الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة اخلاق ... وضمير- 4 -

حميد غني جعفر

2011 / 12 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



كما أوضحنا في الحلقات السابقة – كانت مشاعر السخط والغضب لشعوبنا العربية وقواها التقدمية على أمريكا وبريطانيا – بفعل قضية فلسطين – منتصف القرن الماضي – وطغيان العواطف والشعارات القومية على الساحة العربية – كان هناك ايضا نهوض عارم للفكر الماركسي في منطقتنا العربية بتأثير الانتصارات الكبرى التي تحققت للمعسكر الاشتراكي واندحار الفاشية الهتلرية وانتهاء الحرب العالمية الثانية – الامر الذي أرعب الغرب عموما وخصوصا أمريكا ، وبفعل هذا النهوض الثوري العاصف في المنطقة ، عمدت أمريكا – وبخبث – الى إستغلال موجة العواطف القومية على الساحة العربية وركوب تلك الموجة وإدارتها بالاتجاه المعاكس الذي يخدم مصالحها ، والذي يهدف أساسا الى الحد من إنتشار الفكر الماركسي ومحاربته ... إدراكا منها بان الماركسية هي أشد أعداء الامبريالية والنظام الرأسمالي العالمي وأكثرهم ثباتا في الدفاع عن قضايا الشعوب ... فالماركسية أول من كشف وفضح طبيعة النظام الرأسمالي وحقيقة جوهره القائم على الظلم والاستغلال الطبقي ، ولذا عمدت بكل السبل والاساليب الخسيسة – المعبرة عن أخلاقيتها – في محاربة الماركسية من خلال الاكاذيب والافتراءات والتشويه ، واليوم وبعد ان تكشفت الأقنعة والبراقع – المهلهلة – عن الوجوه الكالحة لفرسان القومية الزائفة – الدجالين – وزيف وبطلان كل شعاراتهم الكاذبة – الديماغوجية – ومدى إرتباطاتهم بالغرب الامبريالي وعدائهم لمصالح شعوبهم – إذ لم يقدموا لها إلا الخراب والدمار – حتى عادت اليوم ومن جديد – لاستغلال قضية الدين – وما تعانيه الشعوب المقهورة والمحرومة من أبسط مستلزمات العيش – من البطالة والجوع – وكبت وقمع للحريات - ومحاربة للعلم والثقافة والتنوير- فلا حرية للتعبير ولا حرية للرأي والمعتقد ولا حرية للصحافة والنشر – للابقاء على حالة الجهل والتخلف لإدامة سلطانها وسلطتها القمعية البوليسية – مع ان كل هذه الانظمة هي إسلامية – ومن هنا يتضح ان هذه الحركات والثورات في منطقتنا العربية تعبرعن حالة الكبت والحرمان والبؤس والجوع الذي تعانيه هذه الشعوب في ظل طغيان واستبداد حكامها وانظمتها الفاسدة المرتبطة بالغرب – أساسا – ولا علاقة لها أصلا بقضية الدين – فهذه الأنظمة – كما أسلفنا – هي إسلامية – وهؤلاء الطغاة من صدام حسين الى مبارك الى القذافي الى عبد الله صالح وغيرهم الكثيرون هم مسلمون – لكنهم منافقون دجالون وظلمة – فما الذي تغير من واقع حياة شعوبهم طيلة العقود التي تسلطوا فيها على هذه الشعوب ، هل حكموا بالعدالة الاسلامية ؟ لقد حكموا شعوبهم بالضد منها ولا نريد الخوض في كل التفاصيل ، فصدام حسين قد أطلق على نفسه – عبد الله المؤمن – فكانت المقابر الجماعية للنساء والاطفال والشيوخ الابرياء هي الشاهد على ايمانه بالاسلام ، من هنا نقول ان الاسلام – الحنيف – بات ستارا للدجالين والمنافقين ، وهذا ما يجب ان تفهمه مجتمعاتنا العربية ، فالقضية لاعلاقة لها بالدين إطلاقا ، إنها قضية صراع طبقي بين الظالم والمظلوم بين الاثرياء اصحاب الكروش المنتفخة ، الذين يمتلكون وسائل الانتاج ويستحوذون على كل شيء – وبين الطبقات المسحوقة التي لاتملك اي شيء إلا قوة عملها التي تبيعها للرأسمالي الجشع ، هذه حقيقة وجوهر الصراع – وهو صراع أزلي منذ الخليقة وقبل ظهور الاسلام .
لكن أمريكا وحلفاءها – الغربيون وحلف الناتو ،يهدفون الى التغطية على هذه الحقيقة – لستر ظلمهم واستغلالهم الطبقي للشعوب المقهورة وتحويل مجريات الصراع ، الى صراعات دينية اليوم وبالامس القريب كانت قومية لاشغال الشعوب عن قضاياها الاساسية الجوهرية .
ومن هنا فإن النتائج التي تمخضت عنها الثورات – تونس – مصر – ليبيا – وبهذه الطريقة المستحدثة – وغير المسبوقة – تؤكد انها جرت وفق حسابات دقيقة ومخطط لها مسبقا – هذه كانت وجهة نظرنا منذ منذ إنطلاقها – واليوم بدأت تتضح بعض الملامح عن هذه القوى الخفية التي تدفع بهذا الاتجاه – التغيير – وبطبيعة الحال فإن الغرب بزعامة أمريكا هي الطرف الاساس – أما الطرف الثاني فهو دولة خليجية فقد تبنت – مشروع النهضة – الذي يقوده – الأخواني – جاسم سلطان ولها دور بارز في تحقيق الستراتيجية الامريكية – وهي قطر – التي قامت بتأسيس – أكاديمية التغيير – على أراضيها والتي مقرها في بريطانيا – كما تشير المعلومات – وهي تهدف او بالاحرى تزعم تحريرالشعوب من القيود ومساعدتها على التغيير من خلال تدريب كوادر ومؤسسات المجتمع المدني – وتقوم بتوفير الادوات المؤدية لهذا الغرض – وكما هو معروف- فإن شعوبنا العربية هي الأكثر حاجة لمثل هذا التغيير فهي المبتلاة ومنذ عقود بالقهر والكبت والبطالة والجوع في ظل أنظمة فاسدة ورجعية متخلفة لا تقيم للانسان وزنا ، وهذه المؤسسة تطبق حرفيا أفكار مشروع النهضة – حتى تزايدت نشاطاتها وتوسعت ، وهناك – كما تشير المعلومات – فرعا باسم (ثورة العقول )وهناك ايضا فريق متخصص بتدريب عناصر من مختلف البلدان المستهدفة على وسائل التدريب السياسي الممنهج ، وان أغلب المتدربين هم من عناصر الاخوان المسلمين والمساندين لهم في البلدان المختلفة ،وعناصر الإسلاميين المتشددين بما فيهم عناصر تنظيم القاعدة


وان فرع الاكاديمية في الدوحة لم يقوم بتدريب اي شاب قطري .
وفي ضوء هذه المعلومات والمؤشرات ... لابد ان يطرح السؤال التالي نفسه وبإلحاح ، من المستفيد فعلا من هذا التغيير ؟ هل الشعوب العربية المقهورة التي قدمت التضحيات من دماء أبناءها البررة ، بأمل الخلاص من أنظمتها الديكتاتورية الاستبدادية ، أم القوى التي تخطط وترسم التوجيهات – الخبيثة ؟باستغلال عواطف الجماهير الغاضبة وتحويلها بالاتجاه الذي تريده ، بالالتفاف على الثورة ومصادرتها
وهذا ما نأتي على ذكره لاحقا .

والى حلقة قادمة ...





حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس