الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة بين إدارة الشعور وإرادة الشعوب

مجاهد عبدالمتعالي
كاتب وباحث

(Mujahid Abdulmotaaly)

2011 / 12 / 4
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


يقول صاحبي: كيف أصدق المفكرين عندما يقولون:يكفي أن يشعر عشرون بالمئة من عموم الشعب بحاجتهم إلى التغيير ليحصل هذا التغيير ولن يمكن منعه!، هل مجرد الشعور كافي لهذا التغيير؟!!، فهمست في أذنه بأن السر يكمن في أولئك الساسة الذين يقفون بوجه العشرين بالمئة تحت أوهام تسلطية، لتتشكل النسبة الأصغر التي جمعت مع الشعور إرادة التغيير الراديكالي فقامت بكل ثورات العالم، والتي لم تتجاوز في أحسن حالاتها ـ كما يقول المفكرون أيضا ـ ما بين خمسة إلى سبعة بالمائة من مجموع الشعب وهي النسبة اللازمة لقيام أي ثورة.
الموجع في كل قضايا التغيرات بأنواعها اجتماعية سياسية اقتصادية، يكمن في أن التغير لا يعتمد على إحصاءات واقع الحال، لكنه يعتمد للأسف على ما تشعر به الشعوب حيال واقعها، فانتشار الفساد الاقتصادي مثلا ليس مشكلة أبدا أبدا، لكن المشكلة أن تستشعر طليعة شعبية هذا الفساد، فإن لم يتمكن السياسي من احتواء هذه الطليعة وإلا ستنتقل العدوى لبقية الكيان الشعبي، لتبدأ الاحتقانات/ الثورات تطفو على السطح، وعليه فمن حق كل حكومة شمولية سن ميكافيليتها الخاصة من خلال طاقمها الغوبلزي ـ نسبة إلى جوزيف غوبلز ـ لتضمن عدم تخلق هذه الطليعة، وتوجيهها إلى قضايا هامشية لا ترقى إلى قضايا المتن الحساسة.
لكن المشكلة تكمن في أن هذه الطليعة تتشكل غالبا من أسفل هرم الطبقة العليا التي تستشعر خطر السقوط لعموم الطبقة الوسطى التقليدية، ليتحولوا طابورا خامسا لصالح أفراد الطبقة الوسطى، أما أفراد الطبقة الوسطى فمظاهر التآكل في أطرافها يعطيها أيضا مؤشر خطر على كينونتها ليكون محفزا لها على التذمر، ويجمعهم جميعا مصطلح "الانتلجنسيا" المكرس في معظم دوائر المعارف باتجاه يجمعه ارتفاع حس النقد، ولهذا نعود مرة أخرى لمسألة الإحساس/ الشعور.
ما أريد الوصول إليه أن المبادرة في الفعل استراتيجية، وردات الفعل ليست سوى سياسة، وقد فعلت الشعوب العربية ثورتها، ولن يسع ساسة العالم أجمع إلا اختيار ردات الفعل فقط، فلا الصهيونية أرادت ولا أمريكا أن يذهب حسني، ولا ابن علي، ولا غيرهم، فكل ما نراه سبقنا الغرب فقط في تسميته، ومن يملك حق التسمية في "المدرسة البنيوية" يملك حق المسمى، أما الدم المضحى به في سبيل ذلك فقد تجاوز الأنف ليصبح نزيفا في عموم الجسد نتيجة البتر في غرغرينا مزمنة أنهكت جسدا متخشبا لسنين طويلة يسمى "الوطن العربي".
حقيقة قد يمكن قراءة التأريخ ـ بالهمزة على الألف ـ لنحاول خلق عشرات الروابط السببية لما نراه في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، من ظهور العسكريتاريا العربية أو حتى قبل سقوط الدولة العثمانية أو ما شئت من بداية، ولكن اللامفكر فيه في نظري يعتمد على استلهام التاريخ كمحرك داخلي لما نراه الآن دون تلفيقات ببليوغرافية، فكم من حكم عضوض دام مئات السنين ليس انتهاء بمروان الحمار إلا لنبدأ بأبي العباس السفاح.
ليس الاستبداد إشكالا، وليس الاستعمار إشكالا، الإشكال كما هو معروف في أدبيات مالك بن نبي يكمن في القابلية للاستعمار والتي تولد خلفها القابلية للاستبداد والعكس صحيح، وكل ذلك تحت غطاء حكومات مافيوزية وفي أحسن حالاتها نقاء ليست إلا كيانا كمبرادوريا.
بعد كل هذا الوقت الذي قطعته الثورات العربية بدأ السؤال الحقيقي: هل الثورات العربية هدفت إلى تغيير شكل الحياة أم نوعها؟
فكما أن البترودولار استطاع تغيير شكل الحياة لدول الخليج العربي كحضارة إسمنتية، لكنه عجز في تغيير نوعها لتظهر إشكالات ترييف المدن وما يستتبعه ذلك من مظاهر ما قبل الدولة من قبلية وطائفية.. الخ مما يظهر على شكل ترهل في العملية البيروقراطية للدولة، حتى عند محاولتها للإصلاح تصاب بإعياء نتيجة أعباء الوزن الزائد لحالة ريعية كانت سببا فيها، تمتح من خلالها مئات الوظائف كغطاء للبطالة المقنعة، لتصبح الوظيفة نوع من الشرهة أو الهبة من شيخ القبيلة على أفراد قبيلته، ولهذا يتساءل العامة غالبا لماذا لا يصل الأكفأ متناسين أن أدبيات القبيلة تنص على أن التوزيع يتم حسب درجة الولاء وليس درجة الكفاءة.
هل يمكن أن نراهن على النضج الحزبي في الدول التي ثارت؟ رغم أن الرؤية ما زالت مبكرة ومربكة للمتابع خوف إفرازات قد تنتج شيئا يشبه التجربة الحزبية ذات الإيديولوجيا العنيفة لتخرج هتلر آخر لكن بدل البرنيطة نجد عمامة شيخ، لكن الطريق نحو تكرار التجربة الخمينية محفوف بدروس موجعة لمتأملي وضع حماس والسودان، وشيئا ما العراق، وإما الهاوية باتجاه أفغانستان والصومال، إذاً لم يبق سوى طريق التجربة التركية كثوب جديد لما يسمى (حركات إسلامية) مع تغيير تفاصيل بسيطة في هذا الثوب ليناسب "الموضة الإسلامية" لكل بلد!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا