الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفولة الربيع العربي ... حمير الله

مؤيد عبد الستار

2011 / 12 / 5
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


طفولة الربيع العربي ... حمير الله !
مؤيد عبد الستار
في هذه النظرة الاولية نحاول القاء بعض الضوء على رياح التغيير التي عصفت في الشرق الاوسط والتي مازالت تفعل فعلها لتقتلع أسس المجتمعات البدائية المتخلفة التي استطاعت العيش على هامش الحياة ، وبشكل طفيلي مخجل ، ساعدها ثروة نفطية استخرجها الغرب من باطن الارض اوائل القرن العشرين .
ظل الشرق الاوسط أسير أنظمة بدائية حتى الوقت الحاضر، ففي الوقت الذي تنتقل فيه الدول المتقدمة الى مستويات متطورة جدا من الديمقراطية و حكومات الكترونية معقدة ، وتتحول المجتمعات الى امم فعالة في فلك التقدم الصناعي والعلمي والسياسي والثقافي ، نجد الشرق الاوسط يرزح تحت سلطات متخلفة ، أغلبها عشائرية أمية ، تهيمن على المجتمع باعتماد اساليب التجهيل والخرافة والجبروت الطاغي الذي يـُخضع القوم ويركّع الافراد الذين يحاولون السير في طريق الحرية نحو التقدم من خلال القيام بتمرد – ثورة ، انتفاضة - أو فعل ثقافي ، أو فني أو علمي .
إن إعتماد سلطة العشيرة وتقاليد المجتمعات البدائية في حكم دول الشرق الاوسط ظاهرة ملفتة للنظر ، فهي ما زالت تستطيع اخضاع الملايين لسيطرتها ، ومن أهم العوامل المساعدة على هذه السيطرة ، الثروة النفطية التي أتاحت للمشايخ و الامارات و الحكومات العشائرية البدائية التحالف مع مستهلكي النفط ( الدول المتقدمة ) والاتفاق على حمايتها مقابل حماية الحكومات البدائية للمصالح النفطية وضمان استخراجه وتصديره للبلدان المستهلكة بكلف متدنية .
كما استخدمت الحكومات البدائية المتخلفة الدين أفضل إستخدام ، ومولت رجال الدين الذين حرصوا على تفسير الدين - الاسلام والمسيحية - في صالح التخلف ، فعلى سبيل المثال حاول الدين الاسلامي تحرير العبيد من خلال عتق رقبة العبد مقابل الخطايا التي يرتكبها مالك العبيد ، الا ان الحكومات البدائية تمسكت بالعبودية ورعتها ومارستها بحرية حتى اواخر القرن العشرين – وربما حتى الوقت الحاضر بشكل سري ، فهناك تقارير بعثات دولية اشارت الى ذلك في موريتانيا على سبيل المثال - وربما مازالت في الكثير من مجتمعات الشرق الاوسط الاسلامية ، رغم تحريم العبودية باتفاق الدول المنضوية تحت راية الامم المتحدة .
كذلك استغلال المرأة ، من خلال تعدد الزوجات والجواري والاماء والسرائر ، الذي مازال عرفا اجتماعيا مقبولا في مجتمعات الشرق الاوسط ، وبحماية كهنة العصر الحديث الذين فسروا الايات والاحاديث بما يشتهي الحكام وأصحاب السلطة الجائرة دون مراعاة لروح الدين الذي حاول الغاء استغلال الانسان لاخيه الانسان ، وافضل مثال على ذلك شعار الاسلام الانساني : الناس سواسية .
ضرب الحكامُ العرب بشعار المساواة عرض الحائط ، ساندهم بذلك رجال الدين الاوفياء لسلاطينهم وعبيد دنياهم ، بينما نجد المجتمعات المتقدمة – في اوربا على سبيل المثال – وهي مجتمعات غير متدينة ، تلتزم بحرية الانسان وتحاول سن أفضل القوانين لمنع استغلاله ، مثل منع تعدد الزوجات ومنع استغلال الاطفال في العمل ، وهو الذي مازال شائعا في الشرق الاوسط وأغلب بلدان العالم الثالث .
لكن شعوب الشرق الاوسط استيقظت من سباتها اوائل القرن العشرين وعلى الاخص بعد الحرب العالمية الاولى ، فانتبهت على أصوات المدافع والطائرات التي هزت اركان مجتمعاتها البدائية ، وكشفت الخرافات البالية التي تؤمن بها ، حتى ان خطبة خطبها رجل دين اصبحت طرفة يتناقلها الناس فيما بعد ، ومفادها ان القطار الذي وصل الشرق استفز رجال الدين، فخطب أحدهم بالقوم محتجا بقوله : اتتركون حمير الله وتركبون الشمندفر ؟! (الشمندفر= القطار، معرب عن الفرنسية).
لكن الناس لم يأبهوا له ، تركوا حمير الله وركبوا القطار ...
ان الثورات التي هزت الشرق الاوسط أصبحت فريسة لقوى طامعة في احتوائها وحرفها عن أهدافها ، الا انها ستساعد في إعادة تشكيل مجتمعات جديدة تحمل بعض سمات العصر الحديث ، وليس غريبا أن نجد قوى اليسار ( الديمقراطية والليبرالية والعلمانية ) هي المحرك الاساسي لهذه الانتفاضات والثورات ، الا ان الرموز التقليدية العتيقة والبالية ستقطف أولى ثمارها ، لان القوى الديقراطية مازالت تبحث عن ملاذ تلتقي فيه وتجمع تياراتها المتعددة والمختلفة جدا تحت سقف واحد ، كما ان الظروف الصعبة التي مرت عليها خلال العقود الماضية وسنوات كفاحها المريرة أفقدتها القيادات التاريخية ، وأسهمت في عدم ظهور قيادات جديدة تستطيع أداء دورها بكفاءة ، فما زال الشرق الاوسط – والقوى الديمقراطية - بانتظار ظهور قادة اكفاء مثل مارتن لوثر كنغ و غاندي و مانديلا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الصميم
شكر البابلي ( 2011 / 12 / 6 - 09:29 )
اهنك مقالة جيدة وفي صميم الموضوع وتصور ان وزير خارجية قطر يتوعد الجزائر والدول الاخرى بهذا الربيع ..ما قاله حايكم ..الدور. والسوءال كيف يعرف هذا البلد الصغير لولا دعم الغرب لهم .

مع تحياتي


2 - الدين اسباب التخلف
هاشم القريشي ( 2011 / 12 / 7 - 00:30 )
عزيزي مؤيد انك حاولت ان تقول الحقبقه ومررت مر الكرام على الدين لا العشائريه فالتخلف الذي يصنعه رجل الدين الذكي والمناور اللعوب يقدر ان يعيش الناس الجهله في الحكايات اللاهوتيه والغيبيه وخير مثال لا الحصر جماعتنا الشيعه واسطورة المهدي المنتظر اسطوره غير قابله للتصديق منقبل العقل المثقف فالروزخونيه قادرين على اقناع هذه الملاين التي تخدر من شدت التاثير النفسي وهم يعيشون الناس بهذا الحلم فالدنيا متاع ولكم الأخره أفضل وهم الذين سيشفعون لكم عفوا وهم لم يشفعوا لنفسهم منهذا جائنا بوش بهكذا قاده جهله ورجال الدين هم القادرين على استغلال ظلم هذه الأنظمه لصالحم فهذه تونس ومصر والمغربوليبيا خير دليل انهم يصنعون حكومات متخلفه ستقود شعوبها وتعيدهم الى عصور ماقبل التاريخ وفوا لك يا دكتور مؤيد وعفوا للجميع قد اكون تطاولت وتماديت اكثر فالأيام القدمه خير دليل وشاهد


3 - تحية
صباح كنجي ( 2011 / 12 / 24 - 05:48 )
العزيز دكتور مؤيد
تحية حارة..
مقالك وتحليلك جميل وممتع بهذا التشبيه الذي قد يعترض عليه حزب الحمير الإنساني الذي يقود عمر... من مقره في السليمانية..
ورد في المقال الشمندرفر = القطار وهي معربة من الفرنسية.. .. لكن عند مراجعتي للقاموس المباشر في الانترنيت وجدت ان القطار في الفرنسية تلفظ فورمر
أما الشمندفر فهي كلمة كردية مركبة من الشلمان الذي هو الحديد ودفر وهو الجمل وبنفس الصيغة نرى الكورد يسمون الموتور سكل ب .. كري آسني .. أي جحش الحديد.. لهذا فان الشمندفر يمكن ان تكون كردية/ تركية بمعنى الجمل الحديدي او الحيوان الحديدي.. ارجو ان تتأكد
مع مودتي
صباح كنجي


4 - حول الشمندفر
د. مؤيد عبد الستار ( 2012 / 1 / 3 - 22:10 )
الاخ صباح كنجي المحترم
اشكرك على تعليقك ، واود بيان ان كلمة الشمندفر شاعت تسمية للقطار بسبب
التسمية الفرنسية
Chemin de fer
وتعني سكة الحديد ، ومنها شاعت التسمية في بعض المناطق واطلقت على القطار ، اما كلمة Fer
Fire ومنها في الانجليزية Fir فالاصل السومري لها هو كلمة
و في السومرية تعني النار ،الشعلة ،الحرارة ،اللهب
P علما ان حرف الفاء اختفى من السومرية وحل محله حرف الباء المثلثة
وقد اعود للموضوع بتفصيل في المستقبل
مع التحيات
مؤيد عبد الستار


5 - حول الشمندفر
د. مؤيد عبد الستار ( 2012 / 1 / 3 - 22:26 )
حول الشمندفر
Tuesday, January 03, 2012 - د. مؤيد عبد الستار

الاخ صباح كنجي المحترم
اشكرك على تعليقك ، واود بيان ان كلمة الشمندفر شاعت تسمية للقطار بسبب
التسمية الفرنسية
Chemin de fer
وتعني سكة الحديد ، ومنها شاعت التسمية في بعض المناطق واطلقت على القطار ،
Fer اما كلمة
Fire ومنها في الانجليزية
Fir فالاصل السومري لها هو كلمة
و في السومرية تعني النار ،الشعلة ،الحرارة ،اللهب
علما ان حرف الفاء اختفى من السومرية وحل محله حرف الباء المثلثةP
وقد اعود للموضوع بتفصيل في المستقبل
مع التحيات
مؤيد عبد الستار


6 - طفولة الربيع العربي
ناس حدهوم أحمد ( 2012 / 1 / 8 - 19:06 )
هناك صراع بين القوى التي تريد التقدم للمجتمعات العربية وإلحاقها بالركب
الحضاري للإنسانية من جهة
وبين القوى الظلامية التي تريد إبقاء المجتمعات العربية في الظلام
والجهل والتخلف من جهة ثانية
ورغم انتفاضة الشعوب خلال هذا الربيع العربي من أجل الإنعتاق من
ربقة التخلف والعبودية والخرافة إلا أن قوى الظلام إستطاعت بواسطة
الدين واستعماله بطريقة ماكرة ومخالفة للدين نفسه أن تلتف على
هذه الثورة وتحولها إلى الإتجاه الذي تريده مخافة تحديث المجتمعات
ونقلها إلى المسار الصحيح للتنمية والحرية والعلم والتقدم
فالشعوب العربية في الوقت الحالي غير مخولة كي تحقق طفرة تجعلها
في مصاف الأمم المتقدمة فعلى القوى التقدمية أن تعيد النظر في أسلوبها
النضالي والسياسي لتعرف أسباب فشلها .

اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة