الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة أخلاق ... وضمير – 5 –

حميد غني جعفر

2011 / 12 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


1. خارطة الطريق التي رسمت في – البيت الابيض – لقيام شرق أوسط جديد ، بدأت باحتلال العراق عام – 2003 – وبسقوط نظام صدام إهتزت عروش الطغاة من الحكام العرب ، ولا بد ان يتذكر المتتبع لاحداث الحرب على العراق كيف ان القذافي قام بتسليم ما لديه من الاسلحة المشابهة – للاسلحة التي عوقب عليها العراق الى أمريكا – ودون قيد او شرط –و إضطر الطغاة الاخرين – وبهدف إمتصاص نقمة شعوبهم – ومن خلال مؤتمراتهم العربية – الجوفاء – الى الإقرار بضرورة إجراء الإصلاحات – حتى ولو حبر على ورق – لتضليل وتخدير يقظة شعوبهم التي سئمت تلك الانظمة الفاسدة والديكتاتورية التي تحكمهم بقوة الحديد والناروكبت للحريات العامة منها والشخصية وبأساليب والبطش ،وتفجر غضب الشعوب العربية لتحصل على بعض ما حصل عليه العراقيين من فسحة للحرية والديمقراطية ومن هنا – فساد وطغيان الانظمة العربية – وتفجر سخط وغضب شعوبها الثائرة بهدف التغييروالخلاص – إستغلت أمريكا بذكاء وتخطيط مدروس بدقة لاستثمار غضب الجماهير العربية وإدارته بالاتجاه الذي يخدم مصالحها وان تجعل من الجماهير الثائرة الاداة والوسيلة لتنفيذ مخططاتها وعبر وجوه او جهات جديدة – قديمة – لا تمثل إرادة الشعب – وكلنا يعرف تأريخ ومواقف – الاخوان المسلمين – ومدى إرتباطاتها بالغرب – التي كانت محظورة نشاطاتها في مصر منذ أواسط الخمسينات الخمسينات وأيضا الاسلاميون المتشددون والسلفيين المرتبطين بتنظيم القاعدة وهؤلاء اليوم هم المحرك الاساس لما يسمى – الربيع العربي – وفق الادارة والتوجهات الامريكية –وقد نجحت امريكا وحلفاءها الغربيون باستثمارهذا الغضب العارم في نفوس الجماهير العربية البسيطة .
وما النتائج التي تمخضت عنها ثورات تونس – مصر – ليبيا – إلا مؤشرا واضحا – لما نقول – ففي تونس إستغلوا عواطف الجماهير الغاضبة التي أشعل فتيلها الشاب التونسي البو عزيزي – ببراءة – وأحرق نفسه إحتجاجا على حالة البؤس والجوع والبطالة التي عاشها وفجرت بركان الغضب الشعبي مما أرعب – بن علي – فهرب مذعورا الى السعودية ... فتصدر الاسلاميون عملية التغيير وتطبق الان في تونس الشريعة الاسلامية وعليها تشرع القوانين وظهرت تنظيمات اسلامية عديدة ولكل منها مرجعيتها التي ترتبط بها – إقليمية – وأجنبية – وبعض من هذه القوى ترى ان واجبها هو نشر الدعوة الاسلامية وإعادة الدولة الاسلامية من جديد – الخلافة – وكما تشير الانباء عن ظهور الزي الافغاني القصير وإطلاق اللحى .
أما في مصرفإن الحال ليس أوفر حظا من تونس ، وقد تكون أكثر شدة ، فإن الاخوان المسلمين يتهيأون وبقوة للانتخابات المقبلة لانتزاع السلطة من العسكر – وبحسب استطلاع للراي جرى مؤخرا – في مصر – أظهرالان بان نسبة 35% من المشاركين في الاستطلاع يؤيدون حكم الاخوان المسلمين
أما في ليبيا هناك بعض المؤشرات الواضحة منذ البداية تصريحات من بعض قادتها الجدد بأن دولة العلمانية سترمى في المزابل ، وفي أول خطاب لرئيس المجلس الانتقالي عشية الاحتفال بإعلان التحرير قال بان الشريعة الاسلامية هي المصدر الاساسي للتشريع واعلن بان القوانين المخالفة للشريعة تعتبر ملغاة ، فإذا كانت هذه أول كلمة لرئيس المجلس فكيف ستجري الامور ؟ .
أما في سوريا واليمن وعلى الرغم انها لم تحسم بعد ، لكنه يمكن الاستنتاج ومن خلال هذه المعطيات بانها ستكون بذات الاتجاه ، حبث الاخوان المسلمين يتزعمون الحركة في سوريا ايضا وفي اليمن تنظيم القاعدة .
إذن : فإن ان مايسمى بالربيع العربي هو في حقيقة الواقع – ربيع الغرب – فهو الذي جنى ثمار الثورات الشعبية ومصادرتها أما الشعوب – المغلوبة على أمرها – وقدمت التضحيات من دماء أبناءها بهدف الخلاص من تلك الانظمة الاستبدادية الفاسدة فسوف لن تحصل إلا على فسحة من الحرية والديمقراطية كما حصل عليها العراقيين – يتكلمون بحرية ويعبرون عن ارائهم ويشتمون امريكا ، وهذا الامر لايهم امريكا بشيء طالما ان مصالحها مضمونة فهي المهيمنة على ثروات وخيرات البلاد وتتحكم بثرواتها ومصائرها وبيدها مركز القرار .
وخلاصة القول ان هذه النجاحات التي تحققت للغرب الامبريالي بزعامة امريكا ومن لف لفها ، كان العامل الاساس الذي ساعد على ذالك ، هو ضعف قوى اليسار العربي – عموما – او بالاحرى غياب دوره للاسف مع انه هو الممثل الحقيقي لمصالح الشعوب ، وكإنه في سبات ، فهو لم يمارس دوره الحقيقي والمسؤول في توعية وتوجيه وتعبئة الجماهير العربية أزاء مخاطر الغرب الامبريالي على منطقتنا العربية التي كانت وما تزال هدفا لمطامع الغرب ،وفضح وتعرية كل أكاذيب وافتراءات وتشويهات أمريكا ضد قوى اليسارالتقدمي – من الماركسيين والديمقراطيين – التي سعت أمريكا – ومنذ عقود – لبثها في الشارع العربي عموما – باسم القومية والدين – بهدف تشويه حقيقة مواقف اليسار وبالتالي عزله عن الجماهير العربية ،حتى باتت هذه الفبركات المسمومة راسخة بأذهان الشارع العربي وكان لها تأثيرها الكبير على الجماهير البسيطة التي ظللها الغرب بمزاعمه – على ان الماركسية لاتعترف بالقومية والدين -و هذا من صلب واجبه ومسؤولياته في كل الاحوال عن هذه الاخفاقات والنكسات ، فهو الاكثر وعيا وثباتا على المباديء والاكثر صلابة في مواجهة مثل الامبريالية والاكثر إخلاصا للشعوب ويحظى بثقتها وله تاريخه العريق والمشرق .
وعلى اليسار العربي – ديمقراطيين وماركسيين – اليوم توحيد الصفوف ورسم برنامج عمل مشترك تتجسد فيه وحدة الارادة والموقف وتتوافق مع حركة الاحتجاجات العالمية بوجه الراسمالية المتوحشة التي جرت في قلب زعيمة الامبرالية العالمية – امريكا –وتناغمت معها في بلجيكا والمانيا وايطاليا ونيجيريا وبولندا واسبانيا وفي لندن ايضا .
وينبغي توعية شعوبنا العربية بان هذا النضال هو الحل الحاسم لمشكلاتها والخلاص من الانظمة الديكتاتورية الاستبدادية والهيمنة الاجنبية .



حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب


.. كيف سيتعامل الرئيس الأميركي المقبل مع ملف الدين الحكومي؟




.. تساؤلات على إثر إعلان الرئيس الأميركي وقف شحنات السلاح الهجو


.. نشطاء أتراك أعلنوا تأجيل إبحار سفينة مساعدات إلى غزة بسبب تع




.. محاكمة ترامب في نيويورك تدخل مراحلها الحاسمة| #أميركا_اليوم