الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة وثورة الكومونة – 3-5

أنور نجم الدين

2011 / 12 / 3
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


حسب دروس ثورة الكومونة ذاتها، وحسب استخلاص النتائج من تلك الدروس من قبل ماركس نفسه، لم يقم ماركس باكتشاف أشكال سياسية محددة للمجتمع المقبل، وحتى إذا قام ماركس أو أي شخص آخر، بتقديم اقتراحات للمجتمع المقبل، فلا يعبر هذا إلا عن التفلسف. وحسب ماركس، فالكومونة هي الشكل السياسي الذي اكتشفته أخيرًا الثورة البروليتارية بنفسها، والذي يمكن أن يكون التحرر الاقتصادي للعمل من خلالها، أمرًا واقعًا.
أما لينين فيحاول تخويف البروليتاريا مما وصلت إليها بنفسها من خلال ثورتها الكومونية، فتعريف ثورة الكومونة بالفوضوية محاولة لخنق الكومونة في مهدها من خلال جر البروليتاريا إلى محاربة مبادئها الاجتماعية - مبادئ الكومونة - فالتاريخ جعل من علاقة البروليتاريا بالدولة علاقة سلبية، فالدولة وصلت إلى نهايتها في شكلها البرلماني. وطرح التاريخ مسألة إنهاء دور الدولة على بساط البحث في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وبعد ذلك، فكل محاولة لاعادة الحياة إلى الدولة باسم أكثر الطبقات الثورية في التاريخ، أي البروليتاريا، لا يعني سوى محاولة رجعية لإعادة الماضي، فالبروليتاريا لا يمكنها أن تصبح طبقة محافظة نظرًا لطبيعتها التاريخية التي لا تعطيها فرصة الامتلاك الخاص للوسائل الإنتاجية. لذلك، فهي مكلفة تاريخيًّا بالقضاء على سيادة الإنسان على الإنسان لا على تغيير شكلها.

فلننظر الآن إلى التغيير العجيب الذي صنعته الكومونة في مدينة باريس.
______________________________________________________________________________

كومونة باريس، كارل ماركس - تعريب فارس غصوب

"أي تغيير عجيب في الحقيقة صنعته الكومونة في باريس! لم يعد هنالك أثر لباريس الداعرة، باريس الامبراطورية الثانية، ولم تعد باريس ملتقى لكبار أصحاب الاراضي الانجليز والمتغيبين الارلنديين وللامريكيين من مالكي العبيد السابقين وحديثي النعمة ولمالكي الاقنان الروس السابقين وللنبلاء الولاشين. فليست هناك جثة واحدة في معرض الجثث؛ ولا جرائم ليلية ولا حوادث سرقة إلا فيما ندر جدًا. وبالفعل، أصبحت شوارع باريس، لأول مرة منذ شباط 1848، مأمونة بالرغم من أنه لم يكن فيها شرطي واحد.
وقد قال أحد أعضاء الكومونة:
(لم نعد نسمع بالاغتيالات والنهب والاعتداء على الانفراد، ويبدو حقًا أن الشرطة قد جرت معها إلى فرساي جميع زبائنها المحافظين) (ص 71).

"وتبعت النساء الساقطات بائعات اللذة أولياءهن – هؤلاء الفارين، حماة العائلة والدين، وفوق كل شيء، حماة الملكية. وظهرت من جديد نساء باريس الحقيقيات، البطلات المخلصات، شأنهن شأن نساء الماضي السحيق الكلاسيكي؛ باريس العاملة المفكرة المقاتلة النازفة دمًا، ولكنها باريس المتقدة حماسًا بوعي مبادرتها التاريخية، وكانت شبه غافلة، وهي منهمكة بالدفاع في بناء مجتمع جديد، عن اكلة لحوم البشر الواقفين قرب جدرانها!
ووجهًا لوجه أمام هذا العالم الجديد في باريس، كان العالم القديم في فرساي- تلك العصبة من مصاصي الدماء للعهود المنقرضة جميعًا – ومعهم ذيل من جمهوريي ما قبل الطوفان، يؤيدون بوجودهم في الجمعية الوطنية فتنة مالكي العبيد؛ آملين الاحتفاظ بجمهوريتهم البرلمانية بفضل غرورالمشعوذ الهرم الواقف على رأس الحكم، ومسخوا صورة 1789 بعقد اجتماعات أشباح الماضي في جودي بوم -(صالة لعب كرة)-. هكذا، فان هذه الجمعية التي كانت تمثل كل ما هو ميت في فرنسا، واصلت حياتها بفضل سيوف جنرالات لويس بونابرت! باريس، الحقيقة كلها، فرساي، الكذب كله؛ وداعي هذا الكذب كان تيير" (ص 72).

".. عندما فتحت الخيانة أبواب باريس أمام الجنرال دويه في 21 ايار، كشف تيير في 22 منه، لنوابه الريفيين عن "الغاية" من مهزلة المصالحة التي مثلها والتي أصروا هم بعناد على عدم فهمها:
(قلت لكم منذ بضعة أيام اننا نقترب من غايتنا، وجئت أقول لكم اليوم، اننا أدركنا الغاية. لقد تحقق أخيرًا انتصار النظام والعدالة والمدنية!)

أجل، كان هذا انتصارًا. ان مدنية النظام البرجوازي وعدالته تطلعان بضوئهما الحقيقي المشؤوم، كلما هب عبيده ومظلوموه ضد أسيادهم. وعندها، تكون هذه المدنية وهذه العدالة بربرية غير مقنعة وثأرا لا يعرف القانون. وتزيد كل أزمة جديدة في النضال الطبقي بين منتجي الثروة وممتلكيها، هذا الواقع سطوعًا. حتى فظائع التي ارتكبها البرجوازيون في حزيران 1848، قد خبت ازاء قبائح سنة 1871 التي يعجز عنها الوصف. والبطولة المتفانية التي قاتل بها سكان باريس أجمعهم – رجالا ونسوة واطفالا – لمدة اسبوع كامل، بعد دخول جنود فرساي إلى المدينة، لتعكس عظمة قضيتهم بنفس السطوع الذي تعكس به فظائع العسكر الوحشية كل الروح التي جلبت عليها تلك المدنية التي كان هؤلاء المرتزقة المأجورون يدافعون عنها ويتغنون لها. وانها لمجيدة حقًا هذه المدنية التي واجهت مشكلة صعبة هي مشكلة التخلص من أكوام جثث الذين غدرت بهم بعد انتهاء المعركة" (ص 78، 79)

"ان تلك المدنية المجرمة التي تستند إلى استعباد العمل، تعمد كل انتصار دموي إلى اغراق صيحات ضحاياها، الابطال الذين يضحون بأرواحهم في سبيل مجتمع جديد أفضل، بزعيق من الملاحقات والافتراءات يتردد صداها في كافة أنحاء العالم. ان باريس العمال الهادئة، باريس الكومونة، تتحول فجأة إلى جهنم على أيدي كلاب (النظام) العطشى إلى الدماء. وماذا يثبت هذا التحول الوحشي للعقد البرجوازية في جميع البلدان؟ انه يثبت فقط ان الكومونة قد تآمرت على المدنية! ان شعب باريس ليستميت بحماس في سبيل الكومونة: لم يقتل هذا العدد من الناس في أية معركة في التاريخ من قبل" (ص 80).

"بعد أفظع حرب من حروب الازمنة الحديثة، اجتمع الجيش الغالب والجيش المغلوب ليشتركا في ذبح البروليتاريا .. فالسيطرة الطبقية لم تعد قادرة على التنكر في ثوب قومي؛ ان الحكومات القومية هي يد واحدة ضد البروليتاريا.
وبعد يوم العنصرة من عام 1871 لم يعد هنالك مكان لا لصلح ولا لهدنة بين عمال فرنسا وممتلكي نتاج عملهم. فاليد الحديدية للجنود المرتزقة قد تستطيع ان تسحق هاتين الطبقتين، بعض الوقت، غير ان المعركة بينهما تنشب من جديد ولا بد ان تحتدم بشدة متزايدة؛ ولا يمكن أن يكون هنالك شك فيمن سيكون المنتصر في نهاية المطاف – الاقلية المتملكة أم الاكثرية الساحقة من الشغيلة. وما الطبقة العاملة الفرنسية إلا طليعة البروليتاريا الحديثة قاطبة" (ص 83)

"ان باريس العمال وكومونتها ستظلان إلى الأبد موضع التكريم، بوصفهما البشير المجيد بمجتمع جديد. ومثوى شهدائها الابدي قلب الطبقة العاملة الكبير. وقد سمر التاريخ الآن جلاديها على خشبة العار التي لن تجدي في تخليصهم منها جميع الصلوات التي يرددها كهانهم" (ص 84).

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المجد للكومونة
فؤاد محمد ( 2011 / 12 / 3 - 15:19 )
الرفيق الغالي انور تحية
سابقى انشر هذه الاجزاء الخمسة للكومونه لتكون البرتامج والنظام الداخلي
لانتصار الكومونه
ياكومونيوا العالم اتحدوا
اعانقكم


2 - الرفيق فؤاد
انور نجم الدين ( 2011 / 12 / 4 - 04:43 )
عظيم يا رفيقي العزيز
تقبل تحياتي الرفاقية

اخر الافلام

.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع


.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم




.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.


.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا




.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية