التي انطلت على أصحـابهــا أن صعــود الحزب الإسلامي كان في إطــار ديمقراطي و من تــم وجهوا مدافعهم للقيم الديمقراطية و الديمقراطية نفــسها , و كــم كانوا يسخرون و يتنذرون بهذه الكلمة !
ثالثا : التمــويل السعودي الوهــابي للحزب الإسلامي كانت القشة التي قسمت ظــهــر البعير بحيث أنكشفت النوايــا عن وجود قصــد لوضع الجزائر موضــع أفغاني كمضمون سني وإستلهـام شــكل الثوري للثورة الإسلامية في إيران .
رابعا : كان التأثير شاملا و مدمــرا عشية الانتخابات بدلا من مخــاطبة السلطة العسكرية و محــاورتــها و التفاوض مع القوى السياسية , راح في تحدي السلطة العســكرية و الطبقة السياسية تحديــا سافرا و مجابهتهـمـا في حلقات استفزازية إلى أقصى حد .
قــرر العسكــر توقيف المســار الإنتخــابي , و من هنا كانت الفصائل الإسلامية العسكرية معدة للعدة و دخــلت في حرب ضد كل الجزائريين : تفجيرات , مجــازر , تحطيم البنى التحتية , الخــطـف , إعدام الأمهات , قتل المدنيين , إنتهاك الأعراض , الإعتداء على الممتلكات , التصفيات الجسدية للفنانين و المثقفين و الإعلاميين ...و القائمة طويلة على مدار أكثر من 15 سنة و قد بلغ عدد الضحايا للمأساة الوطنية أكثر من مائتي ألف قتيل !
خلاصة القول , أن الحزب الإسلامي الجزائري , نشــر الدمــار في كل مكان و يختلف عن ما هو موجود في تونس و المغرب و مصــر و لا يمكن مقارنة هذه الأحــزاب ( النهضة و العدل و التنمية و الإخوان في مصر ) فهذه الأخيرة أمتهنت السياسة منذ عقــود و تنشط ضمن اللعبة السياسية الديمقراطية , أما عندنــا هو ذلك الطــوفان الجارف الذي أكــل الأخضر و اليابس و أساء الى الإسلام كديانة و أساء لكل الجزائيين ...و قد دفع الشعب ثمن غاليا.
في غمــرة الإنتشاء الإسلامي بالحكم في الأقطــار العربية بعد الفوز الإنتخــابي , لا أعتقـد أن التجربة الجزائرية تتكــرر أو أنها أستفادت من التجربة الجزائرية ,
فـــتضحيات الجزائريين لم تذهب سدى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد