الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تنجح التيارات الإسلامية فى الانتخابات؟ مصر نموذجا

سيد يوسف

2011 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



حين يبحث الناس عن المقاومة ضد الكيان الصهيونى وضد كل احتلال يجد فى طليعة المشهد التيار الدينى وفى القلب منهم الإخوان (فلسطين، جنوب لبنان، الشيشان، البوسنة والهرسك، كشمير، إريتريا) وحين يبحث الناس عن القادرين على الحشد والتعبئة ضد الاستبداد السياسى يجد أيضا فى طليعة المشهد التيار الدينى، وحين يبحث الناس عن الذين يعبرون عن هويتهم الدينية ولا يصدمون الناس فى مشاعرهم الدينية يجد التيار الدينى فى الطليعة وهم قد يقبلون بالتشدد خشية التساهل والميوعة أحيانا، ويتساءل جموع الناس لماذا يتجاهل ذلك بعض العلمانيين بل ينكرونه؟ ولماذا يُستدعى الإسلام إلى ساح الوغى والجهاد عند الأزمات وينحى عند الحكم والتطبيق؟! ولماذا حين تجرى انتخابات –ولو شبه نزيهة- ويحصد فيها أصحاب التيار الإسلامى أصواتا ذات أغلبية (مصر، فلسطين، المغرب، تونس، ليبيا ...) يسارع بعضهم للتقليل من هذا النجاح ووصم ذلك النجاح بأنه بسبب فساد الأنظمة الحاكمة كما فى مصر وفلسطين أو بأنه بسبب القتل البطيء للأحزاب الأخرى وإفساح المجال للجماعات المحظورة رغم أن أكبر نسبة اعتقال وتضييق تطال تلك الجماعات لأسباب عدة؟!

لقد أوشك الإخوانُ المسلمون فى مصر أن يلقّنوا سائرَ الأحزاب السياسية درساً في الجماهيرية، وفي القدرة على التنظيم، والفوز برضا الناس، كان هناك من قال إنّ الافتقار للتداوُل على السلطة، وخطل تصرفات الحزب الحاكم؛ كلُّ ذلك قاد إلى تصويتٍ احتجاجيٍ كاسح.
ولو أن القوم كانوا يعقلون لعلموا أنَّ الأمر لو كان يقاسُ بشدة المعارضة للنظام، لكان الذين ينبغي أن يفوزوا أقطاب حزب "الغد"، والمشاركون في حركة "كفاية"... فقد تحدى هؤلاء النظام فعلاً وباسم الديمقراطية منذ ما قبل انتخابات رئاسة الجمهورية، وإلى ما بعد الانتخابات النيابية؛ ومع ذلك فإنهم ما كادوا يحصلون على مقعدٍ واحد!

يطيب لى القول إنّ الظاهرة الإسلامية في العالم العربي هي ظاهرةٌ أصيلةٌ بغضّ النظر عن سوء الإدارة السياسية... فالإسلاميون قريبون من الجمهور ومن رجل الشارع عبر سلسلة من الخدمات وعبر لسان مماثل وثياب مماثل دون استعلاء أو تكبر كما فى الفضائيات ومن ثم فالإسلاميون قريبون من الجمهور ومشكلاته وتطلعاته...وأكثر تعبيرا عن المقاومة ضد الكيان الصهيونى من غيرهم. والناس تتطلع إلى من يمثلهم ويعبر عنهم لا سيما وأن هؤلاء أكثر الفئات ثباتا ضد الأنظمة الفاسدة ودفعوا ضريبة هذا الثبات اعتقالا وحظرا وتشويها عريضا.

هناك – لا شك- مشكلات مستعصية وطنية مضت عليها عقودٌ دون حلّ...وقد لا يستطيع الإسلاميون حلَّها بشكل جذرى وتام إلا أن الإسلاميين يقدمون حلولا يراها عامة الناس قريبة من دينهم وتطلعاتهم لا سيما أن الذى يقدمها يبدو لهم أنه القوى الأمين.

وأعتقد أن مفردات من قبيل:
(1) عدالة مرشحى التيار الدينى وأمانتهم.
(2) الخبرات السابقة
(3) جدية البرنامج الذى لا يقرءوه لا عامة الناس ولا النخب العلمانية اللهم إلا قليلا.
(4) جماعية الأداء السياسى لمرشحى (الإخوان تحديدا).
(5) قوة التنظيم الإداري للتيار الدينى (الإخوان تحديدا).

أقول إن مثل هذه المفردات كفيلة أن ترجح كفة التيارات الدينية ولا سيما من الطبقة الوسطى من الناس ( يستدعى ها هنا الحديث التافه عن الزيت والسكر ومن تفاهته لا نرد عليه وإن كان يكفينا ردا عليه انتخابات النقابات المهنية).

محاذير حقيقية

1/ بعض النخب العلمانية تتصنع أنها فوجئت بنتيجة الانتخابات المصرية ... متى يعقل هؤلاء أن الذى ينجح فى ظل التضييق يمكنه أن يكتسح فى ظل الانفتاح(مع تحفظى الشخصى على لفظة اكتساح)؟ الحق أن الخوف من اكتساح التيار الدينى غيرعقلانى لأن نجاحهم تم بإرادة جموع الناس فأين المتخوفون حقيقة؟ إنهم هناك فى الفضائيات والانترنت فقط...إنما الخوف الحقيقى ينبغى أن يسترعى انتباهنا من الكارثة التى تحدق بنا الآن والتى تتمثل فى خمسة مفردات: انسحاب القادرين من المشهد زهدا أو يأسا أو تعبا، وتصدر الفارغين للمشهد، وصمت العلماء، وتهوين الجماهير للعظائم، وتهويلهم للتوافه.

2/ ويلوح فى الأفق خطر داهم وهو العجز عن احتواء التيارات الدينية... إن تنحية الإسلام من الحياة السياسية والاجتماعية لا تؤتى بثمار ناجعة بله أنها تؤخر أنصار ذلك الإقصاء إلى حيث لا يمكنهم النصر...ومن ثم فإن إقصاء ذلك التيار عن الحكم خطل كبير وسفه ينبغي إعادة النظر فيه احتراما للعقل...وتقديرا لقيمة الديمقراطية والحريات، وإنصافا لرغبة جموع الناخبين.

3/ إن تنامي النجاحات الإسلامية واقترابها من مواقع اتخاذ القرار فى أكثر من مكان واقترابها من مصادر الثروة والسلاح سوف تشكل مخاطر كبيرة على المصالح الاستعمارية والإمبريالية وهو الأمر الذى يجب التفكير للتعامل معه والتصدي لمؤامرات وأد ذلك النجاح بعقل يقظ مستفيدين من أخطاء الماضي...طارحين على قومنا برامج جادة تنهض بمشكلاتنا الحقيقية ولا تهتم بتوافه التفاصيل التى لا أوان لها الآن فلا يعقل أن يغرق امرؤ وأنا أجادله فى أدق تفاصيل حياته الشخصية: أنقذه أولا ثم تجادلا لاحقا.

خاتمة

كانت هذى الكلمات فى حق تيار ذي شعبية واسعة نرجو له المناصحة ونرجو ممن يحسدونه على نجاحاته أن يستفيدوا من أخطائهم فلا يقصون الدين من جهودهم لأن البنية النفسية للشعوب العربية تميل إلى التدين ولو شكلا إذا خلا من المضمون..وليس كل من يسعى للعمل السياسي من منظور ديني يتاجر بقضايا وطنه فلا شك أن فى أصحاب التيار الديني من يعقلون ويخلصون ويعون الواقع حتى وإن شابت بعض جهودهم أخطاء مثلهم مثل غيرهم.

سيد يوسف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت