الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بداية الشوط الثانى

نسيم عبيد عوض

2011 / 12 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


عندما خرج علينا التليفزيون المصرى ‘ ليعلن على لسان أحدى جنرالات القوات المسلحة ‘بإعلان تنازل الرئيس حسنى مبارك عن سلطاته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ‘ صرخ الشعب بالنصرة وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير ‘ ولكن الحقيقة كان هذا هو بداية الشوط الأول من ثورة مصر ‘لأن الشعب لم يفكر وقتها فى مالذى حدث للواءعمر سليمان الذى نصب بالأمس نائبا لرئيس الجمهورية ؟‘ وتحمله السلطات كاملة ‘ ولم يفكر قادة الثورة وحكمائها كيف وقع رئيس الجمهورية على تسليم السلطة للمجلس الأعلى للقوات السلحة بهذه السرعة التى تمت بها ‘ حتى أن اللواء سليمان يرحل بسهولة الى منزله بالأسكنرية مودعا كل شئ وحتى وظيفته وأكتفى بالإسترخاء فى بيته متجنبا أى حديث مع أحد وحتى الآن . إنتقال السلطة ورحيل الرئيس ليس بهذا الأسلوب ‘ فالطريقة القانونية والشرعية أن يتولى سلطة رئيس الجمهورية واحد من إثنين ‘ رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية العليا ‘ وتسليم السلطة للمجلس العسكرى معناه الوحيد ‘ أنه كان إنقلاب عسكرى أجبر عليه الرئيس وشعب مصر ‘ وكان يجب على الثورة أن تستمر حتى تنتقل السلطة الى وضعها الطبيعى ‘ وبترك الشعب ميدان التحرير إنتهى الجزء الأول من الشوط الأول على هذا الحال الشاذ.



وقلنا وقتها أن هذا حدث فى دول كثيرة سابقة ‘مثل باكستان ‘ أن يتدخل قادة القوات المسلحة لتولى السلطة ‘ وتطهير البلاد من العصر البائد ‘ ثم يرتبون لتسليم السلطة ‘ لقادة الشعب ولسلطة مدنية لحكم جديد للبلاد ‘ والخط الدستورى فى مثل هذه الثورات ‘ أولا تشكيل هيئة تأسيسية تشكل من علماء الشعب ودستورييه ومثقفيه ‘ بما يشمل كل طوائف الشعب ‘ وبعد إستفتاء الشعب على هذه الهيئة يحدد لها وقت معين لتنتهى من وضع دستور جديد للبلاد ‘ وبعد الإستقرار على جميع مواده ‘ بإتفاق شعبى ‘ يعرض على الشعب المصرى للإستفتاء . ثانيا فى وجود دستور دائم لمصر يدعى الشعب لإنتخاب الهيئة التشريعية والنيابية الممثلة فى مجلس الشعب والشورى ‘ وفقا لمواد الدستور . ثالثا يعرض على الشعب لإختيار مرشحا ليتولى منصب رئيس الجمهورية ‘ وفقا أيضا لما نص عليه دستور البلاد ‘ وبعد حلف الرئيس الجديد اليمين الدستورية ‘ يتنهى تلقائيا سلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الطارئة ويعودون جميعهم ولوظائفهم السابقة فى خدمة القوات المسلحة المصرية ‘ والمهمة الوحيدة لهم هو الدفاع عن أرض الوطن ‘ ومكانهم هو حدود مصر .



الأكذوبة التى أعلنها المجلس انه سيقوم بتسليم السلطة خلال الستة شهور التالية ‘ ولم يتنبه القادة السياسيين ومثقفيها من السقطة التى قبلوها صاغرين ‘ وقد يسأل سائل هل قبلناها كيف ؟ من أول يوم وبميدان التحرير الذى كان يحارب الثورة والثوار هم الجيش وقادته ‘ هل تذكرون الفضيحة والعار الذى فعله عساكر الجيش المصرة فى سبع فتيات قبض عليهم يوم 26 يناير وعذبوهم فى المتحف المصرى ‘ ثم أخذوهم لسكنات الجبل الأحمر ‘ وأجروا عليهم إختبار العذرية ليذلوهم ويمنعوهم من النزول لميدان التحرير مرة أخرى ‘وعبرة ورعبا لكل نساء مصر‘ فى واقعة لم تحدث للعسكرية المصرية طوال تاريخها ‘لم نتوقف عند هذا الحدث لنتساءل لماذا يحارب الجيش الثورة ‘ لأنه عندما قام بإنقلابه العسكرى لم يكن تدخله لإنقاذ البلاد من حسنى مبارك ‘ بل ليرث حسنى مبارك ونظامه ‘ ليحتفظ بسلطانه وقوته وسطوته ‘ ولا تسلم السلطة لهذا الشعب.



كانت آخر مرة تعرض على البرلمان المصرى ميزانية القوات المسلحة المصرية بكل تفاصيل بنودها ‘ كان فى حكم الملك فاروق وماقبله ‘ أما منذ حكم عبد الناصر ولليوم أى 60 عاما لم تعرض بنود هذه الميزانية ضمن ميزانية الدولة ‘ قد تكون وضعت كرقم صامت ‘ ولكن بدون تفاصيل ‘ثلاثة رؤساء للبلاد عسكريين كان كل همهم ان يرضوا الجيش حتى يؤمنوا بقائه فى السلطة ‘ ويحقق له الإستمرارية التى يريدها ‘ فكانت مطالب القوات المسلحة أوامر ‘ ولهذا أبقى حسنى مبارك على المشير طنطاوى فى السلطة اكثر من 20 عاما ‘ ولعلنا نذكر كيف قضى على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أيام قائد الجيش الثالث بدوى ‘ وكيف كانت طائرة الهليوكبتر –وكان حسنى قائدا للقوات الجوية وقتها – هى السبيل الوحيد للتخلص من المجلس بكامله ‘ وبعد حكم مبارك وإتفاقية السلام مع إسرائيل ‘ أصبح كل إهتمام القوات المسلجة ليس هو حدود مصر ‘ لأنها أصبحت فى عهدة الرقابة الدولية ‘ فإنتقل العمل الى المكاتب فى القاهرة ‘ وأصبح الإنتاج الحربى للمصانع الحربية هو العمل الحالى للقوات المسلحة ‘ وواجب عليه توزيع فائضها ‘ فتمت الإتفاقات والعقود حتى وصلت الى أرقام مليارية تفوق العقل والخيال ‘ والوحيد الذى يعلم بها هو رئيس الدولة العسكرى ورئيس المجلس العسكرى ‘ ولا أحد فى الدولة يعلم عنها شيئا . وكان هذاهو السبب الرئيسى فى الإستيلاء على سلطة حكم مصر.



وعندما وجد القادة العسكريين أنهم داخلين بجد على إنتخاب مجلس الشعب ‘ الذى بعد إنتخابه يصبح هو السلطة التشريعية الوحيدة فى البلد ‘ ولا تستطيع قوى أخرى أن تتدخل فى تشريع الوطن ‘ فأسرع المجلس العسكرى ‘ لإخراج الوثيقة الدستورية الى الحياة قبل أن يفوت الوقت ويجئ مجلس للشعب ‘وفى وسط وثيقة تغطى كل مطالب الشعب ‘ حشر وسطها مطالبه ‘ فى بندين خاصين بإستقلال المجلس العسكرى عن أى سلطة فى البلاد ‘ وقد خفى عليه أنه لا يوجد فى مصر وطنى واحد سيوافق على هذه البنود‘ وبدأ الصراع بين المجلس العسكرى وكل طوائف الشعب ‘ وهكذا إنتهى الشوط الأول من الثورة.



ومن يوم السبت 19 نوفمبر بدأ الشوطى الثانى من الثورة بنفس قوتها وإصرارها على تحقيق ثورة حقيقية ‘ تغير النظام بكامله وتملك الشعب قيادة بلده ‘فبعد أن فاق الشعب ودفع ثمنا باهظا من دماء الأقباط ‘ بدأ الشوط الثانى صباح السبت فى ميدان التحرير بهف واحد ‘ رحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ‘ والآن أنا قد وصلت مع نفسى الى حائط شبه مسدود ‘ كيف سيتم إنهاء هذا الشوط الذى قد يطول مدته الى سنوات ‘ لأن هناك معضلة صعب حلها ‘ نحن شعب يريد إستلام سلطاته بكاملها بدون أنتقاص كباقى شعوب الأرض ‘ ومجلس عسكرى لن يتنازل عن سلطته فى حكم البلد ‘ ومازلنا فى الشوط الثانى ‘كيف سينتهى ‘المعلوم فقط ان تضحيات مصر ستحصد الكثير‘ والباقى فى علم الله فقط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون