الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اجل ربيع يساري قادم

مالوم ابو رغيف

2011 / 12 / 5
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


من اجل ربيع يساري قادم

مالوم ابو رغيف

فوز الإسلاميين في انتخابات تونس ومصر يضعنا أمام تساؤل محير عن طبيعة الثورات التي اجتاحت المنطقة، تلك الثورات التي اصطلح على تسميتها بـ{الربيع العربي}. فمن غير المعقول إن تثور الشعوب ضد استبداد واستعباد الأنظمة الديكتاتورية ثم تنتخب بعدها استعباد واستبداد الأحزاب الإسلامية!

ألا يمثل هذا نوع من العبثية الصبيانية وحالة من عدم النضوج السياسي والثقافي؟

هل يثور العبد على مالكه ويخاطر بحياته من اجل إن يكون مملوكا لسيد آخر أو من اجل الحصول على حريته؟

إن الجواب على هذا السؤال يقودنا إلى خلاصة لا بد وان تكون صحيحة هي إن الثوار، الذين انتفضوا وغامروا بحياتهم ومستقبلهم من اجل الخلاص لا يمكن إن يكونوا هم أنفسهم الذين انتخبوا أحزاب التخلف الإسلامية.

إن ذلك يعني بان جماهير الثورة هي ليست جماهير الانتخابات أو ليس جزء من تلك التي ساهمت بإيصال مرشحي الأحزاب الظلامية إلى البرلمان.

وإذا كانت المشاركة في الثورة تتطلب إفرادا وجماعات واعية ومدركة لمعنى الثورة ومعنى الحرية وترفض أي شكل من أشكال العبودية، فان المشاركة في الانتخابات حق متاح للجميع، للواعين ولغير الواعين للامين والجهلاء وللذين لا يدركون المصلحة إلا من خلال الحاضر وليس ما سيسفر عنه المستقبل.

وبما إن أغلبية الشعوب العربية هي شعوب في أغلبيتها أمية ليس فقط بمجال الكتابة والقراءة ولا بمجال السياسية، بل بمجال المعرفة العامة إذ إن الدولة الشمولية لم توفر للشعوب حرمتها من إمكانيات التواصل والاتصال مع العالم المتقدم بحقوقه وعلومه وديمقراطيته، وست عليها سبل نيل المعلومات وتحصيل المعارف وحرمت عليها حرية المناقشة وحجرت عليها في سجون المحرمات الفكرية والدينية. لذلك كان تعتقد ان تصويتها للإسلاميين هو تصويتها لله العادل الذي بيده إسعادها وتحقيق مطالبها ومعاقبة ظالميها

إن أغلبية الشعوب العربية تقبع سجينة في زنازين الدين والتحجر الفكري والقيود الاجتماعية، أنها مثل السجين الذي يفضل البقاء في سجنه ويخاف من تبعات الحرية ومواجهات تحدياتها. لذلك احد المهمات الكبيرة المناطة بالقوى اليسارية هي في تحرير العبيد من زنازين الأفكار الدينية وتحريرهم من أوهام أشباح الخوف التي تستوطن مخيلاتهم عن جهنم وعذاب القبر.

القوى اليسارية هي قوى واعية وفعالة ومثقفة وحية ومتوثبة، من طبعها الثورة على القديم وعشق الحرية، هي موجودة في كافة فعاليات ونشاطات الإنسان الثقافية والفنية والنقابية، هي محرك ديمقراطي يدفع بالإنسان إلى الأمام ولا يجره إلى الخلف أو يعرقل مسيرته مثل ما يفعل المحرك الديني الذي أصبح عائقا ومكبلا للثورة ومانعا وكابحا لها عن تحقيق أهدافها المرفوعة في خضم معركة الحرية والديمقراطية والمساواة.

لا نعتقد بان ثورات الربيع العربي كانت ممكنة لولا التقدم الحضاري والتقني عبر صفحات التواصل الاجتماعي. ليس بالخطأ إن أطلق عليها اسم ثورات الفيسبوك، فالمكون الأساس فيها هم الشباب المثقف الواعي الذي يرتبط بالانترنت ويلم بالعديد من اللغات ويبحث عن حريته وكسر قيوده و يشعر بآدميته.

