الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دانات ... فى زمن العته !

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2011 / 12 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


دانات


الدانة الأولى:



لولا اخفاق حكاّم مصر ( ونظمهم ) خلال العقود الستة الماضية ، لما اختار كثير من المصريين اي مرشح من المحسوبين على التيار الإسلامي. لولا اخفاق هؤلاء : سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً وثقافياً ، لما دخل البرلمان المصري عضو واحد من التيار الديني . فالانسان الذي يعيش في ظروف حياتية كريمة ، والذي يشارك في الحياة العامة كصاحب مصلحة في اختيار ممثليه وحكوماته ، والذي تلقى تعليماً عصرياً يقوم على تفعيل العقل بوجه عام والعقل النقدي بوجه خاص ، والذي يعيش في مناخ اجتماعي يتسم بالوضوح والعدل (والعدل فى أحسن الأحوال " نسبي " ) ، والذي يحيا في مناخ ثقافي وإعلامي ينتمي للعصر ومسيرة التقدم الانسانية ، لايمكن ان يختار من لا علاقة لهم بالعصر والتقدم والحداثة وحقوق الانسان وحقوق المرأة. لولا اخفاق حكام مصر ( ونظمهم ) خلال العقود الستة الماضية في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة ، لكان جل المصريين قد اختاروا من يشغلهم الحاضر والمستقبل ، لا من لا حديث لهم الا عن الماضي وما سلف ومن سلف.



الدانة الثانية:

المسؤلون عن تقدم التيارات الدينية في الانتخابات البرلمانية المصرية الاخيرة هم حسني مبارك وطغمته الفاسدة ورجال ونساء أوليجاركيته (عصابته) ، وأيضا كل من شارك في حكم مصر خلال العقود الستة الاخيرة ، أؤلئك الذين لم تجتمع في اي منهم كل هذه الصفات : الكفاءة والمعرفة والعلم والادارة والنزاهة . البعض تحلى ببعض هذه الشيم ... والبعض تخلى عن كل هذه الشيم. ولكن شخصاً واحداً لم يتحل بها جميعاً. ولولا ذلك ما كان الذي كان .



الدانة الثالثة:



كنت في لندن عندما سمعت بإختيار كمال الجنزوري ليرأس الحكومة الجديدة . وشعرت برغبتين متضاربتين : رغبة في ضحك بلا حد ... واخرى : في بكاء بلا سقف ! ... ومأساة هذا الإختيار ثلاثية الابعاد ! ... فهو اختيار يعكس مأساوية من قام بالاختيار ! ... وهو اختيار يتعلق بمن وقع الاختيار عليه ، فهو لا يحوز القدرات اللازمة لادارة محل بقالة صغير بنجاح ... وهو اخيراً اختيار فضح اننا كمصريين يمكن ان تحدث أمامنا اشياء تثير الجماد ، ونظل على صمتنا ساكنين وساكتين وسلبيين سلبية قل نظيرها فى العالم بأسره !



الدانة الرابعة:



باستثناء الدكتور محمد البرادعي ، فلا يوجد بين المرشحين للموقع اول والاسمى في الدولة المصرية من بوسعه ادارة حانوت صغير بنجاح ! ... وليس من بينهم من يمكنه اجتياز امتحان الثانوية العامة في دولة كفرنسا !(حتى لو كانت أسئلة الإمتحان بالعامية المصرية !!!).



الدانة الخامسة:



نجاح عمرو حمزاوي في دائرة ذات اغلبية من الطبقة المتوسطة المتعلمة تعليماً معقولاً واكتساحه لمنافسه الاسلامي يترجمان الكثير من المعاني الطيبة. ولكنها للأسف "نادرة" التواجد في مجتمعنا الذي يقف على بعد خطوات قليلة من الإجداب : سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً وثقافياً .



الدانة السادسة :



خسر فخر مصر واستاذ الجيل ( ومترجم أرسطو) أحمد لطفي السيد ( 1872 / 1963 ) الانتخابات ( في أواخر 1923 ) امام رجل نصف متعلم . وكان السبب ان خصم لطفي السيد قد اشاع عند جمهور الدائرة ان من نتائج "الديموقراطية" السماح للمرأة بعلاقات مع اكثر من رجل (!!) ولما وصف لطفي السيد نفسه بأنه يدعو للديمقراطية ، قام معظم ابناء الدائرة بالتصويت لخصمه !! ففاز شبه انسان ، وخسر اكبر مثقف مصري في زمنه !



الدانة السابعة:



في 1971 وصف أنور السادات نفسه بالرئيس المؤمن ( والمعنى الباطن ان الرئيس الذي كان قبله لم يكن كذلك) ! ... وقال أيضاً عن نفسه أنه رئيس دولة "العلم" و"الايمان" ! وفي أوائل سنة 1981 قال نفس الشخص ( اي أنور السادات ) : "لا سياسة في الدين ، ولا دين في السياسة" !! ... وفي أواخر سنة 1981 قتل اسلاميون أنور السادات !



الدانة الثامنة:



المؤمنون بفكر الإخوان المسلمين والسلفيين وأعضاء الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد وكل الفروع الاخرى للاسلاميين تؤمن بنظرية المودودي عن "الحاكمية" والتي قدمها لاسلامي المجتمعات العربية سيد قطب (1906 / 1966) . وبإشتراك هؤلاء جميعاً في الايمان بنظرية الحاكمية ، تكون كل الاختلافات (والخلافات) بينهم هامشية وغير استراتيجية.



الدانة التاسعة:



في بلد غير بعيد عنا وضعت أشد القواعد صرامة وحزماً لمنع اختلاط النساء بالرجال . وطبقت قواعداً حاسمة لكيلا تقع الخطيئة الكبرى وهي اختلاط الجنسين . ومع ذلك فالنتيجة الواقعية التي نعلمها جميعاً هي أن مجتمع هذا البلد يشهد من الاختلاط المحـرم ( رجال ونساء + رجال ورجال + نساء ونساء ) ما لا مثيل له في أكثر المجتمعات تحرراً . وهو ما يثبت ان " التنظيم الوحيد " للطبيعة الانسانية انما يتحقق من خلال التربية والتثقيف والرقي العقلي وليس بالعصا (!).



الدانة العاشرة :



لسان حال الرجل المتشدد يقول : " المطلوب اخفاء المرأة لانها تثير الوحش الذكوري الكامن في أعماقي " ... ومن غرائب مجتمعنا ( الراقد في قاع بئر التخلف ) اننا لا نسمع اصواتاً تقول لهذا المنطق . " ولماذا لايكون الحل من خلال تهذيبك وتهذيب هذا الوحش الذكوري الذي بداخلك ...؟ "


كتبت فجر يوم 4 ديسمبر (كانون الأول) 2011.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة أكسفورد البريطانية يواصلون الضغط على جامعتهم لمقا


.. خفر السواحل الجيبوتي يكثف دورياته بمضيق باب المندب




.. وصفته بـ-التطور الشائن-.. وكالة -أونروا- تغلق مجمّع مكاتبها


.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم




.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في