الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها

شذى احمد

2011 / 12 / 5
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


كتب في: 2-12-2011



كدت مشاركة زميل لي صمته المبهم الأسباب في هذه الظروف المتسارعة جدا. وغير الخاضعة لأي منطق . لولا متابعتي للسعي المحموم للكثير بالفوز بالسلطة في مختلف البلاد العربية التي طرأ عليها التغيير.

بناءا على ما جاء في عنوان الملف ونقاطه الأساسية فهو يدعو للمشاركة في تفسير الأحداث الجارية . وسبب قطف القوى الإسلامية والسلفية لثمار جهود لم يكن لها فيها آي جهد يذكر؟.

من الصعب جدا الإحاطة التامة بكل النقاط والمحاور التي دعا إليها الحوار المتمدن لكن ماذا لو سمح للكاتب بتناول واحدة منها على الأقل في مقالة واحدة ؟.

ليكن هل إقصاء الحكومات للتيارات اليسارية وتهميشها سبب في هذا؟.

سيرد التيار الديني على التيار اليساري بالحجة إذا ما ادعى الأخير بان القمع والإقصاء الذي مارسته الحكومات الاستبدادية كان سببا في إبعادها عن الجماهير بالقول : ونحن أيضا أقصينا ؟. وتم إلغاء الانتخابات وتزويرها لإبعادنا من الحكم كما حصل في مصر. بل على العكس عمل كل ذلك من اجل تقويتهم و إعطائهم سمعة إضافية ومكانة مرموقة. فحلمت بهم الجماهير، وراحت تؤمل النفس بالخلاص عن طريقهم.

لم يكونوا من فجروا الثورات ؟ ولم يكونوا من أحدثوا التغييرات . ولم يقدموا التضحيات. والأصح بصراحة كانوا أفضل المستفيدين من الأنظمة السابقة بالمساحة الإعلامية العريضة والانتقالات المجزية الى البلاد النفطية التي تحتضنهم. فصارت لهم منابر وقنوات إعلامية وانتشروا بشكل مخيف بكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.

اثري اغلبهم ثراءا فاحشا. وهذا حصدوا الأرباح من كل جهة. بترويجهم لأيدلوجيتهم التي تدعي بأنهم خلفاء الله في الأرض والمفسرين لكتابه وسنة نبيه وتوليهم نيابة عن المسحوقين مهمة شرح وتفسير وتقديم كل الحلول للمجتمع والناس.

صاروا المنقذ ،عطلوا عقول الناس . وغيبوا العامة سواء كانوا من المسلمين السنة أم الشيعة. غازلوا العواطف والغرائز التي لا يعرف غيرها العامة بسبب الكبت والقهر والجهل والتخلف والفقر. استغلوها لكي يغذوا بهم أحلام ليس لها علاقة بالواقع. انتم الأفضل .. خير الناس . خير أمة أخرجت للناس. كل إبداع الإنسان في الغرب وكل مكان لخدمتكم. معاناتكم. انكساراتكم . هزائمكم . خيباتكم كلها عربون لدخولكم جنان الخلد والفوز العظيم بها وبحواريها.

فتمكنوا بعد ذلك من تحقيق نصرين مهمين الأول مرحلي بفرض أنفسهم كواقع حال في الأنظمة العربية الاستبدادية ، وإجبارها على قبولهم وبلع غصتها وهي ترى تناميهم فكلما سجن أو عنف احد منهم صار شهيدا . وكل ما يقدموه من غث وسمين على الجميع القبول به، وإلا فأنهم يناصبون الله العداء وويل لهم.

الفرق الأساسي من ضمن فروق كثيرة بين التيارات الدينية واليسارية بكل مشاربها هو جرأتها ووضوح أهدافها وبعد نظرها. بمعنى أدق الإسلاميون لا يخشون التيارات الفكرية التحررية بكل مشاربها ومسمياتها لمعرفتهم بوعورة طرقها والألغام التي ستصادف قوافلها.

فبينما يملك الإسلاميون المكان والزمان والمال والوسيلة للتأثير يفتقد بالأغلب الأعم من اليساريين لمثل هذه الوسائل بعضها او اغلبها اذ لم نقل ربما كلها.

السلفيون وضعوا حجر الأساس منذ عقود وراحوا بلا هوادة يبنون ـ راجع كتابات المفكر الراحل نصر حامد ابو زيد حيث أفاض في تفسير السلفية وأثرها في أهم المجتمعات العربية مصر .

بالمقابل لا يملك اليساريون والشيوعيون اي دعم يذكر. وليس لهم في نفوس الجماهير العربية المغيبة والتي يتفشى بها الفقر والأمية تلك المكانة الدافئة التي يحتلها الدعاة ، ورجال الدين وليس لهم حتى نشيد واحد يغنى في اي مناسبة وطنية ام إنسانية بينما هناك مئات الآلاف من الأغاني التي تخدم أغراض التيارات الدينية، وتشد من أزرها وتدعمها.

البرامج الاجتماعية والسياسية كلها تغازل التيارات الدينية بينما الى اليوم لا يجرؤ آي منها على تناول الفكر اليساري والخيارات الأخرى للإنسان بعيدا عن الدين او الى جانبه. لان ذلك يعد كفرا وعقوبته واضحة.

عدم امتلاك التيارات اليسارية للإمكانيات المادية جعل منها جيوش عزلاء في اغلب الأحيان لا تملك تمويل نفسهما ،والتأثير على المجتمع. تقول الإحصائيات ان ما يزيد عن نصف القنوات التلفازية التي تبث بالعربية هي قنوات دينية ولا تقل عنها القنوات التي تبث التفاهات والجنس الرخيص وبالمناسبة هناك تناغما بين هذه القنوات وغالبا ما يكون رعاتها هم نفس الممولين لغرض الربح وتبرير الوجود. فأين تذهب التيارات اليسارية من هذا الكم الهائل والمخيف من متنفذين في عقول الناس وخياراتهم.

أغرب ما يصادف المتابع لقراءة الفكر اليساري هو فوقيته. قلما تتحدث مع احدهم وتجد فيه إنسان يشبهك . يتحدث في فلكه ويطرح عباراته المدججة بالاستعارات والنظريات التي لا يجد المتلقي اي شبه بينه وبينها. حتى نجوم السينما الكبار يضطرون بين الحين والأخر الى تمثيل أفلام اعتيادية لا تضيف شيئا لرصيدهم لكنها تساهم بتعريف البسطاء وهم كثر عليهم وتحريضهم لمشاهدة الجيد من نتاجهم. فما المانع من استفادة المثقف اليساري من هذه السياسة الناجحة لأعلامي مثله يفوقه بالنجاح والتأثير وسعة الجمهور.

قبل الذهاب في الحديث عن هذه النقطة في هذه المقال اريد القول بان التيارات الدينية لم تدخر وسيلة وطريقة في النيل من التيارات الفكرية بينما لم ولن تلتمس من التيارات اليسارية الا طريقة واحدة بالرد وهي الاستخفاف والاستشهاد بمقولات مترجمة تساعد وأي مساعدة خصومهم في متابعة هزيمتهم بلا مشقة والفوز بالسباق، والمعركة وقطف ثمارها بثقة كما فعلوا في كل ما يسمى بالثورات والربيع العربي الذي أخشى تأخر القوى التحررية واليسارية في تسميتها باسمها الحقيقي لزمن طويل.

شـذى احمد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدكتورة شذى
يونس حنون ( 2011 / 12 / 7 - 14:50 )
شكرا لتشريحك العلمي لواقع الجماهير العربية ومن لديه القدرة الحقيقية على اجتذابها
لاني ليبرالي يؤمن بالديمقراطية فانا مجبر على ان احترم اختيار هذه الجماهير رغم انها اثبتت انها لاترتدع بل تذوب هياما بمن يسوقها بالسوط
وتجربة الانتخابات في بلدي العراق خير شاهد
وعسى ان اكون مخطئا وتثبت الايام ان الاخوان وباقي الحركات الدينية التي وصلت وستصل الى
السلطة ستحترم الشعوب التي آزرتها ولن تقدم لهم نماذج جديدة من طالبان
مع ذلك فان علينا ان نسال لماذا
هذه الثورات قامت بها الالاف التي سكنت الشوارع اياما واسابيع واجبرت الطغاة على التنحي لكن نتائج الانتخابات قررتها الملايين التي لم تتحرك من منازلها الا لنصرة من تكون اولى انجازاته قطع يد السارق او فرض الحجاب
لكن لكي لانظلم الشعوب سننتظر ونرى عسى ان يكون اختيار تونس ومصر افضل من العراق


2 - الديني لا يمكن أن يتجانس أو يلتحم مع المُلحد
الحكيم البابلي ( 2011 / 12 / 8 - 07:27 )
الزميلة د. شذى أحمد
قد لا اؤيدك في بعض ما جاء في مقالك من أفكار وتصورات
اليساري أو العلماني ربما يعيش في برجه العاجي أحياناً ، بسبب ثقافته وتميزه عن غالبية الشعب الجاهل الذي لن يتعامل مع أي لا ديني حتى وإن كان من أحسن الناس ، فاللاديني مرفوض ليس في المجتمع الإسلامي فقط ، بل حتى في المجتمعات المسيحية
في جاليتنا العراقية المسيحية في المهجر ، الناس مستعدين لتقبل حتى الحمار الديني والمشي في ركابه قبل التفكير بسماع أي مُلحد لا ديني ، والذنب هنا ليس ذنب المُلحد ، بل ذنب الجهل الذي يُصور اللا ديني وكأنه بعبع سيدخل المؤمنون جهنم بسببه
لاتنسي سيدتي أن غالبية مجتمعات الأرض لم تحصل بعد على الكفاية من المعرفة والثقافة والعلوم بحيث تترك عقائدها ومقدساتها وآلهتها الوهمية الغيبية المزعومة ، ولهذا سيبقى الدين هو المُحرك لعواطف الجماهير الجاهلة وسلاحها الأخير لنيل الخير الذي لن تناله أبداً
فقط تصوري ... ذلك الإنسان الجاهل الذي لا يملك غير القليل من الحقائق العلمية ، يسخر مِنا ومن عدم إيماننا ، ويعتقد بأننا ناقصي عقل وحكمة ، وعميان لا نرى نور الله ، ولا أعرف من مِنا يضحك في سره من الآخر ؟
تحياتي

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر