الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة وثورة الكومونة – 4-5

أنور نجم الدين

2011 / 12 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


وما الخطوة الأولى للكومونة لإرساء قاعدة مادية لمجتمع جديد؟ ما برنامج الكومونة الاقتصادية والاجتماعية للقضاء على علاقات المجتمع القديم؟ وكيف يمكننا التحقق من التناقض الجذري بين إجراءات الكومونة وما قام به البلاشفة لتطوير الاتجاه الاشتراكي؟ فلدى البلاشفة وعلى رأسهم لينين وتروتسكي، فكان المهمة الأولى هو تجميع رأس المال في يد الدولة، أي تطوير رأسمالية الدولة بوصفها انشاء قاعدة مادية للاشتراكية. وهذا ما يناقض مبادئ الكومونة الاجتماعية في شكليها الباريسي والروسي أيضًا، أي السوفيتات العمال والفلاحين والجنود الروس الذين قد أفسحوا المجال بالفعل أمام سقوط العالم القديم، عالم الرأسمالية، وهذا بهدم حامية السياسية بصورة مسبقة وهي الدولة، ثم نقل الإنتاج والتوزيع للمجالس العمالية والتعاونيات في روسيا. والغريب أنه بعد سقوط هرم المجتمع هذا والبدء بإنشاء التعاونيات الإنتاجية والاستهلاكية من قبل المجتمع في كل مكان، أعلن لينين -بعد انقلاب البلاشفة على ثورة السوفيتات، الثورة المجالسية- أن الاشتراكية بعيدة عن روسيا بعد الشمس عن الأرض، فعلى البلاشفة إيجاد قاعدة مادية للاشتراكية -رأسمالية الدولة- وهي الطريق نحو الاشتراكية.

هكذا قام البلاشفة بحماية شرف الدولة من هجمات البروليتاريين الكومونيين، فالكومونة لم تكن سوى ضجيج بروليتاري "تزعج الأذن" لدى لينين، وثورة السوفيتات الروسية -1905 و1917- لم تستهدف سوى انقلاب سياسي على النظام القديم، والبلاشفة -وقد كان حزبًا جمهوريًّا لا أكثر- مكلف بتصنيع البلد لصنع الاشتراكية من طراز لينين.
وهكذا، قام لينين أكثر من غيره، بنشر أوهام برجوازية بين العمال عن إمكانية بناء الاشتراكية من قبل الأحزاب، أولا، وثانيًا: نشر فكرة اضمحلال الدولة بدل تحطيمها. وهذا بعدما قامت البروليتاريا مرتين بتحطيم هذه الآلة من خلال ثورتي الكومونة والسوفيتات، الدولة التي لا تعني في الواقع سوى السيادة على المجتمع. وأثبت التاريخ بنفسه بأن تغيير الجذري للمجتمع لا يجري إلا بعد سقوط الدولة، هذه الآلة التي ليست سوى الإرهاب على المجتمع.

ولنرَ الآن ما طريق الكومونة للقضاء على العالم القديم، هل هو إيجاد شكل جديد لسلطة الدولة مع جيشها الدائم، وشرطتها، واستخباراتها، وبيروقراطيتها القوية وتسلسل محاكمها الدنيئة، وعصاباتها التي تستخدم كل شيء لأجل السلطة والامتيازات أم تحطيمها مرة واحدة وقبل البدء بأي إجراء اشتراكي؟ الدولة التي أصبحت مستقلة عن المجتمع ذاته ومسيطرة عليه وتقوم بمعاقبته بكل ما لديها من الوسائل العسكرية والفكرية والسياسية.
_________________________________________________________________________

كومونة باريس، كارل ماركس - تعريب فارس غصوب

"قد عينت الكومونة اللجنة الكومونية التي درست، بالتعاون مع المندوبين المختارين من قبل الهيئات المهنية الاخرى كيفية انتقال المشاغل والفبارك المتروكة، للتعاونيات العمالية ..
وقد أعطت الكومونات الاوامر لرؤساء البلديات بعدم التفريق ما بين النساء وغير الشرعيات والامهات وارامل أفراد الحرس الوطني ..
وأطلق سراح العاهرات حتى أشعار آخر، اللواتي خصصهن رجال النظام لانفسهم في باريس وقد حافظوا على سلامتهن، تحت سيطرة السلطة التعسفية للبوليس التي كانت خاضعة خضوعا شخصيا لكل واحدة. إلا ان الكومونة كنست تلك الارض التي كانت تعج بالعاهرات وحماتهن ..
ولم يتوفر الوقت للكومونة لاعادة تنظيم التعليم (التربية) الرسمي، ولكنها اخذت المبادرة لتحرير الشعب فكريا بابعادها العنصر الديني والكهنوتي. وقد عينت هيئة لتنظيم التعليم (الابتدائي) الاساسي والمهني (28 آذار)".

"ان كتاب العدل والبوابين والدلالين وكتاب المحاكم وبقية الضباط القضائيين الذين كانوا يجنون الثروة الطائلة من وظائفهم تحولوا إلى موظفين كومونيين يقبضون رواتب مثل بقية العمال" (ص 119، 120، 121).

"الغاء التجنيد الاجباري ..
الغاء لعب الحظ ..
ازالة ميزانية العبادة ..
أمرت الكومونة ان تحرق المقصلتان القديمة والجديدة علنًا .. (ص 121).ٍ
الاجانب يمكن ان يقيموا في الكومونة ..
بدأت الجريدة الرسمية تنشر وقائع جلسات الكومونة.
ألغت الكومونة القسم السياسي والمهني.
هدم النصب المسمى: (الكنيسة الكفارة للويس السادس عشر) (ص 122)
ولم تعدم الكومونة أية رهينة، ولا أي سجين، حتى بعض ضباط الدرك الذين دخلوا باريس، جواسيس متنكرين بزي الحرس الوطني، تم توقيفهم فقط" (ص 123).

"(إلا ان ذلك (دَيلي نيوز، 6 ايار، مراسل باريس) ويبعث على اليأس، إذ، مهما كان نفوذ الذي تتمتع به الكومونة، فيه تغير الايدي دائمًا، ونحن لا نعرف اليوم لمن ستكون السلطة غدًا .. في هذا التغير الايدي، نرى أكثر من أي وقت مضى غياب يد تقود. الكومونة تجمع ذرات متساوية، كل واحد يحسد الآخر، ليس هناك شخصًا لها السلطة العليا على الآخرين)" (ص 124).

"يحيط جهاز الدولة المركزي، بواسطة فروعه العسكرية والدينية والقضائية الموجودة في كل مكان والمعقدة، بالجسم الحي للمجتمع المدني، كحية ألبوا..
.. وكل نفع صغير ومعزول خلفته العلاقات بين الكتل الاجتماعية، فصل عن المجتمع وحدد وجعل مستقلا ومتعارضًا معه باسم مصلحة الدولة التي كان يدافع كهنة السلطة الموكولة اليهم وظائف متسلسلة ومحددة بدقة.
هذا (التورم) الطفيلي الذي طعم به المجتمع المدني والذي كان يحسب نفسه الجواب المثالي، وصل إلى أوج نموه تحت حكم بونابرت الاول، وان اعادة الملكية في تموز لم تصف سوى تقسيم أكبر للعمل: وكان هذا يزداد كلما أضاف تقسيم العمل جماعات جديدة لها منافع واحدة تعطي الدولة ذرائع جديدة للتدخل. وخلال حربهم على ثورة 1848، أجبرت الجمهورية البرلمانية الفرنسية وحكومات أوروبا القارية على تقوية وسائل القمع وتركيز سلطة الحكومة واتخاذ اجراءات قمعية ضد الحركة الشعبية وكانت النتيجة الوحيدة لجميع الثورات هي تحسين جهاز الدولة بدلا من نبذ هذا الكابوس الخانق. وان اجزاء واحزاب الطبقات المسيطرة الذين، كانوا يتجاذبون السيطرة اعتبروا ان ملكية (السيطرة) (الاخذ) وادارة هذا الجهاز الضخم للحكومة هو الغنيمة الاساسية للمنتصر، وكانت وظيفته الاساسية هي خلق جيش جرار دائم وجمهرة من الاوباش القذرة للدولة وديون عامة ضخمة .. وان السلطة الحكومية مع جيشها الدائم، وبيروقراطيتها القوية وأكليروسها البليد وتسلسل محاكمها الدنيئة، قد أصبحت مستقلة عن المجتمع ذاته حتى اصبح مغامرًا رديئًا ومبتذلا، على رأس عصابة من المغامرين المجرمين، يكفي ان يحكم" (ص 129، 130)
"فسلطة الدولة هذه كانت في الواقع من خلق البرجوازية. فقد كانت الوسيلة التي استعملت في البدء لدحر الاقطاع، ومن ثم لسحق تطلعات المنتجين من الطبقة العاملة نحو تحررهم. فلم تؤد كل الانتفاضات وكل الثورات إلا إلى نقل هذه السلطة المنظمة – هذه القوة المنظمة للابقاء على العبودية في العمل – من يد إلى اخرى، من جزء من الطبقة المسيطرة إلى اخرى. فقد كانت وسيلة الطبقة المسيطرة للاستعباد والربح. وقد استنفرت قوى جديدة عند كل تغيير جديد. واستعملت كوسيلة لخنق كل انتفاضة شعبية، لسحق الطبقات النشيطة بعد أن يكونوا قد حاربوا وتلقوا الاوامر لنقل السلطة من الفئة المضطهِدة إلى فئة اخرى. فلم تكن إذًا ثورة ضد هذا الشكل أو الآخر من السلطة، شرعي، دستوري، جمهوري، أو ملكي. انها ثورة ضد الدولة نفسها هذا الطرح غير الطبيعي للمجتمع. فقد كان استيلاء الشعب للشعب على مقومات حياته الاجتماعية. وهي لم تكن ثورة لنقل السلطة من فئة من الطبقة المسيطرة إلى اخرى بل ثورة لكسر طوق هذا الجهاز الرهيب للسيطرة الطبقية. ولم يكن صراع من صراعات البسيطة بين الشكل التنفيذي والشكل البرلماني للسيطرة الطبقية بل ثورة على الشكلين معًا اللذين يمتزجان. إذ أن الشكل البرلماني ليس سوى تابع كاذب للشكل التنفيذي .. وكانت الكومونة عكس ذلك تمامًا وبالتالي بداية الثورة الاجتماعية للقرن التاسع عشر. ومهما يكن مصيرها في باريس فهي ستدور حول العالم" (ص 131).

"وحدها البروليتاريا المتحمسة بالمهمة الاجتماعية الجديدة التي كان عليها أن تقوم بها للمجتمع كله، لالغاء كل الطبقات والسيطرة الطبقية, وحدهم البروليتاريون هم الرجال الذين كان بوسعهم كسر وسيلة هذه السيطرة الطبقية التي هي الدولة وكسر هذه السلطة الحكومية المركزية المنظمة والتي كانت بالاغتصاب سيدة المجتمع بدل أن تكون خادمته".
"ولكن هذا الشكل من السيطرة الطبقية لم يكن لينهار إلا ليجعل من السلطة التنفيذية، ومن الجهاز الحكومي، الهدف الوحيد والاساسي لهجمات الثورة.
وكانت البرلمانية قد وصلت إلى نهايتها في فرنسا، وآخر مرحلة لها وكامل انفتاحها كانت الجمهورية البرلمانية في انقلاب ايار 1848 .. فالبرلمانية كانت عندئذ قد زالت في فرنسا، وأكيد لم تكن الثورة العمالية لتحييها من الرماد من جديد" (ص 132).

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرفيق الغالي فؤاد محمد
انور نجم الدين ( 2011 / 12 / 5 - 12:30 )

كان لينين واعيا بما يفعله، فهو من جهة مفكر رائع بين مفكري البرجوازية، ومن جهة أخرى فهو عاشق السلطة. ولكن، كما تعرف، ان المسألة لا تتعلق بانه واعي بما يفعله أم لا، فما قام به لينين ليس سوى ما يناقض ما وصلت اليها البروليتاريا من خلال تجاربها الخاصة. لذلك فمن الضروري دحض وجهات نظره وأساليبه في مجابهة السوفيتات، المنظمة الطبقية للشغيلة نفسها، المنظمة التي لم تستهدف سوى ما استهدفها ثورة الكومونة.
تحياتي الخالصة


2 - المجد والخلود للكومونه والمجالس العماليه
فؤاد محمد ( 2011 / 12 / 5 - 13:25 )
الرفيق العزيز انور تحيه
شكرا كالعاده نورتني لانني ما زلت ملوث سوفيتيا ومغفل
ليس من السهل التخلص من التركه السلبيه
يا كومونيوا العالم اتحدوا
اعانقكم

اخر الافلام

.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.


.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا




.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية


.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت




.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام