الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل خذل الشعب الثورة؟

مجدي مهني أمين

2011 / 12 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يُحسب لانتخابات المرحلة الأولي سلميتها، ويُحسب لها الاقبال الهائل عليها، ولكن هل يحسب عليها أنها اختارت الأحزاب الدينية دون غيرها -تقريبا- كي تمثلها في البرلمان الانتقالي القادم؟ أم أن الجماهير قد خُدعت في الزيت والعدس والفول والبطاقات المقدمة من حزب النور (راجع الرابط الأول) ؟

أتساءل هل خذل الشعب الثورة؟ أطرح هذا التساؤل وأنا أشاهد هذا الفيديو الموجه من نساء إيران لنساء مصر وتونس (راجع الرابط الثاني)، اتساءل بينما اتذكر ما الكاتبة الإيرانية أذار نفيسي التي روت في كتابها "قراء لوليتا في طهران" ، مظاهر التمييز والقهر الذي تمارسه الدولة الشمولية ضد مواطنيها، ومعاناة المرأة في هذا المجتمع، الذي لا يسمح للمرأة بروكب الحافلات من الباب الأمامي ولا دخول الجامعة من الباب الرئيسي، بل من باب جانبي يفضي لحجرة تفتيش لحقائب الفتيات، حيث تعاقب من يكتشف في حقيبتها أي من أدوات النساء، وحيث لا يسمح للفتاة أن تركض كي تلحق بفصلها الدراسي، والدوريات في كل الشوارع تراقب انظباط الناس في تنفيذ كافة تعليمات الدولة الشمولية، تلك الدولة التي ينقلب فيها الوضع؛ فبدلا من أن يراقب الناس الحكومة، تراقب الحكومة الناس، ناهيك عن الحرمان من أي حق للناس في انتقادها. مظاهر القهر التي جعلت من مجرد قيام الكاتبة نفيسي بحلقة دراسة للأدب الإنجليزي في بيتها مع عدد من الطالبات، أمرا يعرض الكاتبة والطالبات للمساءلة والمحاكمة.

هل خذل الشعب الثورة، وسلم البلاد لحكم شمولي باسم الدين، بعد أن سعى الثوار لتحريرها من حكم شمولى باسم الوطن؟

لا أظن أن في الأمر خذلان بهذه المرارة، ولكنها حراجة يطول أمدها، فقد كان الحكم الديني قابعا تحت جلد الحكم العسكري، وعبد الناصر لم يواجه في عصره الحكم الديني مواجهة صحيحة، خاف على الثورة ، وألقى بالأخوان في السجون، حولهم إلى مقهورين ومظلومين وأبطال، وبقى هو بمفرده مفوتا على البلاد فرصة الدولة الديمقراطية ، كان عليه أن يترك الأخوان يعملون جنبا إلى جنب مع باقي الأحزاب، كانوا سيجربون أفكارهم، والناس يجربونهم، فالتجربة تمحص الأفكار وتفقدها قدسيتها وتبحث في عوائدها. عبد الناصر أخّر الزمن علينا.

والسادات لم يكن أفضل وضعا، إذ أنه لم يفتح الباب أمام الديمقراطية، بل استخدم الإخوان لضرب اليسار، يعني مناخ تآمري مش ديقراطي، وتوقع أن يستخدمهم دون أن يدفع التمن، وكان التمن حياته مع بقاء ذات النظام العسكري الديكتاتوري الشمولي، خفت قبضته أم قويت.

لمن يكن مبارك إلا محصلة نظام ديكتاوري، قبِله الشعب على مضض. وفي الديكتاورية يولد الفساد؛ لأن الديكتاتورية هي ببساطة عدم المحاسبة ، والحاكم والمسئول من أول الرئيس حتي آخر عسكري على الطريق الزراعي منزه عن المحاسبة، هو وضميره، وعدم المحاسبة مفسدة، فالديكتاتورية والشمولية كانت أساس الفساد، وحتى نضمن دولة عصرية يجب ان نحارب الديكتاتورية حتى نقضي على الفساد.

عندما نادي الشباب بسقوط النظام، كانوا يعنون مبارك، ثم اتضحت الصورة لتشمل مبارك وبطانته، وحزبه، ووزراءه، ومحافظيه، ومجالسه المحليه، ونادوا بالتطهير الذي لم يحدث حتى الآن، ولم يتطرقوا للفكرة القائمة وراء كل هذا، لم يتطرقوا للتحرر من الحكم الشمولي بكل صوره، فجاء حكم الدين، مستغلا غياب وعي الناس كي ينصب نفسه رقيبا على الناس، بعد أن يجرد الناس في دورهم الرقابي، فلا حكم في معتقدهم للناس، الحكم لله، وهم من يمثلون هذا الحكم الإلهي المقدس.

سقطنا في المحظور، ولكن يتبقى أن هناك وعي ينضج ولن يترك هؤلاء الحكام يتمعتون بدولتهم، فالحكم الشمولي يترعرع في ظل الصمت، فكيف الحال والشارع ثائر؟
ويترعرع في المباركة، فكيف الحال والشارع متشكك وساخط؟

نعم سيفتقد الحكم الشمولي الصمت والمباركة ، ولا يملك إلا التخويف، كما يحدث في إيران؛ فكيف الحال وقد سقط الخوف وقدم الشباب دماءهم رخيصة في البالون وماسبيرو والتحرير؟

لايملك هذا الحكم الشمولي إلا طريق واحد، أن يراجع أوراقه في أن يصبح حكما مدنيا خاضعا طواعية للشعب، ولا يملك الشباب إلا المزيد من الثورة، لترويض هذا الحكم ولرده للواقع في أن هناك دولة ومواطنون، مش حاكم ورعية.

فالمرحلة القادمة تريدنا جميعا حتى لا نخذل الثوار، وحتي لا نخذل مصر، حتى تكون مصر دولة مدنية، تعيش عصرها. وألا تترك لفوضى الحكومات الشمولية.

الروابط:
1- النور يحصل على اصوات الناخبين بأسليب الوطنى سابقا
http://www.youtube.com/watch?v=ugK-_astTuQ&feature=related
2- رسالة من نساء ايران الى نساء مصر و تونس
http://www.youtube.com/watch?v=TgqN2d6ocUg&feature=share








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العبودية
سعيد دلمن ( 2011 / 12 / 4 - 19:50 )
لقد كانوا الأخوان ومازالو أداة يتم استخدامها من قبل الأنظمة الاستبدادية وحراسها ..وإلا ماهي الجاذبية والمكاسب التي يجنها الشعب من تولي مخلفات القرون الوسطى إدارة دولة حديثة غير الحرمان من الحقوق والخضوع والعبودية لعقد وأمراض مجموعة من البشر المتخلفين ..مع التحية

اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار