الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عباسية من أجل التغيير

مايكل نبيل سند

2011 / 12 / 2
أوراق كتبت في وعن السجن


- بعد ما كتبت مقال ”أنا مجنون“، وبعد سنين من نشر ”قصاقيص مجنونة“، وبعد شهور من نشر سلسلة ”قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج“… فى الآخر دخلت مستشفى المجانين ‎:D
- فى صغرى كنت بحب أغنى بصوت عالى أغنية ”احنا مجانين العباسية“ اللى كانوا المجانين بيغنوها فى مسرحية لسمير غانم… واضح انى كنت بتنبأ عن مستقبلى.
- شهر أكتوبر دة شهر عظيم جداً فى حياتى… أكتوبر 1985، اتولدت… أكتوبر 2008، سبت البيت… أكتوبر 2009، اتخرجت من الكلية واتنقلت للسكن فى القاهرة… أكتوبر 2010، رفضت الخدمة العسكرية… أكتوبر 2011، دخلت مستشفى العباسية… مش عارف ايه سر شهر أكتوبر معايا؟
- من ساعة ما اتسجنت، كتبت خواطرى فى سلسلة مقالات مرتبطة بمكان احتجازى. فى الأول كتبت مقال ”خواطر هاربة من السجن الحربى“، وبعدين كتبت سلسلة مقالات ”قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج“… هل هبتدى كتابة سلسلة جديدة من قصاقيصى المجنونة بعنوان ”خواطر نزيل بمستشفى العباسية“؟
- من حوالى 3 سنين كنت ابتديت أكتب قصة عن واحد سياسى معارض للنظام، تخلص منه النظام بحجزة فى مستشفى المجانين… كانت من وحى قصص حقيقية لسياسيين رماهم عبد الناصر فى المصحات العقلية علشان يكمم أفواههم… مكنتش أتخيل انى شخصيا همر بالتجربة دى… كدة مينفعش أسميها قصة بقى، كده هكتب شهادة شخصية.
- قبل الثورة بأيام، كلمنى على النت شاب من مصحة نفسية (كان معاه لاپتوپ جوا). كان مشى فى الشارع يهتف ضد حسنى مبارك، فأمن الدولة رموه فى مصحة عقلية. وكان معاه فى نفس المستشفى شخص مسيحى دخل على موقع ”الأقباط الأحرار“ وكتب شوية تعليقات بيدعو فيها لتعاون عسكرى بين إسرائيل والمسيحيين المصريين، وأمن الدولة حطوه فى المصحة العقلية برضه من غير تحقيق ولا قضية… كنت بحضر نفسى أعمل حملة لدعم قضيتهم، لكن النت اتقطع يوم 28 يناير وفقدت الاتصال بيهم، وبعدها انشغلت بالثورة وبعدها القبض عليا… حاسس بالذنب انى مكتبتش عن قضيتهم قبل كده. وبلفت نظر الثوار ان الموضوع دة حصل كتير أوى على يد النظام، ومطلوب يتفتح بشكل واسع.
- بما انى شخص ثورجى و”إيثارى“ حسب توصيف المخابرات الحربية، فأعتقد انى المفروض أبتدى أأسس ”اتحاد شباب العباسية“ أو ”تيار عباسية من أجل التغيير“ أو جروپ بإسم ”احنا آسفين يا عباسية“!
- أعتقد انى مريت بكل أنواع المعاناه اللى ممكن يعانى منها أى سياسى فى مصر… خطف واتخطقت، ضرب وانضربت، تحرش واتحرشوا بيا، محاكمة عسكرية واتحاكمت، أمن دولة ودخلتها، سجن واتسجنت، تشويه إعلامى وحصل، مضايقات لأسرتى وأصدقائى محدش ينكرها، ومستشفى أمراض نفسية ودخلوهانى… مش فاضى بقى غير انهم يغتالونى ‎:D
- منطقة العباسية فيها أكبر تجمعين للمختلين عقليا: مستشفى العباسية، ووزارة الدفاع.
- المجلس العسكرى بيتعامل بمبدأ ”حافظ مش فاهم… من قبل الثورة وهما معندهمش غير ”مختل عقليا“ و”ماس كهربائى“، مفيش تجديد خالص… أنا كنت ابتديت أستريح لموضوع انى جاسوس، كان مسلى وبيفكرنى بروايات أدهم صبرى ‎:D
- العسكر بيقدموا نموذج عملى للنظام الاستبدادى اللى بيحاول يتخلص من معارضيه وأصحاب الفكر الحر بأى تمن… عبد الناصر عملها زمان وحط إسماعيل المهداوى (كاتب ماركسى) فى مستشفى العباسية 17 سنة، وبرضه عمل نفس الشىء مع الشاعر العظيم نجيب سرور… ليا الشرف انى أكون فى المكان اللى اتحبس فيه العظماء دول قبلى.
- لما افتكرت ان نجيب سرور دخل مستشفى الأمراض العقلية بسبب آراؤه قبلى، افتكرت اللى قاله فى ”الكُسُّمّيّات“ عن مصر اللى فى الخريطة فاتحة رجليها… أنا شفت مصر فى التحرير فاتحة رجليها، وعمالة تهتف ”الجيش والشعب إيد واحدة“ علشان الجيش ييجى ××××… التاريخ بيعيد نفسه يا جدعان.
- عظماء كتير فى التاريخ تم اتهامهم بالجنون، زى المسيح اللى أسرته قالوا عليه مجنون وكانوا عايزين يسكتوه بالقوة وينمعوه من التعبير عن آراؤه، وبوذا اللى حصل معاه نفس الموقف تقريبا… الظريق بقى ان فيه عظماء كتير فى التاريخ أُصيبوا بامراض نفسية فعلاً، زى اسحق نيوتن اللى اتجنن بسبب انه معرفش يوفق بين تدينه وبين العلم، وزى نيتشه اللى عانى من رفض المجتمع ليه بسبب أفكاره العظيمة والصريحة اللى سبق بيها زمانه… أنا مش أول واحد يعنى.
- استغرقت فى قراية الكتاب اللى قدامى لدرجة انى نسيت أنا فين… وفى لحظة صحيت على الواقع والمكان اللى أنا موجود فيه… شعور غريب جدا… هوا أنا فعلاً هنا؟
- الدكاترة هنا فى المستشفى ”خلية ثورية“ بكل ما تعنيه الكلمة… يبدو ان البلد فى الكام شهر اللى أنا مسجون فيهم اتملت خلايا ثورية… يا رع بارك.
- فيه دكاترة وممرضين هنا بيتعاملوا مع الشخص على انه مجنون حتى يثبت العكس… دكتور أمراض باطنة كان عايز يركبلى أنبوبة معدية ويأكلنى بالعافية لأنه مش مقتنع انى كامل الأهلية ومن حقى أضرب عن الطعام.
- حاسس بقلق من طيبة وحسن معاملة الدكاترة ليا هنا… فى المخابرات والجيش والشرطة، حسن المعاملة معناه ان فيه خازوق جاى فى السكة… كتر الخوازيق خلانى مش مصدق انى هرجع أتعامل مع ناس محترمين من جديد.
- بالمناسبة، فى عرف بعض الأطباء النفسيين أنا عندى جنون اضطهاد و پارانويا ونظرية مؤامرة، وبيتهيألى حاجات كتيرة محصلتش. بيتهيألى مثلاً ان الجيش بيخطف وبيعذب الناس، وطبعاً دة مبيحصبش. وبيتهيألى ان الشرطة العسكرية بتدهس الناس بالمدرعات، ودة طبعاً مستحيل يحصل فى مصر. وبيتهيألى ان القضاء العسكرى حاكم 12 ألف مدنى، ودة مجرد هلوسة. وبيتهيألنى انى اتقبض عليا 7 مرات لحد دلوقتى، ودى طبعاً تهيؤات. وعندى وهم ان المخابرات بتراقبنى وهددتنى أنا والقربين منى بالقتل كذا مرة، لكن طبعاً هما ناس طيبين ومستحيل يعملوا كدة… والتهيؤات دى كلها بتخلينى أقول كلام مش حقيقى على الإنترنت، والناس بتصدق الإشاعات دى، ودة بيعمل وقيعة بين الجيش والشعب، علشان كدة لازم المجلس العسكرى ”اللى هو تهيؤات برضه“ يحمى الناس من القتنة اللى بعملها ويحطنى فى مستشفى أمراض عقلية علشان يحمى الناس منى… شفتوا الموضوع بسيط إزاى؟
- المفاجأة بقى انى مجنون فعلاً… أنا مجنون انى بحب بلدى ومرضيتش أهاجر ورفضت اللجوء السياسى مرتين، وأصريت أقعد وأناضل ومهربش من مشاكلى… أنا مجنون انى مقلتش أنا مالى ومسمعتش كلام التهديدات، ورحت أدافع عن حقوق الناس اللى اتعرضوا لانتهاكات على يد الجيش، وقعدت أكتب وأطالب بحقوقهم رغم انى عارف ان معظمهم عنصريين ضدى بسبب إلحادى وتأييدى للسلام… أنا مجنون علشان بعد ما أخدت شهادة الإعفاء من الجيش، فضلت برضه أتكلم عن التجنيد الإجبارى، علشان حقوق الشباب المسكين اللى بتتسرق منه سنين شبابه، ومعملتش زى غيرى وقلت ”أنا مالى، أدينى أخدت اللى عايزه“… أنا مجنون علشان سبت مهنة الطب البيطرى المربحة، ورحت أضيع وقتى فى حقوق الإنسان والنضال السياسى والمظاهرات والتدوين وباقى الحاجات اللى مش بتأكل عيش… أنا مجنون فعلاً، متصدوش أى حد يقولكم عن انى عاقل.
- تلاتة مراهقين موجودين هنا، اتقبض عليهم لأنهم ضربوا واحد وسرقوا منه تكتك، وباعوا التكتك وقسموا تمنه… معرفش هما جايبينهم هنا ليه؟ هل مثلاً المختلين عقليا بقوا بيعملوا تنظيمات عصابية الأيام دى؟
- كنت خايف يحصل معايا زى اللى اتقال انه حصل مع الرائد أحمد شومان… أحمد شومان ظابط الجيش اللى انضم لينا فى التحرير ليلة التنحى وهاجم مبارك وطنطاوى على الجزيرة، فحاكموه عسكرياً، وبعدين وقفوا محاكمته بسبب ضغوط الثورة، وبعدها مصادر عسكرية أكدت ان الجيش حاجزه فى مستشفى المعادى العسكرى بتهمة الجنون، وانهم بيدوله عقاقير وجلسات كهربا تفقده قواه العقلية… محتاجين نتطمن على شومان، ومحتاجين نتأكد ان مصر مش هيحصل فيها حاجة زى كدة تانى.
- فيه عيانين بيتعرضوا للضرب هنا، خصوصاً على يد قوة الداخلية اللى بتأمن المكان… مهما كان، دول برضه بشر وليهم حقوق… مطلوب التدخل.
- فى الوقت اللى شباب الثورة كانوا قاعدين مع المجلس العسكرى، كنت أنا الوحيد اللى بتحاكم فى قضية رأى فى مصر… وفى الوقت اللى الجيش ابتدى يحاكم شباب الثورة، أنا دخلت مستشفى المجانين… مش ملاحظين انى أكاد أكون أكتر حد بيتعرض للقمع بين الثوار؟
- الصحافة مليانة كلام كتير مضروب عن سبب مجيئى هنا… أنا رفضت حضور جلسة 2011/10/18 قدام القضاء العسكرى، اعتراضاً على المحاكم العسكرية، وإصراراً على حقى انى اتحاكم بس قدام القضاء المدنى، وطلبت من هيئة الدفاع بتاعتى ان محدش فيهم يحضر… فالقاضى لما لقى الجلسة مافيهاش متهم ولا محامين عن المتهم، راح عمل إجراء غير قانونى وانتدت محامى يمثلنى رغم انه معهوش توكيل رسمى منى وأنا موافقتش انه يتكلم بإسمى، والمحامى دة هو اللى طلب تحويلى لمستشفى نفسى للكشف على قوايا العقلية (أكيد عمل كدة بالتنسيق مع القاضى أو المخابرات)… وفى النهاية طلع قرار المحكمة بتحويلى لمسشفى نفسى للكشف مش للعلاج… هيا دى الحقيقة.

مايكل نبيل سند
مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية
2011/10/26








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا ستجني روندا من صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في ب


.. سوري ينشئ منصة عربية لخدمة اللاجئين العرب




.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


.. اعتقال مؤيدين لفلسطين في جامعة ييل




.. الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟ • فرانس 24