بينما نتائج الانتخابات وسيطرة الإسلاميين هو مظهر من مظاهر تفشي الجهل في الغالبة من الشعوب العربية والاسلامية.

لذلك ولكي يكون الربيع يساريا ولكي لا تكون نتائج الانتخابات متناقضة مع مقدماتها، لكي تكون متوافقة مع جوهر هبات الشعوب الثورية، اعتقد إن على الأحزاب اليسارية التخفيف من تناقضاتها السياسية والأيدلوجية والبحث عن طرق ووسائل للتعاون فيما بينها من اجل نشر ثقافة علمانية تحتوي على الجديد الذي يلاءم العصر، الذي يتوافق مع ميول الشباب وطموحاتهم في كافة المجالات.

لقد كانت الأفكار اليسارية منتصرة عندما كانت مشبعة بأفكار التجديد على كافة المستويات الثورية والفنية والإبداعية، لم تكن يوما جامدة،لم يكن طابعها الجمود، بل كان طابعها التحدي والتجديد.

إن الأفكار الجامدة التي تخلوا من الحياة والتي تميل إلى سكب الدموع على إطلال القديم لا يختلف اصحابها عن الإسلاميين الذين يبكون على سلفهم الغابر ويندبون حظهم العاثر.

على الأحزاب والحركات اليسارية إن تنشر مفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية والأفكار الفلسفية ومناقشة المشاكل الاجتماعية وانتقاد ومواجهة أي مظهر من مظاهر التخلف أكان مظهرا دينيا أو عشائريا أو قبليا أو سياسيا.

اعتقد إن مهمة الأحزاب والمنظمات والنقابات اليسارية الآنية هي في تحويل اليسار إلى حركة شعبية. وعندما نقول شعبية فان ذلك يعني عدم اقتصار النشاط اليساري على المجالات السياسية والنظرية والمطلبية، بل يجب إن يشمل هذا النشاط الغناء والتمثيل والسينما والصحافة والانترنت والمهرجانات الشعبية ، إن تشمل هذه الحركة اليسارية كافة مجالات الحياة.

من المفيد إن نذكر إن الأصوات النسائية في معظم انتخابات الدول العربية تذهب في معظمها للإسلاميين، انتخابات الكويت مثلا، وبعد إن سمح للمرأة بالمشاركة في الانتخابات، ومع إن الإسلاميين كانوا هم الذين يقفون ضد حق المرأة في الانتخابات، إلا إن النساء، ولأنهن ضحايا الجهل والأمية السياسة والتبعية للرجل، أعطت ألأغلبية من النساء أصواتهن للإسلاميين، فزاد عدد مقاعدهم في البرلمان وقويت شوكتهم، وهذا الأمر صحيح أيضا في العراق وفي تونس وفي مصر.

إن ذلك يعني إن على القوى اليسارية إن تبذل قصارى جهودها نحو تثقيف النساء بحقوقهن وتفضح أي محاولة لاستغلالهن وتكسر قيود عبوديتهن والتي هي القيود الدينية والعشائرية.

إن ذلك يتطلب إن تضخ الأحزاب والقوى اليسارية بالدماء الجديدة في القيادات الحزبية، فلقد أصبحت وجوه رؤساء الأحزاب مثل وجوه القادة الشموليين، يبقون في مناصبهم لا يغادرونها إلا عندما يداهمهم مرض الخرف فيجبرهم على التقاعد أو عندما يدب في ابدانهم الضعف بحيث لا يقون حتى على التفكير.

من الملاحظ أيضا هو إن نسبة النساء في المراكز القيادية في الحركات اليسارية نسبة ضئيلة، لذلك يجب إن تسعى الأحزاب اليسارية إلى اشراك اكبر عدد من الكوادر النسائية في مراكزها القيادية. كما يجب إبراز النشاطات النسائية اليسارية وان تحتل هذه النشاطات المراكز الأولى في الإعلام اليساري.

لقد لعبت الحوار المتمدن دورا طليعيا ليس في نشر الفكر اليساري والتحرري فقط، بل في إثارة جدال والصراعات الفكرية حول أهم المحاور التي تمثل جوهر الصراع الفكري في الوقت الحاضر أكان بما يخص الدين أو بما يخص ثورات الربيع العربي او الفكر الانساني والماركسي. إن النموذج الحضاري الذي تعكسه مؤسسة الحوار المتمدن هو نموذج يجب إن يحذو حذوه عند تأسيس الحركة اليسارية التي يجب إن لا تكون انعكاسا لفكر مشلول يعاني من عدم الحركة، حبيس القوالب والقعود الطويل في نفس المكان، إنما متعددة المنابر، متعددة الآراء، تتجادل وتختلف من اجل الوصول إلى الأفضل وليس من اجل تحقيق مكاسب فئوية أو حزبية ضيقة.

في الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن نزف لها أجمل التحيات ولـ القائمين عليها والساهرين على إنجاحها والمتفانين في نشر ثقافة الفكر اليساري الإنساني نتمنى لهم النجاح والسعادة ومزيد من التألق والتفوق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بالمقلوب
علي الشمري ( 2012 / 1 / 1 - 20:32 )
الاخ الفاضل مالوم أبو رغيف المحترم
اليوم أعلن السيد المالكي بان جميع الثورات في عالمنا يقودها رجال دين وينهض بها الشباب المسلم وولكنها تسرق منهم لاناس اخرين ووعزى سبب ذلك ,كونهم يستعجلون جني ثمار الثورات فتنقلب عليهم الاموور وفي حين هم (الاسلاميين)من تحملوا معاناة السجون والمعتقلات والتعذيب والاعدامات,وفي هذا التصريح يريد أن ينفي أي دور لقوى اليسار في تحريك الشعوب .
تقبل تحياتي


2 - الاخ علي الشمري
مالوم ابو رغيف ( 2012 / 1 / 2 - 09:34 )
الاخ علي الشمري المحترم
امر مضحك حقا، لماذا اذن يقف السيد المالكي مع بشار الاسد ضد التيار الاسلامي الذي يدعو الى الاطاحة بنظامه.؟
الا يجدر بالمالكي الوقوف مع اضرابه الاسلاميون ضد نظام الاسد؟
هل هو مع فتاوى الشيخ القرضاوي قائد لواء التغيير نحو الظلام الاسلامي ام يقف ضده.؟
ان ما يردده المالكي هو ترديد ببغاوى لما تقوله اذاعة العالم الايرانية في تغطيتها المتواصلة لاحداث العالم العربي حيث تصور ان ما يجري في العالم اجمع وليس في الدول الاسلامية هو بدوافع اسلامية
مشكلة الاسلامية انهم الغشاوة لا تبلد عقولهم فقط بل وتعمي عيونهم ايضا فلا يرون ان العالم يتجه باتجاه يختلف تماما عن جهة الاسلاميين، وان الثورات في جزء كبير منها ضد الظلام الديني والتعنت الاستبدادي للرجال الدين المسلمين.
تحياتي.


3 - النظرية والتطبيق
السيد أبورغيف ( 2012 / 2 / 11 - 19:57 )
الأخوان.....
جدلية النظرية والتطبيق هي واقع حقيقي عملي لكل النظريات...فها أنا أراكم تنظرون لنظرية بلا تطبيق وسأعتبر نفسي غير محيط بأي تطبيق يساري في العالم ,فعليكم أن تنورونا بأنموذج لنظريتكم في أي مكان كان؟..... وللحديث بقية بأنتظار أجابتكم

اخر الافلام

.. ناشطون في كورك الأيرلندية ينظمون فعاليات دعما لفلسطين


.. كاميرا الجزيرة توثق استهداف الاحتلال سيارات الإسعاف في حي تل




.. الجيش الإسرائيلي يدمر منزلاً على ساكنيه في مخيم البريج


.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا




.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق