الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام عن الديمقراطية بين التهجم والحوار

كامل كاظم العضاض

2011 / 12 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نًشرتُ على موقع الحوار المتمدن خلال الأسابيع الستة الماضية اربعة مواضيع؛ إثنين منها عن تأسيس التيار الديمقراطي في العراق، وإثنين يتعلقان بمفهوم الديمقراطية، وكان آخرهما قد جاء كتعقيب على مقال بعنوان، "هل النظام في العراق ديمقراطي؟"، كتبه الزميل الدكتور عبد الخالق حسين، وعنوان مقالنا هو "متى وكيف يكون النظام في العراق ديمقراطيا". فوردت تعليقات من بعض الأخوة القراء على بعضها، وخصوصا على آخر مقالين، ولم أرد إلا مرة أو مرتين عندما تمكنت، ذلك لأني لم أتمكن من الرد لمرات أكثر، لأن مقالنا كان قد رُفع من الصفحة، أو أن العمود الذي يُحتمل أن يكون باقيا عليها لم يظهرامامي، أي مختفي من على شاشة جهازي اللمبتوب. أما لماذا لم أرد في الحالات التي كنت أقدر فيها على ذلك، فيؤسفني القول لأن التعليقات الواردة كانت شتّامة و إتهامية دون أساس أو إنصاف، بل وممتلئة بهجوم شخصي لم أفهم معناه، إذ لم يكن في موضوعاتنا أي أمر شخصي أو كلام أو إتهام موّجه ضد أحد. وللإيضاح سأختار نموذجا من التعليقات التي أعتبرها ساقطة و لا تضيف إلا الدنس على ملقيها.
في منتصف الشهر الماضي، تعليقا على مقالنا عن تاسيس التيار الديمقراطي، كان من بين من علقوا شخص يدعى طلال الربيعي وانا لا أعرفه إطلاقا، فبدأ بالتهجم المقذع ناسبا كل مأسي البلاد وحتى دعارة النساء العراقيات والعيش على فتات الأجنبي الى جلال الطالباني بإعتباره، كما يزعم أو يتصور بأنه هو راعي التيار الذي أتحدث عنه، ومن ثم يذهب الى التعرض لشخصي وأنا لا أعرفه، بل هو سأل، بإستهزاء عن مؤهلاتي، وكأنه رب العلم وأستاذ المعرفة، ويستطيع هكذا أن يقيّم الناس، والى آخر ما هناك من المهاترات المؤسفة، وهو يستطيع أن يكتب ما يشاء مستقويا بحرية ما يكتب من مكان بعيد، وما أسهل ذلك! ولكن لو سألنا أحد، لماذا هو يفعل ذلك وما هي حجته؟ لوجد في إجابتنا ما يثير العجب. إذ في معرض عرضي الوصفي لمؤتمر التيار التأسيسي في بغداد، اشرتُ الى أن السيد جلال الطالباني والحزبين الكرديين أرسلوا برقيات تهنئة لإنعقاد المؤتمر، علما بأن اللجنة التنسيقية المشرفة كانت قد أعلمت كل القوى والكتل السياسية بإنعقاد هذا المؤتمر. فما علاقة هذا الأمر بكل ما كتبه من كلام جارح وغير حقيقي؟ ولما إستنكفت عن الرد عليه إستمر يكتب ويتوعد ويسّب. وهناك نماذج مشابهة أخرى!
ولعل ما يثير شجني هو كيف يمكن لأي حوار أن يكون ذا معنى ومنفعة للناس؟ كيف يمكن القول بوجود طبقة مثقفة واعية إذا كان بينها ناس يهبطون بالحوار وإحترام الرأي الآخر الى الحضيض؟ لماذا لا تُقارع الحجة بالحجة بدون شخصنة وإعتداء شخصي؟ لماذا يُحكم على النوايا وليس على الآراء المطروحة للنقاش؟ قد نختلف، ولماذا لا نختلف؟ أليس هذا هو من أهم القيم الديمقراطية؟ إذا كنا حريصين على مستقبل شعبنا وأهلنا، فلم لا نتحاور بشجاعة بدل الركون للسباب والإستهزاء والتشويش وخلط الحابل بالنابل؟ لماذا هذه القسوة والكراهية، خصوصا حين لا تكون هناك مصالح وغايات شخصية؟ هل يساهم هذا الدرك المؤسف من التنابز برقي الثقافة العامة والخاصة؟ كيف يُقبل الناس على قراءة شتائم بدلا عن الإطلاع على ثقافة راقية وشفافة، لينتفعوا منها وينفعوا؟ كيف تُبنى الأوطان بلغة الشتيمة؟ أقول هذا الكلام وفي بالي أهمية الإرتقاء بمنابر الثقافة والحوار، كما نجدها في منبر الحوار المتمدن، فهذا منبر لا يقبل بالشتيمة كمادة للحوار ولتعميق الفكر والقيم الديمقراطية؟ لماذا نسمح للغة الشارع أن تدب في أوصال المنابر الفكرية الراقية؟ هذا هو ما يهمني وليست حالة شخص مجرد، فالتربية بالأساس هي التي تضع لبنات حضارة الرقي الإنساني، وسوف لن نلحق بركب الحضارة العالمية، إذا إفتقدناها منذ البداية التأسيسية. أقول ولي أمل كبير بالرهط الأعظم من مثقفينا وكتابنا، فقد تعلمنا الكثير منهم من على صفحات الحوار المتمدن، وغيرها من المنابر. وأخيرا نقول رفقا بمستقبل أولادكم وأحفادهم، علموهم الكلمة السوية وليس الشتيمة والشجار!

د. كامل العضاض
مستشار سابق في الأمم المتحدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجمهوريون في فرنسا يطردون رئيسهم سيوتي بعد دعوته للتحالف مع


.. مجلة بيلد الألمانية: ماكرون حل الجمعية لإحداث -صدمة- تخلط ال




.. ما هي السيناريوهات المحتملة لتشكيل الجمعية الوطنية الفرنسية


.. تحالفات الفرصة الأخيرة في فرنسا لخوض الانتخابات التشريعية




.. ما هي الضمانات التي تطلبها حماس من أجل القبول باتفاق الهدنة