الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو نماذج معرفية مفارقة

فكرى عبد المطلب

2011 / 12 / 5
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


نحو نماذج معرفية مفارقة

جاءت المبادرة ، التى اطلقتها مؤسسة الحوارالمتمدن ، باتجاه عدد من ابرز قادة وكتاب الفكر والرأى اليساريين ، فى العالمالعربى ، للتباحث حول دور تياراتهما فى مابات يعرف بثورات ( الربيع العربى ) ،وماقد يتمخض عنها من ابنية سياسية واقتصادية واجتماعية ، تتفتح على افاق العصر والمستقبل ، لتمثل – اىتلك المبادرة – خطوة جد مهمة ، فى دروب التحرر من نمطية وجمود القوالبالايديولوجية ، التى تبنتها ، لعقود طويلة خلت ، احزاب المعسكر السوفيتى (الاشتراكى سابقا ) ، والتى لاتزال مفهوماتها – باعتقادى – بادية - وانبدرجات متفاوتة – فى بنية الفكر اليسارى العربى (! ) وهو مايشرع الابواب امام امكانات ديمقراطية لامتناهية ، لجهة ابتداع نماذج ارشادية اكثر عمقا وخيالا بحسب تعريفات توماس كون (انظر الطبعة العربية لكتابه بنية الثورات العلمية )0وذلك بغية تفسير وتحليل وتقويممايعتمل من تفاعلات اجتماعية وسياسية وثقافية وتقنية معقدة ، لا على مستوى الاقليماو الاقاليم ( العالم ثالثية ) ، بل على مستوى الكوكب ككل ، من حيث شمولية افاقهالمعرفية المبهرة ، وكينونة حدوثه الابداعية المتجاوزة لكل ماض مجيد ، ولكل ماثور تليد، تفرد به هذا البلد او ذاك .

فاذا كانت تلك هى المهام ، الملقاة على عاتقاولى الالباب من القادة والكتاب اليساريين، فيا لها من مهام جسورة ، فى الذكرى العشرية للانطلاقة الاليكترونية لمؤسسةالحوار المتمدن .

بيد ان ذكرى هذا الميلاد لا تحوول – فى ذاتالان – دون التعبير عن اختلافى الواسع مع هيئة تحرير المؤسسة ، او بالاحرى مع منسقالملف الاخ المحترم / فواز فرحان ، فيمايتعلق بالمقدمة التى تصدرت الملف .

اذ لاحظت توجيها صريحا لمن دعى الى المشاركة، ومنذ العبارات الاولى ، باتجاه الاقرار بما اسماه كاتب المقدمة " ..المشاركة الفعالة للقوى اليسارية والتقدمية فى الثورات الاخيرة .." . وهو مايتعارض –كلية – مع منطقالتساؤلات المطروحة ، فى هذا الملف (! ) ،وكأن التحيزات المسبقة لصاخب المقدمة صارت جزء من عضويا من متون الاسئلة ،لايستقيم معهما – اى المقدمة والسؤال – الولوج الى مايطرحه السؤال من خارج المقدمة!

الا ان مابدا اشكاليا ، فى هذا الصدد ، صار –كذلك – ايجابيا لدى ( ! ) . وذلك من زاوية الدفع بالصراع الفكرى الى افاق اكثررحابة.

لذا ، فلنتوجه مباشرة لكل سؤال يستظل بتلكالمقدمة المجملة..

1- لم تكن مشاركة ( القوى ) اليسارية والنقابات العماليةوالاتحادات الجماهيرية – فى اغلبها – مؤثرة بالقدر الكافى فى هذه الثورات ، وانتنوعت من بلد الى اخر ، ولاسيما فى كل من تونس ومصر .

ففى الوقت الذىلعبت فيه الحركات اليسارية ( حزب العمالالشيوعى مثالا ) والنقابات العمالية والمهنية ( كالاتحاد العام للشغل ) ادوارتراكية ملموحة ، فى بلد كتونس ، لم يكن لهذه الحركات والنقابات اثار ملموسة فى مصر، الا اذا كان الامر يتعلق بالاثر الاعلامى والدعائى لحركة شبه يسارية ،هى ( كفاية ) ،والتى تمحورت انشطتها منذ العام2005 ، فى مسألة التوريث العائلى للحكم الجمهورى (!).

الا ان طابعهاالحلقى ( الشللى ) والنجومى أثر – بشدة – على فاعلية دورها ، فى هذا الصدد ،فتشققت وترهلت كبقية الاشكال الحلقية اليسارية السرية منها والعلنية الحزبوية.

2- مما لاريب فيه فقد ادت عمليات الاستبداد السياسية والقمعالبوليسية الى انحسار واسع لانشطة الحركاتوالتيارات المدنية اليسارية والديمقراطية عموما ، مافتح المجال واسعا – وعبر رعايةسطات الاستبداد والقمع البوليسية - امامالجماعات والتيارات الاسلاموية كحركات قمع وضبط موازية على الحياة المدنية ، حتىصار الشعار غير الاثير يقول : سلطة الدولة والثروة لنا ، والشارع لكم !

3- نعم لقد اعطت الانتفاضات والثورات دروسا جديدة وثمينة لا ( للقوى ) اليسارية والديمقراطية القديمة ، بل الصاعدة منها الى صدارة المشهدالسياسى الراهن . وذلك من حيث جسامة التحديات المحلية والاقليمية والدولية ،التى تمثلها قوى ( الثورة المضادة ) ، على مصائر ومستقبل هذه الثورات ، ولاسيماالناجحة منها ، فى تونس ومصر .

4- ان مشاركة الاحزاب اليسارية الجديدة فى بناء النظام السياسى المزمع تشكيله ينبغى ان تقوم على مفهوماتالتفاعل الديمقراطى الواسع ، على نحو ماافرزته اليوم حركات مناهضة العولمةالرأسمالية ، او مابات بعرف بالحركة الديمقراطية العالمية لمناهضة عولمة رأس المال، وماتمخض عنها من حركات فتية تدعو الىاحتلال ( وول ستريت ) كرمز لكل مناطق رأس المال الاحنكارى . وهى حركات تقوم علىمفهوم ( الوحدة / الخلية ) ضمن شبكات اعم ، فى مواجهة الاشكال التنظيمية العتيقة ، كالحزب والمنظمة السرية ، وما الى ذلك .

5- اوافق – بالطبع – على تشكيل الجبهات الديمقراطيةالمرحلية ، مع العمل الدائب على تطويرها ، ضمن عمليات التفاعل مع شبكات التفاعلالاجتماعية والسياسية العالمية ، مايمنح نلك الجبهات المحلية او الاقليمية فرصحركة اكبر واشمل .

6- لن تسطيع – فى الاغلب –الاحزاب اليسارية التقليدية ، ذاتالطابع الابوى ، استيعاب المتغيرات المتلاحقة فى فكر الاجيال الجديدة ، من الجنسين، بوصفهما تفريعات على المركز الابوى الصارم ! وهو مايحيل امر الحملات الانتخابيةوالجماهيرية الى تلك الاجيال ، المنفتحة على الرؤى اليسارية والتقدمية ، ضمنالاطروحات المستجدة ، على كل صعيد .

7- يمكن لحركات اليسار الجديدة ان ترسم خرائط جديدةلموازيين القوى الاجتماعية ، بحيث تتمكنالنساء من لعب ادوار اكثر فاعلية فى صياغةالتشريعات والقوانيين المتصلة بالاسرة والمدرسة والجامعة ، بغية انسنتها ،وتحريرهم من سياسات التسلط البيروقراطى العتيقة .

8- لاتزال حركات ( الاسلام السياسى ) تمثل معضلة معرفية لدىقطاعات واسعة من نخب وجمهور اليسار العربى ، رغم انتسابهم الى اطر معرفية جدلية ، تتيح فهم الظواهر فى تطورها ، الاان التكلس الايديولجى افقد – للاسف – تلك النخبوهذا الجمهور رؤية الجذور العقائدية لهذه الحركات ، بوصفها تنتمى الى طوائف مدانة –اسلاما – من جل ائمة وفقهاء السلف البعيد والخلف القريب ، كونها – اى هذا الحركات –تنتسب الى عقائد متهودة ، فى امر التوحيد الالهى ، والتى عرفت قديما بعقائد المجسمةوالمشبهة للذات الالهية ، ولاسيما منذ المدعو ابن تيمية فى القرن ال 8ه الهجرى/اال 12 م ، كونه المرجع الرئيس لهذه الحركات الموازية لجل لمذاهب اهل السنة والجماعة ، ناهيك عن مذاهبالتشيع وفرق المتصوفة ،الا ان تبنى ال سعود لعقيدة هذه الطائفة ، فى العصر الحديث، بزعامة المدعو /محمد بن عبد الوهاب ، منحهذه الطائفة امكانات عمل واسعة على النطاق الاقليمى والعالمى منذ العام 1926 م ،وعبر رعاية بريطانية فأمريكية متازيدة ، ولاسيما منذ الطفرة النفطية فى سبعيناتالقرن المنصرم ، والى الان ! وهو مايتطلبمن الحركات اليسارية والديمقراطية فضح الخلفيات العقائدية لجماعات الاخوان والسلفية، بوصفها التعبيرين الدقيقين لما اسميه : الوهابية السياسية ، والوهابية العقائدية. وذلك ضمن مشروعات عمل فعالة مع رموز المؤسسات العلمية الكبرى كالازهر والزينونةفى تونس ، وكذا شيوخ جماعات الصوفية ، واسعة الانتشار ، كوسائل لتجريد الحركاتالاخوانية والسلفية والجهادية من اسلحتها الايديولوجية ، على المستوى العقائدى ، بوصفهاالقناع الاصل لجل ممارستهم السباسية والاجتماعبة والثقافية .

9- بالطبع فان تورات المعلومات والاتصالات التفاعلية قدوفرت امكانات لامتناهية للابداع الفكرى والسياسى ، على نحو ماجرى فى ثورتى تونسومصر . وهوامر يتطلب من طلائع اليسار الجديد تفعيله على صعيد حركة بناء النظامالسياسى الاكثر ديناميكية .

10- ان تقويم المكانة الاعلامية والسياسية لموقعالحوار المتمدن يتطلب الاحاطة الوافية بجليل عمله طوال عقد . وهو امر بالغالصعوبة فى سياق هذا الملف . لذا اتطلع منهيئة التحرير تخصيص ملف مستقل لهذا الغرض ، فوى وقت قريب ، لما لهذا الموقع – بحق - من مكانة فريدة ، على صعيد الاعلام والفكرالالكترونى .

فكرى عبد المطلب

كاتب وباحث مصرى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عواقب كبيرة.. ست مواقع بحرية عبر العالم يهددها خطر الاختناق


.. تعيش فيه لبؤة وأشبالها.. ملعب غولف -صحراوي- بإطلالات خلابة و




.. بالتزامن مع زيارة هوكشتاين.. إسرائيل تهيّئ واشنطن للحرب وحزب


.. بعد حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. كيف سيتعامل نتنياهو مع ملف ال




.. خطر بدء حرب عالمية ثالثة.. بوتين في زيارة تاريخية إلى كوريا