الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران وثورات الربيع العربي!!

ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)

2011 / 12 / 4
السياسة والعلاقات الدولية


لقد صاحب ثورات والربيع العربي، تراجعا واضحا في دور وفاعلية قوى إقليمية عربية تقليدية، خاصة الدور المصري إبان العقد الأخير من حكم الرئيس حسني مبارك في عديد من ملفات المنطقة المهمة، وبالمقابل تزايد دور قوى إقليمية جديدة في المنطقة، لتحل تركيا وإيران –على سبيل الحصر- محل النفوذ المصري والسعودي المتراجع عربيا والذي كان جليا في عديد من المشاهد الإقليمية، سواء خلال حرب لبنان عام 2006، او في حرب غزة نهاية عام 2008، والحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، والتعدي على أسطول الحرية. الأمر الذي ساهم في رفع رصيد تلك القوى عربيا وإسلاميا، كما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي العام العربية خلال تلك السنوات.
وواكب تصاعد النفوذ الإقليمي الإيراني في المنطقة توتر في العلاقات العربية – الإيرانية. إدراكا من بعض القوى العربية ان الدور الإيراني تحديدا يهدف الى تسجيل مواقف عربية وإسلامية تسقط الأقنعة عن مواقف بعض الدول العربية التي لم تفعل شي إزاء الهيمنة الإسرائيلية والعدوان على غزة ولبنان، بل وكشفت عن تآمر بعض الأطراف مع إسرائيل بشكل غامض بهدف الخلاف من حزب الله وحركة حماس في لبنان وغزة.
وواكب تلك المرحلة، دخول الطرفين العربي –الإيراني في مرحلة اختبار جديدة ازدادت ضبابية مع انطلاق ثورات الربيع العربي منذ نهاية العام الماضي 2010م، الأمر الذي أضفى غموضا حول مستقبل الدور الإيراني في المنطقة، في وقت لا يستطيع فيه احد ان يتحدث عن موقف عربي واحد تجاه إيران، بل هناك اتجاهات متعددة وأحيانا متناقضة، ويزداد الأمر ارتباكا مع تدخل القوى الخارجية التي تلعب أدوارا عكسية، ضاغطة وسلبية، للتأثير على منحى العلاقات العربية – الإيرانية.
وإثر اندلاع ثورات الربيع العربي التي شهدتها بعض الدول العربية، تونس ومصر وسوريا والبحرين واليمن وليبيا، أعلنت إيران عن دعمها لحق الشعوب العربية في التحرر من الاستبداد والتطلع إلى الحرية والديمقراطية الإسلامية، لكن بعد ان وصل قطار الربيع العربي إلى دول حليفة لها، وتحديدا سوريا، تغيرت الإستراتيجية الإيرانية، وبات الربيع من وجهة نظرها، خريف أوروبي- أمريكي-إسرائيلي مبني على نظرية التآمر على دولة المقاومة والممانعة.
ولذلك، تراوح الموقف الإيراني بين التأييد تارة والمعارضة تارة أخرى، حيث أيدت إيران بعض الثورات، مثل ثورة مصر وتونس، وأيدت ضمنيا الثورة الليبية، مع التحفظ على التدخل العسكري الغربي، كما أيدت مطالب المعارضة الشيعية في البحرين ورفضها للتدخل الخارجي من جيرانها أعضاء مجلس التعاون الخليجي لقمع المظاهرات الشيعية في البحرين، وأيد البرلمان الإيراني الاحتجاجات في اليمن، ولكنه رفضها في سوريا.
وأيدت إيران النظام السوري في مواجهة الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح المدن السورية لدرجة أنها وصفت تلك الاحتجاجات بالمؤامرة الخارجية، وحاول الإعلام الإيراني تسليط الضوء على الروايات الرسمية السورية، وتجاهلت المعارضة ورواياتها.
كما ساهمت إيران في تقليل فرص نجاح الثورة في بدايتها، حيث قدمت مساندة سياسية وإعلامية ومادية وعسكرية للحيلولة دون إسقاط النظام السوري او فتح المجال أمام القوى العربية والدولية من فرض أجندتها على سوريا لإخراجها من حلف الهلال الإيراني الشيعي، وهذا الموقف لم يكن مفاجئا نتيجة لطبيعة العلاقات الإستراتيجية بين سوريا وإيران، لأنه في حالة سقوط نظام الرئيس السوري "بشار الأسد"، فيعنى ذلك فقدانها لأهم حليف استراتيجي في المنطقة، ومن ثم فقدانها للتواصل مع حلفاء آخرين، مثل "حزب الله" اللبناني، و"حماس"، الأمر الذي يؤدي لتغيير قواعد لعبة المنطقة بأكملها، وكل ذلك كشف عن الازدواجية السياسية في المواقف الإيرانية التي ادعت في البداية مناصرتها لثورات الشعوب العربية.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية في شهر يوليو الماضي أن إيران تساعد النظام السوري على قمع المحتجين المطالبين بالديمقراطية، وذكرت أن النظام السوري في طوره لإخماد الثورة. وبغض النظر عن احتمال نجاحه أو فشله في هذه العملية فإن الدور الإيراني في دعم نظام الأسد عاد إلى دائرة الضوء بحكم الشراكة الإستراتجية بين البلدين وتداعيات أي تغيير يطرأ عليها على المستويين الإقليمي والدولي.
وبالمقال تتساءل صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية عن دور إيران في الربيع العربي وإمكانية استفادتها –أي إيران- من ذلك في بعض الدول مثل البحرين والأردن، فترى الصحيفة الإسرائيلية ان الربيع العربي سيأتي بالنفوذ الإيراني إلى البحرين والأردن مثلا، وكأن الصحيفة اليهودية تتجاهل الاتهامات الإيرانية للربيع العربي بأنه يأتي باليهود –ايضا- الى دول الربيع العربي، فبعد ثورة الشعب السوري، شعرت إيران بأن نفوذها في المنطقة بدأ يتهدد تدريجيا، فخسارة سورية يعني نهاية نفوذها في المنطقة. والربيع العربي بكل الأحوال سيطرد النفوذ الإيراني من سورية والعراق ولبنان.
وليس مفارقة، أن يتطابق الموقف الإيراني -الإسرائيلي مع بعض المواقف القومية والإسلامية التي ترى ربيع العرب تهديدا ومؤامرة. لأن أي تحول ديمقراطي جاد وحقيقي في دول العالم العربي، سيهدد بلا شك مصالح إيران، كما يهدد مصالح بعض الأنظمة العربية، فضلا عن مصالح الغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى صعيد مناقض من الحالة السورية، يجد الكاتب موقفا مناقضا لإيران لتحركات الشارع البحريني في المنامة، فالبحرين لها أهمية وخصوصية دقيقة جدا، سواء على المستوى الخليجي أو على مستوى أطماع إيران. فقد أيدت إيران الأحداث منذ بدايتها، ووصفت مطالبها بالمشروعة، واتهمت بالتدخل المباشر في الشأن البحريني، من خلال دعمها لقوى المعارضة الشيعية المتمثلة في جمعية الوفاق، والتي رأت فيها إيران نموذجا يجب تطبيقه في البحرين.
وأحدثت تلك الاحتجاجات في البحرين خللا بالأمن العام الداخلي، نتيجة قيام المحتجين بسلسلة من الأعمال التخريبية، وقتل وعنف، مما ساعد على تفاقم الأزمة، واستدعاء قوات درع الجزيرة لضبط الوضع الأمني، وهذا التدخل عارضته إيران بشدة.
ولا شك أن امتداد ربيع الثورات العربية إلى دول حليفة لإيران، خاصة سوريا، يربك بشكل كبير حسابات إيران، فبعكس الانتقادات التي وجهتها طهران إلى الأنظمة العربية التي تشهد ثورات، وصف الرئيس أحمدي نجاد ما يقع في سوريا بأنه "شأن داخلي"، فيما ذهب سياسيون إيرانيون لوصف ما يجري في سوريا تحديدا بالمؤامرة وتصفية حسابات، بحجة إن ما يجري في سوريا "لا يشبه الانتفاضة الشعبية بشيء إنما هو انتقام سياسي عربي ودولي من دمشق بسبب وقوفها إلى جانب المقاومة ودعمها القضايا العربية في فلسطين ولبنان.
ولا شك أن انهيار نظام الأسد قد يهدد تماسك المحور الإقليمي الذي نجحت طهران في تشكيله بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، فالمحور الممتد من طهران إلى بغداد ودمشق وحزب الله حتى غزة، قد ينهار فجأة في حال انهار النظام السوري، لاسيما وان حركة التفكك وتأثير لعبة "الدومينو" بدأت بعد توقيع حركتي حماس وفتح اتفاقية المصالحة، وخروج نسبي لحركة حماس من دمشق صوب قطر والأردن، وإذا ما حصل تغيير شامل أو جزئي في سوريا، فقد يتأثر الجسر الذي يربط إيران بحلفائها الإقليميين وخاصة حزب الله في لبنان".
لذلك، يمكن الاستدلال بعدم وجود موقف إيراني ثابت من الثورات العربية طبقا لمصالحها، فما تراه هناك ثورة شعبية تراه في مكان آخر مؤامرة دولية !! فإيران تنظر إلى الثورات العربية من واقع تأثيرها على مصالحها في المنطقة ومدى إمكانية أن تغير الحسابات الإيرانية تجاهها، لذلك خسرت إيران كثيرا من رصيدها لدى الشعوب العربية، نتيجة لتعاملها مع الأحداث البحرينية على أنها أزمة طائفية، بالإضافة إلى دعمها التام للنظام السوري ضد الانتفاضة الشعبية في سوريا.
الأمر الذي يرتبط أيضا بمواقف الدول العربية من طموحاتها الإقليمية، كما أنها حاولت استغلال الثورات العربية، بوصفها بوادر صحوة عربية إسلامية، ما دفعها إلى الدعوة إلى أنظمة حكم تقوم على أساس ديني، فضلا عن ذلك حاولت إيران إضفاء طابع أيديولوجي على الثورات من خلال التركيز على مواقف الأنظمة في الدول التي تشهد الثورات تجاه الغرب وإسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو