الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين تاء التأنيث ؟

أم الزين بنشيخة المسكيني

2011 / 12 / 3
كتابات ساخرة


أين تاء التأنيث ؟ ..


و اشتدّ الليل بالمدينة و نعقت غربان الشرق من كل صوب و حدب و تجمّعت بومات المارد الأسود في قلب السماء و زغردت فيها الخفافيش و رقصت آخر العفاريت و انهمرت الجحافل بأردية و ألوية و أُضحية و عًور و عورات و ناقصون عقل و زائدون فقر ..امتلأت الساحات حتّى غصّ المكان و شرٍق الزمان ..و في وسط الركح جلست شهرزاد على قلق ترمق حروف الحكاية بعين العجب و الفزع ..لكن الجمع الغفير استاء من الصمت فنطق المارد الأسود في حنق :" ويحك أيّتها المرأة العنيدة ..لماذا تصمتين و الركب مكتمل و الركح مزدحم و كواكب الأسنّة و الرماح و بريق الصفاح في عطش الى دماء الاناث ..الينا بالحكاية و الاّ لعنتك الملائكة الى الصباح ".
لملمت شهرزاد فتنتها و حنّاها و عطرها ، و ضربت بخمارها على وجهها ، و قالت " و من أين جمّعتم كل هذا العدد من العفاريت و أنا التي كنت أحسب أنّي طردتهم من الحكاية و طعنتهم بحدّ القلم و سمّمتهم بالحبر ..و كلّما جاؤوا الى دهر فرقعوه و الى عقل و حقّ فقبّحوه و الى قصّة فعقروها و الى أدب فأهدروه .."
صاح بها المارد الأسود و قد فرغ صبره :" افتحي الكتاب و اقرئي يا داهية الدهر و لا تسألي فالسؤال طاعون للنفس و هذر النسوان وباء للبدن ..و من كثر سؤاله قلّ حياؤه و مات قلبه "
فتحت شهرزاد ديوان الحكايا لكنّها لم تعرف كيف تقرأ البداية و لا النهاية ..حملقت عميقا في ظاهر اللفظ فقلّبته على كل جوانبه لكن الحروف أحجمت عن النطق ..أُصيبت شهرزاد بالذهول و الفزع ..ما بال حروفي عصيّة عنّي ؟ تًراها تحتجّ على الجلد و الضرب الذي لحقها من طغيان هذا الزمن ؟ أم تُراها تعبت من الحكي ؟ أو سئمت من الانتماء الى لغة العرب؟ أم تراها تخجل من صوتي ؟ احتارت شهرزاد من الأمر ففزعت الى سيبويه تسأله "أن افتني في حديث الحرف ..فأنت أدرى بمكر هذه اللغة " أصيب عالم العرب بالعجب فهو للمرّة الاولى في حياته و في مماته الطويل الأمد يُسأل عن ثورة الحرف ؟ و كيف للحروف أن تعصي أمر خالقها و مولاها و سيّد النعم ؟ و حينما عجز عن الحلّ فزع الى فطاحل النحو و الشعر و الأدب ..و جيء بالأخطل و الحطيئة و بشّار و المتنبي و ابن الورد و السيرافي و مسكويه و الجاحظ و التوحيدي و وقفت الخنساء في آخر الصفّ ..لا أحد من رجال العرب فهم قُعود الحروف و امتناعها عن اللفظ ..و ضحكت الخنساء من وراء الحجب ضاربة بردائها الأسود على الكتب ..و قالت في كبرياء المحصّنات العالمات بمكر الدهر:" ويحكم يا علماء العرب ..ماالذي أصابكم بالجحود و الحمق ؟ و كيف جيء بكم الى عصر دثور الأدب و بوار العلم و الاعراض عن الحقّ ؟ ما الذي أخرس حروفكم عن النطق ؟ ألا ترون أنّ تاء التأنيث قد حُذفت من المعجم ؟ أم تُراكم أُصبتم بعماء هذا العصر ؟ "..حينها فهمت شهرزاد أنّ العفاريت قد سرقوا تاء التأنيث من اللغة و وئدوها في لبّ البحر ..فصاحت بالمارد الأسود "يالك من أحمق يا بطل قصّتي ..كيف أحكي دون أن أنطق بالوردة و القُبلة و كيف أحكيك عن النساء العورات و الناقصات و المتبرّجات و السافرات ..و المحصّنات ..و العالمات و الماكرات و ساحرات الملك ؟ أعيدوا الينا تاء التأنيث قبل أن تتحوّل الوردة الى قنبلة و المدينة الى مزبلة " و واصلت حروف الضاد اعتصامها أمام المكتبة تحتجّ على منع تاء التأنيث من الاختلاط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي